2025/08/25 | 0 | 1277
من أرشيف الحب .. قصتي مع المهندس محمد بن إبراهيم الصويّغ ..
قصة تصلح لأن تكون رواية مشوقة ، أو فيلما سينمائيا ، أو( سالفة ) يتناقلها المحبون للسجايا العفوية النقية .
بدأت قصتي مع هذا الأخ العزيز في أول يوم دخلت فيه ( مدرسة صلاح الدين الابتدائية ) بمدينة ( المُبَرّز ) أيام الطاولات الثنائية كان إلى جانبي على إحدى تلك الطاولات ذلك الطفل الجميل الأنيق الهادئ المبتسم الذي لا يكاد يتكلم لشدة حيائه ، لم نتبادل أي حديث حتى جاء موعد الفسحة الأولى فخرجنا سويا لا ندري أين نذهب حتى أدركنا ابن الخال المرحوم ( أحمد حربي الشاوي ) الذي كان حينئذ في الصف الرابع أو الخامس ، أخذنا إلى ( المقصف ) : ( تبون شي ؟ ) سألت أنا محمد بدوري : ( تبي شي ؟ ) قال : لا ، كنت ممسكا بيده وكأننا إخوة أشقاء .
عندما حان ميعاد الانصراف من المدرسة بعد انقضاء يوم مشهود بالنسبة لي وله خرجنا من المدرسة سويا و سلكنا نفس الطريق لأكتشف أنه يسكن في نفس الحارة بل و يمكننا القول بأنه يسكن في نفس ( الصكّة ) (صكة الصويغ ) أو ( صكة النجاجير ) كما يسميها الناس نسبة لغالبية من كان يسكن فيها . حيث كان ( النجاجير ) من ( الحرز و البراهيم و الشاوي ) و( آل صويغ ) يتقاسمون بيوت هذه ( الصكة ) تقريبا من جنوبها إلى شمالها .
بعد يومين دراسيين أو ثلاثة أصبحنا أنا وهو صديقين حميمين نلعب سويا و نذاكر سويا تارة في منزلنا وتارة في منزلهم ولم يكن يفصل بين المنزلين أكثر من ثلاث دقائق مشيا على الأقدام ، الأقدام الصغيرة و القلوب الوالهة ، وكم في تلك المرحلة وفي تلك المدرسة من الذكريات الجميلة والعلاقات الأخوية الصادقة واللقطات النادرة فلا أنسى مثلا تجمعنا في كل فسحة مع ثلة من تلاميذ نفس الصف ( خالد العبد القادر علي السويلم جاسم الهندي عبدالعزيز العبود محمد المؤمن و خالد القروني ) بجوار ( شبك ) المدرسة ننتظر ( أحمد ) أحد إخوة جاسم الهندي الذي كانت تبعثه والدته رحمها الله بكمية من التمر إلينا نتناولها كل يوم سويا ولا يزال طعم ذلك التمر العجيب المعجون بكل سجايا الطيبة والمودة عالقا في الذاكرة ، وبالمناسبة فهذه الثلة من الزملاء هم من كنت أقرأ عليهم محاولاتي الأولى لكتابة الشعر وهم من كانوا يتهمونني بنقل ما أقرأ عليهم من الكتب فكان ذلك الاتهام أول تشجيع وأول شهادة وأول حافز حيث أصبحت على يقين بأن ما أكتبه يشبه ما في الكتب على الأقل .
ولا أنسى زيارتنا ( لجاسم الهندي ) في ( المَحْجَر ) كما كان اسم ( مستشفى الملك فهد ) آنذاك عندما علمنا أنه منوّمٌ في المستشفى ، ولا أدري كيف اهتدينا إلى فكرة التجمع عصرًا و استئجار ( تكسي ) والذهاب إلى المستشفى ولا كيف اهتدينا إلى الغرفة التي هو منوم فيها و نحن أطفال دون العاشرة ، ولا أنسى هنا أيضا عدم انقطاع تمر الخالة (ىأم جاسم ) رحمها الله عنا في كل الأيام التي كان جاسم في المستشفى , لتمر الست سنوات للمرحلة الإبتدائية مرور السحاب أو مرور البرق ، لننتقل إلى ( مدرسة سعد بن أبي وقاص المتوسطة ) في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من حي ( السياسب ) من أشهر و أعرق و أكبر أحياء مدينة المبرّز .
مر أول يوم عصيباً عليّ و عليه فلم نكن أنا وهو في نفس الصف كما اعتدنا طيلة الست سنوات الماضية ، إشتكى هو إلى والده ـ رحمه الله ـ من هذا الوضع فجاء والده معنا صبيحة اليوم التالي و طلب من إدارة المدرسة نقلي إلى الصف الذي هو فيه أو نقل محمد إلى الصف الذي كنت فيه و هذا ما حدث ليعود إلينا الوئام و لنبدأ رحلة التفوق على زملائنا من جديد فقد كان ( الترتيب ) الأول و الثاني محجوزين لي و له مناوبة طيلة دراستنا معا . ولا أنسى نصيحة كل معلم في تلك المدرسة لي وله بأن لا نتوقف عن الدراسة أبداً . وما زلت أحتفظ بالكثير من شروح التشجيع و التبشير بمستقبل أدبي من معلم التعبير خاصة على أغلب المواضيع التي يطلب منا كتابتها فيفاجأ بأبيات تتخللها من محاولاتي الأولى لكتابة الشعر .
بعد إنهائنا المرحلة المتوسطة لم نكن نعلم أننا قد وصلنا إلى مفترق طرق في مسيرتنا الدراسية فقد اتجه هو إلى ( الثانوية العامة ) واتجهت أنا إلى ( الثانوية التجارية ) كما يسمون ( المعهد الثانوي التجاري ) آنذاك ولكن المودة الاستثنائية لم تصل بنا ولن تصل بنا إلى مفترق طرق فقد بقينا على اتصال دائم وحتى بعد أن التحقت أنا بالعمل الحكومي بعد إنهائي الدراسة الثانوية و حتى بعد التحاقه هو بشركة أرامكو وحتى بعد دخول كل منا القفص الذهبي و حتى بعد أن أنهى كل منا سنوات خدمته و حتى بعد تقاعدنا من العمل بسنوات . وهذه اللقطة ـ قبل أيام معدودة ـ تشهد لنا بالبقاء على عهد المودة والأخوة طيلة ستة عقود و إلى ما شاء الله .
لا أمتلك هنا إلا أن أبعث بأجمل التحايا إلى الزميل و الأخ والصديق المهندس ( محمد بن إبراهيم الصويغ ) و بأجمل الأمنيات له ولكل زملائنا الأعزاء هم وكل أحبابهم بدوام الصحة والسعادة وأن يجمعنا بهم دائما على ما يحبه و يرضاه .
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا