2020/10/21 | 0 | 3175
ضرس قاطع جدلية الحيدري والفقهاء
الكلمة التي أثارها خطاب السيد الحيدري واعتبرها جدلية النص ، وعن قصد عندما قال (بضرس قاطع) هذا الضرس الذي ربما آذت الفقهاء أكثر ؛ لكنها صراحة تعجب الكثير من الناس وأقصد بعض خطباء المنبر ، فالكثير منهم يجعلون دائرة النار أوسع من دائرة الجنة ،و تضييق رحمته الواسعة ،وقصرها على الفئة المعروفة ، حتى صارت الحيوانات والنباتات تابعة لذلك كما في أخبار الآحاد ، فحموضتها أو حلاوتها يعني عرضت الولاية عليها ،فإن قبلت صار مذاقها حلو ،وإلا خربت ، من دون التثبت والتوجيه .
والإشكالية تدور بين أمرين : لفظ الكفر ولفظ الجحود .
فالأول (الكفر) فهو لفظ واسع يشمل الكثير ، ويعني مجرد أن خارج الإطار الشيعي مثلا فأنت كافر ، لكنه كافر بالمعنى الثقافي أو اللغوي الواسع ، فأيّما رجل ابتعد عن هويتي الثقافية فهو كافر ، نعم تبدل الكلمة حتى أنني لا أغضب عندما يرميني بها المخالف ، فأبدلُها حسب انتماء الشخص لهويته ، فيقال : زيدي – إسماعيلي – سني – يهودي – مسيحي ... لكن رتبته معي هو (أخ- نفس ) أما الكافر الآخر فهو الجاحد الذي عرف الحق ،وأنكره ، فأحكام علماء الإمامية في أبواب النجاسة وعدم تزويجه خاصة بهذه الفئة .
فهل من الممكن أن السيد الحيدري قد خفي عليه رأي السيد السيستاني ،وبياناته الصادرة عنه بخصوص الشعب العراقي أولا ،والمسلمين ثانيا ؟ وقد جلست يومًا مع الحيدري في مجلسه في قم وهو يراقب السيد في كل شيء ، حتى أفرحته فتواه الجهادية ضد الدواعش .
فمثلا السيد محمد سعيد الحكيم يقول عن وضع العراق بالخصوص ووضع العالم عامة بأن" العراق- ككثير من البلاد- قد جمع طوائف مختلفة في الدين والمذهب والقوميات وغير ذلك من الانتماءات. وهذا أمر واقع فرض نفسه علينا يجب الاعتراف به، والتعايش معه بالحكمة وحسن التصرف، بنحو يجنب الجميع المشاكل والمضاعفات الخطيرة التي تفرزها الخلافات والمشاحنات ... بل اللازم على أهل البلد الواحد الاعتراف بواقعهم الذي يعيشونه، والتكيّف معه بالاحترام المتبادل بين الجميع، وحسن المخالطة والمعاشرة، وإعطاء كل ذي حق حقه، ومراعاة شعور، وتجنب الاحتكاك المثير للعواطف، والجارح للشعور.
ولنا في سيرة أئمتنا (عليهم السلام) وتعاليمهم خير مرشد، نستضيء به في مسيرتنا، ونعالج به مشاكلنا.
ففي حديث معاوية بن وهب- من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)- قال: قلت له: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا، وفيما بيننا وبين خلطائنا ممن ليسوا على أمرنا؟فقال: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم، فتصنعون ما يصنعون. فوالله إنهم ليعودون مرضاهم، ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدون الأمانة إليهم . وفي حديث مرازم: قال أبو عبد الله (عليه السلام):عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز. إنه لابد لكم من الناس. إن أحداً لا يستغني عن الناس حياته. والناس لابد لبعضهم من بعض "والأحاديث في ذلك كثيرة جداً لا يسعنا استقصاؤها .
