2020/08/12 | 0 | 1814
رسالة تابينية في رحيل الأستاذ محمد حسين الرمضان رحمه الله تعالى
الدكتور الشيخ محمد بن جواد الخرس
إنا لله وإنا إليه راجعون، عظم الله لكم الأجر والثواب، وأحسن الله لكم العزاء.
العزاء لعائلة الفقيد السعيد الأديب الكبير الحاج محمد بن حسين الرمضان، وللمؤرخين، والمهتمين بالتراث والأدب الأحسائي، ولكل من خالطه، وتعرف عليه.
لقد فقدنا هذه الأيام: علماً، أديباً، ومؤرخاً، رفد الحركة العلمية والأدبية في الأحساء بحسه المرهف، ومشاعره الوطنية تجاه أعلام البلاد بالتاريخ عنهم، ونظم الشعر في مناسباتهم: أفراحاً، وأتراحاً، كما دعم نشاط الباحثين المتطلعين لرسم مشهد العلم والأدب في الأحساء في تاريخ مضى، ويبدو أن سعة اطلاعه أوسع من الحاضرة الأحسائية، لكن هذا القدر المتقين عندي بحسب علمي المحدود.
وتتميز مشاركته -رحمه الله- في تشكيل واقع الأدب والتاريخ لأحداثها ومناسباتها أنه جاء من وحي العشق الحقيقي لتربة حاضرته، في زمن عز فيه المشارك من خارج منظومة علماء المنطقة التي كان يغلب طابع المساهمات فيها على من تتلمذ في حلقات العلم الشرعي، سواء كانت الحاضرة الأحسائية أم النجف الأشرف، بينما الفقيد أسهم في بناء ثقافته وصرح معلوماته عبر عصامية قل نظيرها بين أبناء جيله، وفي ظروف من قلة ذات اليد، فكان أول ما كون ثقافته عبر الاختلاط بمن اختلط بطلاب العلم، وتعرف من خلالهم على شعراء الفرات الأوسط على حد تعبيره لي، وذلك في مقابلة له جمعتني معه، عندما كنت أجمع بيانات عن كتاب لخدمة الحاضرة الأحسائية، وإذا به في ثنايا الحديث ومنعطفاته يسند الدور الأكبر لمعرفته بعيون الشعر العربي لأحد العاملين في مجال خياطة البشوت، و ذكر لي اسم ذلك (المخيط) بكل عفوية وتواضع، بل وهالني في الأمر أن ذلك المخيط كان مغموراً ليس على صعيد الأدباء أنفسهم فحسب، بل حتى على مستوى عائلته، ولما سألته عن مصدر معلومات ومحفوطات ذلك المخيط؛ قال: بأنه كان يخيط في مجلس مفتوح لأحد أبناء عمه من علماء الأحساء الذين تتلمذوا على الفقيه الشيخ موسى بوخمسين -أعلى الله مقامه- وكان هذا العالم يدرس في مجلسه، وكان يستمع هذا (المخيط) لما يدور في مجلس ذلك العالم من حوارات بين المجموعة العلمية التي تترد كل يوم للدراسة في هذا المجلس، وكان هذا العالم أيضًا أديبًا أحسائيًّا، وهذا (المخيط) تعلق بهذا الفضاء الأدبي، وصار يحضر كل يوم ويمارس مهنته في المجلس معهم، ويحفظ عن ظهر قلب ما يدور.
وتبدو معالم عصامية الفقيد في عكوفه على المطالعة بحكم البيت وما يتسم به من: علم؛ وأدب، كما يشهد له بذلك تاريخه المعروف، و أكمل مشواره بشرائه للكتاب المستعمل من على أرصفة دمشق إبان تواجده وسكناه هناك للخياطة، ويشاركه في نفس العصامية، والدور، والمهنة، والشغف بحب المطالعة، وسكنى دمشق؛ أخوه شيخ المؤرخين الحاج جواد بن حسين الرمضان - رحمهما الله تعالى، وأسكنهما فسيح جناته- غير أن فارق العمر بسنوات لأبي سمير.
لقد تعرفت عليه وجالسته وزرته في بيته في الدمام لحادثة -هالني فيها معرفته بالأنساب- لنسب ضائع لدينا، وبالكاد وثقته من وثائق مطمورة في كيس (سواحل) في صندوق مهجور لم يفتح منذ عقود، وإذا به يستحضر عن ظهر قلب مطابق للنسب الوارد في تلك الصكوك، وبدون استعداد، وأضاف عليها اسمًا مجهولًا لم يذكره أحد، ولما ناقشته فيه للاطمئنان على سلامة نقله فإذا به يمزج التاريخ بالأدب بالجغرافيا كشواهد وإثباتات على صحة نقله.
والملفت في الأمر أنه جاء بنسب لم يعاصره، فهو يعود إلى ما يقرب من مئتي عام مضت. ولكن ذاكرته الحديدية النادرة عما شاهد وسمع كانت فوق المتوقع، لمن يجمع أمثال تلك المعلومات، ولا سيما الأنساب منها، فهؤلاء الذين يذكر أنسابهم ممن لم يشتغل المؤرخون بذكرهم، ولذا يصح أن يقال عنه إنه كان أشبه ما يكون بخزانة أدب، وتاريخ، وأنساب.
نعم، لقد كان الأديب الكبير الحاج (أبو سمير) يطل على نافذة أغلقها الزمان، ولن تعود، وقد ذهب بحمل بعير من المعلومات لو دونت جميعها من بعده.
مع خالص الشكر للأستاذ العزيز سلمان الحجي؛ لما بذل من وقته لاستنقاذ بعض معلومات (أبي سمير) قبل رحيله.
أسأل الله له الرحمة والمغفرة والرضوان لما قدم من خدمة جليلة أسعف بها أقلام الباحثين من محفوظاته ومشاهداته، إنه ولي الرحمة والمغفرة والرضوان.
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط