2025/11/21 | 0 | 616
(كُنْ نقطةَ نونِ (( أنا )) مُتَنَبِّيكَ على الأقل)
لا تحشرْ نفسَكَ في تيَّارٍ شِعْرِيٍّ
ولا تُنَصِّبْ نَفْسَكَ محامياً لذلك التيَّار
فكفى بالزمانِ أن يُطلعَكَ على الحقيقة
حقيقةِ تلاشي التيَّاراتِ، حقيقةِ اضمحلالِها
فلِمَ تُشغلُ نفسَكَ في تلميعِ ما مِنْ طبعِهِ الأفول
في جَعْلِ ملامحِ النصِّ الذي حُبِّبَ إليكَ لتهواهُ سائدة
تَجعلُها سائدةً وهي متنحِّية
هي والجمالُ الفائقُ ضدَّانِ لا يجتمعان
بلحاظِ وجودِها في الخارج؛ فلا اجتماعَ لها مع الجمالِ مع الدهشة
بلحاظِ ما كان لا بلحاظِ كينونةِ تنظيراتِها الواهمة
فما قيمةُ قولِكَ إنَّ الحجرَ ينطقُ أو سينطق
وهو لا ينطقُ ولن ينطقَ أبَدَا
وما قيمةُ طاقتِكَ حينَ تُسرِفُ في تبديدِها
في الكتابةِ الشِّعْريةِ على شرطِ تيَّارٍ آفل
وفي التعصُّبِ لهُ ذلكَ التعصُّب
كفاكَ، كفاكَ، تحرَّرْ مِنَ قيودٍ حبسْتَ نفسَكَ فيها
فقد كنتَ كالنسرِ تُحلِّقُ بقصيدةِ الشطرين
وكنتَ تُدهشُ قارئيكَ بتفعيلتِك
وتُدهشُ سامعيكَ أيضاً
كنتَ بتلقائيَّتِكَ غيرِ المتصنَّعةِ مُدهِشاً
مُدهِشاً بظاهرِ نصِّكَ الأنيق
بإيحائِهِ الولَّادِ العميق
مُدهِشاً بتفعيلتِكَ، مُدهِشاً بشطريكَ مُدهِشاً بوعيِك
بوعيِكَ الذي لَمْ يعدَّ الإقلاعَ عنهما إبداعاً نوعيّاً
بوعيِكَ غيرِ المنحازِ كنتَ مُدهِشاً
وبهِ كنتَ ينبوعَ إبداعٍ يتدفَّق
كنتَ كذلكَ كنت
بيدَ أنَّكَ الآنَ وحيدٌ، فيا لكَ مِنْ وحيد
تَعلكُ كلماتِكَ التي هي ليستْ كلماتِك
كُلُّ أحلامِكَ أنْ يعطفَ عليكَ قارئٌ نخبوي
وأنْ يُسلِّيَ وحدتَكَ بما يجودُ عليكَ مِنْ إطراء
يجودُ على كلماتِكَ التي هي ليستْ كلماتِك
فما أنتَ إنْ لمْ تكنْ هيَ أنت
وهل ينفعُ الإطراءُ قُبْحاً مُزَوَّقاً
بهِ ذقتَ مُرَّ الاِنصياعِ لتُمدَحا
أتذعنُ لاشتراطاتٍ أملاها واحدٌ مثلك
أفي عقلِكَ نقصٌ وفي عقلِهِ كمال
ومَنْ هو حتى يمليَ عليكَ مفهومَ اللغةِ الشِّعْريَّة
ويُحدَّدَ لكَ حِراكَ الكلماتِ في النصِّ كيف تكون
هو يقولُ، فدعْهُ وشأنَه
لهُ ذلكَ ولكَ أنتَ أيضاً ما لهُ
ولكَ أكثرُ مِمَّا لهُ بلِحاظٍ ولِحاظ
لكَ الشَّنفَرى ولكَ ابنُ العبدِ ولكَ لَبِيد
لكَ ابنُ الأحنفِ ولكَ الشَّريفانِ وأبو مُحَسَّد
لكَ السيَّابُ لكَ النفَّريُّ ولكَ ابنُ فرناس
لكَ نقطةُ نونِ (أنا) المتنبي على الأقل
فتفهَّمْ أناهُ التي هي أناك
هي الشِّعْرِيَّةُ التي تنبعُ مِنَ الذات
تجعلُ الأعمى ينظرُ إلى أدبِك
فقد آنَ الأوانُ لتتشبَّثَ بنقطةِ نونِ (أنا) متنبيك؛ فهي لك
لكَ مكانُ سرجِ سابحِهِ الشِّعْرِي
وللمنتحِلِ أو المجتَرِّ طائرُ فينيقِهِ يتغنَّى بهِ وبإيكاريوس
له ما يرى بهِ نفْسَهُ عليك
له ذلك، فهذا ديدنُ كُلِّ خاملٍ يتعالى بما ليس لهُ على الناس
فله كلُّ ما يظنُّ أنَّهُ يراه
وله ما يتعالى بهِ على الناسِ وعليك
ولكَ ما ترى وترى وترى
فأنتَ ابنُ الجزيرةِ وابنُ شِعْرٍ
كمِثْلِ البحرِ عمقاً واتساعا
على مَجْديكَ فلتدعِ القوافي
يطفْنَ فدافدَ الدنيا سِراعا
يُعَلِّمْنَ المدى أسرارَ وحْيٍ
وكم سِرٍّ حلا أمسى مُذاعا
فلكَ ما ترى وترى
وبما ترى تمتطي خارطةَ الشِّعْرِ راشداً
وترسمُ خريطةَ الشِّعْرِ تذكرةً للناسين
ولكيلا يَضيعَ مَنْ لا عهْدَ لهُ بالكَلِمِ الأخَّاذِ الفذ
مَنْ لم يتفاعلْ مع موسيقى التوازي في النثرِ الفنِّي
مَنْ لم يتعلَّمْ منها كيف تُغنِّي الحروف
مَنْ لم يرقَ بذائقتِهِ الموسيقيَّةِ فيها
مَنْ لم تُدهشْهُ رغبةُ عنترةَ في تقبيلِ السيوف
ومَنْ أدهشهُ المشغوفُ بطائرِ فينيقِهِ
وبإيكاريوسِهِ الذي لا يساوي ريشةً في جناحِ ابنِ فرناس
أرأيتَ كيفَ هُوَ أنتَ، فكنْ أنتَ لتكون
خُذْ مِنْ قيسٍ كُلَّ تَعلُّقِه؛ فالشِّعْرُ جنون
كُلُّ الأحرفِ تخرجُ نثراً مِنْ أفواهِ الناسِ
وإذا جنَّتْ رقصتْ غَنَّتْ
وإذا غَنَّتْ خرجَ الشِّعْرُ الموزون.
جديد الموقع
- 2025-12-05 القراءة في رواية أم البنين (ع)
- 2025-12-05 القراءة في كتاب أخلاق أهل البيت (عليهم السلام)
- 2025-12-04 نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على عدد من الجوائز والاعتمادات العالمية لتجمع الشرقية الصحي
- 2025-12-04 جمعية البر بالاحساء تتسلم جائزة المركز الثالث في تميز المنظمات غير الربحية لعام 2025
- 2025-12-04 متدربتان من "التقنية الرقمية بالأحساء" تحصدان المركز الثالث في معرض "مبتكرون 2025"
- 2025-12-04 تعزيزا لدور المسرح . . جمعية المسرح والفنون الأدائية تطلق "مهرجان المونودراما" في الدمام بـ ١٠ فرقة مسرحية
- 2025-12-04 ("إثراء" يحصد جائزة العمل التطوعي للمرة الرابعة)
- 2025-12-04 رحال نجفي يصل المدينة المنورة على دراجة نارية قادماً من النجف
- 2025-12-04 مشكلة التسويف تكمن في التردد في بداية التنفيذ - تكنلوجيا جديدة تساعد على التغلب على المشكلة
- 2025-12-04 شبه القراءة بالأكل