2025/12/25 | 0 | 93
ثقافتنا المحلية والمجال التداولي للديني والشعري
هناك فرق بين مجتمع تغلب على تعابيره في حياته اليومية مفردات أو كلمات مستمدة من مرجعيات دينية أو من ثقافة دينية مؤسطرة بثقافة شعبية، إذ تستخدم هذه الكلمات في السلوك اللفظي اليومي عند الفرد، كما تستخدم في التقاليد الكتابية بمختلف أنواعها الأدبي والديني والاجتماعي على حد سواء.
وبين مجتمع آخر يفصل في تعابيره عن حياته اليومية بين كلمة وكلمة أخرى حسب ما يتطلبه السياق، فإذا كان السياق يدور حول وضع اجتماعي معين جاءت تعابير أفراده مطابقة للحالة الاجتماعية الموصوفة، أو كان السياق يدور حول وضع أدبي معين جاءت تعابير أفراده مطابقة للحالة الأدبية الموصوفة، وكأن كل مجال من مجالات الحياة لها كلماتها ومعانيها التي لا تتجاوز حدودها سواء في التوظيف أو الاستخدام.
هذه المقارنة بين مجتمعين لا تبين فكرتها أو لا يتضح المقصد منها أو الغاية من ورائها إلا باستدعاء السؤال الموالي:
ما حدود المجال التداولي للألفاظ ودلالة معانيها حين تُستدعى للتعبير عن موقف شخصي أو حدث اجتماعي أو ثقافي أو كتابة فكرية أو إبداعية. ثم هل يطغى مجال على آخر أو يتداخل معه لو عبًر اللفظ الواحد عن معنيين في مجالين مختلفين كالديني والأدبي؟
دعونا الآن نموضع السؤال ضمن شروط مجتمعنا وثقافتنا المحلية حتى يتيح لنا النظرُ البدءَ بالمقارنة وفق معطيات مجتمع آخر ومعطيات ثقافته.
يحدث على الأغلب أن تقع عينك على رجل دين متمرس في السلك الديني وملتزم بلغته وطقوسه وهو في نفس الوقت يمارس كتابة الشعر ويهتم بشأنه «هذه الظاهرة موجودة بكثرة في ثقافتنا المحلية وهي متأصلة في موروثنا العربي الإسلامي مثل صورة الرجل الفقيه الذي يكتب الشعر».
التناقض بين المجالين على مستوى اللغة والفكر والتقاليد لم يكن واضح المعالم أو الحدود في العصور الماضية. بينما في العصر الراهن التناقض بارز وحدوده واضحة، فالافتراق بين المجالين «الشعري والديني» تراكم عبر الزمن ولغة كل منهما أصبحت متشعبة وتقاليدهما المعرفية ترسخت عبر أجيال وأجيال، وغدا من غير السائغ ولا المقبول في الأوساط الثقافية وتقاليدها أن يجتمع المجالان في شخص واحد بكل أبعادهما اللغوية والنفسية والفكرية، بالخصوص حين ننظر إلى الأمر من زاوية حداثة المجتمعات وما آلت إليه المعرفة البشرية في تحولاتها الاجتماعية والفكرية والعلمية والاقتصادية والسياسية.
وإن ارتبط انحسار هذه الظاهرة في المجتمعات الحديثة بما فيها بعض المجتمعات العربية، فإن ثقافتنا المحلية لا زالت تتحفنا بنماذج من هذه الظاهرة، رغم التحولات المتسارعة والهائلة التي يخطوها أفراد مجتمعنا نحو الثقافة العالمية.
هنا يتساءل البعض اعتراضا: ممارسة الشعر أو الإبداع على عمومه تكفلها الحرية المرتبطة بالإبداع نفسه، وهذا لا يتعارض بالمطلق مع من يمارس الإبداع مهما كانت صفته أو المجال الذي ينتمي إليه. نعم هذه حقيقة على المستوى المثالي والنظري .
لكن على المستوى التاريخي، هناك تجارب وأحداث وتحولات ومسارات فتحت الباب تارة على تقارب بين المجالين واستفادة خطاب كل منهما للآخر على مستوى المعنى واللفظ والتوظيف، وتارة أخرى على تنافر وفق السياق الذي يوضع فيه الشخص «توظيف اللغة والمعاني الشعرية في خدمة الوعظ والإرشاد الديني». التوجه الأخير هذا يختلط فيه المجال التداولي للألفاظ المتعلقة بالدين بالمجال التداولي المتعلق بألفاظ الشعر.
أجد نفسي منحازا إلى القول أننا نفتقد للكثير من التأصيل في حماية كل مجال تداولي من مجالات الحياة الثقافية والإبداعية، والحماية تنبع من تقاليد الأشياء الصغيرة التي نرتكبها في حياتنا اليومية بصورة لا واعية أكثر الأحيان بفعل التوجيه الواعي لثقافتنا المحلي إلى العالمية.
جديد الموقع
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا
- 2025-12-27 المهندس "المطر" يدشّن حملة التبرع بالدم في مركز صحي الفضول والختام اليوم السبت
- 2025-12-27 د.نسيبة أحمد أخصائية الجلدية بمستشفيات الحمادي: ضرورة شرب الماء الكافي وتناول الأطعمة الصحية واستخدام أجهزة الترطيب في الشتاء