2025/12/13 | 0 | 203
مرور سبعة وسبعين عاما على الإعلان العالمي
في ذكرى تأسيس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تعود الذاكرة إلى تلك اللحظة الفارقة التي اجتمعت فيها الإنسانية الجريحة بعد حربين عالميتين لترسم ميثاقا يضع الحد الأدنى من الكرامة للإنسان.
لم يأت الإعلان من فراغ، فقد سبقته إرهاصات فكرية وسياسية وثقافية، وصراعات طويلة دفعت الإنسانية ثمنها باهظا.
حيث كانت المجازر، ومعسكرات الاعتقال، والتهجير، والاستعمار، والعنصرية المؤسسية، كلها وقودا لوعي عالمي أدرك أنه ما لم يتم بناء قواعد راسخة لحقوق الإنسان، فإن العالم سيظل يدور في دائرة العنف والدم ذاتها.
وحين ولد الإعلان في ديسمبر ١٩٤٨، حمل معه وعودا كبيرة، ورؤية جديدة لعلاقة الفرد بالدولة، ولقيمة الإنسان كإنسان، بغض النظر عن لونه أو لغته أو طبقته أو دينه.
لكن ومع مرور سبعة وسبعين عاما على هذا الإعلان، تتكشف مفارقة مؤلمة، كلما ازداد العالم حديثا عن الحقوق، ازداد الواقع ابتعادا عنها. الانتهاكات في تزايد، والاضطهاد يتخذ أشكالا جديدة، بعضها أكثر بشاعة من النماذج القديمة.
من الحروب الأهلية إلى النزاعات المسنودة سياسيا، من انتهاكات حرية التعبير إلى تجويع الشعوب، من التمييز إلى الإفلات من العقاب…
كلها شواهد تقول إن الإعلان بقي في كثير من الأحيان حبرا علي ورق، وقواعدا أعلى من قدرة العالم على الالتزام بها. وهنا تظهر ضرورة أخرى لا تقل أهمية عن إعلان الحقوق ذاته، هي توعية المجتمعات بحقوقها. فلا قيمة لميثاق عالمي إن لم يعرف الناس ما لهم وما عليهم، وإن لم تمتلك الشعوب الوعي الذي يحولها من ضحية صامتة وعاجزة، إلى قوة تطالب وتحاسب وتدافع.
هنالك سؤال عريض، وملّح، يفرض نفسه على الدوام، لماذا لم تطبق هذه الحقوق رغم وضوحها، واتفاق الناس عليها، ورغم مرور عقود على إقرارها...؟
الأسباب كثيرة، تبدأ من تسييس ملف حقوق الإنسان واستخدامه كأداة ضغط وانتقاء، وغياب الإرادة الدولية الحقيقية، وسيطرة المصالح الاقتصادية والعسكرية على لغة العدالة.
فالشعوب الضعيفة كانت دوما الحلقة الأضعف في هذا الميزان المختل، تدفع ثمن الصمت العالمي حينا، وثمن التجاهل حينا آخر. وكلما غابت المحاسبة، تمددت الانتهاكات، واتسع الشعور بأن العدالة قيمة نظرية أكثر منها عملية، لكن السؤال الأخطر، هو، إلى متى؟
هذا السؤال لا يمكن للإعلان العالمي أن يجيب عليه، ولا لمجلس الأمن، ولا لتقارير المنظمات. ولا الدول التي تسمي نفسها دولا عظمى، الإجابة بكل وضوح، إلى ان تدرك الشعوب أنها ليست مجرد أرقام في سجلات الانتهاكات، وأن الدفاع عن الحقوق ليس عملا نخبويا، ولا شأنا قانونيا بحتا، بل واجبا أخلاقيا، وصوتا جماعيا يفرض على العالم سماعه، واحترامه. فالميثاق الذي ولد ليحمي الإنسان، لن يتحقق إلا حين يصبح الإنسان نفسه هو حارسه الأول. الساعي الى تطبيقه، أيا كان هذا الانسان.
وبين ذكرى الميلاد وواقع اليوم، يقف العالم أمام مفارقة يجب أن تقال بوضوح.. إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يفشل، بل الذين فشلوا هم الذين امتلكوا القوة ولم يمتلكوا الضمير. الذين تسوقهم اطماعهم بدلا ان تسوقهم انسانيتهم، وحتى يتم ذلك، وحتى يتوازن الميزان بين القوة والحق، سيظل العالم بحاجة إلى وعي أكبر، ونضال أطول، وإيمان راسخ بأن الكرامة ليست شعارا، بل حياة كاملة يجب أن تعاش وأن تصان.
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا