الملاحي: شغف الكلمات ورحلة الإبداع بين الصفحات.

يا له من شرف أن نستهل هذا الحوار المفعم بالشغف والإيجابية مع قامة أدبية وفكرية جمعت بين شغف اللغة الإنجليزية وعمق التنمية البشرية، إنه الأستاذ القدير محمد الملاحي.
رحلة إبداعية زاخرة بالإنجازات، تجسدت في أربعة مؤلفات آسرة (تأملات في دروب الحياة، رداء الحرير، حديث المصعد، و زوايا الذاكرة)، تحمل بين طياتها بصمات إنسان يسعى للبساطة ويؤمن إيمانًا راسخًا بقوة الفكر الإيجابي كمفتاح للتغيير المنشود.
في هذا اللقاء، نغوص في عوالم الكتابة والكتب مع الأستاذ الملاحي، نستكشف دوافعه ومصادره، ونستنبط رؤاه حول أهمية القراءة وتأثير الكلمة المكتوبة في تشكيل الوعي وترك بصمة إيجابية في هذا العالم.، فلتنطلق بنا هذه الرحلة الشيقة في رحاب الفكر والأدب.

- ما هي الشرارة الأولى التي دفعتك لدخول عالم الكتابة؟ وهل تتذكر اللحظة التي قررت فيها أن تصبح كاتبًا؟
بداياتي كانت عندما كنت أفرغ ما يجول بخاطري عن طريق الكتابة، ومع تراكم المواقف وتدوينها وجدت أن لدي حصيلة لا بأس بها، للأمانة لم يكن يخطر ببالي أن أصبح كاتبًا أو أني سأنشر كتبًا، ولكن الموضوع استمر بشكل شخصي، كنت أعرض ما أكتبه على بعض المقربين والمختصين في مجال اللغة العربية فكان هنالك إجماع بأن ما أكتبه يمكن أن يكون مشروع كتاب وقابل للنشر أخذ الأمر وقتًا حتى بدأت بشكل جدي أفكر في الأمر وبعد الاستخارة والاستشارة بدأت بخطوات عملية حتى أتى اليوم الذي صدر فيه كتابي الأول ( تأملات في دروب الحياة ) حينها أدركت أن ما كنا نعتقده محال في يوم ما قد يُصبح واقعًا نعيشه.

- من هم الكتاب أو الأعمال الأدبية التي تركت بصمة عميقة في تكوينك ككاتب؟ وكيف أثرت هذه الأعمال على أسلوبك أو رؤيتك؟
للأمانة هنالك الكثير من الأعمال الأدبية والكتاب الذين كان لهم بالغ الأثر على كتاباتي ومن الأمثلة على الكتاب الذين تأثرت بهم علي الطنطاوي، مصطفى المنفلوطي، مصطفى السباعي، د.خالد المنيف، عبدالله المغلوث، وغيرهم الكثير الكثير ولكن هؤلاء أبرزهم، ومن اللافت أن قرائتي للأدب الإنجليزي بشكل عام والروايات بشكل خاص بحكم تخصصي في هذا المجال أضاف لي بُعدًا آخر في الكتابة.

- كيف تصف علاقتك بالكلمات؟ وهل تعتبر الكتابة بالنسبة لك مجرد مهنة أم شغف يتجاوز ذلك؟
علاقتي بالكلمة ليست مجرد علاقة عادية؛ لأن الكلمة بالنسبة لي مثل ريشة الفنان أرسم من خلالها ما يجول بين جنبي من مشاعر وأفكار وغيرها الكثير الكثير على الورقة لأبسطها لصديقي القارئ، كما أن الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد ورقة وقلم ولكنها هواء أتنفسه وعالم رحب فسيح أحلق فيه بعيدًا في سماء الإبداع.

- ما هي المراحل التي تمر بها عملية الكتابة لديك؟ وهل تلتزم بروتين معين أثناء الكتابة؟
أحرص في البداية على تدوين الفكرة الرئيسية التي أود توصيلها للجمهور، ثم أشرع في التفكير بكيفية صياغة الفكرة بشكل غير مباشر بحيث أعطي المجال لصديقي القارئ باستكشاف ما أود نقله له من خلال الكلمات.
وأما بالنسبة للروتين الخاص بي أثناء الكتابة فدائمًا ما أحرص أن أكون وحيدًا في مكان هادئ وإضاءة خافتة مع قلم رصاص وورقة بيضاء ( غير مسطرة ) ثم أتخيل النص الذي سأكتبه وكأنني ألقيه على مجموعة أشخاص أو أخاطب أحدهم ثم أبدأ في الكتابة التي تنساب بشكل تلقائي وبعد الانتهاء أقرأ النص بصوت عال فإن وجدته مناسبًا احتفظت بالورقة وإن وجدته مخيبًا للآمال أمزق الورقة ثم تبدأ الرحلة من جديد.

- كيف تختار موضوعات كتبك؟ وهل هناك معايير محددة تعتمدها في هذا الاختيار؟
بالنسبة لي أصعب خطوة في التأليف هي اختيارالعنوان، لأنه من وجهة نظري، أن أهم جزء في الكتاب يجذب القراء هو عنوان الكتاب لذلك آخذ وقتًا في اختيار عنوان الكتاب الذي سأصدره.
بالنسبة للمعايير أرى أن أهم معيار هو الابتعاد عن العناوين المتوقعة أو التقليدية واختيار عنوان يجعل القارئ يتسائل عن ما بين دفتي هذا الكتاب.

- ما هي التحديات التي تواجهك أثناء عملية الكتابة؟ وكيف تتغلب عليها؟
أكبر تحدي يواجهني في الكتابة هو الفكرة التي تلامس القارئ بشكل مباشر وهذا ما يستنزف مني وقتًا في الكتابة فمتى ما كانت الفكرة حاضرة كان ما بعدها أسهل و أيضًا كيفية صياغتها بطريقة تجعل ممن يقرأ الكتاب يستمتع برحلته بين دفتيه.

- كيف ترى تفاعل القراء والنقاد مع مؤلفاتك؟ وهل يؤثر ذلك على توجهاتك الكتابية المستقبلية؟
بشكل عام كان التفاعل مفيد وإيجابي سواءًا من ناحية التعليقات الإيجابية من قبل القراء الأعزاء أو من ناحية الملاحظات البناءة والتي تفيدني بالتأكيد في الإصدارات القادمة، هذا بلا شك يدفعني لتقديم المزيد من الإصدارات.

- إذا كان بإمكانك اختيار أحد مؤلفاتك لتقديمه لشخص لم يقرأ لك من قبل، فأي كتاب سيكون ولماذا؟
سؤال يجعلني في حيرة بالفعل؛ لأن الكاتب ينظر إلى مؤلفاته مثل أبنائه ولكن إن كان ولابد فسأختار كتاب ( حديث المصعد ) وذلك لأن الكتاب ناتج عن تجارب واقعية كثيرة مررت بها وأيضًا نضج الكتابة في هذا الكتاب أرى أنه أكثر. إضافة إلى أنه يدعو إلى النظرة الإيجابية الواقعية للحياة وهذا ما أركز عليه في كتاباتي.

- كيف ترى دور الأدب في المجتمع المعاصر؟ وما هي الرسالة التي تأمل أن تصل من خلال كتاباتك؟
لاشك أن الأدب والكتابة في جميع الأزمان وعلى مر العصور له دور أساسي في تكوين تفكير المجتمع وهذا ما نراه فعلًا في وقتنا الحاضر كيف أن للكتب تأثيرًا بدليل انتشار قنوات تلخيصات الكتب وازدحام معارض الكتاب بشكل لافت للنظر ومن هنا يكون على عاتق الكاتب دور نشر الوعي بين الناس من خلال الأطروحات التي تلامسهم وبشكل بسيط وفي الوقت ذاته تعطي فكرة يكون لها الأثر في حياتهم.

- كيف ترى تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على الكتابة والقراءة؟ وهل تعتبرها فرصة أم تحديًا؟
لاشك أن للتكنلوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي أثر واضح على الكتابة والقراءة؛ لأن الجمهور أصبحوا يميلون إلى المواد المرئية لأنها في كثير من الأحيان أكثر جذبًا لهم وهذا يشكل تحديا للكتاب بأن يكون محتواهم أكثر جذبًا للجمهور أو على الأقل لا يصيبهم بالملل فيغلقوا الكتاب، كما أن الكاتب يمكن أن يستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور وتوصيل فكرته بشكل أكثر جاذبية.

- هل هناك فكرة أو مشروع كتابي معين يراودك منذ فترة طويلة وتنتظر اللحظة المناسبة للشروع فيه؟
نعم... أسعى لكتابة رواية من خلالها أوصل رسالتي إلى الجمهور لاسيما وأن توجه كثير منهم هو الرواية لذلك يظل هذا المشروع حلمًا أتمنى أن يكون واقعًا في القريب بإذن الله.
- ما هي نصيحتك للكتاب الطموحين الذين يسعون لنشر أعمالهم؟
إبدأ الآن ولو بشئ بسيط
إبدأ الآن ولا تنتظر حتى يكون إصدارك مثاليًا
إبدأ الآن وسيتطور أسلوبك ووعيك
إياك وانتظار اللحظة المناسبة