نادي السهلة يحتفي بمكتبة مرج

قام نادي السهلة الأدبي ـ عبر منصة هاوي ـ بفعّالية نموذجية، وذلك مساء الخميس (ليلة الجمعة) بتاريخ 22/05/١٤٤٧هـ ـ 13/11/٢٠٢٥م من خلال زيارة مكتبة مرج. احتفاءً بهذا المشروع الثقافي الربحي، وتقديرًا لجهود مؤسسي المكتبة، إيمانًا من أعضاء نادي السهلة بالقراءة واحتفاءً بمن يرعى هذا السلوك الحضاري.
استهل مُقدِّمُ الفعّاليّةِ الأستاذ مصطفى بن حسين العقيلي حديثه بالترحيب بالحضور. وجاء في ورقة التقديم: "تكتسب أمسية (مرج) أهميةً؛ كونها تحتفي بالقراءة، الفعل الحضاري الذي ميّز الله به مخلوقه الأجل عن غيره من الكائنات، ذلك الفعل النبيل الذي أول ما تعرفنا عليه في طفولتنا في صوت الحكايا: فمن منّا نسي حكاية الطيّب الطموح في قصة (بو نيّة وبو نيّتين)؟! أم من منّا لم تفتنه قصة (الحيلي) حميد في (حزاية) (حميد حبة لبايه ولا ديجيه)؟! أم يا ترى هل غفا وجعُنا على سرور في (حزاية سرور) وتفاصيلها المرعبة الغارقة في المأساة؟! حكايا أنصتنا إليها بكل جوارحنا، تسمِّرُنا الدهشة، ويلوح بنا تشويق الرواة من جانبٍ لآخر! في أمسيات الصيف أنصتنا لروايتها بصوت الأمهات قبل النوم، فإذا ما انتهت القصة أسلمنا أجسادنا الصغيرة التي أنهكها الإنصات، للفرش المفروشة منذ الأصيل فوق أسطح المنازل، وعيوننا تراقب أشعة القمر ولألأة النجوم، والأفكار تسرح في تفاصيل القصص نفتش فيها عما يشبع فضولنا وتساؤلاتنا البريئة حتى يستولي علينا النوم، وأنصتنا إليها في سمر الليالي المشتية في (عاير الفريج) متحلقين حول نار نلتمس دفئها ونحن مسحورون بصوتِ رفيقٍ أدهشنا بقوة ذاكرته في حفظ التفاصيل، وقدرته على نقل الأحداث بتشويق ينافس تشويق أفلام هوليوود، كبرنا وتعرفنا على مكتبة المدرسة، جذبتنا العناوين، أغرتنا أحداث قصص لم نعتد عليها، اكتشفنا كتبًا معرفية فُتِنَّا بمعلوماتها صرنا نتسابق على المكتبة المدرسية، نتزاحم على الاستعارة ونتفاخر بصفحتنا في سجل الإعارة: أينا يملك رصيدًا أكبر من العناوين، وأكثر تنوعًا في المحتوى وفي أحايين عندما لا تسعفنا فرص الاستعارة فلا مانع أن تغوينا شقاوتنا على (تشليح) ما صغر حجمه، وفُتِنَّا بمحتواه!
لا أظن أن هذا الشغف مازال يستولي على أطفالنا اليوم؟! ماذا حدث حتى صارت القصة بعيدة والكتاب بعيد عن أيدي أطفالنا، فصاروا يتنقلون بين غابات الشاشات الصغيرة والكبيرة وما عادت لهم طاقة على الاستماع ولا على القراءة وفضلًا على التأمل، صاروا يطاردون اللحظة، التشويق، الحركة، ولا تغريهم إلا التنقل بأصابعهم بين أزرار الشاشات، ‏وعلماء نفس الطفل ما فتئوا يحذّرون من هذه الغربة التي يعيشها أطفال هذا الجيل، غربة البراءة، الفضول، الهدوء، السكينة، التأمل، الصبر، غربة الدهشة في اكتشاف معلومة جديدة، وفكرة تنير لهم درب حياتهم، ويقولون بأن الكتاب يؤثر في سلوك الطفل على مستوى اللغة، وعلى مستوى الأفكار، والمشاعر، بل على مستوى السلوك، حيث ذهب البعض منهم قادته بحوثه إلى أن في القصة والقراءة حماية ودرع تحفظ الناشئة عن وقيعة الانحراف في سلوكهم، عندما يملكون بقراءتهم ثروة لغوية تسعفهم في الخلاف مع الآخر، حيث تكون كالإسفنجة حينما تمتص مشاعرهم السلبية فيحفظون أنفسهم من العدوان والاعتداء على الآخرين، وبوصفي موجهًا طلابيًّا أجد نفسي مفتونة بهذه المؤسسة الصغيرة التي أخذت على عاتقها مهمة نبيلة عظيمة ألا وهي توشيج علاقة أطفالنا بالقراءة متحدية شراسة المنافسة مع غول التقنية الذي كاد يحيل أطفالنا إلى كائنات لا تشبه إنسانيتنا البكر!
هنا نسجل امتناننا الكبير للطفلة الأستاذة فاطمة الحاجي التي نظرت إلى هذا الفعل الإنساني الأسمى (القراءة) نظرةً طفوليةً بَوْصَلَتُها الوعيُ والغيرة فاستطاعت من خلالها تخطي حواجز الفتنة الاستهلاكية والغواية التجارية المحضة، لتنشئ لنا قبل أطفالنا هذا المعلم الطفولي الحضاري المدهش: مرج!".
ثم تفضّل المهندس أحمد الحاجّي بإلقاء كلمةٍ ترحيبيّةٍ بوصفه أحد أعضاء إدارة مكتبة مرج وأجاب عن بعض الأسئلة التي تهمُّ مرتادي مكتبة مرج: كيف نشأت فكرة تأسيس المكتبة؟ وما الذي يميّز مكتبة مرج عن غيرها من المكتبات؟ وما هي الأنشطة والفعاليات التي تنظّمها مكتبة مرج؟ وما هو نظام الاشتراك في المكتبة؟ وما هي أبرز التحديات التي واجهوها في مسيرتهم منذ تأسيس المكتبة؟
وختامًا قام المهندس الحاجّي، بجولة تعريفيّة في أقسام المكتبة، ليتعرّف الحضور - ومن بينهم الأطفال - على ما تكتنزه هذه المكتبة من روافد معرفيّة وترفيهية.