مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2018/05/23 | 0 | 1715
الشيخ حسين العباد : آفات اللسان ـ ( 4 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. (طه: 25 ـ 28).
سيدة النساء (ع ) :
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَاً﴾. (الأحزاب: 33).
وقد قال في حقها المعصوم (ع): «لولا أن الله تعالى خلق فاطمة لعلي، ما كان لها على وجه الأرض كفء، آدم فما دونه». (من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق3: 393).
لقد خلّد القرآن الكريم ذكر الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين في آيات تتلى آناء الليل وأطراف النهار، تعظيماً لمواقفهم الشريفة الخالدة التي خلدت القيم الإلهية . ولولا تلك المواقف من الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين، لما خلد هذا الدين الحنيف. ومن تلك النماذج التي خلدها القرآن الكريم تلك المرأة الطاهرة (ع) .
قدوة النساء :
إن هذه المرأة العظيمة، وهي النموذج الأكمل لنساء البشرية، لم تعش سوى ثمانية عشر عاماً، وكانت البنت الأمثل لأبيها النبي الأعظم (ص) والنموذج الأكمل لزوجها علي بن أبي طالب (ع) وكانت المثل الأعلى أيضاً بلحاظ الأمومة للحسن والحسين (ع) فقد حظيت بكونها المثل الأعلى في الجوانب الثلاثة : البنت والزوجة والأم . فالفتاة التي تريد الاقتداء بالزهراء (ع) في التعامل مع أبيها عليها أن تقرأ سيرتها (ع) وكذلك الزوجة التي تريد الاقتداء بها في تعاملها مع زوجها عليها أن تقرأ سيرة هذه العظيمة، وكذلك الأم التي تريد أن تتخذ هذه المرأة قدوة عليها أن تقرأ حياتها.
إن هذه المرأة التي مثلت البنت والزوجة والأم نزلت فيها آيات عديدة، وليست آية التطهير إلا مثالاً، وقد أجمع المسلمون على أن الزهراء (ع) من أفراد هذه الآية .
لقد ولدت هذه المرأة الجليلة من أشرف أبوين، ألا وهما رسول الله (ص) وخديجة بنت خويلد، وتربت في حجر رسول الله (ص) وتيتّمت من أمها منذ الصغر، فكان رسول الله (ص) لا يشعر بفقد خديجة لوجود الزهراء الطاهرة (ع) على الرغم من صغر سنها. بل كان يشعر بحنان الأم في هذه البنت، حتى دعيت أم أبيها. فكم لها من عظمة!.
مقام الزهراء (ع) في القرآن والسنة :
في الرواية الشريفة «عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن فاطمة لم سميت الزهراء؟ فقال : لأنها كانت إذا قامت في محرابها زَهَرَ نورُها لأهل السماء كما تَزهرُ نور الكواكب لأهل الأرض». (علل الشرائع، الشيخ الصدوق1: 181).
فأهل السماوات من الملائكة ترى نور الزهراء (ع) إذا قامت في محرابها، لأنه يزهر لهم كما تزهر النجوم والكواكب لأهل الأرض.
ومن الروايات الواردة ما ورد عن رسول الله (ص) أنه قال : «فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن سرها فقد سرني، ومن غاظها فقد غاظني». (الأمالي، الشيخ الصدوق: 104). وهي صريحة في أن كل ما يتعلق بإدخال السرور على قلب الزهراء (ع) فإنه يخص النبي (ص) ويدخل السرور على قلب الزهراء (ع) وكل ما يسيئها يسيئه.
ومن الآيات النازلة في حقها قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ﴾. (الكوثر: 1). فلا أحد يشك أن هذه السورة المباركة العظيمة نزلت في حق سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء (ع). فلما جاء العاص بن وائل لكي ينال من رسول الله (ص) عندما توفي ولده إبراهيم، وكان رسول الله (ص) في حالة يرثى لها، فقال العاص: إنه أصبح أبتر، وأن الدعوة سوف تنتهي بوفاة رسول الله (ص) إذ كانوا يعتقدون أن النبوة ميراث كالرئاسة في زمانهم. وهكذا كفار قريش، فرحوا بموت ابنه إبراهيم، وصاروا يعيرونه أنه أصبح أبتر، فنزلت هذه السورة، فالكوثر فاطمة (ع) وهذا هو نسل رسول الله (ص) ينتشر في جميع دول العالم ويعدّ بالملايين. وما خفي من نسله كثير.
ومن الآيات النازلة بحقها (ع) قوله تعالى في آية المباهلة: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكاذِبين﴾. (آل عمران: 61). وكان هذا في يوم المباهلة، ولم يخرج مع رسول الله (ص) من النساء ـ بإجماع المسلمين ـ سوى السيدة الزهراء (ع) بل عظمها القرآن الكريم في هذه الآية بصيغة الجمع (نساءنا) وهذا ما يدل على عظم منزلتها عند الله تعالى.
ومنها أيضاً قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرَاً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى﴾، (الشورى: 23). ومن أقرب القربى لرسول الله (ص) فاطمة (ع).
ومنها قوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْنَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيْرَاً﴾. (الإنسان: 8). فهذه نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسن.
وهذه نماذج قليلة من الآيات التي نزلت بحق الزهراء (ع) وهنالك الكثير من الآيات الأخرى الصريحة الواردة بحق هذه المرأة العظيمة وأهل بيتها، إما تزيلاً أو تأويلاً أو تفسيراً، حتى إنها بلغت العشرات أو المئات. وقد جاء عن ابن عباس أنه كان يقول بنزول ثلاثمئة آية في علي بن أبي طالب (ع). والكثير من هذه الآيات كانت على نحو الشراكة بين الزهراء وعلي عليهما السلام.
فمن تلك الآيات المشتركة بينهما، والتي ذكرها ابن عباس (ع) قوله تعالى: ﴿مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾. (الرحمن: 19). فهي من الآيات المشتركة بينهما.
أما عبادة هذه المرأة العظيمة فقد ورد فيها الكثير، منها ما عن الإمام الحسن (ع) قال: «رأيت أمي فاطمة (ع) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعةً ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتُها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسميهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء. فقلت لها: يا أماه، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدار». (علل الشرائع، الشيخ الصدوق1: 182).
فمن أراد أن يقتدي بالزهراء (ع) فعليه أن يقتدي بها في هذا الجانب على الأقل، فيصلي في جوف الليل، وهي أفضل الساعات، لكي يخلو مع الله تعالى، ثم يدعو للمؤمنين والمؤمنات. أو يصلي ركعتين فقط، فهما خير له مما طلعت عليه الشمس وغربت، وهو ما ورد في الروايات عن النبي (ص) وأهل البيت.
أيها الإخوة المؤمنون: من المستحبات المؤكدة في الدعاء أن تدعو لمن بينك وبينه مشاحنة وتوتر، بالهداية والمغفرة، فيدعو له في جوف الليل، فهذا يُسقط كل ما تشكل من عداوة بينهما.
قال الله تعالى لموسى: «ادعني بلسان لم تعصني به. فقال: أنى لي بذلك؟ فقال: ادعني بلسان غيرك». (بحار الأنوار، المجلسي90: 390).
و منها عن الإمام الباقر (ع) قال: «أوْشَكُ دعوة، وأسرع إجابة، دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب». (الكافي، الكليني2: 507). أي أنك تدعو لغيرك بلسانك، وغيرك لم يستخدم هذا اللسان في المعصية. فلو تعاهد كل منا أن يدعو لأخيه لاستجاب الله جل وعلا الدعوات، لأننا دعونا الله تعالى بألسن لم نعص الله تعالى بها.
آفات اللسان :
بالعودة للحديث عن آفات اللسان، وهو ما تكلمنا فيه في الأسابيع الماضية، نكمل ما بدأنا به من ذكر تلك الآفات، وقد بلغ بنا المقام إلى دوافع وأسباب السخرية .
قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُن﴾. (الحجرات: 11).
يعلق الإمام زين العابدين (ع) على هذه الآية قائلاً: «إياك أن تتكلم بما سبق إلى القلب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره». (بحار الأنوار، المجلسي68: 229). فكثيراً ما يكون الإنسان في مجلس، ويسمع حديثاً منكراً، ينكره في قلبه، وهنا يحذر الإمام المتحدث من أن يتكلم بكلام يسبق للقلب إنكاره، حتى لو كان له جواب عنده. وأحياناً يكون قلب المتكلم نفسه ينكر ذلك، فعليه في هذه الحال أن يتركه، حتى لو كان لديه العذر والجواب.
ويقول (ع): «وما عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك، فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم بمنزلة ولدك، وتجعل تِربَك منهم بمنزلة أخيك، فأي هؤلاء تحب أن تظلم؟ وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه؟ وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره؟». (بحار الأنوار، المجلسي68: 230).
فالإمام عليه السلام يضع لنا قاعدة في التعامل الاجتماعي، فيرى أن من هو أكبر منك بمنزلة أبيك، وإن كان أصغر كان بمنزلة الولد، وإن كان مثلك كان بمنزلة الأخ. فأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره؟ فهل هنالك من يريد أن يهتك ستر بيه أو أخيه أو ابنه؟
ثم يقول (ع): «وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلاً على أحد من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك فقل: قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل: قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني، وإن كان تِربَك فقل: أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره، فما لي أدع يقيني بشكي؟ وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجّلونك فقل: هذا فضلٌ أخذوا به، وإن رأيت منهم جفاءً وانقباضاً عنك، فقل: هذا لذنبٍ أحدثتُه، فإنك إن فعلت ذلك سهّل الله عليك عيشك، وكثر أصدقاؤك وقل أعداؤك، وفرحت بما يكون من برهم، ولم تأسف على ما يكون من جفائهم». (بحار الأنوار، المجلسي78: 230).
هذه قواعد عامة ودقيقة في التعامل مع أبناء المجتمع.
فيا أيها الإنسان المسلم المؤمن ، راجع نفسك باستمرار، ولا تكابر، ولا تتصور أنك معصوم. فلو أنك قمت بتطبيق ما أراده الإمام السجاد (ع) لك عشت عيشاً سهلاً، وكثر أصدقاؤك، وقلّ أعداؤك، وسوف لن تأسف على ما يكون من جفاء الناس، لأنك سلكت الخطوات السليمة الصحيحة. وهذا من الأمور الطبيعية المتوقعة بلا شك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لزيارة الزهراء (ع) وأن تشفع لنا يوم القيامة، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، ويوم تلتقط شيعتها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء، في ذلك الموقف. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
جديد الموقع
- 2024-05-15 "تقنية الأحساء " تطلق مبادرة طريق ضيوف الرحمن في نسختها الثانية
- 2024-05-15 شركة جواثا للترفيه تبرم اتفاقية تعاون مع الجمعية التعاونية السياحية بالاحساء
- 2024-05-15 سمو محافظ الأحساء يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمنطقة الشرقية
- 2024-05-14 جمعية دار الرحمة تزور وكيل الأمين للخدمات بأمانة الأحساء
- 2024-05-14 حسن الصوت ليس من مستلزمات الغناء الغربي
- 2024-05-14 التجربة الشعرية في أطباق أحمد الرمضان الشهية
- 2024-05-14 اكتشاف وحدة تحكم رئيسة للجهاز المناعي مما قد يفتح الباب على مصراعيه لاكتشافات واعدة لإدارة وعلاج الكثير من الاضطرابات والأمراض المناعية
- 2024-05-14 أمير الشرقية يدشن عدة مباني لجمعية التنمية الأهلية بالمنطقة
- 2024-05-14 أمير الشرقية يطلع على التقرير السنوي لشركة مطارات الدمام
- 2024-05-14 المهندس علي سلمان الخليفة يلتحق بكفاءات ابناء المطيرفي تهانينا