مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2019/02/12 | 0 | 1818
الشيخ حسين العباد .: محاسن اللسان ـ قراءة القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. [ طه: 25 ـ 28 ].
الحديث في هذه الجمعة المباركة عن محاسن اللسان، وقد تحدثنا في السابق عن مساوئ اللسان، ثم شرعنا في محاسنه، وتحدثنا عن النقطة الأولى والأهم، ألا وهي الصدق.
واليوم نتحدث عن الأمر الثاني في محاسن اللسان، وهو قراءة القرآن، وهو الوارد عن أهل البيت (ع) بأنه يدخل تحت هذا العنوان. ومحاسن اللسان كثيرة، سوف نأتي عليها إن شاء الله تعالى.
فالقرآن الكريم هو الكتاب السماوي المقدس الموجود بين أيدينا، المنزل من السماء بواسطة جبريل على رسول الله (ص). وقد كان ينزل على رسول الله (ص) بالتدريج طيلة ثلاث وعشرين سنة، وكانت الآية عندما تنزل على رسول الله (ص) يقرأها في المسجد، حتى بلغ عدد السور مئةً وأربعَ عشرة آية، كان يتلوها في المسجد، ويطلب من كتّاب الوحي تدوينها.
ومما أجمع عليه المسلمون هذا القرآن الذي بين الدفتين، وهو محفوظ من الباري جل وعلا، وإن كانت هناك بعض الروايات لدى الطرفين تشير إلى خلاف ذلك، لكن الصحيح ما ذهب إليه العلماء الكبار، لا سيما علماء الإمامية، أن هذا القرآن الذي بين أيدينا الآن، هو القرآن المنزل من السماء، ولا عبرة بأي خبر يشير إلى تبديله أو تحريفه أو تغييره، لأن الله تعالى هو الذي تكفل بحفظه.
فهناك إذن عناية إلهية في حفظ هذا الكتاب، إذ كان هناك من يريد أن يحرّف ويبدل أو يقدم أو يؤخر، إلا أنه لم يستطع ذلك، لأن عين الله كانت له بالمرصاد، وكذلك رعاية الإمام لهذا الدستور المنزل من قبل الباري جل وعلا.
ولي أهمية الغة العربية سُمّي يوم باليوم العالمي للغة العربية. والفضل الأول والأخير في حفظ اللغة العربية هو لهذا الكتاب، فلولاه لما حافظنا على هذه اللغة التي تعتبر من أفضل اللغات في العالم، ببركة هذا القرآن. فمن يعيش بعيداً عن القرآن ـ ولا أعني التلاوة فقط ـ لا يمكنه أن يحسن اللغة العربية، الا من ندر لا من جهة النحو ولا الصرف ولا البلاغة ولا غيرها. ولهذا نجد الإصرار من النبي (ص) وأهل بيته على المحافظة عليه.
إن الكتب التي سبقت القرآن الكريم، كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها، كانت كتباً سماوية أيضاً، لكنها حُرّفت مع الأسف الشديد، ومن الأدلة على ذلك اختلاف النسخ وتعددها لدى أتباع الديانات التي اعتمدت هذه الكتب. وهذا ما لا تجده في خصوص القرآن الكريم، مع اختلاف المدارس والمشارب والفرق الإسلامية. فليست لدينا نسخ مختلفة، وليس هناك من يقول بوجود نسخة من القرآن الكريم أصحّ من النسخ الأخرى. كما هو الحال في كتب الأحاديث، فهذه فيها الصحيح وغيره، وهناك من يرى أن البخاري أصح من غيره، وهناك من يرى الكافي أو غيره أصح، أما القرآن الكريم فلا نتصور فيه هذا الاختلاف إطلاقاً.
فهنالك إجماع على نسخة واحدة من القرآن الكريم لدى جميع المسلمين، وبإمكانك الذهاب إلى أي مسجد من مساجد المسلمين في شرق الأرض أو غربها لترى قرآناً واحداً بنسخة واحدة لدى الجميع، يدأ بالفاتحة وينتهي بسورة الناس.
نعم، هنالك اختلاف في التفسير والمضامين والمعاني بين المسلمين، بل حتى في المذهب الواحد، وهذا أمر طبيعي لا يقدح بصحة الأصل، فهذه مدارس واتجاهات وأفهام واجتهادات، يختلف بعضها عن بعض، ولا صلة لها بالنص القرآني.
ويرى البعض أن القرآن يطلق على الألفاظ القرآنية دون معانيها، فالمتبادر للذهن هو هذه الألفاظ دون المعاني، ولهذا وردت الحرمة بمسّ الآيات الشريفة إلا على طهارة. وهذا هو المعني بالتلاوة.
وهناك من يرى شرط العمل بالقرآن، وأن قراءة القرآن تعني التطبيق والعمل، فلما لم يكن هناك عمل بالقرآن فلا يعتبر القارئ قارئاً. فالتطبيق والعمل شرط عندهم في القراءة.
والمعنى الثالث: يرى أن القرآن يعني اللفظ والمعنى معاً، وهذا هو الصحيح، فكلام الله تعالى هو هذه الألفاظ بين الدفتين، وهو أيضاً المعاني المرادة من الألفاظ.
قال رسول الله (ص): «أفضل الأعمال : الصلاة، ثم قراءة القرآن في غير الصلاة، ثم التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، ثم الصدقة، ثم الصيام». [ كنز العمال، المتقي الهندي15: 950].
كما أن من داوم على قراءة القرآن، فلن يضره، أهجرَ الناسَ أم هجروه، لأن ارتباطه مع الباري جل وعلا. وهذا ما يشعر به من داوم على التمعن في القراءة والإكثار منها.
وفي الكثير من الروايات أن من يقرأ القرآن، ويدعو الله تعالى تتأخر الإجابة، لأن الله تعالى يحب أن يسمع صوت القارئ، لا سيما إذا كان شاباً مؤمناً، فلو استجاب له في أول قراءته للقرآن أو الدعاء، فلربما ينقطع عن الله تعالى. فخير وسيلة للاتصال به تعالى هي قراءة القرآن الكريم، كما بين ذلك رسول الله (ص). فمن قرأ القرآن، وشعر بتأخير الاستجابة للدعاء فلا ييأس، فالله تعالى يستمع إليه، ويحب أن يستمع صوته.
عن الإمام علي (ع) قال: «البيت الذي يُقرأ فيه القرآن، ويُذكر الله عز وجل فيه، تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويُضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري لأهل الأرض. والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، ولا يذكر الله فيه، تقل بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين». [ الكافي، الكليني2: 499].
ومن هنا لا بد أن يراجع الكثير منا نفسه ليسألها عن كثرة المشاكل التي تحصل في البيوت، فلعل أحد أهم أسبابها عدم قراءة القرآن، ووجود الشياطين. فالبعض يقول : لا يكاد يمر بنا يوم واحد إلا ونعاني فيه من المشاكل، فما هي الأسباب؟ الجواب : أن الرواية السابقة تؤكد أن البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن تحضره الشياطين، وإذا وجد الشيطان في البيت كثرت المشاكل بلا أدنى شك، فالزوج لا يتحمل زوجته، والزوجة كذالك، والأب لا يتحمل أبناءه، والأولاد لا يتحملون آباءهم، وهكذا.
وأضعف الإيمان لمن لا يحسن القراءة أو ليس لديه الوقت، أن يستمع للقرآن الكريم من خلال بعض القنوات أو الأجهزة الذكية أو الراديو أو غيرها، فصوت القرآن في البيت له الأثر ، وإن كان عن طريق الأجهزة السمعية أو البصرية. لكن ثواب القراءة أكثر من ثواب الاستماع، وإن كان للاستماع ثواب عظيم أيضاً.
وعن الإمام أمير المؤمنين (ع) : «من أنس بتلاوة القرآن لم توحشه مفارقة الإخوان». [ غرر الحكم، الآمدي التميمي: 638 ]. فالبعض يحزن حزناً شديداً على فقدان أو مفارقة شخصٍ ما، صديقاً كان أو أخاً، فهذا لم يأنس بتلاوة القرآن.
وعن رسول الله (ص) أنه قال لسلمان : «يا سلمان، عليك بقراءة القرآن، فإن قراءته كفارة الذنوب». [ جامع الأخبار، الشعيري: 39 ]. ومن منا ليس لديه ذنوب؟ وهل فينا من هو معصوم؟ فعلى المرء أن يقرأ القرآن لكي يكفر من ذنوبه.
وهنالك آيات في القرآن الكريم تلعن الكافرين والفاسقين والظالمين، فهل نحن في مأمن من ذلك أم لا؟ فكم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه. قال رسول الله (ص) : «ربّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه». [ جامع الأخبار، الشعيري: 48 ]. وهذا يجعلنا نتأمل ونتمعن، فمن لم يعمل بمضامين القرآن الكريم، فيأتمر بأوامره، وينتهي عن نواهيه، ربما يكون مورداً للعن القرآن نفسه. فمن شهد شهادة الزور فالقرآن يلعنه، وهنالك روايات في هذا الشأن. فلو أردنا أن ننهج النهج القويم المستقيم فعلينا بتطبيق القرآن في حياتنا.
ولنعلم أيها الإخوة، أن من ضرب الإمام أمير المؤمنين في محرابه وقتله، كان صوّاماً قواماً تالياً للقرآن، وهل يشك أحدٌ منا أن هذا ليس مورداً للعن القرآن الكريم؟ وكيف لا يلعن القرآن من قتل سيد الوصيين وأمير المؤمنين (ع)؟
والحديث عن فضل تلاوة القرآن الكريم طويل، لا يسعه الوقت.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط