2013/03/20 | 1 | 2586
صناعة القتل المروري (2)(3)
جولة سريعة في كثير من الأحياء السكنية في مدن وقرى الأحساء بالقرب من الفجر أو في ساعة متأخرة من الليل تكفي لتفسير الحالة التي نعاني منها , أطفال في سن المراهقة أو دونها يهيمون في الشوارع مع الشباب وعلى الدراجات في أماكن مأهولة وأخرى مهجورة , ظاهرة وجود مراهقين و أطفال تحت سن العاشرة بصحبة مراهقين وشباب عاطلين عن الدراسة والعمل واضحة للعيان وهي تشكل بيئة و مرتع للإنحرافات التي إحدى تجلياتها ظاهرة القتل المروري , الحادث المروع في الأسبوع الماضي على طريق العقير الذي ذهب ضحيته ثلاثة شباب وإصابة أكثر من عشرة بإصابات بعضها حرجة وقع في ساعة متأخرة من الليل و ينقل أحد الأصدقاء أنّ الجمهور المشجع للمتسابقين هم من شباب مدينة العمران والقرى المجاورة لها ومن محافظة الأحساء بوجه عام وفيه تمثيل لمختلف العوائل ومكونات المجتمع الأحسائي , هذا الحادث وقع بسبب تخلي الأباء والأسر عن مسئولياتهم أو لقصور البعض منهم في تربية سليمة وبسبب غياب المرور والتدخل المبكر قبل حدوثه .
إذا كان الأب يعتبر مسئوليته تنحصر في تأمين الطعام والشراب والسكن وينشغل في باقي وقته بين العمل والإستراحات والخدمات الفندقية داخل المنزل وإذا كانت أولويات الأم بعيدة عن تربية أبنائها , ووجودها في البيت مثل عدمه من هذه الناحية , والأبناء بين العاملة والتلفزيون والأجهزة الإلكترونية والشارع , فما نحصده الآن من حوادث مهلكة وسلوكيات مشينة وتدخين وتسرب من المدارس بين الأطفال نتائج منطقية و إذا أردنا علاج المشكلة علينا تشخيص أسبابها بدقة ومنها تحميلنا نحن الآباء بصورة مباشرة وزر هذه المعاناة الإجتماعية وعلينا إيقاظ صوت الضمير بداخلنا لتحمل ثقل الأمانة التي أوكلها الله إلينا وبالتأكيد سوف نسأل عنها ونحاسب عليها , إنّ الأب الذي يسمح لإبنه المراهق أو قبل سن الرشد في قيادة السيارة بدون تأهيل نفسي وأخلاقي وتدريب كاف على مهارات القيادة الآمنة واحترام الإنسان هو شريك مباشر في استمرار جرائم القتل المروري , وأرجو أن تسأل نفسك عزيزي القارئ إذا كنت أحد الآباء إن كان لك نصيب في تغذية الجريمة و عن دورك الآني والمستقبلي في محاربتها أو تفاقمها
التهور في قيادة السيارات ظاهرة عامة يشترك فيها أغلب السائقين نتيجة التساهل في تطبيق أنظمة المرور أو غياب قوانين رادعة لها مما أوجد فوضى عامة في سلوك السائقين تزداد حدتها في الشوارع الضيقة وعند التقاطعات والإشارات المرورية المنظمة لحركة السير وفي حالات الازدحام والاختناقات المرورية , تسبب الفوضى المرورية حوادث كثيرة يندر أن تخطئها عيون السائقين يومياً وينتج عنها خسائر مادية كبيرة وإصابات ووفيات لكن التهور الأكثر بشاعةً وأشدُ ألماً في الإصابات وحوادث القتل هي الناتجة عن السرعة الجنونية على الطرق السريعة فيما يشبه حركة الثعابين في تجاوز السيارات وفي سباق السيارات وحفلات التفحيط داخل الأحياء السكنية وخارجها وهذه ظواهر شبابية بامتياز وقد أشرت في المقالين السابقين إلى أهمية المعالجة الوطنية وإلى مسئولية الآباء والأسر في تطور هذه الظواهر المؤرقة , ولابد هنا من وقفة واضحة وصريحة تجاه دور الشباب ومسئولياتهم المباشرة وتحميلهم تبعاتها الجزائية وأضرارها النفسية والإجتماعية عليهم وعلى أسرهم بصورة مباشرة وعلى المجتمع عموماً.
لا شك أنّ الشاب اليوم في وجود الأجهزة الذكية المتنوعة وبرامج التواصل الإلكترونية الفعالة والسريعة يمتلك بها قدرات كبيرة يستفيد منها في التواصل الإجتماعي ويوظفها في خدمة أهدافه التي يريد تحقيقها وهو يمتلك أيضاً مهارات عالية في استخدامها بشكل يستطيع أن يخفيه عن أقرب المحيطين به ويستطيع أن يراوغ ببراعة فائقة لتحييد دور الأسرة التي يعيش بينها داخل البيت جسداً وخارجها عاطفةً وغرائزاً وفكراً , وهي في الأغلب لاتسطيع مجاراته في هذه المؤثرات التقنية , ومن المؤسف جداً أن يوظف الشاب هذه القدرات والمهارات لتفريغ طاقته الكبيرة في سلوكيات منحرفة بدل توظيفها لمصلحته في الإبداع والإبتكار المفيد , من الملاحظ بشكل لافت قدرة الشباب على التجمع والتجمهر في موقع وزمن محددين سلفاً بإنتظار حفلة تفحيط موعودة داخل وخارج الأحياء السكنية تبدأ بالتزامن أو بعد لحظات من حضور الجمهور المصفق والمشجع لها وتنتهي بسلام أحياناً وبأحداث مؤلمة ومأساوية أحياناً أخرى وما يثير الدهشة والإستغراب هو قدرة المفحطين على الهروب من مسرح الجريمة قبل وصول سيارات المرور بعد الإبلاغ عن وقوعها مما يدفع بالسؤال عن كيفية وصول المعلومات للمفحطين , هل هي بسبب أجهزة التواصل السريعة التي يمتلكونها أو لو لوجود أجهزة كاشفة لديهم لرصد البلاغات أو لوجود أفراد متعاونين معهم لتحذيرهم في الوقت المناسب وما يثير الحنق أكثر قدرة الشباب للوصول لمصدر البلاغات وتهديد أصحابها لإثارة الرعب الإجتماعي ومنع التبليغ عن حفلات القتل التي يمارسونها.
إن تذرع بعض المتهورين بالبطالة وعدم وجود ساحات آمنة مخصصة لممارسة هواياتهم وغيرها من الأعذار التي نتعاطف معها ونتمنى علاجها لا تبرر أبداً فداحة السلوك البشع والمعيب الممارس في إزهاق الأنفس البريئة والآلام الإجتماعية الناجمة عنها وهو إعتداء سافر على النفس المحترمة واستهتار بقيمة الإنسان , والشاب حين يمارس هذا السلوك العدواني سواء بالفعل المباشر أو بالحضور والتجمهر للتشجيع يدرك تماماً مخاطر سلوكه ويعي تبعاتها من خلال المعلومات والإحصائيات والحوادث التي تتوارد إلى ذهنه ووعيه بالصوت والصورة من خلال نفس الأجهزة التي يقتنيها والبرامج والأدوات التي يستعين بها للتحايل على الرقابة الرسمية والإجتماعية وهو بالتالي مسئول عن سلوكه السيئ ومستخف بقيمة ذاته وإذا كان يستطيع الآن الإفلات من عواقب تهوره وتعديه على نفسه وأسرته ومجتمعه فلا يعني أبداً الهروب الأبدي وسوف يقف ويحاسب على هذه الجرائم البشعة وعليه إعادة النظر في تقييم نفسه والعمل لتوجيه طاقاته وقدراته ومهاراته لخدمة أهداف كبيرة تلائم قيمة نفسه الواقعية وأسباب وجوده لعمارة الأرض .
للموضوع تتمة حول دور الرقابة والمؤسسات الإجتماعية .....
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
تعليقات
بو محمد الاحسائي
2013-03-22انه نداء صادق وصرخة من مواطن صالح,يولئمه ما نفقده يوميا من شباب في سن الورد. هناك نوعا غريب من المبالاة من جهتنا كاباء وامهات: يخرج الابن وقد سهر طوال الليل ليوصل اخيه للمطار, ونعطي السيارة لحدث حتى يوصل الاسرة لمناسبة زواج. نحن نواجهة وباء لا يحص فقط من يصاب بل روح وصحة ونفسية من يؤلمه هذا المصاب. شكرا لاخونا الفاضل كاتب هذه المقالات.