2013/03/21 | 1 | 2127
على ندرتها كثرة .. !
فالأطباء مثلا لدينا يعيشون طبقية ومزاجية عالية، هُم لا يُسلمون .. أهو عجز عن رد التحية أم ضعف في مفهوم الطبقية ! .. حقيقة مؤلمة في مجتمع مصغر نعيشه .. الأطباء عندنا أغلبهم لا يُسلمون ، ولا حتى يرغبون برد التحية ، وإن فعلوا كأنك ألزمتهم بها يردوها لك مرغمين ومثقلين ، أو يفعلون مرة ومرات أخرى يتجاهلونك كأنهم يُكفرون عن خطيئة اقترفوها في مرة سابقة .. وإذا كان هذا حالهم مع من يعملون معهم فكيف مع مرضاهم الذين يتذمرون من ايقاعهم السريع وعجلتهم في شأنهم كأن هناك من يلاحقهم !
نحن نعلم أن الأمر به ضغط وجهد ثقيل ، لكن الضغط الأخلاقي عجز عن التواصل مع الآخرين وأشد ثقلا .. قد تكون طبيب ناجح وممرض جيد لكنك تفتقد لأبسط قواعد الذوق السليم والتعامل الإنساني المعقول .. حتى في أن تُعرف عن نفسك لهم، فيصعب أن تنُزل نفسك لمريضك لتخبره عن اسمك .. كأن من تعامله حشرة لا تستحق العناء، أو فأر في حقل تجارب يهمك أن ينجح معه فقط مفعول الدواء الذي وصفته له دون الاهتمام لحجم الألم الذي حل به .
وحين تجرؤ أن تحييهم، يشعروك بأنهم قادمون من كوكب آخر وأن انشغالهم عن الرد هو كالانشغال بمرض لا برء منه، وأنهم مختلفون في الثقافة والفهم والنمطية والأسلوب ، وحجم المزاجية والبرمجة والإنتماء !! .. ينتهجون معك اسلوب المسافات كأنك وافد جديد عليهم لا حاجة لهم بك ، أو أن صوتك الضئيل لا يصلهم للحد المعقول ! .. وبعضهم وللأسف يتحدثون إلى مرضاهم من على بعد كأن هذا يحمل بداخله عدوى قد تطالهم إن اقتربوا منه.. !
ما أقوله صحيح لا مبالغة ، عن جُلهم وليس كلهم – لكي لا أبدو على حياد عن طريق الإنصاف – نحن نفتقد لثقافة التعامل الجيد مع الناس حولنا ، فقد تطبعنا بهم وكففنا عن السلام والتبسم حتى عن تحيتهم .. وتجاهلناهم كما تجاهلونا .. وبقي المرضى والمراجعين يتذمرون في حيرتهم بين ما يقال وما يعمل به .. كم هو مؤسف هذا الوضع .. أن نجتهد لنظهر للآخرين أننا مخلوقات غير ودودة بسبب مهنية طبقية ..
أذكر أنه في بداية عملي ، تعاملت مع طبيب بغيض ، كان يحتقر كل المهن في مؤسسته، ويحسب مهنته الرب الأعلى .. ومهما كان حجم العطاء الذي نبذله فهو لا يرقى إليه ولا يملأ عنجهيته بنفسه .. وجربت أخرى كانت تمتلئ بالغرور حد أني خشيت عليها من التهلكة ..
ذات يوم سمعت إحداهن - طبيبة امتياز - تشكو من رفع كلفة التمريض لها وتذمرها من هذا أمام قائد السرب – طبيب محنك ومتجهم طبعا - ، كانت تشكو بصوت عال فضح رؤيتها للأمر وحدد وجهتها الأولى لمشوارها المهني الإنساني !.. الطبيبة الشابة المتسارعة مع الإيقاع تريد أن تحفر لها في عالم التكبر متنفسا ترتفع به عن الشأن البسيط وتحتج على لقب لا تمنحه للأسف بكل احترام لمن هم مثال لها .. ! وواقع الحال نشكو من التمريض ويشكو المرضى من تعاملهم معهم .. الغالبية تعمل لكنها تهمل ثقافة التعامل مع المريض ..
ذات مرة حدثت زميل لي عن فكرة القيادة .. إذ لا يمكن أن يكون قائد جيد من يتجاهل قواعد النظام والتعامل ويأمر من هم تحت يده أن يطبقوها .. إن كان رب البيت بالطبل قارعا فلا تلم الصبيان على الرقص .. مؤسف بل ومخجل أن هذا الجفاء النفسي في التعامل طابع رسمي لمؤسسة إنسانية صحية وأن الغالبية هذا ديدنهم .. ومؤسف بل يدعو للرثاء أن يأتمنوا على أرواح الناس من حولهم ولا يعنون بتشذيب أرواحهم وتنقية ابتسامتهم وهم يتصفحون وجوه الحياة كل يوم في مرضاهم ..
كل ينادي على منهجه من منبره .. وأنا هنا أنادي من منبري على منهج إنساني يدعو لأن تمنحوا من حولكم عاملين ومراجعين ابتسامة متوسطة، وملاطفة معقولة، وحتى تجهُم محتمل إن اضطررتم له يوما وليس كل العام .. مأساة أن يستمر الوضع كما هو الحال، ومخجل بل محبط أن يكون هذا عنواننا .. يا سادة ننادي بصوت عال .. الدواء نصف العلاج .. لكن التعامل الطيب ينتصف الأمر ويقاسمه الأهمية إن لم يكن يشغل الغالبية فيه .. وقد جربنا وجربتم أدواتكم وأدواتنا ورأيتم أن أداتكم وحدها لم تنتصر بدون أداة إنسانية رافعة للروح المعنوية ومجلية عن النفس ثقلها ، فهلا ابتسمتم ليعرف الآخرين كم تبدون ودودين بأكثر مما تظهرون وليقبلوا على علاجكم ومعرفتكم بشكر يشبه الامتنان لنبل أصبح على كثرته نادر ..
ومن باب الأمانة والإنصاف أن أستثني قلة قليلة جيدة ومنتجة ويهمها الإنسان بشقيه الإنساني والصحي .. لكني أخشى أن الجميع سيحسب نفسه منضما لها .. وهكذا تبقى المساحة المظلمة فارغة لا يشغلها أحد سوى الفراغ .. فالكل سيدعي السيادة بأخلاقه والخروج من مأزق الإدانة فيها ... !!! .. أرجو أن يصل صوتي واضحا هذه المرة .. غير ملتبس على الفهم
جديد الموقع
- 2024-05-02 تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة و باستضافة نادي كيو بارك .المعلق الرياضي جعفر الصليح .16 عام أمام المايك في 6 قنوات و المعلق العربي و الأجنبي اضافة لمتعة الكرة السعودية
- 2024-05-02 أفراح العايش والفرحان تهانينا
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"
تعليقات
بو محمد الاحسائي
2013-03-21مقال رائع وبديع. ولكن هذا يعتمد على جنسية هذا الطبيب, فنعم ما ذكرتموه صحيح على الطبيب ابن البلد, والعربي عموما. ولكن من خلال تعامولنا مع اطباء اجانب (في مستشفى ارامكوا بالظهران) نجد الفارق الكبير بين تعامل العربي والاجنبي (وخصوصا الاوربي). الغريبة اننا مؤمن بدين شعاره "الدين المعاملة".