أقل ما يقال : شكرًا جمعية التنمية الاجتماعية بالقارة

 ما أدركناه جميعا سواءً بفطرتنا أو من مكتسباتنا الاجتماعية أن الأسرة في كل زمان ومكان هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الإنسان معنى الفضيلة ويأخذ منها معارفه الأولى بالتالي فهي ركيزة التنمية الاجتماعية في كل مجالاتها ، إذ لا يمكن بناء مجتمع قوي ما لم تكن الأسرة فيه متماسكة وقوية ، متعلمة وواعية بدورها التربوي والثقافي والمعرفي .
لكن السؤال الذي يفرض نفسه : هل تقع مسؤولية تحقيق هذا الهدف على جهة واحدة فقط كالمؤسسات الرسمية مثلًا ؟

في الحقيقة ، بناء أسرة متكاملة اجتماعيًا عملية معقدة ومركبة تتجاوز حدود مؤسساتنا الحكومية ، رغم أهميتها في رسم السياسات العامة ووضع خارطة الطريق لتنمية شاملة للتقدم الاجتماعي في مختلف مجالاته ، إلا أن النهضة الحقيقية لا تتحقق إلا بتكامل الجهود وتظافرها بين جميع القطاعات — الرسمية والأهلية والخاصة — في إطار من التعاون والمسؤولية المشتركة .
تتقدم الأمم عندما تتكامل قواها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية في عملٍ مشتركٍ نحو هدفٍ واحد ، من هذا المنطلق يبرز الدور الحيوي لمؤسسات المجتمع المدني بما تضمه من مفكرين وأكاديميين ونشطاء اجتماعيين ، في دعم مسيرة التنوير ، فهي تمثل رافدًا أساسيًا يكمل جهود الدولة ، حيث يؤدي كل طرف دوره في منظومة واحدة للنهوض الإنساني والحضاري والمدني
هذا ما عايشناه نحن الاحسائيين في ليلة جميلة من ليالي هجر العلمية ، حيث تجلى هذا التكامل في أزهى صورةٍ في حفل ختام مسابقة الأسرة المثالية للدراسات والبحوث ، الذي نظمته جمعية التنمية الاجتماعية بالقارة بالأحساء ، واستضافته مشكورة جمعية الفضول الخيرية في إحدى قاعاتها المخصصة للمناسبات

فقد أطلقت جمعية القارة باكورة أعمالها العلمية في مجال الدراسات والبحوث حول شؤون الأسرة الأحسائية ، من خلال محاور بحثية محددة وضعتها الأمانة المشرفة على المسابقة
وفتحت باب المشاركة أمام الجنسين ومن مختلف الأعمار لإعداد دراسات وبحوث تسهم في تعزيز الوعي الأسري
وضمت اللجنة العلمية نخبة من الأكاديميين والدكاترة ذوي الخبرة في مجالاتها البحثية ، ما منح المسابقة الطابع العلمي الرصين والموثوق ، كما تميزت المشاركات بالتنوع في الطرح والمنهجية وفق تلك المحاور ، مما يعكس اهتمام أبناء المجتمع بقضاياه الأسرية

وشهد الحفل حضورًا مميزًا من مثقفين وأكاديميين ورجال أعمال ، وتُوجت الجهود بتكريم الفائزين الثلاثة الأوائل من بين خمسة عشر مشاركًا بجوائز نقدية ، والأجمل ما أعلنته الجمعية في ختام الحفل عن نيتها طباعة البحوث الفائزة في إصدارٍ واحد يتيح نشر المعرفة وتعميم الفائدة، وتسهيل وصولها للقارئ المهتم للاستفادة منها.

ما قدمته جمعية التنمية الاجتماعية بالقارة يعد نموذجًا يُحتذى في العمل المؤسسي الأهلي الهادف ، ويعكس وعيًا متقدمًا بأهمية الأسرة كركيزة أساسية لبناء الإنسان والمجتمع

وكوني أحد أفراد هذا المجتمع، ورب أسرة فيه ومستفيدًا مباشرًا من هذا الجهد والإنجاز ، أقول :
شكرًا جمعية التنمية الاجتماعية بالقارة، وشكرًا لكل فريق العمل من أكاديميين ومتطوعين وداعمين ، الذين أسهموا في هذه المخرجات ..