مِن كتاب (  حكاية الينابيع  ) حكاية الشاعر علي بن محمد البَحْتــــِــيّ

وممن سعدنا بانضمامه للمنتدى الشاعر الجميل الأستاذ علي البحتي، وهو علي بن محمد بن عبد الله البحتي، من مواليد قرية (بني مَعَن) شرق مدينة الهفوف في الأحساء لعام 1401هـ، يكتب القصيدة الفصيحة و الشعبة، وله شغف خاص بكتابة (الأبوذيات)، وهي من التراث الشعـري العراقي الـجميل والمنتشـر فـي كل نواحـي الـخليج، ترجمنا له فـي (معجم شعراء منتدى الينابيع الهجرية) الصادر عام 1434هـ، وهو عضو بالمنتدى منذ عام 1425هـ.

لهذا الشاب الحيِيّ ما يميزه عن غيره من الشعراء، الأعراف والشيم الأصيلة التي أصبحت نادرة في هذا الزمان المادي الجلف، كلها ستجدها في سجايا هذا الشاب القادم من مهجة الأحساء الوادعة، التي مازالت كالمرآة الصافية تعكس الكثير مما افتقدناه من تلك الشيم والسجايا الحميدة.

لم أحس تجاهه بغير ما أحسّه من مودّةٍ لأحد أبنائي، وهو يبادلني هذا الإحساس فيعاملني كما يعامل والده تمامًا أو أخاه الأكبر، وأكتفي بهذه الإشارة عن التفصيل، بعد غيابه عن إحدى جلسات المنتدى أرسل هذين البيتين:

إلى الأحبــــــــابِ آلاف التّحايـــــا

فهذا الشوق يعبث بالحنايا

لئن كُنَّـــــــــا أُسارى البُعـــد يومًـــــــا

فإنَّا في هوى( ناجي ) ضحايا

فأرسلتُ إليه :

حنانك يا ( علــيّ ) فإنّ قلبــــي

يكاد يفــــرُّ مِــن بيــــــــن الحنايــــــــــا

فدعْ جرحًا لينزف فوق جرحٍ

فإني قد تعبـــتُ مِـــن الشكايـــــــــا

ولي مع الأستاذ (علي) العديد من المساجلات الطريفة وخصوصًا بطرائق الفن العراقي الذي يعشقه من أبيات الأبوذية والدارمي والميمر، منها هذا الدارمي الذي أرسله اعتذارًا مموّهًا عن غيابه عن إحدى جلسات المنتدى :

كُون ابْسما العشاڨ أصبِح غمامة

أمْطر عليك اشواڨ ليوم القيامــــة

فأرسلتُ إليه هذه المداعبة:

يوم القيامـــــــــة احْساب بينــك وبيني

وما عندي يالچذّاب يمّه ارحميني

ومن فن الميمر الشهير أرسل إليّ هذا البيت :

وسْط الحزِن ﭬـاعدْ وابَــدْ ما يلهـى

وهـروش ﭬـلـبـــه هالـزّمـــن ما يلهـــــــــــــا

وعيون بس ظلّت تـهل مـاي الـهـا

ويذوب مِن همّه الصخر والمرمر..

ولأني لم أكن قد جرّبت كتابة هذا النوع من الشعر فقد أرسلت إليه هذا البيت محاولة أولى  :

نيشن على ڤلبي وضحَك مِن صابه

وسبعين مــــرّة صــــبّ لي مِــــن صابـــــــــه

هذا اللي جاني يا ( علي ) من صوبه

بحبه انكتب لـي أشـتــڤـي واتـمـرمـر..

وأرسلت إليه ذات شكوى هذا البيت من الأبوذية :

جِدَحْتْ النار بفّادي وياريـــــــــــت

عسـى شتـفـيـد يا غـالـي وياريت

أنا اللّي سالمِت دهري وياريت

وعيّا بشوفكم يشفِچ عليه  ..

فأجابني بقوله:

عليه الدهر ما يشفــــــــــچ ولا اعْليك

يخويه ارجوك لا تهتم ولا اعْليك

ڤلبي امْـــنِ البعِــــد ثايــــر .. وَلـــع ليـــــك

مثل بركان هَـزْهَزْ  هالوطيـــــة  ..

وفي مشاغبة أخرى أرسلت إليه هذا البيت من الدارمي :

تـمّيت ادَوْرِ اعْلِيــك بيـن المنـــــــازل

ثاريك بين الروح والمهجة خاتل

وهذه الأبوذية معًا:

شبيبـــه تدخل وتطلع شبيبه

ونــار الشــــوق بفّــــادي شبيبـــــــــه

وغيرك يا علـي البحتـي شبيبه

ولونه اِمن السمـا نـازل هديـة

فأرسل إلى جوابًا هذا الدارمي:

مجموعك اويا الناس لـمّـن قـسَمتَه

خارج قِسِمْتي الناس والباﭬـــــــي إِنتَه

وهذه الأبوذية معًا:

يَهَلّي مِن ذهب والمـــــــاس مِنســــكّ

انفرض حبك عليّه وصار مَنسَك

يناجــي لو يمرني البيـــــن ماانســــاك

ويكفي لو صِرِت لاجْلك ضحية ..

أما عندما غاب جلستين متواليتين وكان موعد الجلسة الأسبوعي عصر كل يوم جمعة أرسلت إليه:

جمَع وردَكْ جمَع خوخَك جِمَع تيـن

وتِرِيـــــد انصيــــــر يالبحتي جماعتيــــن  ؟

وِلَك فسّــــرْ لـــــــــي غيابــــــك جمعتيــــــــن !

وتدري اشـﭭـد صعب صدّك عليّه ..

فأرسل هذا الجواب:

العِشِـڨ خضّـر بروحـي مِن جمِعْتَك

ويـحـڨ لي افْخَـــــــر لأني مِـــن جماعتك

إشتظن اتنصّـــل آني مِــــــن جَمِعتك ؟

يـ فرض الحُبّ وفرض الشاعرية  ..

 أجمل التحايا والأمنيات مجددا إلى الأستاذ علي البحتي  الذي أشير هنا إلى تألقه في كتابة النص الفصيح رغم شغفه بالنص الدارج  .