2022/05/31 | 0 | 1878
حفلات الاحتفاء بالمبدعين .. مَن المستفيد؟
بين فينة وأخرى تظهر على الساحة إعلانات تؤقّتُ لحفلات تدشين أو توقيع نتاجات فكرية، أدبية أو فنيّة قادمة، تلك الإعلانات تسبق فترة الدعوات الخاصة والعامة للحضور والاحتفاء بكل جديدٍ على الساحة الفكرية، وتعريف المجتمع القريب والبعيد بوجود ما يمكن اقتناؤه وإضافته للمكتبة الخاصة لتُثرى بذلك حصيلة المعرفة والفكر وتُضفى صورة مشرقة تعكس نماء المجتمع معرفياً وفكرياً أمام المجتمعات الأخرى، حفلة تدشين هذا الكتاب، أمسية مناقشة وتوقيع ذلك الكتاب، احتفاء تلك المجموعة أو ذلك النادي أو تلك المنتديات والملتقيات بالكاتب الفلاني ونتاجه العلاني، كلها عناوين نقرأها على حسابات التواصل الاجتماعي للجهات المشار إليها، فنسارع بدورنا للتسجيل والحصول على فرصةٍ لحضور تلك الأمسيات واقتناء ما يتوفر من نتاجات فكرية كإهداء أو بأسعار رمزية لا نجدها لدى الجهات المنتجة لها، كما نتسابق للتصوير بجانب الأستاذ المبدع الذي أشرقتْ ابتسامتُه لحضورنا وظنّ أنه المستفيد الأكبر وفارس ذلك الحفل بلا منازع، وهو كذلك إن أراد، لكن! هناك سؤال يتردد ويبحث عن إجابة، مَن هو المستفيد الفعلي من أي مناسبةٍ ثقافية يتم عقدها للاحتفاء بمبدعٍ ما كالكتّاب والفنانين وغيرهم ممن يقدّمون نتاجهم لتتناوله يد المجتمع؟ دعونا في هذه الأسطر القليلة القادمة نسلّط الضوء على مثالين شائعين قد نستنتج بعد ذكرهما جزءً من الإجابة على سؤالنا..
المثال الأول: تقوم إحدى الجهات غير الربحية - التي تتلقى دعماً من جهةٍ رسميةٍ حاضنة - بطرح مبادرةٍ لطباعة نتاجٍ فكري شريطة أن يكون ذلك العمل هو الأول لكاتبه، هذه المبادرة الرابحة حسب وجهة نظر المبدع ستدفعه لقبولها مباشرةً دون استشارة أحد، (ومَن هو المجنون الذي سيرفض عرض طباعةٍ بالمجان في زمن غلاء المعيشة وضعف ذات اليد؟) - لسان حال مبدعنا-، هذا السؤال الذي تستمد منه تلك الجهة قوتها لتؤكد للمبدع أنها تسعى لدعمه بشتى السبل ليرتقي سقف الساحة الفكرية ويكون حديث المجالس وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة والعامة المليئة بالحوارات والتباريك بمناسبة إعلان قرب تدشين نتاجه الفكري، وفي لحظات زهوٍ تتم الطباعة وتتحقق أحلام ذلك المبدع كما وُعِد تماماً، ويعيش في جنّة النجاح لفترةٍ حتى يكتشف أن أحلامه لم تعْدُ كونها أضغاث قاطعتها صناديق كرتونية تحوي النسخ المتبقية من نتاجه والتي رُميت جميعها في حجره لتبدأ رحلته الشاقة لتوزيعها عند مَن يصده ومَن يرده من الموزعين، ويكتشف – إن كان حاذقاً - أنّ تلك الجهة قد جنَتْ ما تريده من الفوائد المادية والمعنوية بعد طباعتها لنتاجه اليتيم الذي أضافته كرقمٍ ضمن أرقام منجزاتها مدفوعة الثمن بسخاء والمسجلة بفواتير رسميةٍ مجزيةٍ لدى الجهة الأم الراعية لتلك المبادرة.
المثال الثاني: تقوم إحدى الجهات الإعلامية الخاصة – غير الرسمية – كالملتقيات والنوادي الثقافية أو مجموعات دعم ثقافة القراءة بالتنسيق مع مبدعٍ ما لتدشين نتاجه الفكري أو مناقشته وتوقيعه ثم الاحتفاء به وسط جمهورٍ كبيرٍ من المثقفين ومريدي القراءة، فتُرسَل الدعوات وتعلّق الإعلانات الإلكترونية، تماماً كما حصل في مثالنا السابق، ويأتي المبدع المُحتفى به في زهوٍ ليعيد ذات الكارثة التي حصلت لمثالنا الأول، بل ربما يكون أكثر سعادةً بعد اطلاعه على تقريرٍ جميلٍ يتم نشره في صحيفةٍ الكترونية أو فيديو قصيرٍ يتم نشره بعد نسيان الحاضرين لتلك الأمسية الصاخبة، لتمتلئ تلك التقارير بعبارات الفخر والاعتزاز بقدرة تلك الجهات الإعلامية على إقامة الأماسي وإحاطتها بتفاصيل الاحتفالات الدقيقة وتمكنها من إنجاح المناسبة بكل اقتدار، في حين أن فارس الحفل سيظهر كضيف الشرف بدَورٍ غير مهمٍ في فلم السهرة.
الأمثلة كثيرة إلا أنني لن أسهب في ذكرها، وسأعود لأتساءل عن هكذا حفلات واحتفاءات، مَن المستفيد الفعلي منها؟ هل هو المبدع الذي صرف وقتَه وجهدَه ومالَه لإظهار ذلك النتاج على الساحة الفكرية؟ أم الجهات التي قامت بالاحتفاء به تحت عنوان التدشين والتوقيع أو المناقشة والحوار؟ وما هو حجم المردود الذي سيحصل عليه المبدع من ليلة الزفاف تلك؟ وهل يرقى ذلك المردود ليتجاوز قيمة إعلانٍ يقوم به في وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي؟ أم أن عوائد ليلة العرس ستُنسَب للجهة الراعية كونها مَن أعدّتْ وقدّمتْ لتلك الليلة وظهرتْ بصورتها البهية في تقاريرها المكتوبة والمتلفزة؟ هل سيكون الفضل في ظهور تلك التقارير منسوباً للمبدع الذي أتاح للجهة الراعية فرصة إضافة رقمٍ لقائمة منجزاتها؟ أم أن الجهة المذكورة ستدّعي الفضل على المبدع كونها تكرّمت بإتاحة الفرصة له لحضور إحدى فعالياتها المتكررة وسلّطت الضوء على نتاجه مقابل إهدائه للحضور أو بيع بضع نسخٍ منه بعرضٍ خاص؟ إن كنتَ لا تزال تبحث عن إجاباتٍ شافيةٍ لما تم طرحه من تساؤلات؛ حريٌّ بك أن تعود لقراءة الأسطر المكتوبة أعلاه بتروٍ وعناية..
جديد الموقع
- 2024-05-02 تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة و باستضافة نادي كيو بارك .المعلق الرياضي جعفر الصليح .16 عام أمام المايك في 6 قنوات و المعلق العربي و الأجنبي اضافة لمتعة الكرة السعودية
- 2024-05-02 أفراح العايش والفرحان تهانينا
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"