2025/12/04 | 0 | 67
جوهر التفكير الفلسفي ؟
إنَّ العقل ليس صندوقاً فارغاً حتى تُلقى فيه المعلومات المتنوعة والمواد المختلفة ، ولا مستودعاً تُخزّن فيه الحقائق ولا الأكاذيب ، بل هو في جوهره يتكون من ... مجموعة القدرات التي تصوغ التفاعلات في ذات الإنسان أو في محيطه الخارجي حتى يستطيع أن يطرح الأسئلة التي تتفاعل داخله، وترتّب نفسها، وأنماط التفكير المختلفة تستدعي العقل لكي يصوغ رؤية واضحة للوجود وما يحمله من معضلات.
فالعقل لا يبدأ بالإجابات، بل يبدأ بالأسئلة التي هي الشرارة التي تقدح العقل وتخفزه للتفكير في الإجابات عليها...
وأعني الشرارة بأنها التي تُشعل حركة التفكير وتدفعه نحو استكشاف الحقيقة.
إذن يتضح لنا أن الأسئلة هي التي تبحث عن الحقيقة الغائبة أو المشوشة، وبفعل السؤال الذي يُحفز العقل للإجابة، فإن دلالات التحفيز يدل عليها؟؟
ارتقاء السؤال في الداخل الذي يرتقي معه العقل.
إذن السؤال ليس مجرد استفسار، بل حركة وجودية تؤسس لبداية التفكير.
ولذلك لا يمكن للعقل أن يعمل بلا سؤال، لأن السؤال هو الذي يحدد شكل الطريق، وهو الذي يرسم حدود المنطق الذي سيتعامل معه العقل في محاولته فهم الأشياء.
كل سؤال يُعيد ترتيب الداخل، ويفتح باباً، ويستفزّ وعياً، ويوقظ قدرة قد تكون نائمة تحت ركام المسلَّمات.
والعقل يبدأ كما أفهمه :-
من الجزئيات:
من تفاصيل صغيرة، من ظواهر محددة، من ملاحظات يومية دقيقة، من تجارب متفرقة.
ثم يعيد تفكيكها وترتيبها وصياغتها حتى تُنتج معنى كليّاً يصلح بأن يكون قاعدة للفهم بل ولإدراك ما لايدرك أو كما نعني به ( الإستشفاف والإستشعار)
وهذه الحركة ليست آلية، بل واعية؛ وليست تلقيناً، بل بناءً.
فالإنسان لا يكتشف الحقيقة كما هي، بل يصوغها عبر ترتيب المعاني التي تتشكل لديه من جمع الجزئيات وإعادة تركيبها ثم صياغتها صياغةً نهائية في صورة كلية.
ثم بعد ذلك ألا يجب علينا أن نعرف على أن العقل لايستقبل الحقيقة… بل يصنعها
لأن الحقيقة ليست قالباً جاهزاً، وليست شيئاً ثابتاً منزلاً في الوعي، بل هي نتيجة عملية عقلية يتداخل فيها السؤال، والمنطق، والتأمل، وإعادة النظر.
إن العقل قبل أن يقتنع يختبر كل التفاعلات التي تفاعل معها....
وقبل أن يقبل؟ يسأل.
وقبل أن يسلِّم؟ يعيد ترتيب الأسس والمنطلقات.
إذن فإن الحقيقة في هذا السياق ليست ما نراه....
بل ما نقدر على تفسيره وتبريره وربطه بما نعرفه وندركه من معطيات أخرى....
نستنتج مذ ذلك أن القناعة ليست عاطفة، بل هي نتيجة سؤالٍ منطقي!!!
إذن فالقناعة في جوهرها، محصلة نهائية لمسار عقلي يبدأ بالسؤال وينتهي بالدليل وبالبرهان بعد إلقاء الحجج .
وهي ليست ردّ فعلٍ نفسي، ولا توافقاً مع هوى، بل ناتج تفاعل بين أسئلة دقيقة وإجابات مقنعة.
لذلك تختلف قناعات البشر بقدر اختلاف أسئلتهم.
ومن لا يسأل لا يصل، ومن يسأل ولا يراجع أسئلته يضلّ عن الحقيقة حتى لو حمل أعلى درجات العلم.
فالعقل يُصنَع بالسؤال، والقناعة تُصان بالفحص، والحقيقة تُختبر بإخضاعها للمزيد من الأسئلة.....
على أن الإجابات ليست محطة نهائية، بل جزء من الطريق الموصل إلى الحقيقة المُقنعة.
إنني أعتقد أن كل إجابة تولّد سؤالاً جديداً يتصل اتصالاً مباشراً بالسؤال الأول محل ابتداء طلب الحقيقة .
وكل سؤال جديد يعيد تشكيل طريقة التفكير وربما يستحدث أنماط تفكير ، ويُعيد ترتيب الوعي من جديد....
هكذا يتقدّم الوعي، والتقدم يكون محصلة تطور العقل وقدرته على صياغة الأسئلة، والتطور لن يكون بتكديس الإجابات، بل بتوليد أسئلة تفتح مساحات لم تُكتشف بعد....
وفي الختام فإن العقل كما أفهمه وأراه بأنه سؤال قبل أن يكون جواب، وبحثاً قبل أن يكون امتلاك للحقيقة، و هوحركة لا تهدأ لاجتياز حدود السكون الفكري والوعي المُقارِن.
فالسؤال هو الذي يمنح العقل القدرة على تشكيل الحقائق وترتيبها وصياغة القناعات التي يرسو عليها.
وبقدر ما تكون الأسئلة منطقية وعميقة، تكون القناعة صادقة ورصينة.
وبهذا يظل العقل في حالة سيرٍ دائم بين الوعي واللاوعي، بين المعرفة والشك، وبين السؤال والإجابة…
إذن فإن السؤال في جوهره يكون الأساس لبداية الإجابات العقلية.... والإجابات هي جوهر العقل ...
جديد الموقع
- 2025-12-04 نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على عدد من الجوائز والاعتمادات العالمية لتجمع الشرقية الصحي
- 2025-12-04 جمعية البر بالاحساء تتسلم جائزة المركز الثالث في تميز المنظمات غير الربحية لعام 2025
- 2025-12-04 متدربتان من "التقنية الرقمية بالأحساء" تحصدان المركز الثالث في معرض "مبتكرون 2025"
- 2025-12-04 تعزيزا لدور المسرح . . جمعية المسرح والفنون الأدائية تطلق "مهرجان المونودراما" في الدمام بـ ١٠ فرقة مسرحية
- 2025-12-04 ("إثراء" يحصد جائزة العمل التطوعي للمرة الرابعة)
- 2025-12-04 رحال نجفي يصل المدينة المنورة على دراجة نارية قادماً من النجف
- 2025-12-04 مشكلة التسويف تكمن في التردد في بداية التنفيذ - تكنلوجيا جديدة تساعد على التغلب على المشكلة
- 2025-12-04 شبه القراءة بالأكل
- 2025-12-04 الدين حاجة للروح والنفس
- 2025-12-04 تراث الأحساء والتحولات الحديثة