2020/09/27 | 0 | 1568
لا تشقى الحلقة ١: مقارنات شبابية قاتلة
قضى عدد كبير من الناس حول العالم ، لاسيما الشباب ، معظم ساعات الحظر الصحي المنزلي بالجلوس متسمرين امام شاشات الكمبيوتر و القنوات التلفزيونية الفضائية و مشاهدة أفلام القنوات التجارية لقتل الإحساس بالفائض من الوقت لديهم و محاولة منهم لتجاوز الشعور بالملل . و قضى البعض جزء من وقتهم بعقد مقارنات بين وضعه الاستهلاكي و وضع من هم في المحيط او مقارنة سيارته بما يشاهده في القنوات القضائية . وددت ان اتكاشف مع ابناء مجتمعاتنا من فئة الشباب لا سيما شباب وطني و مجتمعي بحقائق يغفلونها عند محاولتهم محاكاة سلوكيات و انماط الاستهلاك المُكلفة للبعض من ابناء الاثرياء أو المشاهير أو نجوم السوشل ميديا . و شخصيا اورد لكم بعض مارأيته من المقارنات القاتلة التي تخلق روح الشقاء داخل انفس الضحايا لا سيما الشباب من ابناء الطبقة المتوسطة و الاقل دخلا ماديا . في صدر المقال ، هناك جملة حقائق لابد من استحضارها و التأكيد على اتفاقنا عليها قبل الولوج في طرح كامل المقال . هناك حقيقة بانه:
- يولد بعض من الناس و في فمهم ملعقة من ذهب اي انهم يولدون في أُسر ثرية جدا
- يولد بعض من الناس و هم موهوبون بالفطرة في مجال معين
- يولد البعض بمسحة جمال جسدي اكثر من الاخرين
- يولد البعض في دول غنية بحيث تكون فرص التعليم و دخول عالم الاعمال و الشهرة و النجومية اكبر
البعض و لتجنب الشعور ب النقص يقومون بمحاكاة أنماط الاستهلاك للاكثر ثراء بشكل قشري و سطحي و قد يكون عقليا مدعاة للشفقة . فهوس تقليد انماط الاستهلاك المترفة تصل بالبعض حد الاقتراض من البنوك التجارية ، او الاقتراض من الاقارب و الزملاء ليتجاوز امور نفسية معينة يعيشها في نفسه. كل ذلك يتم منه بهدف حيازة نفس المركبة الفارهة الباهضة الثمن أو يسعى البعض الى شراء نفس العلامات التجارية للملابس و الحقائب و الاحذية و الاثاث المنزلي التي يقتنيها عادة اهل الثراء أو نجوم الفن الغنائي الصاخب أو الرياضي . قبل عدة سنوات ، اتذكر هوس أحد ابناء أحد الاصدقاء بشخصية إيفان Evan و العابه و كذلك هوس ذات الطفل بمسابقة Just 60 seconds . فشب ذلك الطفل على تغذية رغبات الاستهلاك المفرط لديه و اعتاد و مازال عقد المقارنات القاتلة و شغف حيازة كل التقليعات الجديدة في الاستهلاك . فاتعب اباه و اتعس نفسه .
من خلال تلك المقدمة اود ان نتصارح و نعمل حوار هادئ و هادف بناء على ما يمكننا ان نتحكم او نسيطر عليه او ي انفسنا و ليس على ما لدى الاخرين و محاكاتهم في الامتلاك و الاستهلاك .
هناك حقيقة بان هناك اشخاص ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب . و نلفت عناية الشباب المهوس بالاخرين ان لا تهدر عمرك في تقليد انماط استهلاك أبناء الاثرياء لانك ان لم تولد لأب ثري و سخي في العطاء في ذات الوقت ، فليس من العدل ان تجلد نفسك و والداك لانهم ليسوا اثرياء أو ان تطالبهم بتوفير أشياء لا يطيقون تكاليفها . الدخول في دوامة نزاع مع الوالدين و ممارسة ضغوط عاطفية عليهم لشراء سيارة فارهة أو ارغامهم على تمويل مصاريف سهرات مقاهي و مطاعم مُكلفة بشكل يومي او شبه يومي امر يدعو للمراجعة و التوقف و المناقشة. اجب بصراحة على السؤال التالي : هل انت مولود و في فمك ملعقة من ذهب ؟ و ان لم تكن كذلك ، فلماذا الاصرار على المحاكاة في الانفاق للمترفين؟ و اذا كنت مصراُ في الانفاق العالي فاصنع اولا من نفسك ثريا ثم اكشخ بشواربك .
هناك ايضا حقيقة بان هناك اشخاص ولدوا موهوبين و لديهم ملكات مميزة و حميدة تعطيهم التفوق في اشياء معينة . فلا ضير بان ابذل و نبذل الجهد في محاكاتهم في تلكم الموهبة الحميدة ببذل الوقت و التدريب و التطوير و التعليم المستمر و ليس بالانشداه و التسمر و التعجب بما عندهم ثم النظر للنفس و المحيط و جلد الذات . شخصيا اوؤمن بان صاحب الهمة العالية و العمل الجاد في مضمار معين يهزم صاحب الموهبة الكسول “ Hard work beats talents when talent does not work hard . و وجود عالم النت في مجال التعليم من بعد يتيح فرص اكبر للجادين لردم الفوهة او تقليل فوارق الامتياز في هذا المضمار او ذاك. فالميدان ياحميدان .
و هناك حقيقة بان الناس لا يختارون في اي مدينة يولدون و لكن يستطيعون ان يقررون اين يعيشون . فان ولدت في مدينة مغمورة ، فابذل الجهود المناسبة و اكتسب المعارف المؤهلة و حينها يمكنك التغلب على بعض الفوارق .
تذكر ، الآباء بالاجماع يعلمون ابناءهم ما نجحوا في انجازه و يرشدونهم في تجنب ما قد وقعوا فيه من تجارب خاسرة . بالمجمل الآباء المعدمين في الغالب لن يستطيعوا ان يعلموا اولادهم طريق الثراء . الابناء الاذكياء يمكنهم ان ينجزوا افضل من انجازات الآباء بفضل العمل المثابر و جهودهم المستمرة و الاستلهام من قصص الناجحين و حسن توظيف القراءات البناءة و استغلال الوقت لما ينفع . فكن انت الصانع لذلك النموذج و لا تهدر كل الوقت في التسكع و التسمر امام القنوات الفضائية او قنوات مشاهدة مقاطع الفيديو و الثرثرة في الواتس آب .
ختاما انصح نفسي ومن احب الاستفادة ان نكون و اياكم و اياكن نواة تكوين الثراء لانفسنا و لو بالسعي خطوات معدودة، و ليس مقلدي انماط الاستهلاك لاهل الثراء و عاقدي المقارنات البائسة. كثيري الاستهلاك و معدمي الموارد وصفة أساسية لانبثاق شخوص النصابين و اهل العيارة و الجمبزة داخل كل مجتمع انساني . بالمختصر لا تشقى نفسك بنفسك و اترك المقارنات القاتلة و أصنع نفسك بنفسك و كن عصاميا و نموذج يُحتذى به و تعلم كيف تبني ذاتك بجهودك و تجيد تسويق مهاراتك لتكسب قوتك و حين ذاك ستتذوق حلاوة ان تتملك الاشياء بكد يمينك .
جديد الموقع
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
- 2024-03-28 احتفاء جمعية كيان باليوم العربي لليتيم في عيونهم 2/2
- 2024-03-28 دراسة تربط بين السجائر الإلكترونية والسرطان .. واستشاري يعّلق
- 2024-03-28 مداد السلسبيل