2025/09/05 | 0 | 572
مشروع النقد التقويمي
كنت تحدثت في المقال السابق بعنوان " لماذا يغيب النقد الموضوعي في الفعاليات؟" عن أحد الحلول والطرق الكفيلة بوجود نقد موضوعي تقويمي في الفعاليات في معرض الحديث عمل الورش النقدية للنص، وهنا أريد التأكيد على أن هذه الورش تجري بطريقة واعية ولا واعية أيضا.
ومن شأن هذه الطرق أن ترقى بالمنتج الأدبي والنصوص ، ويكون بعدها الطريق ممهدا للانطلاق من نقطة الوصول السابقة لا من نقطة الصفر ، وعليه يتم هدم جميع ما تم بناؤه مع عدم الحاجة إلى ذلك، وسأعرض لممارسات واعية أو لا واعية تجري وتكون ثمارها منعكسة على تضمين نقاط النقد التقويمي في النص ، وربما لا تسهم بالقدر الكبير فيما لو كانت غير متضمنة للنقد الموضوعي بشكل ملموس.
١- طلب رأي الخبير الأدبي
لا يخفى علينا أهمية المشاورة في بعض الأمور بالذات ممن نثق في توفر الكفاءة الأدبية لديه، والملاءة النقدية بسبب الجودة النقدية أو الشعرية التي نثق بتوفرها عند من سبق وجربنا تغذياتهم الراجعة لنصوصنا، أو لما أظهروه من كفاءة مع غيرنا من المبدعين .
وهذه المرحلة قد تسبق عملية كتابة النص، أو قد تأتي متزامنة مع ولادة النص، أو مترافقة مع العودة للنص بعد كتابته أو إنجاز جزء كبير منه .
وقد تأتي لاحقا قبل إصدار مجموعة من النصوص، أو حتى بعد ذلك تقريظا أو نقدا بعد فترة من قراءة المتلقين لهذه النصوص.
وفي هذه الحالة طلبنا للرأي من الخبير حرصا منا على الاستئناس بما يرى عملية صحية جرى مثل ورشة نقدية وغالبا تكون شفهية وانطباعية أولية
إلا أن تتطور وتتبع منهجا متينا وقويما.
٢- الرأي الانطباعي
إبداء التغذية الراجعة من المتلقين على اختلاف مستويات تعليقاتهم وردود أفعالهم عملية في الغالب غير منظمة وغير معدة مسبقا، ولا تقوم على منهج واضح ومتين، بل تكون بحسب الثقافة والذوق الذي يمتلكه مبدي الرأي والمتلقي الذي يعطي استحسانا أو رأيا محايدا أو سلبيا في النص لكنه لا يضع يده على الشواهد لرأيه.
مثل هذه الآراء تعطي انبساطا أو انقباضا أو ردة فعل أيضا محايدة ، وهي وإن لم تكن منهجية إلا أنها تكون حالة عامة يمكن تنبؤ ردة فعل غير النخبة وغير الطبقة الواعية من المتلقين وعيا منهجيا، وهذه لا يمكن القول إنها دون فائدة أبدا، بل تعطي راحة نفسية أو معنوية يستأنس بها لكن لا يمكن التعويل عليها فقط.
هذه الممارسة وإن لم تكن بمستوى الحالة السابقة والشكل السابق إلا أنها تعطي مؤشرا عاما ربما يكون مفيدا ، ولكن يصعب كذلك اعتبارهها ورشة منظمة، بل هي ممارسة تلقائية لا تقوم على المنهجية.
٣- جلسات المراجعة
ضمن أهم الورش التي تعقد وتكون واعية ومقصودة ما يمكن تسميته جلسات النقد التقويمي التي تحلل النص، وتطرح مشاكله، وتستدل على ذلك بشواهد، وتقترح الحلول وطرق المعالجة لإصلاح الخلل وسد الثغرات التي يمكن سدها، وهذه الجلسات قد تعقد قبل مشاركة ما يلجأ لها المبدع لإصلاح نصه وفحصه ، وقد يكون ذلك أيضا جاريا في إصدار الكتب باختلاف جنسها الأدبي، وهي حاصلة نظرا لحرص المبدع على منجزه وظهوره بأرقى صورة، أو إصدارا في كتاب أو منجز.
٤- ورش المتابعة من هيئات أو لجان
هذه الورش تعقد مع المبدع الذي تبنت إصداره أو نصوصه جهات تخصص فاحصين يهتمون بالمنجر الأدبي قبل طباعته، وتجري فيه المشورة واستعداد المبدع ،وتقبله لما يجده من آراء بعضها ملزم وبعضها غير ملزم بحسب نوع العلاقة والصفة، وهذه الورش كلما كانت مستمرة مع المبدع بشكل مباشر كلما كانت مثمرة، فالعمل يكون عملا واعيا ومنظما وممنهجا للخلوص بنقد موضوعي رصين تعرض له المنجز قبل خروجه، فهو عمل أفترض فيه حدوث النقد التقويمي وإن لم ينشر، وإن لم يشر إليه، لكنه آتى أكله وقطافه.
٥- التنظير والتطبيق
يجري التنظير الأدبي والورش الإبداعية على عدة أشكال وبمسميات مختلفة، فمنها المحاضرة، ومنها الدورة، ومنها ورشة العمل، ومنها البرامج الإثرائية، وكلما مازجتها ممارسات تتعدى التنظير كلما صدق عليها مسمى الورشة، وإذا تمت عن طريق مطارحات لرؤى مختلفة كانت أشبه بالندوات .
التطبيق العملي ووجود الشواهد دليل على قصدية هذه الممارسة التي تم فيها النقد التقويمي للعمل قبل كتابته وخضوعه لبناء وعملية تفكير في البناء تسهم بشكل وبآخر في الحالة المعززة والدافعة للاعتبار الموضوعي والتطبيقي.
٦- الفعاليات الممنهجة للنقد
حدوث الفعاليات التي تحدث للنص بعد فترات طويلة من كتابته والابتعاد عن المراحل الأولى للاحتفاء بالمنجز أو تكريم صاحبه سواء كانت كتابات تلي المنجز ، أو كانت مجموعة ممنهجة من الدراسة المعدة خصيصا لنصوص وأسماء مهما كانت معروفة أو كبيرة بغرض نخل ونقد هذا الإرث .
وهذا الأمر لا يخلو من حساسية ، ولكنه أيضا يسهم في تنمية النقد الموضوعي والتعاطي القائم في التلقي على مناهج رصينة .
وختاما أقول: إن هذه الأشكال رقت أم لم ترقَ لمسمى الورش ، أكانت واعية أم كانت تلقائية في مجموعها تحقق حالة من حالات التكامل الموضوعي في النقد الممنهج، وحدوثها من كافة مستويات التلقي في المجتمع كفيل بزيادة الموضوعية والتنوع في التلقي الأمر الذي يخدم المبدع بشكل عام وتفصيلي طالما توجه للاستفادة من النقد الهادف، ووجود فعاليات مهتمة بالنقد الموضوعي في أوقات لا تخدش الاحتفاء بالمنجز أمر لا بد منه، بل وإن المصلحة أحيانا تقع قبل حدوث النشر للنصوص، وهذا يتيح لها أن تتعرض للتقويم قبل انتشارها، ومع ذلك فحدوث النقد التقويمي لاحقا هو أمر طالما تمت فيه مراعاة أخلاقيات النقد الهادف والموضوعي هو أمر معقول ومنطقي ولا غضاضة فيه، وهذه دعوة مفتوحة لاعتناق مشروع النقد التقويمي بالوسائل الممكنة قبل النص وأثناءه وبعده من قبل المبدع أولا، ومن ثم المنتمين للسلك الإبداعي والأدباء والقائمين على الفعاليات .
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا