2013/04/11 | 4 | 4242
الشيخ الفضلي سيرة نماذج ومناهج
-
مشروع الحياة:
قل ما تجد عالما يعيش هَـمّ مشروع إصلاحي ينذر له نفسه وما حوت يمينه لنصف قرن أو ما يزيد .. وأيُ مشروع؟
إنه أكدمة الحوزة من غير انبهار ولا طرب بالأكاديمية على نقيض من البعض الذين أوغلوا في متاهات الإفراط أو التفريط في هذا الجانب !
هذا هو العلامة اللوذعي الشيخ عبد الهادي نجل الميرزا محسن الفضلي ((الراضي المرضي)) الذي قد أخضع الحوزة في مرحلتيها المبادئ والسطوح للتجربة الأكاديمية متأثرا ببعض أساتذته الذين كان لهم سبق الريادة في بذر هذا المشروع وتركوا له رعايته وسقيه.
وقد شخذ طاقاته لتحويل النص الموروث الفقهي الإمامي وأصوله وفق برامج وأدبيات العرض الحديثة، فأبى عشقه و أنفة الولاء لديه أن يبقى فقهنا في مؤخرة القاطرات السائرة على طريق الفقاهة الإسلامية، فمد المكتبات العربية والإسلامية بنفائس مصوغاته كـ"" مبادئ علم الفقه """ و "" دروس في فقه الإمامية ""، و"" دروس في أصول فقه الإمامية"" التي جاءت تمثل فقه العترة الشريفة إلى جنب مشروع الشيخ مصطفى الزرقا في "" موسوعة الفقه الكويتية""، والمشاريع التي من بعده كعمل الدكتور المعاصر الشيخ وهبة الزحيلي في موسوعتيه "" الفقه الإسلامي المعاصر"" و "" أصول الفقه الإسلامي "".
-
نـَـفـَسُ الكاتب وليس كاتب النـَـفـَس:
ليس مقياس الدقة العلمية ولا علامتها أن يبدي الباحث النهم رأيه أو أن يدس اعتراضه بين النظرية والأخرى فحسب..
فقد تلوح الدقة والنضج الفكري عندما يكتب العيلم في شتى فنون المعقول والمنقول والدال منها ــ علوم الآلة ــ والمدلول، كالمنطق، والعقيدة، والأصول، والفقه، والدراية والرجال، ... وعندما يجدد المحاولة مع كل علم في شكل مراحل متتالية دون أن يؤخذ عليه خطأ أو اختلاط أو عيب كما برز في كتابة البعض من عدم لـَـمّ شتات العلم الذي انصبت عليه جهودهم أو عدم المنع لشتات غيره من المعلوم والمهارات الفكرية البشرية والشرعية.
ولكن كان الشيخ الراحل إذا أمسك بريشة حقل من الحقول التي تعزى إلى الدراسة الإسلامية، أوالإنسانية، أو الألسنية لا يغمسها إلا في محبرة ذلك القبيل من العلم.
فقد نسج لكل بغاة العلم وطلابه بساطا من ريح يحملهم فوق المصطلحات والطلسمات والتعقيدات فكان هذا نفس كاتبنا الجليل، ولم يكن ينثر على طريقة البعض ممن يكتب لنـَـفـَس الإجتهاد الذي يسد به ثغرة تكوينه الذاتي اكثر مما يسد به ثغرة العاجز ممن يمشي معه ذات الطريق ..
فلئن كان كلاهما من شرائف الأنفاس ولطيفها المأجور عليها عند الله سبحانه، فلا مرية في أن النفس الذي تصعد من صدر كاتبنا العظيم أشرف و أحوج لطالب العلم في هذا الزمان .
-
السليقة السليمة:
إن حسن السليقة واستقامتها وسدادة الطريقة واستيعابها وهدوء التفكير هي ملامح شيخنا المفضال بالمقارنة مع البعض ممن انفتحوا على التيارات الثقافكرية الوافدة
والضد يكشف زيفه الضد *** وبضدها تتميز الأشياء
فإن البعض ـــ وللأسف الخارق للقلوب ـــ هتك الحجاب بينه وبين هذه التيارات فاندلعت عليه أشباح يأجوج ومأجوج الملبسين وعفارية الثقافة المضادة فطبخوا عقله وتفننوا في طبخه فصار جاهزا سائغا في سرعة لا تجارى إذ تحولوا إلى معارضة تجيد النقد التصيُدي والاستفزازي لا النقد الطامح مع الحوزة معلنين مصارحين بالاستقالة منها روحا، لكن لا يزالون متلبسين بها زيا وثوبا؟!!
ولكن هذا الفارس المغوار وبالرغم من توغله في معسكرات الثقافات البديلة و اقتحام أطنابها لم يُعرف عنه ما يخل بقداسة الكيان العلمي وبقي محاميا ذائدا عن الأصالة لم يتورط في شبهة أبدا رغم تواصله المبكر مع الوجه الثقافي الآخر بكل السبل، حتى ما كان منها موضع ريبة في بيئته التي كانت تتخوف (محقة) من الجديد القادم وشرع أبوابه أمام الجميع كبيئة النجف آنذاك ، ولا يفوتني فيما فات حديث الشيخ مهدي الآصفي " بارك الله عطاءه " :
يقول كنت والشيخ عبد الهادي الفضلي نستقل بغرفة في النجف الأشرف وكان لدينا مذياع نخفيه خلف رفوف الكتب لئلا يطلع عليه أحد وإذا ما أردنا الآستماع إلى النشرات الخبرية أو البرامج الثقافية أغلقنا الباب وأحكمنا إغلاقه !!
ولكنه جاهد في سبيل الأصالة مضمونا وتجاوز ما رسمه السابقون عليه ديكورا، وبهذا الوعي أختار الشيخ العزيز أن يتجاوز ما رسمه السابقون لكن في حركة نقد ميداني؛ وذلك بخلق النماذج، وابتكار المناهج في عملية أشبه بالزحف إلى أن تتم سيطرة الجديد على القديم !
ومن يوسع النظر ويستقرء في الجيل الحوزي الذي تخرج على يد الشيخ الفضلي أو جايله يرى تصدي العديد منهم للتجديد وتنافسهم في إلقاء المحاولات كل وتجربته، ومن أعلاهم صيتا الشيخ باقر الأيرواني " حرسه الله عن الأسواء والضراء"، بما قدم من طرح و رسم لمصعد السطح الخاص بحركة الاجتهاد الفقهي، خلا عن اللجان العلمية التي تشكلت في قم، وهي مستمرة في مطالعة السوق بالبديل..
فقد كان توجه الكثير منهم مستمدا ومستلهما من سلفهم الشيخ الفضلي الذي له سبق الفروسية في هذا المعترك وشرف البدء في الانطلاقة الشاملة دعك عما كان لبعض أساتذته من انطلاقة جزئية لم ترمي في مسيرتها إلى نقطة أقصى من الأصول أوالمنطق..
-
التلميذ الماثل والتلميذ الممثل:
إن التلميذ متى ما يحرز الاستفادة من صانعه ومربيه فهو تلميذ ماثل مثل نفسه، ولا يكون ممثلا لإستاذه مخلدا له إلا بالقدرة على الإفادة بعد الاستفادة وحمل خصائص الأستاذ، وهذا هو النابغة الهجري وهذه هي مثابته ونسبته إلى أساتذته الذين ومن حسن طالعه أن القى به القدر في أحضانهم وهم المميزون في النجف الأشرف فبرمجوا له حياته العلمية وخطوا له دروب المستقبل.
نعود لنروي ثم نحكم فنقول:
لقد مَــثـُـلَ الكثير بين أيدي هؤلاء العمالقة ورأوهم كما رآهم، فالكثير حظوا بدرس السيد الشهيد الخالد محمد باقر الصدر " رفع الله ذكره"، والتصق العديد أيضا بالشيخ المظفر " أجزل الله أجره "، وأما من عايش السيد تقي الحكيم "نور الله برهانه" فليس بالقليل ثم غير هذا السيد وذاك الشيخ الكثير من أعلام الفكر والاجتهاد و مراكز الدفع والطاقة في النجف الأشرف إلا أن الكثير من طلابهم عاد تلميذا كابن غلبت عليه صفات الأم (الحوزة)ولم يرث من خلال الأب والأستاذ الذي انقطع شبيهه وعز نظيره إلا الذكريات !
ولكن يبقى هذا العلم السامق واحدا من الباقيات الصالحات الذي لم ينقطع معه عمل سلفه وآبائه الروحيين، ومهندسي فكره البارعين من المشايخ والسادة المذكورين.
فكان التلميذ لأساتذته الذي يخجل سائر التلاميذ؛ إذ ورث الأم والأب معا !!
-
من الحوزة..إلى الحوزة:
إن الإنتساب إلى الحوزة المباركة بين العقدين والثلاثة ثم الإندغام في الجامعة والانخراط في سلك الأكاديمية، ثم استئناف الإتصال بالحوزة والتفرغ للحبيب القديم وهو الورشة الفكرية ومشروع الكتابة الذي يغطي حاجات الدين والجيل الصاعد من طلابه لم تكن نزوة مثقف أو مشيا وراء أمل خادع أنكشف أمره فيما بعد، بل هي مهمة رسالية نجحت في تثبيت الشخصية الحوزية المميزة مكان القلب من الجامعة، وأحرزت توفيقا في تكريم الشخصية الجامعية في الحوزة، فهذه وما أدراك ما هذه؟؟
إنها الرسالة الإصلاحية العظيمة التي سخر لها المصلحون التربويون من العلماء شعاراتهم وتبليغاتهم ورفعوها في قمة مطالبهم الإجتماعية أمثال الإمام الخميني وكبار الأساتذة المصلحين من خريجي الجامعة أيضا، ولكن الفقيد أسوة بالشهيد اللامع المطهري " أحيا الله ذكره" قد جسد هذه الرسالة دون شعار ولكن في مسرح ملحمي(1) يرى العمل أنجح من إطلاق الصوت، والحقيقة والواقع أهم من الدعوة والمناشدة .
-
إبداع يُظهر الإبداع:
إن الابداع مفهوم له معناه المختلف عند شيخنا الكبير والجمال العلمي والحسن والبهاء الفكري في نظره المتوازن لا يمكن أختصاره مع شكل من الأشكال، بل هو من نوع الجمال الخلقي في الطبيعة والبشر.. أي تتقاسمه الأفراد ولا ينحاز بكله إلى أحد دون أحد..
فإن هذا من علامات الذوق الحر لأن من يرى الجمال جميعه في إنسان فهو أسير الذوق وسجين النظر! وإن عَـلَـمَ بلادنا الراحل " قدس الله مكنونه" ممن يتمتع بهذا الذوق، فهو هو إذا تحدث أو كتب عن أعلام الفكر الجديد كدراسته للحياة الإقبالية اللاهورية، أو دراسته للأدوار الأمينية الزينية البحرانية ظننت أنه المعرض المستقل لشأن الأعلام التقليديين ــ إن سمح الإصطلاح ــ فبينا أنت تسري مع ظن الحداثوية في حق الشيخ؛ إذ يفاجئك بعرض فاتن وحديث مليح عن أساتذة الفقه والأصول البارعين، وعن مرجعيات وشخصيات علمية لم تتجاوز الرتابة والرتم العام فيما لمس وظهر من نشاطها.
وإن هذه قدرة نادرة على تفهم النجاح ودقة ملاحظته في أخفى صوره بين عشرات الآلاف من صور الرجال وليس هذا وأنتهى.. بل إنه وبهذه السيرة قد حرر لنا مفهوم النجاح والإبداع وأنه شيء لا يقاس بالجدة والقدم فليس كل تجدد إبداع وليس كل قديم إرجاع..فإن الفرق بين التجدد والتملص وبين الابداع والابتداع أمر غـُـمّ على الكثيرين في وقتنا خلا النابهين الفاهمين شروى هذا السلف الذي نرجو أن يكون له بين طلاب الجامعتين الدينية والأكاديمية خلف .
فماذا كان يخبء لنا من خلال طرحه المشيد الذي جاء في مقالات وكتابات متفرقة لحياة أستاذين متباينين في زاوية منن زوايا الفكر و مختلفين على مستوى بعض الإيديولوجيات وهما الشهيد الصدر وأستاذه السيد الخوئي؟
لقد صنع منهما لوحة تحمل لونين مستقلين لنرى التجدد الذي لا يؤدي إلا الاستلاب الكلي وانقطاع المرء ع نفسه وعن انتمائه إلى غيره حيث أماني الانتماء المجهول؟! ولكن تجددا كما كان عند الصدر المتصدر في القلوب "" نور الله ضريحه"" الذي كان يحمل أستاذه الخوئي في وجدانه وينزلق ذكره من لسانه في كل مجلس و مرفأ مدللا بذلك على أن الخلاف للانتماء وليس الخلاف للإرتماء بعيدا كما يصنع البعض ؟!!
-
معرفة الرجال تصنع الرجال:
إن الشخصيات من ذوي الريادة العلمية والفكرية والأدبية تحمل في سجلاتها لقاح العظمة والسؤدد، ولكن فك رموزها كفك الجوزة الهندية..
فتلك الشخصيات في جوف سيرتها ماء حياة العلم والكمال، وإن رشفه من حتميات الرقي والإزدهار، كما أن الدخول من ماضيهم لنقد الحاضر دخول من أسرع وأوسع الأبواب ومن هذا الوعي أسهم الشيخ الهادي في تأسيس " علم الأعلام "، أو الترجمة الموضوعية في ايسر تسمياتها من خلال سفره الثر: " هكذا قرأتهم"، هذا الركن الذي أضيف حديثا إلى المكتبة العربية والإسلامية فالشيعية عرف أول ما عرف في النجف الأشرف على يد الأستاذ جعفر الخليلي في مجموعته الرجالية" هكذا عرفتهم"، ثم تابعه كل من الدكتور محمد حسين الصغير في كتابه" هكذا رأيتهم"، وعلامة الخليج العربي في عصرنا الشيخ الفضلي في هذه المجموعة " هكذا قرأتهم" وقد توافق إنتاجه وإنتاج الدكتور الصغير في تاريخ واحد !
وهكذا أرى بأن العلامة الفضلي وزملائه قد مهدوا بذلك لعلم " البيرو سونولوجيا الإسلامي" أو علم الشخصية الإسلامية !!
-
العشق المعدي:
إن تحبيب العلم وتزيين البحث في نفوس الشباب والكتاب مسؤولية لا يقبلها الكثير ولكنها ستعترف ـــ لو خليت ـــ لرجل العلم والفكر في واحتنا بالأمانة وعدم الخيانة لها العمرَ كلـَه ! وليس ذلك من جهة ما يتجلى فيه من حراك وعراك فردي مع الكتب أيام فتوته إلى حين ركوعه أمام جبروت الشيخوخة فحسب..بل فيما يتجلى من رعاية أبوية دائبة راتبة مع كل المحاولات والتجارب المساقة بين يديه الفتية منها و المراهقة للبلوغ العلمي والمسنة ذات العمر الراسخ في العطاء..
نلمس ذلك في مقدماته التي تتصدر الإبداعات وتعرف القراء بالروائع وتمهد للبواكير من الأعمال الفكرية..
ولعل من أصدق الإدعاء القول: أنه لالا يوجد في دنيا الحوزة العلمية الشيعية المقدسة ـــ بعد شهاب الدين المرعشي ـــ من هو أكثر طرحا للمقدمات بين يدي الكتب والدراسات والمحققات من النصوص التراثية وغيرها من الفقيد السعيد " أكرم الله جواره" وهذا ما يبين عن قيمة للشيخ في نفوس العناصر الحوزية والأكاديمية الفاعلة فقصدوه بأعمالهم وإنجازاتهم، وأنتخبوه حكما يحكم في جهودهم برأيه المستصحف لما قرأوا فيه من موسوعية و موضوعية بل لما لمسوا قيمتهم عنده بما بدى لهم فيه من بساطة ورحابة خلق..
ويذكرني الشيخ الفاضل الفضلي في ميزته هذه بالشيخ الكوثري الدمشقي أيضا صاحب المقدمات الفائقة على الإحصاء.
والحق أن الكثير (ولا نغلوا في الكل) من تقديمات عالمنا المبجل تملأك شوقا لقراءة العمل الذي وطيء بها فترى وكأن ذلك الكتاب هو العروس وأنه قد شفع بين العروس والعريس فجاءت يزفها بكلماته إلى قلب القارئ !
-
عاش السلام مع نفسه فأثمر طريقه:
كان العالم المميز بمقابلة الهزات والصدامات الطائفية والاتجاهوية بالطمأنينة الفكرية والسيطرة النفسية التي تبتني على أساس الوعي بحجم تلك الشكاسات وليس على أساس الاهمال لما يحدث أو عدم الإكتراث.
لقد كان يحاشي لسانه ونثر كلماته ومقالاته عن التورط في شيء من ذلك في العلن، فبقدر ما كان يرحب بالجدل في العلم ويقبل على السجال الكلامي المعقم إلا أنه كان وفي المقابل يكرم نفسه عن الخوض في السجال الكلامي العقيم وإن كان قد نال منه..
إذا مـا أراد المـرء إكـرام نفسه ***رعاهـا ووقاهـا القبيـــــح وزينـا
أليس إذا هانت على المرء نفسـه *** ولم يرعها كانت على الناس أهونا
فكان خبيرا بلغات العالم الاستفزازية المختلفة !!!
وفي قريب الزمان نصب له أحدهم مدفعية ثقيلة ناقدا له كأخشن ما يكون النقد بعد ظهوره أثره البديع (في ذكرى أبي)، ولكنه صد ما كان من هجمات بسلاح الصمت واتخذ الوعي دريئة !!
فمن يعش السلام مع نفسه يعش السلام مع قومه !
وفي زمان مقارب أيضا فزعت طائفة من المؤمنين الغيارى وأطلقوا اصوات الإنذار فيما يحسبونه غزوا علمانيا أو إلحاديا للمنطقة فكان يباشر عقولهم ويبشر أرواحهم الثائرة بالقول: أن ما ترونه هو زوبعة لا تهيج إلا في الفضاء الصحراوي الخالي ولكنها تتفكك وتتبدد بعد وصولها واصطدامها بالبقاع المعمورة من المباني والجبال وواحات الزرع كما كان يقول أيضا:
هذا ما قد عشناه بالعراق وذعرنا له بادئ الأمر ثم عادت الصحوة الإسلامية معلنة انتصارها..
أبشروا ثم ابشروا فإن ما كف أداة أولئك عن العمل هناك يكفها عن العمل هنا بإذن الله فالتجربة هي التجربة والنصر هو النصر والقول قول العجاج :
والدهر بالإنسان دواري
-
الفضلي في أروقة النقد:
مهما بلغت نشوة التذوق لاسهاماته وانبثاقة صيته المدهشة ومع الاحتفالية به ميتا التي ربما تكون استدراكا لما فات من واجبنا تجاهه حيا إلا أننا نريد أن نبدأ من حيث أنتهى الفضلي لا من حيث بدأ ..
وهذا ما يحتم علينا تسليمه إلى أروقة النقد وإخضاع جسده ومكونه العلمي والفكري لمشرحة النقد الواعي وتسلمه ثمة مع النتائج الدقيقة !
فهل أن كتاباته وأعماله نماذج شكلانية أم هي نماذج عليا وبأي مستوى؟
هل يزيد الشيخ الفضلي فيما ورثه من علوم آلية، ومقالية، ونقلية(2)، على ما ورثه الأقران والأتراب أم أنه سابق عليهم إلى النسخ والتوظيف والاستخدام فقط ؟
ولست أقصد بهذه الأسئلة ما يطرحه البنيويون في نظرية (موت المؤلف)..إنما أنطلق من ضرورة التقييم لما قدمه للمستهلك أو المنتج الثقافي والمعرفي في عالمنا العربي والإسلامي، ومدى استجابة القارئ المنتمي واللامنتمي لآثاره، وهذا ما يستدعي تحليلا ثقافيا مجردا دون تحيزات إيديولوجية معينة ومعتادة على التربص بالمبدعين ممن يمكن أن نسميهم بـ(خصوم النجاح وأهله) ؟!!
والحذر ينبغي أن يزداد خصوصا إذا ما أردنا أن نفتش في تألهات الشيخ وولاءاته إذ أن السجال النقدي (وأقول ما أقول بمرارة)في الأجواء المقدسة غالبا ما يبرز فيه طرفان في قبال طرف واحد وهو المنقود، والأخطر بين الطرفين الآخرين هو من يسمع الكلام فيعمل فيه بسحر التأويل وحبال التسقيط ؟!!
أما عني ذاتا فإني أرى تاج الفضل يلوح على رأسه وإن تقدمه ـــ في أعتباري ــ البعض في الهرمية التفاضلية بل وإعجابي بتوازنه كبير حيث لم أره يعمل العقلانية الأوروبية وما تقوم عليه من منطلقات واستراتيجيات معرفية في معالجة الفجوات والفراغات الثقافية كما فعل بعض أنداده والمعاصرين له وما مضى من السطور قادر أن يصل بتلك الصورة إلى خيال القارئ..
ولكن هذا لا يمنعني من أن لا أسلم له في كل شيء فربما كان لدي تأملات في بعض ماتبرزه كتاباته الشريفة، أو تحفاظات على بعض تعبيراته وإن لم أكن من أنصار المذهب القائل: " إن أي أختلاف في التعبير فهو بالضرورة أختلاف في التفكير" !!
ولست أبتغي بهذه النهاية للمقالل طريقا إلى زرع الشكوك حول الشيخ ..
ولكن لقيمة النقد الحواري..
وليطمئن من يرى أن شراع عقولنا يقوده هوى التقديس للشيخ من غير بصيرة فينا ؟!
رحمك الله يا عماد ويا أبا العماد..
صلى الله على روحك ما صلى ويصلي على أهل المداد من العلماء
ربي أخرجه من هالة الظلمة إلى هالة النور إلى محمد وآل محمد صلى الله عليه واله
جديد الموقع
- 2024-05-09 ما بعد الوظيفة (2)
- 2024-05-09 ناصر الجاسم.. في مجموعته القصصية «العبور».. القاص المسكون بهاجس من ذاكرته الشعبية.
- 2024-05-09 كيف يصرح الأديب بحبه
- 2024-05-09 (التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي)
- 2024-05-09 الدفاع المدني بمنطقة القصيم تكرم الإعلامي زهير الغزال
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟
تعليقات
ابن الاحساء
2013-04-13شيخنا الفاضل لك التبجيل على ما طرحته حول سماحة اية الشيخ الدكتور الفضلي "قده" غذيت العقول بهذه الكلمات الرائعه ولكننا ابتلينا بمجموعة متشددة لا تعرف الطريق المؤدي للحقيقة متجاهلة التنوير . كنا نسمع انك في صف هذه المجموعة ولكننا مع الايام اثبت لنا بحسك المرهف وعلمك النير إنك تسعى للتنوير وايضاح الحقيقة وان كانت مرة فنيئا لنا بك وبمثالك وفقك الله وافادنا من علمك
بو رضى
2013-04-14الشيخ عبدالجليل اولا ارجو منك المسامحة كنت الى قبل هذه المقالة أجزم انك في صف ذوي التسقيط والتظليل لأنهم يزعمون انك منهم وبعد هذا الموضوع اتضح لي بانك في خط التنوير والانفتاح الاسلامي فشكرا لك ومعذرة منك
ولد العمران
2013-04-14ماكنت احسب يوما ان هذه اتجاهاتك ياشيخ عبدالجليل لقد غيرت صورتك لدينا فلا اصدق عيني وانا اقرأ مقالتك هذه راجع نفسك وراجع المباديء
ابو الشيمة
2013-04-15قرأت المقالة فلم أرى فيها انتماء ولا انحيازا انما هي طريقة سماحة الشيخ التي يعرفها كل من عاشره .. من انصاف الاخرين ونقدهم في الوقت نفسه .