2016/07/20 | 0 | 3399
رحلة من المادة إلى العالم الميتافيزيقي ... رقصة المولوية
قد تعكس الرقصات التي يؤديها المتصوفة معاني و حركات تنم عن نظام روحي له فلسفته الخاصة في الحب الإلهي, فما تلك الحركات والرقصات التي يؤديها المتصوفة خلال مجالسهم إلا حركات تعبيرية لحالة التجرد التي يصل إليها ممارسوها .
المولوية هي إحدى أهم الطرق الصوفية وأشهرها وأكثرها انتشاراً والتي تميزت بفنون الرقص والموسيقى، أسسها ووضع قواعدها الشاعر والمتصوف الكبير جلال الدين الرومي في مدينة قونية التركية في القرن الثالث عشر ميلادي , وأتباع هذه الطريقة يسمون بالراقصين الدراويش
قد تعكس الرقصات التي يؤديها المتصوفة معاني و حركات تنم عن نظام روحي له فلسفته الخاصة في الحب الإلهي, فما تلك الحركات والرقصات التي يؤديها المتصوفة خلال مجالسهم إلا حركات تعبيرية لحالة التجرد التي يصل إليها ممارسوها .
المولوية هي إحدى أهم الطرق الصوفية وأشهرها وأكثرها انتشاراً والتي تميزت بفنون الرقص والموسيقى، أسسها ووضع قواعدها الشاعر والمتصوف الكبير جلال الدين الرومي في مدينة قونية التركية في القرن الثالث عشر ميلادي , وأتباع هذه الطريقة يسمون بالراقصين الدراويش .
نشأت تلك الرقصة الروحية بعد التحول الكبير والمهم في حياة الشيخ جلال الدين الرومي من واعظ ومرشد ديني إلى متصوف وعاشق ملهم والذي كان بتأثير كبير من قبل الملهم والمرشد الروحي الشيخ شمس الدين التبريزي , لذلك اصبح مولانا الرومي كما يسميه محبوه لا يرى في الوجود سوى شيخه فصار لا يهنأ بالحياة من دونه ، وجل ما يريده هو ان يرقص معه كحبيبين وصديقين منتشيين ، فهو صاحب الفكر الصافي الذي يعلم الأسرار ويوزعها على مريديه.
لقد أولى مولانا الرومي للحركة والصوت على الأرض وفي السماء أهمية كبيرة فما حركة الدراويش (1) الدوارة إلا تعبير عن الاستماع الكوني و الإحساس بوجود الخالق ، وهي نوع من الصراع مع النفس .
ولفهم رمزية هذه الحركات ، نستعرض هنا إحدى حلقات الرقص الصوفية المولوية من أجل فهم هذه الحركات الراقصة .
يبدأ حفل السماع (2) بإنشاد ترنيمة خاصة عن النبي محمد صل الله عليه واله وسلم وهي من نظم الشيخ الرومي بعنوان ( النعت الشريف) وتكون بدون عزف ، ومن ثم يبدأ عازف الناي بترنيمة خاصة يحكي من خلالها قصة الناي الذي يرمز فيها إلى روح الصوفي الذي ينوح لأنه بعيد عن عالم الأرواح ليثير بها وجدان العاشقين وتلبية لنداء الناي يرفع الشيخ راحتيه متأثراً فيضرب بهما الأرض معلنا بداية عزف الموسيقيين ودخول الدراويش لأداء الدوران والرقص ، فيدخل الراقصون ( الدراويش) ويدورون حول باحة الرقص ثلاث مرات عكس عقارب الساعة في إشارة إلى تخلصهم وتحررهم من قيود الزمن , والدورات الثلاثة إشارة الى مراحل التقرب الى الله عز وجل وهي ( طريق العلم والمعرفة ، طريق الرؤيا ، وطريق الوصال او المشاهدة ) ، بعدها يخلع الدراويش معاطفهم السوداء بحركة تدل على تحقيق المراد والانتصار والتطهر من الدنيا ، ويكشفون عن الرداء الأبيض الذي يرتدونه وهو إشارة الى تحررهم من ماديات هذا العالم وبداية حياة جديدة تقربهم أكثر من خالقهم ومعشوقهم الأزلي , لتبدأ أجسادهم بالدوران وفي حركة للأيدي كالأجنحة : اليمنى مرفوعة الى السماء لقطف ثمار النعمة ، و اليسرى ممدودة نحو الأرض لينثروا عليها النعمة التي دخلت قلوبهم و ها هي تتفجر وتتدفق لتدفئ العالم بحرارة الحب الإلهي .
ان الرمزية لم تقتصر على الحركات والرقصات فقط ، وٕانما قد توفرت أيضا في الأزياء التي يرتدونها بل حتى في الألوان الخاصة بها ، فحين يدخل الراقصون فإنهم يرتدون الملابس البيضاء مع سترة سوداء ويرتدون قلنسوة من اللباد عالية فان ارتداء هذا الزي أثناء حلقات السماع يرمز إلى حال السالكين فالزي الأبيض يمثل الأكفان التي يلفون بها بعد الموت وتعبر عن النقاء والصفاء والنور وتحرير الروح من الجسد ، والسترة السوداء فإنها ترمز إلى الجسد الذي يمنع الروح من التحليق و رؤية نور الله وكذلك تعبر عن ظلمة القبر وعتمته ، أما القلنسوة العالية فهي دليل وشاهد القبر ." (3)
- قراءة بين السطور
هذه الرقصة قد تحمل في مضامينها رحلة تجرد من العالم المادي الى العالم الغيبي الميتافيزيقي , فالدوران الذي يمارسه الراقصون الدراويش هي محاكاه كونية لجميع حركات الاجرام والذرات في ذلك الكون , فالدوران أو اللف يمكن تصورة في حركة الكواكب والذرات بل وحتى الالكترونات التي تسكن اجسامنا , الأغرب ان أغلبها إن لم تكن جميعا تدور عكس عقارب الساعة وهنالك إشارة إلى الأعلى في الدوران حسب قاعدة اليد اليمني للف (4) وقد تكون تلك الرقصة كنايه عن إخراج تلك الروح وتوجيهها للسماء .
الناي وغيرها من الادوات الموسيقية التي تستخدم في مجالس السماع والإيقاعات الصادرة تحمل معها ترددات إن وجدت لها مستقبلا احدثت رنينا ( اتفاق في الطور ) يوصل المستمع إلى حال النشوة التي تشعره بالإستقرار والسكينة .
- ختاماً
قد تكون تلك الرقصات التي يمارسها المتصوفه اصبحت فلكلورا شعبيا يمارسه روادها في مناسباتهم الدينية , إلا أنها بكل تأكيد حملت فكراً فلسفياً جعلها تنتشر بتلك القوة وبذلك التأثير في العديد من البلدان .
الجانب المهم في تلك التجربة أنها حملت هماً واحداً وهو الوصول إلى حالة لقاء بين العاشق ( الدرويش ) والمعشوق ( ربه ) وذلك هدف سامي تسعى له كل البشرية بإختلاف ألوانها وأجناسها .
جديد الموقع
- 2024-05-06 مدينة مصغرة لواحة الأحساء الزراعية
- 2024-05-05 مثقفون وأعيان يرصدون العطاء الأدبي للبابطين
- 2024-05-05 قصيدة (مطية الغياب)
- 2024-05-05 افراح الغزال و الدخيل في رويال الملكية بالاحساء
- 2024-05-05 شَبَه الكتابة بالرسم
- 2024-05-05 ما بعد الوظيفة (1).
- 2024-05-05 ابن الأحساء الحبيبة الفلاح الفصيح
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء