نراكم ذكريات (1) لا حصر لها خلال حياتنا ولكن الكثير منها ننساها. لماذا؟
بخلاف الافتراض السائد بأن الذاكرة تضعف وتضمحل ببساطة بمرور الزمن، فإن"النسيان" قد لا يكون شيئًا سيئًا - وفقًا لباحثين يعتقدون أن النسيان قد يمثل شكلاً من أشكال التعلم / الاكتساب.
الباحثون الذين طرحوا هذه النظرية الجديدة - نشروا في يناير 13، في المجلة الدولية الرائدة مراجعات علم الاعصاب التابعة ل نتشر Nature Reviews Neuroscience (انظر 2) - أن التغييرات في قدرتنا على الوصول إلى [تذكر / استرحاع] ذكريات معينة يعتمد على التغذية الراجعة feedback من البيئية (المحيط) والقدرة التنبؤية. وليس خللًا برمجيًا في الدماغ، قد يكون النسيان خصيصة وظيفية للدماغ ، مما يسمح له بالتفاعل ديناميكيًا مع البيئة (المحيط).
في عالم متغير كالعالم الذي نعيش نحن والعديد من الكائنات الحية الأخرى في أحضانه، يمكن أن يكون نسيان بعض الذكريات مفيدًا لأن هذا يمكن أن يؤدي إلى سلوك أكثر مرونة وعملية اتخاذ قرارات أفضل. لو اكتُسبت الذكريات في ظروف ليس لها علاقة بالبيئة (بالمحيط) الحالية بشكل كامل، فإن نسيانها يمكن أن يكون تغييرًا إيجابيًا يحسِّن من جودة الحياة.
لذلك، في الواقع، يعتقد الباحثون أننا نتعلم لننسى بعض الذكريات مع الابقاء والاحتفاظ بأخرى مهمة.
يأتي النسيان بالطبع على حساب المعلومات المفقودة / المنسية، ولكن تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أنه، في بعض الحالات على الأقل، يرجع النسيان إلى القدرة على الوصول المتغير / المحرَّف إلى الذاكرة ولا يرجع إلى فقدان الذاكرة. [المترجم: الوصول المحرّف الى الذاكرة يعني استرحاع ما نتذكره مؤخرًا من الحدث الماضي وليس ما جرى في الحدث الأصلي ، حيث كل مرة يُتذكر فيه الحدث تطرأ على استرجاع الذاكرة اللاحقة بعض التحريف، وهكذا دواليك، 3].
طرحت النظرية الجديدة من قبل الدكتور توماس رايان Tomás Rya، الأستاذ المشارك في كلية الكيمياء الحيوية وعلم المناعة ومعهد ترينيتي كوليدج لعلم الأعصاب في جامعة ترينيتي كوليدج في دبلن، والدكتور بول فرانكلاند Paul Frankland، الأستاذ في قسم علم النفس في جامعة تورنتو و مستشفى للأطفال المرضى في تورونتو الكندية. كل من الدكتور رايان والدكتور فرانكلاند زميلان في منظمة الأبحاث الكندية العالمية CIFAR، والتي جعلت هذا البحث التعاوني ممكنًا من خلال برنامج تطور الطفل والدماغ، والذي يزاول العمل البحثي متعدد التخصصات في هذا المجال.
خلية إنغرام |
"تُخزن الذكريات في مجموعات من الخلايا العصبية تسمى "خلايا إنغرام engram (انظر 4، 5)" والاستدعاء الناجح لهذه الذكريات يتضمن إعادة تنشيط هذه المجموعات من خلايا إنغرام،" كما قال الدكتور رايان، الذي يعمل فريق بحثه في معهد ترينيتي للعلوم الطبية الحيوية (TBSI). البعد المنطقي لهذا هو أن النسيان يحدث عندما لا يمكن إعادة تنشيط خلايا إنغرام. الذكريات نفسها لا تزال موجودة هناك، ولكن إذا تعذر تنشيط مجموعات الخلايا المعينة هذه، فلا يمكن استرجاعها. يبدو الأمر كما لو أن الذكريات مخزنة في خزانة ولكن لا تستطيع تذكر رمز فتحها.
"تقترح نظريتنا الجديدة أن النسيان يرجع إلى تغيير روابط سلسلة خلايا الدائرة العصبية المرتبطة معًا التي تحوِّل خلايا إنغرام engram من حالة امكانية الوصول إليها (أن تكون متاحة) إلى حالة يتعذر الوصول إليها (تكون غير متاحة). نظرًا لأن معدل النسيان يتأثر بالظروف البيئية، فإننا نقترح أن النسيان هو في الواقع شكل من أشكال التعلم الذي يغير إمكانية الوصول إلى الذاكرة بما يتماشى مع البيئة ومدى إمكانية التنبؤ بها. " وأضاف الدكتور فرانكلاند:
"هناك العديد من السبل التي تنسى بها أدمغتنا، ولكن جميع تلك السبل تعمل على جعل الوصول إلى خلايا إنغرام - والتي تعتبر تجسيدًا للذاكرة - أكثر صعوبة."
في حديثهما عن حالة النسيان الباثولوجي في الأمراض، لاحظ الدكتور رايان والدكتور فرانكلاند التالي:
"ما هو أهم من ذلك هو أن نعتقد أن هذا" النسيان الطبيعي "قابل للعكس في ظروف معينة، وأنه في الحالات الباثلوجية - في حالة المصابين بمرض الزهايمر على سبيل المثال - آليات النسيان الطبيعية هذه تُختطف (7)، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في إمكانية الوصول إلى خلايا إنغرام وبذلك يحدث فقدان للذاكرة الباثولوجي".
قراء حرفية للنص الانجليزي للبحث في مقطع الفيدو هذا: