2020/12/12 | 0 | 1797
وسم الجهل واستغلالية الهروب من المواجهه
القيم تعرف بأنّها مجموعة من المبادئ والمقاييس والمؤشرات، التي يتمّ من خلالها السيطرة على الأفكار والمعتقدات والاتجاهات، إضافةً للأشخاص أنفسهم وميولهم وطموحاتهم وسلوكهم، ومواقفهم سواء الفردية أو الاجتماعية. هذا التعريف المختصر يختصر حالة الفجوة بين مقدم الرأي وأصحاب الردود .
من الطبيعي أن يمتلك أي صاحب منتوج علمي حرية تصدير نظريته وفق ما توصل اليه وضمن قواعد المعرفة والعلم كما أن هذا الرأي قابل للنقض والاعتراض ولكن بذات الطريقة ضمن قواعد علمية تحظى بإقرار واعتراف مصدر النظرية حتى نصل الى مستودى تداول علمي راقي يرفع من مستوى الحوار ومتابعيه وتترسب على إثره جوانب معرفية متفتقة من جوهر الحوار .
هذا المنهج هو ما دأب عليه الأنبياء والاولياء بل عمالقة الفكر والادب بالتاريخ عموماً ، ولكن ما سر النكسة الأخيرة في مواجهة فضاء المعرفة حتى سادت لغة الرمي بالجهل تجاه أي مخالف أو متتبع لسلسة معرفية خلاف المعهود والدارج ، الا تعتبر هذه المنهجية نكسة في ذيل التدرج المعرفي ودليل عجز بل وانقلاب على مجموعة القيم التي الى وقت قريب نأنس بها نحن أبناء المدرسة الجعفرية على اقراننا من المدارس الفقهية والعقائدية الأخرى ،وألا تعتبر مثل هذه الكلمات الهدامة نهاية حوار بل وصد عن أي لقاء محتمل لبيئة حوار بناء .
ثم ما المقصود من استخدام عبارة الرمي بالجهل تجاه قرين علمي وله باع المعرفة بل وذات الدرجة العلمية سيما وأن الكلمة المجردة من توابع الوصف أو التحديد تعكس حالة التفريغ والغضب وعدم الاستيعاب للاختلاف مما يترك المتابع في حيرة حقيقة لتتبع الصحيح من المبالغ فعندما يطلق عالم مجتهد كلمة جاهل على عالم مجتهد آخر في وصف منتوج علمي بحت ، فماذا عسى للمتتبع غير حالة الانبهار وترتيب قواعد جديدة للتقييم على أسس الفجوة العلمية .
واقعاً من السخف الجلي أن يغربل العوام في ردود متباينة بين العلماء بحيث نبقى نحن العوام في علقة حقيقية بين الاختلاف المنهجي والعلمي للعلماء وأسخف من ذلك تصدر مجموعات للهجوم على علماء بدافع رأي عالم في آخر من نظرائه ، هذه البيئة تبرهن يوماً بعد يوم هشاشة في الثبات والأصالة وتترك المجال للتطرف لكي يعبث بمقدرات الامة من قيم وأخلاق كانت الى وقت قريب الثروة الحقيقية لهذه الأمة .
إن أقل جوانب استعراض التاريخ والى بضع عشرات من السنين ترسم نماذج للتعاطي الإيجابي رغم الاختلاف العقائدي وما حوارات سيد عبدالحسين شرف الدين مع مفتي الازهر والتي دونت بكتاب المراجعات الا تمثيل حقيق للبحث في التراث والعقيدة بأسس تجتمع على تكريس القيم قبل الموضوعات وتؤسس لرغبة جامحة للوصل الى نتيجة رغم صعوبة الالتقاء في مواضع اختلاف الايدلوجيات الا أن علو شأن المتحاورين ذلل من هذه العقبات ولسبب آخر ما يتمتع به المتحاورين من قدر كبير من الاخلاق ذوب كثير من الفوارق وأسس لمنهج علمي حر يعتمد تقديم الاطروحات وتمييزها للخروج بالأفضل.
نعم ، نعاني من أزمة أخلاقية في إدارة الحوارات العلمية وهي بطبيعة الأمر راجعه لتراكم العجز من مواجهة خلل المنقول والإصرار على اهمال الجوانب المعرفية المتخصصة ، حتى تخيل لكل صاحب علم أنه الأوحد دون منازع فأهمل البقية بل وداس بقدميه على كل منتوجه يتصادم وهذه القناعة .
بالأمس القريب كنا نعاني من جوانب إسلامية مهملة بل مهانة وعندما تصدى بعض الاعلام للمقاربات لهذه العلوم اكتشفوا حجم الانحراف ضمن سلسلة التوارث العلمي مما سبب لنا كثير من الازمات المتتابعة .
فأين علم الاجتماع في حوزاتنا العلمية وأين علم الاقتصاد بل وأين علم الاخلاق والفلسفة ، أكاد اجزم انها لا تتجاوز العناوين فقط وأي متبحر في هذه العلوم لا يجد له مقعد الا عند احذية المدارس رغم أنها من ضرورات الحياة وأنجع أسلوب لتقديم الدين بلغة العصر .
قد أكون متطفل في رسم معالم منهجية ، وما يعنيني هو المخرجات فقط وهنا لا أدعي المزايدة على كريم وشرف علم أصحاب السماحة من أداري ومنظري الحوزات ، ولكن يهمني ما يروج اليه وما صل الينا من رأي وغربلة نتيجة نظريات معرفية لا تعنينا في صلبها وانما نعاني من تبعاتها فكما أن للعلماء دور أساسي في نقل العلم وتداوله وترويجه ، فكذلك عليهم مسؤولية عظمى في صيانة المجتمع وعصمته من براثن الاعوجاج والانحراف والذي عادة ما يكون من مسبباتهم بقصد أو بدون قصد.
جديد الموقع
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي
- 2024-04-25 يحيى العبداللطيف و ( دكتوراه ) جديدة لسجل شرف ( الينابيع الهَجَريّة )
- 2024-04-25 13298 خريجًا وخريجة أمير الشرقية يرعى حفل تخرج الدفعة الـ 45 من خريجي جامعة الملك فيصل بالاحساء
- 2024-04-25 %150 زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الأحساء
- 2024-04-25 16 جمعية وقفية في المناطق والمحافظات
- 2024-04-25 احصل على 800 ختمة قرآنية شهرياً
- 2024-04-24 جمعية البيئة الخضراء بالأحساء تكرم البورشيد لاطلاقه (ديك الماء)
- 2024-04-24 الأمير محمد بن عبد الرحمن رئيساً فخرياً لجمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم
- 2024-04-24 جود بخاري تحقق أول برونزية سعودية في البطولة الآسيوية للبلياردو