2021/01/15 | 0 | 2843
"قميص بذكريات معطوبة" للشاعر السعودي محمد الحرز.. لعبة الصوت والذاكرة
حسام معروف - إرم نيوز
يراجع الشاعر السعودي محمد الحرز مشواره الشعري، متناولا مجموعة مختارة من القصائد المتنوعة التي تم نشرها في مجموعات سابقة، والتي امتدت منذ عام 2002 وحتى عام 2018، ومجسدا بذلك رحلته الطويلة مع الشعر، والحياة، بتعددية مساراتها، وناقلا لتأملاته حول التجريب البشري للحوادث اليومية للحياة في مجموعة مختاراته الشعرية ”قميص بذكريات معطوبة“، والتي صدرت عن دار خطوط وظلال للنشر والتوزيع 2021.
وتشتمل مختارات الحرز على قصائد من مجموعاته ”رجل يشبهني“ وديوان ”أخف من الريش أعمق من الألم“ وديوان ”سياج أقصر من الرغبات“ وديوان ”قصيدة مضيئة بمجاز واحد“ و“أحمل مسدسي وأتبع الليل“ وكذلك ديوان ”غيابك ترك دراجته الهوائية على الباب“.
ويناقش الحرز في قصائده المختارة عزلة المرء، واصفا ذاك الجدار الذي يجعل الحياة في الخارج غير ممكنة، ويتطرق إلى عدم جدوانية التحسر على الذكريات، فيما يذهب الإنسان دائما إلى تلك المنطقة بكافة حوافره. ويذهب الشاعر إلى السخرية من الحياة، متمسكا بقناعة عدم حضورها كفكرة وتجسيد، إلى العالم. ويلمح كذلك إلى الهباء الذي يحظى به الإنسان من عبور الطريق، وعدم مقدرته على الإمساك بشيء يمكن ملاحظته: ”مشيت/ وكلما سقط يوم/بلته بالماء/وآخيته بالعد مع أصابعي/بلغ العد/وسوى عشر ثمرات متعفنة/ لم تقبض يدي على شيء من ثمر الطريق“.
رهان
ويشير الحرز إلى فراغ الرهان على الأيام، وخروج الإنسان بخيبة من ذلك كله: ”لقد خسرت الرهان كاملا/ولم يبق في خزانة أيامي/سوى صوت متقطع النغمات/ هو ميراثي الوحيد من العائلة“. كما ويستقطب الشاعر الألم إلى مائدة الشعر معطيا إياه صفات الكائن الحي المتسلل إلى مساحة غير مساحته :“الألم/يدخل ويخرج خلسة/لا أحد يراه/لا أحد يوقفه“.
ترشيح
وفي حين يمضي الزمن بركضه المعتاد، يلتفت الحرز إلى ما يتبقى من الأحداث، كعملية الرشح في التركيبات الكيميائية، فيجد الأصوات هي الأجراس التي ترن في البال بعد التجارب المتعددة: ”بعد غياب طويل/عاد إلى منزله/الباب لم يتسع لدخول ذكرياته الكبيرة/وحين قص الزوائد منها/ظل صوت المقص/ يطارد ما تبقى من حياته“.
هذا الصرح من الشعر الذي يجسد رحلة شعرية ممتلئة بالتجارب ما يميزه تعددية الأشكال البنائية التي تدور كلها في فلك قصيدة النثر الحداثية، حيث يحافظ الشاعر المكرس على أصول هذا التصنيف الشعري من خلال التكثيف المحكم للجملة الشعرية، والمعنى الضمني الذي تحمله الكلمات تحت إبطها، وتعددية التأويل المرافق للسرد الشاعري. كما وتتجسد في شعره دقات الإيقاع الوهمية التي تعطي للمحتوى لديه، المزيد من الحس، وتمنح الفرصة للقارئ أن يتوقف عند مناطق معينة لاستنباط المعنى بكل سلاسة، بفضل اهتمامه أيضا، بكون اللغة لينة واضحة، ومبتعدة تماما عن الإبهام.
ويمكن ملاحظة غياب الأنا الشعرية في قصيدة الحرز على الرغم من تناوله مواضع محددة تدور في مدار العائلة والمجتمع الضيق فيه، لكنه قدمها بشكل حيادي، فكان دوما متخفيا خلف نصه، وقد تحقق ذلك بتنويعات أسلوبية، استخدم فيها ضمير الأنا، والمخاطب، والجملة التقريرية، والسؤال الموشح بالطابع الفني.
انمحاء
فيما يتطرق الشاعر إلى مسيرة الإنسان، كتلخيص لمسيرة الشعر على حد سواء، حين يراقب بحسرة الكيفية التي يؤول إليها الأثر البشري، ويلاحظ ذلك الانمحاء للخطى، بعد الرحلة، طالت أم قصرت.
حيث يكتب في قصيدة ”عبور“:
”العابرون إلى الموت
على أكتافهم
ارتطم الليل
مثل صخرة فتحت قلبها للريح.
العتبات التي خلفوها وراءهم
انحرفت قليلا عن الأبواب ذاتها
كما لو أن يدا ملقاة
على الرف.
كنست غبار ظلالهم
ثم خبأته في صندوق خشبي متهالك.
وحينما عادوا من الموت
لم يجدوا الصندوق
ولا الظلال
ولا العبور أيضا“.
هدم وبناء
وعلى طريقة اللهو المستمدة من الطفولة، يبني الشاعر الهيكل الذي يريده، ومن ثم يفكك كافة المكونات، ويفرز الخليط، ليعيد هدم كل شيء، وبذلك ترجع القطع الصغيرة إلى نقطة انطلاقها، كما كانت تماما، هذه الفلسفة المعبأة بالحيادية، تتيح للإنسان الخروج الآمن من الحياة.
يكتب الشاعر عن هذا في نص“اللعبة والموت“:
”حين قلت:
اللعبة انتهت
بالنسبة لي
حيث أعدت كل شيء
إلى موضعه:
القلق إلى البحر
الحزن إلى الريح
الفرح إلى الغيم
الدم إلى الأشجار
الرائحة إلى الغبار
العظام إلى الماضي
اليدين إلى الغابة
الرأس إلى الأفكار
العينين إلى المستقبل
القلب إلى الهواء.
تفاجأت
أن الموت لم يعد له دور
يلعبه على الأرض.
عندها قلت لنفسي:
لن يضيرني شيء
لو أعدت ترتيب اللعبة
على مقاس خوفي“.
ونجد الروح الشعرية ذاتها في نص ”يدك في الصخر“ وقد أقر الشاعر بالخسارة وأعاد الأشياء كلها إلى أماكنها.
حداثية الموت
كما ويلمح الشاعر إلى التغير في طريقة ترتيب الأولويات لدى الإنسان في الحياة، وكيف أن الأدوات مهما تنوعت، فإنها تدور نحو نفس المركز، ألا وهو، رغبة البشر الدائمة في القتل، وإزاحة الآخر. حيث يربط الشعر بالأثر التكنولوجي الحديث، ليوصف حالة أخرى من حالات الموت، وسببا جديدا ينمو بدعوات كراهية مستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
حين يكتب، في نص ”عليه أن يستريح“:
”على الموت أن يستريح،
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط