2024/01/24 | 0 | 1758
يعيشون بيننا وفاء موسى العبدالله
يعيشون بيننا
وفاء موسى العبدالله
العمران- الرميلة
عاشقة أنا " كزليخا"
مسجونة" كبلقيس"
مجنونة" كقيس"
مخنوقة "كالميتة"
لايرويني سوى رؤياك..
آه.. لو كنت أعلم ...
أن الحب مدخنة كجرعة زائدة
حين أتوه في الهذيان..؟؟
لا خترت الصمت قبراً لينهي الفراق
وأودع جسداً ميتاً في قبر "عينيك".
وفاء العبدالله.
لعل هذه المقطوعة من كتابها ( العناق الأخير) المطبوع في العام ٢٠١٩م - ١٤٤٠هـ توضح الفارق المهم والكبير بين الأمس واليوم في فسحة كتابة النص الأدبي ( النسائي) في المملكة.
نتذكر مطلع الستينيات، وهو تاريخ انفتاح المجتمع السعودي على المجتمات الأخر ى داخل الوطن العربي وخارجه، مستفيدة من البعثات الخارجية( التعليم خارج المملكة) هذا المفصل المهم صنع تحولاً كبيراً في أدب المراة السعودية، ففيه صدرت عناوين الروايات وبرزت اسماء مهمة لكاتبات لم يُعرفن بأسمائهن الصريحة إلا بعد حين من الكبد والمعاناة والتجاذبات مع السائد من العادات آنذاك، وكُنّ يكتبن بأسماء مستعارة، حيث يعتبر الجهر باسم الكاتبة من الكبائر حينها، بل إلى سنوات ليست بالبعيدة عنا ... ونحن هنا نتحدث عن سلطة المؤسسة أو مقص الرقيب قبل الانفتاح الأخير في المملكة العربية السعودية في العام 2017م. أما السلطة المجتمعية والقبلية فتلك حكاية تُفردُ لها الصحف وتُبرى لها الأقلام...
في زحمة هذا الرفض المؤسسي والمجتمعي والقبلي ضد انفتاح المرأة على الأدب والحياة بكلها... أقول: قبل هذا الأنفتاح بأربع سنوات تقريباً أي في العام 2013 تخط الكاتبة وفاء العبدالله على
وجه الصفحة الثالثة من كتابها " بصمات الانتظار" هذا الإهداء.
( لك الحق أن لا تقرأ لي...
ولصاحبك الحق أن يتهمني بالجنون...
ولغيرك الحق أن يشتمني...
ولكن..؟
لا تنس أن لي الحق أن اكتب...!! )
مواجهة صريحة لرفض السائد( التزمت ) وتدشينٌ للوحةٍ بيضاء لامحل للخط الأحمر على صفائِها. ومنفذ واسع للدخول إلى كتابة المُختلف... على الأقل في محيطها الضيق، واتكاءً على شخصيتها الهادئة على الأرض الثائرة على الورق؛ فاستشرفت هذه الوفاء العبدالله: استشرفت المستقبل وتمردت على الواقع؛ الواقع الذي عبرت عنه الكاتبة بسمة السيوفي في مقالٍ لها، تقول: ( كان النشر في الصحف أو طباعة الكتب داخل المملكة أو خارجها نضال مجيد مررت بمراحلهِ المختلفة لإقناع المحتكر للرأي بأحقية أي قلم يكتب سواء كان ذكرا أم أنثى).
نتكلم هنا عن الكتابة بمراعات مقتضى الحال حين ذاك... فما بالك بكاتبةٍ تكتب الوجدانيات بقلب الأنثى... لسكون الليل فلسفته الخاصة لديها... وتستلذ بلقائه لتجدد الحقيقة المخبأة بين خفايا الضمير كما تقول في نصٍ بعنوان ( الليل ملاذي). فالأستاذة وفاء العبدالله تكتب حين تكتب بصفتها (مجموعة إنسان) مجموعة من المشاعر والأحاسيس والعاطفة، والفرح والحزن، والمعاناة، والسعة والضيق... بدموع الفرح في ليلة الزفاف وبتنهدات الآه في ساعة الفراق... ولو سألنا كاتبتنا كيف تقدمين كل هذا المزيج من الجَمال وأنتِ متشظية بين الفن التشكيلي والتصوير وكتابة السنريوهات، والأعمال الحرفية ؟؟ لأجابت:
"كيف لا وأنا من ترقص حافية الأقدام على قمم الإبداع ولا تخاف". وهذه هي الكلمات التي قدمت بها كتابها الثاني" العناق الأخير" الكتاب الذي قدم له الأديب المهندس عبدالله الشايب بقوله هذا الكتاب ( إضافة معتبرة في حركة أو سيرورة الأدب... نجحت الكاتبة والأديبة الأستاذة وفاء العبدالله أن تضع بصمتها بأنموذج أدبي مُستجد في مشهد الفكر الأحسائي).
الوجدانيات هي الفراشات المتطايرة بين سطور نصوصها، خاصة إصدارها الثاني " العناق الأخير" ففيه حديثٌ صَعُبَ بثه باللسان فأخرجته على شكل بالورات من جمر الكلمات، كما في هذا النص.
اختناق:
ادثر حزني بين "أضلعي"..!!
تنام أوردتي في صفحات "الألم"
تراقصها نبضات عارية..
وتشهق جمرة "الندم"
تتصاعد الأنفاس..
تكتب لغة جديدة..
في أطراف نوتة الذاكرة..
عبارات خالية من الشعور..
لهيبها يشعل خافقاً متعباً..
ولكن ملامحي ملائكية الصفات
ادفنها خفلها لتموت في تابوتها
لتبقى تغرد ابتسامات الرضا..
ليطمئن وتبدأ " بذكرهِ وحده"...
تشعر وأنت تقرأ للأستاذة وفاء أو (بصمة وفاء) كما تُحب أن تُدعى؛ تشعر أنها تتصدى وتختزن وتختزل الصدمات من الأفعال والأقوال وتحولها إلى عملية احتراق داخلي، ناتجها هذه النصوص المختبئة وراء التوريات حيناً والمكشوفة حيناً آخر:
كما في هذا النص.
لستِ امرأةً..!!؟؟
كم مرة نطقتها ..
كم طوقت عنقي بألمها.
كم كسرت اجنحتي برصاصتها.
" لستِ امرأة"..
إذاً .. ماذا كنت؟
أخبرني؟
كل يوم تنزف القهر من ذاكرتي..
جنون يعيث بمسمعي..
يصمها ويبكيها.
كم قتلتَ بها ضحكات..
"لستِ امرأة"!!
أأُذَكِركَ بشيء؟
كم سابقت الزمن أتوسله يمنحني شيء من ضرب الخيال "لإجلك"..
طلبت منه قلب من صخر..
تعلم لما؟؟ لإراك سعيداً..
هل أُذكِرك بصمتي في كل الحياة من شرقها لغربها..
صدقني أنا لستُ امراةً؟؟
لإني طائرٌ يرفرف بحب في سمائك..
لونٌ من الحب يصنع المستحيل...
وحين تخنقها الوحدة تحولها إلى ذكريات تتنفسها لتُروي روحها "وتتجاهل البرد في عيون المارة" كما تقول في هذا النص المعنون ب:
( زفرات الوحدة).
في كل لقاء على شواطئ الحنين
هناك لحظات لاتُنسى..
كرسالة نصية تُبعث بعد الوداع..
كقلب مفلطح مثل حرق على زند الحبيب..
كشمعة تبقى تلتهب لحين يظهر الفجر..
كأنثى كانت ميتة فأحيتها كلمة( أحبك)
كشهيق الكائنات التي باتت بلا ذاكرة..!!
كموسيقى ناي عزفت على لحد غائب..
كلقبي الذي ينبض بلا صوت لكن ضجيجه يصمّ عقلي..
لاتهتموا.. إنها مجرد خيالات عاشقة تاهت بعشقها الميت من دون كفن ودون قبر ودون نهاية..
ادري ... أنني اخجل من قلبي العريان لكني اتجاهل البرد في عيون المارة..
أبحث عن دفء قادم لامحالة..
ياااه..
كم أنا احتاج أن اغمض عيني في حضن ليلة غائمة.. في بلد بعيدة.
في غرفة فوق السطح بلا سقف..
أهرب من ذلك الشبح الذي يلاحقني( الوحدة)
هناك تصافح عيني النجوم فتتلاشى الرغبة الحقيرة بالمجهول..
شكرًا أني مدينة لك بكل ذلك من شهقات وحدتي إلى سخونة دمعي..
من الهواء الذي يرفض رئتي.. إلى الباب الذي يوصد على حلمي..
شكرًا ثم شكرًا لي لأني بقيت احبك لآخر رمق.
ولها مع الشعر الشعبي مناوشات ليست بأقل أناقة من تجارب الشعراء كهذا النص (التفعيلة) الراقص.
ودعت وبقلبي جروح
ودعت من فيني سكن
والشوق مخنوق وحزين
مجبور اقاوم هالحنين
وانسى الفرح
انسى السرور
وانفاس كانت لي هوا
واجمل عطور
يالحبيب
تدري وش اللي يبرد آهات المغيب
احساسك أن اللي تحبه لك قريب
وانك وطن في سور مملكته وعلم
وأن تنكتب بعيون محبوبك حلم
وأنا رضيت بقسمتي
أنا رضيت وما بكيت
ودعت واطرافي رماد
واجر لك ثوب الحداد
واحرق بقايا قصتي
ابقى وحيدة بغربتي
ياللي احبك، حيل احبك.
حيل يالقلبك سما
حيل يالقلبك بحر
وآنا المحب اللي غرق
واللي عشق فيك الغرق
تعال
تعال واكسر هالجفا
واشعل فتيل الذكريات
قلبي اشتعل مثل اللهيب
ومثل الحريق الماطفى
خلك من آهات الغياب
من الزمان اللي جرحنا
وانتهك حرمة عشقنا
مارحم، شتت شملنا
تعال ..
تعال لي يا اغلى حبيب
بس لا تغيب
تعال يالقلبي كبير
بسك تعال وضمني
وراضي بسجنك يا امير
تعال لإن قلبي وفي
صادق وانا الكلي وفا.
ولا زال هناك الكثير في زوادة كاتبتنا وفاء، وبئر قلبها يحفز دلو المحبرة على النزول، وصدرها لم يزل بعدُ تنورٌ مسجورٌ لرغيف الكلمات.. ففي الطريق لسفرة المكتبات:
*رحلة إلى عالم الصمت والتأمل (كتاب)
*( هودج) مجموعة قصصية.
*(سيناريو من حياة قبس)رواية
*(كوكتيل بنكهة الوفاء) رواية.
*مجموعة خواطر.
کاتبة وفنانة تشكيلية ومصورة، مهتمة بالاعمال الحرفية واليدوية، شاركت في اكثر من تسع مهرجانات.
كتبت سيناريو لفلم قصير بإسم (القاري) عرض في مهرجان أفلام السعودية وفاز بالعديد من الجوائز الدولية.
شاركت في ملتقى بصمات الفنانين التشكيلين العرب الحادي عشر في أتيلية القاهرة بمصر
*عضو ملتقى أبن المقرب الادبي بالدمام
*عضو سابق لمجموعة النورس الادبية بالاحساء.
جديد الموقع
- 2024-10-31 العمل الفردي ومعضلة الاستمرارية.
- 2024-10-31 دع الكتب تمضي
- 2024-10-31 يعيشون بيننا - الأستاذ المرحوم أحمد الحبابي
- 2024-10-31 تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد
- 2024-10-31 قراءة في ديوان الشاعر محمد الحرز ( مشّاؤون بأنفاس الغزلان) -تمثيل وتشخيص وترجمة سرديّة وأمثولات رمزية وتوغُل في صميم التجريب.
- 2024-10-31 جمعية أدباء بالاحساء تعقد جلسة أنسها الأدبية الثامنة
- 2024-10-31 الروضة بالاحساء ينظم برنامج كبارنا معلمو الحياة
- 2024-10-31 متلازمة القلب المنكسر؟ - ومسائل انفعالية أخرى
- 2024-10-30 الكتاب المسموع منافس أم مكمل؟
- 2024-10-30 مفارقة اللذة