2012/11/11 | 0 | 3000
نظافتنا .. أخلاقنا
موجهة التركيز في جدول أعمالها على مفهوم النظافة كأولوية يجب التمسك بها. فعلى سبيل المثال نجد أن دولة سويسرا تعتبر أن إلقاء منديل على الأرض في أي مكان عام جريمة يعاقب عليها القانون ، و أن مخالفة كإلقاء منديل غير قابلة للتفاوض و من حق رجل الشرطة أن يقتاد المخالف و يقدمه للعدالة مباشرة و بدون أي حقوق للمعتقل. هذه القوانين تطبقها دول كسويسرا و التي تعتبر دولة غير إسلامية لكنها تجد في دستورها ما يدعو للحفاظ على الصحة العامة و مراعاة البيئة الأم مما قد يخدش رونقها، بل إن البعض من المفكرين الأجانب يعزو السبب لوجود الكوارث البيئية لكون الطبيعة العذراء غاضبة مما تقوم به يد الإنسان الجامح الذي يسعى لتحقيق رغباته و إشباع طمعه على حسابها.
لذا فنحن نرى المراكز البيئية المتخصصة في تلك البلدان تقدم مجموعة كبيرة من الدراسات و الأبحاث الخاصة بحماية البيئة بشتى محاورها. فمن برامج تصنيف النفايات لبرامج إعادة التصنيع لدراسات تقليل أحجام الحاويات و غيرها من البرامج التي يتم تطبيقها بحذر شديد و بحث جدوى استمرارها و كيفية تطويرها في فترات متقاربة. فعندما نخاطب من يسمون أنفسهم ( أصدقاء البيئة ) فإننا نرى في أعينهم نظرة الأسى و نسمع منهم نبرة الحزن لاكتشافهم قارورة بلاستيكية عليها اسم مشروب محلي مصنع في أستراليا و قد كان السبب لنفوق فقمة في القطب الشمالي، هؤلاء يرون ذلك جريمة في حق كائن حي معرض للإنقراض بسبب الاحتباس الحراري و قد زاد الطين بلة ما اقترفته يد سائح رمى تلك القارورة في البحر أثناء قضاء إجازته على أحد الشواطئ الأسترالية. هؤلاء ممن لا يدينون بدين الإسلام يرون في ذلك قضية تهم كوكب الأرض عموما و أن ذلك يؤثر بشكل كامل على مقومات السلسلة الغذائية للحياة الفطرية؛ بينما نقوم نحن المسلمين برمي القمامة من نوافذ سياراتنا لنؤذي بعضنا البعض كبشر غير مبالين بمن يصنف قمة الهرم الغذائي على الكوكب الأزرق. لست أبالغ حينما أقول بأن دولنا أصبحت مكبا للنفايات الغير مصنفة، فبينما تقوم الدول المتقدمة بتصنيف نفاياتها ليتم الاستفادة منها ؛ نقوم نحن بعمل مزيج مخيف من المخلفات الصلبة و السائلة بالإضافة للمخلفات الكيميائية و الطبية، كل ذلك نضعه في حاوية واحدة مصنوعة من البلاستيك المقوى و الملون باللون الأصفر أو البرتقالي أو أي لون يختاره مقاول النظافة ليميز حاوياته عن حاويات المقاولين الآخرين. أسعدني كثيرا ذلك الإعلان الذي نشرته أمانة الأحساء مؤخرا بخصوص فرض غرامة مالية على من يتم ضبطه مخالفا مفهوم النظافة العامة و خصوصا ممن يلقون النفايات أثناء قيادة المركبات؛ كما أن ملصق أوقات رفع القمامة و الذي تم توزيعه و إلصاقه على أبواب المساكن يعتبر خطوة جميلة للتقليل من تراكم النفايات في الشوارع و بجوار المنازل، لكن هل فكر القائمون على هذا الأمر من منسوبي الأمانة؛ هل فكروا في وضع صناديق تحوي أكياسا بلاستيكية عند إشارات المرور بجوار الإعلان؟
هل تم تحفيز قائدي المركبات باستخدام أكياس صغيرة داخل السيارات لجمع النفايات التي ترمى خارج السيارة كالعلب و الأوراق و أعقاب السجائر؟ لا أزال أذكر سلة القمامة المعلقة على عمود إشارة المرور لكنني لم أعد أراه .. لماذا يا ترى؟ هل أن تطبيق العقوبة أولى من بناء سلوك حضاري يتضمن عدم وجود المخالفة أصلا؟ هل فكر القائمون على هذا الأمر بكيفية وضع برامج ترشيد لتوعية المجتمع حول ضرورة فرز النفايات التي يقومون برميها؟ لماذا لا يتم الاستفادة من البرامج المطبقة في الدول المتقدمة و من ضمنها وجود حاويات بألوان مختلفة لتصنيف النفايات و الاستفادة منها؟ إن البرامج الموجودة لدينا فقيرة نسبيا للكثير من الاستراتيجيات الخاصة بالنظافة العامة و لا تتبع أي نظام عالمي سوى في بند جزئية العقوبة تحت شعار ( من أمن العقوبة أساء الأدب) ،
إن نقص الوعي هو ما يبني مجتمعا مجرما بحق البيئة، فكيف يعاقب الأب المدخن ابنه حينما يقوم بإشعال سيجارة؟ النظافة تربية و أخلاق و سلوك قبل أن تكون نظاما يتبع، النظافة مكافأة للبشرية قبل أن تكون عقوبة للمخالفين، فليكن شعارنا ( نظافتنا .. أخلاقنا) ، و الله الموفق.
جديد الموقع
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .