2020/09/17 | 0 | 2144
أئمة أهل البيت - ع - تحت الحصار
يشغل مفهوم الإمامة حيزاً واسعاً في الفكر الإمامي الإثنا عشري ، إذ أنه لا يحصر الإمامة في بعدها القيادي على الجانب السياسيفحسب ، بل يتخطى ذلك إلى مديات واسعة وكبيرة كـ( القيادة الدينية ، والتهذيب الأخلاقي ) لذا تدخل الإمامة في جميع مفاصل الحياةالإنسانية بأبعادها المختلفة، إذ أنها تشكل منهج حياة للإنسان في سيره . وإذا ما أردنا أن نصف شؤونها بالشكل الدقيق فخير ما نوردهكلام الإمام علي بن موسى الرضا - ع - في بيان مفهوم الإمامة و مواصفات الإمام ، إذ أنه قال - ع - بشأن الإمامة أنها :
" منزلة الأنبياء ، وإرث الأوصياء . إن الإمامة خلافة الله، وخلافة الرسول - ص - ، ومقام أمير المؤمنين - ع - ، وميراث الحسن والحسين - ع - . إن الإمامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعز المؤمنين . إن الإمامة أسّ الإسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالإمام تمامالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف " .
بعد هذه النظرة الخاطفة والسريعة على مفهوم الإمامة في الفكر الشيعي، لو نظرنا إلى الجري التاريخي ورقبنا الأحداث المتتابعة منرجالات الأعصار الماضية وكيفية التعامل مع الأئمة - ع - لو جدنا أنه هنالك عامل مشترك يتكرر في كل حقبة زمنية ، يتمثل في ضربالحصار على أئمة أهل البيت - ع - وجعلهم في عزلة موقعية أو اجتماعية أو معرفية أيضاً . ولـعـل الـبذور الأولى كانت وليدة تلك الرزية التي حِيل دون رسول الله - ص - وكتابة الكتاب الذي يحفظ الأمة من ضلالتها ، حينها بدأت تلكالعزلة تتقولب وتتشكل مع مقتضيات الزمان والمكان ، درأً لوجود أي خطر محتمل التهديد على المكانة المرموقة التي هي مطلب غائي لأهلها .
وعليه نستطيع أن نفسر جملة الأحداث الصادرة على هذا الضوء ، من قبيل المنع الذي طال تدوين أحاديث النبي الأكرم - ص - مما أوجدشرخاً معرفياً كبيراً ، وفسح المجال وعبّد الطريق إلى تكثّر الوضاعين والتفنن في بث الدسائس والأكاذيب ، وهذا بدوره ضرب الركائز المعرفيةوالقيمية للأجيال اللاحقة على المدى البعيد وخلق حالة من الضبابية والإبهام ، كما أنه عمد على حصر جيل - ذاك الزمان - في بوتقة ضيقة لايستطيعون أن يتحرروا من تلك الشرنقة التي ضربت بأطنابها عليهم . شيئاً فشيء بدأت تنمو بواعث ذلك الإنحراف من خلال الممارسات التيتصدر بشأن أهل البيت - ع - ابتداءً من أمير المؤمنين - ع - التي أخذت المنابر على عاتقها بالترويج لشتمه ، قربة لله تعالى ! هكذا أخذالدور الإعلامي مساحته الواسعة ونشاطه المتحرر من كل القيود الأخلاقية ، إلى الحد الذي حينما وصل نبأ استشهاده - ع - إلى مسامعأهل الشام ، تعجبوا أن علياً - ع - قتل في محرابه ، أوكان يصلي هذا هو الحصار المقيت الذي أستخدم كأداة مضادة في عزل أهل البيت عليهم السلام . وعليه يتضح لنا جلياً أن الممارسات الصادرة منقبلهم -ع- في إبراز مفهوم الإمامة أو بيان مواصفات الإمام ، هي إعادة نظم لهيكلة المفهاهيم المعرفية في أذهان الأمة وتصحيحها ، لذا نرىأن مثل تلك الممارسات كانت تقلق جبابرة الأعصار والأمصار ليس في حينها وحسب بل حتى على المديات البعيدة .
كما أنه في العصر الراهن بدأ يأخذ ذلك الحصار منحى أخر ، يتمثل في تجويف وإفراغ المحتويات الدينية من مضامينها الحقيقية، ووسمها بحالة من التمييع القيمي والانفلات الأخلاقي و الفوضى المعرفية تحت عناوين التجديد والمواكبة ونبذ القديم والتراث المطبق والجاثمعلى كيان هذه المجتمعات بحمله الثقيل ! فالبصير من تبصر ، وأجهد نفسه في إرجاع المتشابهه إلى محكمه ، لئلا يكون عرضة لمهب الرياحالعاصفة التي تردي صاحبها ! وأن لا نكون جزء من أوتاد ذلك الحصار الذي ضرب بأطنابه على أئمة الأهدى - ع - !
ومن هنا تنكشف مكنونات أقوالهم - عليهم السلام - ، فعن عبدالسلام بن صالح الهروي قال: سمعتُ أبا الحسن الـرضا عليه السلام يقول :« رَحِمَ اللهُ عبداً أحيا أمرَنا »، فقلت له: كيف يُحْيي أمرَكم ؟ قال: « يتعلّمُ علومَنا ويُعلِّمُها الناس؛ فإنّ الناس لو عَلِموا محاسنَ كلامِنالاَتّبعونا » هكذا يفك الحصار الذي من شأنه أن يستقطب أصحاب الفطرة السوية إلى ساحة الطاهرة والصفاء .
جديد الموقع
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي
- 2024-04-25 يحيى العبداللطيف و ( دكتوراه ) جديدة لسجل شرف ( الينابيع الهَجَريّة )
- 2024-04-25 13298 خريجًا وخريجة أمير الشرقية يرعى حفل تخرج الدفعة الـ 45 من خريجي جامعة الملك فيصل بالاحساء
- 2024-04-25 %150 زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الأحساء
- 2024-04-25 16 جمعية وقفية في المناطق والمحافظات
- 2024-04-25 احصل على 800 ختمة قرآنية شهرياً
- 2024-04-24 جمعية البيئة الخضراء بالأحساء تكرم البورشيد لاطلاقه (ديك الماء)