على أن أكبر طائفتين في هذا البلد- الشيعة والسنة- بينهما من الأصول المشتركة في الدين والعقيدة ما يلزم باحترام المال والدم، ولهما من الأهداف المشتركة- في الدعوة إلى الله تعالى، ورفع كلمة الإسلام، ودفع كيد الأعداء عنه، وغير ذلك- ما يلزمهما بتوحيد كلمتهما، وتناسي خلافاتهما، والتعاون الجدي بينهما من أجلها، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي يمرُّ بها الإسلام والمسلمون ..." . (1)
نعم من ينتفع بالدعوة إلى العنف ويستهتر بأرواح الناس لا تعجبه هذه المقولات ، بل ويتهم الطرف الآخر بأنه مكفّر اللازم منه تحليل دمه وماله وغير ذلك كما يفعل الدواعش ، يقول السيد المرجع الأعلى السيستاني في إحدى خطاباته :" وأخاطب الذين يستهدفون المدنيين العزّل والمواطنين المسالمين بما قاله أبو عبد الله الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء مخاطباً من راموا الهجوم على حرمه (إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحراراً فى دنياكم وارجعوا إلى احسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون..[ان] النساء ليس عليهن جناح), فما بالكم تستهدفون أناساً لا دور لهم في كل ما يجري من الشيوخ والنساء والأطفال وحتّى طلاّب الجامعات وعمّال المصانع وموظّفي الدوائر الحكومية واضرابهم؟ إن لم يكن يردعكم عن ذلك دين تدّعونه أفلا تصدّكم عنه إنسانية تظهرون في لبوسها؟ وأقول لمن يتعرّضون بالسوء والأذى للمواطنين غير المسلمين من المسيحيين والصابئة وغيرهم أما سمعتم أن أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام بلغه أن امرأة غير مسلمة تعرّض لها بعض من يدّعون الإسلام وأرادوا انتزاع حليّها فقال عليه السلام ( لو أنّ امرءاً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً) فلماذا تسيئون إلى إخوانكم في الإنسانية وشركائكم في الوطن؟". (2)
فأين حوار الأديان الذي يدعو له الكثير من فقهائنا الماضين منهم والمعاصرين ، وهو الآن -الحيدري- يعيش في مقر ذلك ، أليس الحوار يعني أن " يتبادل المتحاورون من أهل الديانتين الأفكار والحقائق والخبرات ،التي تزيد من معرفة كل فريق بالآخر بطريقة موضوعية ،تبين ما قد يكون بينهما من تلاق أو اختلاف ،مع احتفاظ كل طرف بمعتقداته ،في جو من الاحترام المتبادل والمعاملة بالتي هي أحسن بعيدا عن نوازع التشكيك ومقاصد التجريح ،بل ما يرجى منه هو إشاعة المودة وروح المسالمة والتفاهم والوئام ،والتعاون فيما يقع التوافق فيه من أعمال النفع العام للبشرية " . (3)
فالسيد الحيدري -وهو كاتب ومحقق – لا أدري كيف عمّم ذلك ؟! فقد خلط بين أقسام الكفر ، فالكافر المبغوض هو ((الجاحد)) الذي عرف الحق فأنكره "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعُلوا" . (4)
فالكافر هو كما في فتاوى السيد السيستاني : ( من لم ينتحل دينا – أو انتحل دين غير الإسلام – أو انتحل الإسلام لكنه أنكر بعض المعتقدات أو الأحكام الفرعية كالفرائض ((انظر لهذا الاحتراس )) لا يكون بسبب بعده عن محيط المسلمين وجهله بأحكام هذا الدين فلا يحكم بكفره . (5)
ومن هنا حكم الله تعالى بأولئك الذين هم بعيدون عن المحيط الديني (أي الكفار ) بعدم القطع بأنهم من أهل النار وسماهم بالمستضعفين :" إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتُهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ،إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا ،فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً ". (6)
يقول السيد الطبطبائي في هذه الآية " فالجاهل بالدين جملة أو بشيء من معارفه الحقة إذا استند جهله إلى ما قصر فيه و أساء الاختيار استند إليه الترك و كان معصية، و إذا كان جهله غير مستند إلى تقصيره فيه أو في شيء من مقدماته بل إلى عوامل خارجة عن اختياره أوجبت له الجهل أو الغفلة أو ترك العمل لم يستند الترك إلى اختياره، و لم يعد فاعلا للمعصية، متعمدا في المخالفة، مستكبرا عن الحق جاحدا له، فله ما كسب و عليه ما اكتسب، و إذا لم يكسب فلا له و لا عليه .
و من هنا يظهر أن المستضعف صفر الكف لا شيء له و لا عليه لعدم كسبه أمرا بل أمره إلى ربه" فقوله تعالى: "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم"، هؤلاء و إن لم يكسبوا سيئة لمعذوريتهم في جهلهم لكنا بينا سابقا أن أمر الإنسان يدور بين السعادة و الشقاوة و كفى في شقائه أن لا يجوز لنفسه سعادة، فالإنسان لا غنى له في نفسه عن العفو الإلهي الذي يعفى به أثر الشقاء سواء كان صالحا أو طالحا أو لم يكن، و لذلك ذكر الله سبحانه رجاء عفوهم.
و إنما اختير ذكر رجاء عفوهم ثم عقب ذلك بقوله "و كان الله عفوا غفورا" اللائح منه شمول العفو لهم لكونهم مذكورين في صورة الاستثناء من الظالمين الذين أوعدوا بأن مأواهم جهنم و ساءت مصيرا ". (7)
والروايات مستفيضة في ذلك كما يذكر العلماء منها في تفسير القمي، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك ما حال الموحدين، المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من المذنبين، الذين يموتون و ليس لهم إمام، و لا يعرفون ولايتكم،؟ فقال: " أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها،. فمن كان له عمل صالح، و لم يظهر منه عداوة، فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله بالمغرب، فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة، حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار ".
و في الخصال، عن الصادق عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: "إن للجنة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النبيون و الصديقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبونا، إلى أن قال و باب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله، و لم يكن في قلبه مثقال ذرة من بغضنا أهل البيت عليهم السلام". (8)
أما كتاب الحدائق للبحراني فكلامه خطير في موضوع النجاسات وربما يحمل قوله وقول " نقل شيخنا البهائي (قدس سره) في مشرق الشمسين ان متقدمي أصحابنا كانوا يسمون تلك الفرق – غير الأثني عشرية -بالكلاب الممطورة أي الكلاب التي أصابها المطر مبالغة في نجاستهم و البعد عنهم. و الله العالم ". (9)
لكن من المستحيل غض النظر عن قوله في باب الوقف " وثانيها- أفراد المخالفين من العامة، و من يتبعهم من فرق الزيدية و غيرهم و هؤلاء و إن كانوا عندهم من المسلمين، إلا أنهم عند ابن إدريس و جملة من محققي المتقدمين من الكفار باليقين، و هو الحق كما تقدمت الإشارة اليه، و محل اعتراضهم هنا نشأ من هذا الفرد، مع أن مذهبه فيه ما عرفت من القول بالكفر (وهؤلاء كما أشرنا إليهم من يعرف ويجحد ).
و ثالثها- أفراد المستضعفين من الشكاك و غيرهم، و هؤلاء على ما يفهم من الأخبار الكثيرة تجري عليهم أحكام الإسلام في الدنيا و أما في الآخرة فهم من المرجئين لأمر الله، و ان دل بعض الأخبار على أن عاقبة أمرهم الجنة أيضا، كما أوضحناه في كتابنا المتقدم ذكره و هؤلاء لا ريب في دخولهم لوجوب إجراء أحكام الإسلام عليهم، و هذا منها. (10)
وفي أصول الفقه كما حقّقها هو – أي الحيدري- عنوان القطع ، الذي لا يمكن لأي فقيه أن يبحث في الفقه أو الأصول من دون أن ينقّحها ، ومن دونه لا يمكن أن يتعلق أي تكليف في حق العبد ، فالقطع حجة يحتج بها العبد على المولى ، فلو فُرض أن السائل الذي أمامه عصير عنب ،وقطع بأنه كذلك ، فشربه فتبين أنه خمر ، فلا يمكن للمولى معاقبته ومؤاخذته ، وأما إذا قطع أنه خمر ، فشربه فتبين كذلك ،فللمولى أن يعاقبه على مخالفته . فيسمى الأول بجانب المعذرية ، و الثاني بالمنجزية .(11)
ومن تطبيقاتها قول الإمام في كتاب المكاسب :" فرع كون الاتيان بما ذكر إثما وعصيانا وهو ممنوع لا لكون الكفار غير مكلفين بالفروع أو غير معاقبين عليها، فإن الحق أنهم مكلفون ومعاقبون عليها بل لأن أكثرهم إلا ما قل وندر جهال قاصرون لا مقصرون.
أما عوامهم فظاهر، لعدم إنقداح خلاف ما هم عليه من المذاهب في أذهانهم بل هم قاطعون بصحة مذهبهم وبطلان سائر المذاهب نظير عوام المسلمين، فكما أن عوامنا عالمون بصحة مذهبهم وبطلان سائر المذاهب من غير انقداح خلاف في أذهانهم لأجل التلقين والنشؤ في محيط الاسلام، كذلك عوامهم من غير فرق بينهما من هذه الجهة، والقاطع معذور في متابعة قطعه ولا يكون عاصيا وآثما ولا تصح عقوبته في متابعته.
وأما غير عوامهم فالغالب فيهم أنه بواسطة التلقينات من أول الطفولية والنشؤ في محيط الكفر: صاروا جازمين ومعتقدين بمذاهبهم الباطلة بحيث كل ما ورد على خلافها ردوها بعقولهم المجبولة على خلاف الحق من بدو نشؤهم، فالعالم اليهودي و النصراني كالعالم المسلم لا يرى حجة الغير صحيحة وصار بطلانها كالضروري له، لكون صحة مذهبه ضرورية لديه لا يحتمل خلافه.
نعم فيهم من يكون مقصرا لو احتمل خلاف مذهبه وترك النظر إلى حجته عنادا أو تعصبا كما كان في بدو الإسلام في علماء اليهود والنصارى من كان كذلك، وبالجملة أن الكفار كجهال المسلمين منهم قاصروهم الغالب ومنهم مقصر، والتكاليف أصولا وفروعا مشتركة بين جميع المكلفين عالمهم وجاهلهم قاصرهم ومقصرهم، والكفار معاقبون على الأصول والفروع لكن مع قيام الحجة عليهم لا مطلقا، فكما أن كون المسلمين معاقبين على الفروع ليس معناه أنهم معاقبون عليها سواء كانوا قاصرين أم مقصرين كذلك الكفار طابق النعل بالنعل بحكم العقل وأصول العدلية ...". (12)
أخيرا يذكر -الحيدري- حفظه الله يذكر في موسوعته الموسمومة – العدل الإلهي- :
أما المستضعف –ويشمل طوائف كثيرة من المسلمين وغيرهم (من الجاهل القاصر والمقصّر) على قسمين :
الأول : العاجز غير الملتفت للحق أو غير الملتفت إلى بطلان المضلّلين له .
وهذا حال الكثير من الجمهور ، فقط تلقين وتعتيم وغيرهما ، فهؤلاء لا يخرجون عن حكم القاصر ، لا بأس عليهم ،ويحاسبون على أعمالهم خيرا أو شرا ، وهم المرجون لأمر الله تعالى كما مر .
الثاني : عاجز غير ملتفت للحق ،ولكنه ملتفت إلى بطلان المضلّلين له ،أو غير مطمئن لهم ، وخصوصاً المثقفين المطلعين ، فهم على أصناف :
- من أخذته العزة بالإثم : هذا مؤاخذ .
- من بقي حائرا معتزلا ،راضياً بما هو عليه من فهم ،غير متزود من الآخر إما لجهلٍ بالآخر أو عدم وضوحه له . فهؤلاء في عداد المستضعفين يُجزى على عمله ،وتحت مشيئة الله تعالى .
- عرف المضللين ،ولم يبق حائرا ،لكنه يسعى دائماً للوصول للحقيقة ،وغير ممانع من التزود من الآخر ،لكنه لم يصل بعد ،فهذا في عداد طلّاب الحق ،والمجاهدين في سبيله ،وإن مات لا ضير عليه وله أجر عمله ونيل الشفاعة من أهلها ، "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيماً". (13)
نختم بهذه الرواية التي تستحق أن تروى : في (باب الضلال) عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن هاشم صاحب البريد قال: كنت أنا ومحمد بن مسلم وأبو الخطاب مجتمعين فقال لنا أبو الخطاب: ما تقولون فيمن لم يعرف هذا الأمر؟ فقلت: من لم يعرف هذا الأمر فهو كافر، فقال أبو الخطاب: ليس بكافر حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة فلم يعرف فهو كافر، فقال له محمد بن مسلم: سبحان الله ماله إذا لم يعرف ولم يجحد يكفر؟! ليس بكافر إذا لم يجحد، قال: فلما حججت دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بذلك، فقال: إنك قد حضرت و غابا ولكن موعدكم الليلة، الجمرة الوسطى بمنى.
فلما كانت الليلة اجتمعنا عنده وأبو الخطاب ومحمد بن مسلم فتناول وسادة فوضعها في صدره ثم قال لنا: ما تقولون في خدمكم ونساءكم وأهليكم أليس يشهدون أن لا إله إلا الله؟ قلت: بلى، قال: أليس يشهدون أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قلت :بلى، قال: أليس يصلون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فما هم عندكم؟ قلت: من لم يعرف [هذا الأمر] فهو كافر . قال: سبحان الله أما رأيت أهل الطريق وأهل المياه؟ قلت: بلى، قال: أليس يصلون ويصومون ويحجون؟ أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فما هم عندكم؟ قلت: من لم يعرف [هذا الأمر] فهو كافر. قال: سبحان الله أما رأيت الكعبة والطواف وأهل اليمن وتعلقهم بأستار الكعبة! قلت: بلى، قال: أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصلون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه، قلت: لا قال: فما تقولون فيهم؟ قلت: من لم يعرف فهو كافر . قال: سبحان الله هذا قول الخوارج، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم، فقلت أنا: لا ، فقال: أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منا، قال: فظننت أنه يديرنا على قول محمد بن مسلم". (14)
فيظهر من ذلك أن التعايش والتواصل بين الفئات المختلفة يكشف عن سوء النية التي يدّعيها البعض بأن الإمامية تتحامل على الطوائف الأخرى ، في حين أن أئمتنا أقروا كثيرا من الأحكام لأجل صفاء الود والنسق الإسلامي ووحدتهم كقضية القراءات القرآنية وصلاة الأموات والزواج ودعاء الثغور لحماية حدود الدولة الإسلامية .
والحمد لله رب العالمين
الهوامش
(1) رسالة سماحة السيد محمد سعيد الحكيم( دام ظله) الي الشعب العراقي العزيز . ناشر: مؤسسة المرشد : بيروت . ص7-11
(2) رسالة سماحة السيد ( دام ظله ) للشعب العراقي حول الفتنة الطائفية٢٢ جماد الثاني ١٤٢٧
https://www.sistani.org/arabic/statement/1499/
(3) حوار الأديان نشأته وأصوله وتطوره ص76-77
(4) النمل 14
(5)منهاج الصالحين التاسع من النجاسات ج1ص139
(6)النساء 97-99
(7)الميزان ج 5ص46-47
(8) نفس المصدر السابق (بحث روائي)
(9)الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ، الشيخ يوسف البحراني،ج5ص190
(10)نفس المصدر ج22ص201
(11) أصول الحلقة الأولى ، محمد باقر الصدر ص 44
(12)المكاسب المحرمة ، السيد روح الله الموسوي الخميني ، تعليق مجتبى الطهراني ، مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع : قم ، ط3 ، 1410 هـــ ج1ص133-134
(13)موسوعة العدل الإلهي ج2ص256-257
(14)الشافي في شرح أصول الكافي الباب (167)ح1 ص529-530
جديد الموقع
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل
- 2024-04-18 الأمير سعود بن طلال يرعى توقيع عقد إنشاء بوابة الأحساء
- 2024-04-17 أحدث إصدارات الشيخ اليوسف: «الإمام العسكري: الشخصية الجذابة»
- 2024-04-17 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم في دورتها الـ 44 تنطلق في شهر صفر القادم 1446هـ بمكة المكرمة
- 2024-04-17 الطبيب أشرف العيسوي يرزق بمولود هاشم
- 2024-04-17 بعد أن تتعرض للإهانة اكتب مشاعرك على قصاصة ورق ثم تخلص منها وهذا من شأنه أن يحد من مستوى شعورك بالغضب