2021/04/15 | 0 | 3082
الشاعر جاسم عساكر يغنّي في المأتم ويمنح الغرباء أوطانا
يرسم الشاعر جاسم عساكر في ديوانه الأخير "أغنية لهذا المأتم" صورة نقية دقيقة واضحة لقلبه وجوهره وأحاسيسه، ويدوّن سيرة ذاتية صادقة لا لما عاشه وأنجزه، بل بما يحمله من مشاعر وأحلام وأمنيات.
خُلقَ جاسم عساكر كي يَحبُّ الأرضَ والناس، ويصيّر أحزانهم وأوجاعهم ومآتمهم إلى أغان. بالحب تصير الأزهار الذابلة ألحاناً.
خلق كي يهبَ حياته للآخر:
أريد أحضن هذه الأرض أحرسها.. أريد غيمة تحنان أطوف بها
فهو يتألم لحزن المزارع ويحسّ بوجع النخيل في الظهيرة تحت الرياح
في "أغنية لهذا المأتم" يغني الشاعر عساكر في المأتم، ويدخل محراب الهوى متنسّكاً ويرفع صوت البائسين أذانا. يحلم أن يأوي الغرباء إلى مهجته ويمنحهم أوطاناً.
يود الشاعر جاسم عساكر لو أنّه يضم أخاه الإنسان، أن ينفض عنه أحزانه، أن يحمل عنه حزنه الثقيل، يودّ أن يرمي الحياةَ البائسة بوردة وأن يمد الجسور بين الشعوب ويؤلف بين الإنجيل والقرآن.
تظنّ وأنت تقرأ القصائد أن الشاعر يمتلئ بالحب والغرام والهيام فقط، لكنه يمتلئ حزناً ووجعاً أيضاً وهو يرى بني الإنسان المشرد والغريب والخائف والبائس، إنه يتوجع. لا يحلم بأن يمتلك قصراً أو بستاناً لا يحلم بعشيقة ومال وجاهٍ.
لا تعثر في القصائد على إنسان يتغزل في نفسه أو تطغى عليه الأنا، أو ينتظر من الآخر أن يلتفت إليه ويعجب به أو يعدد مآثره وحسناته ويمدح نفسه.
جفّت شرايينُ الدقائق إنّما
استبقيتُ من ولعي بها شريانا:
هو أن أحبّ وكم أحبُّ فربما
دوّنتُ لي في ساعتي عُنوانا
حتى أنّه يود لو أنه يمرض نيابة عن محبوبته، فـ "حين مرضتْ" دخل هو في الكآبة وبذلك هو يمرض مرتين.
في القصائد شاعر عنوانه الحب، يهدي قلبه للآخر لمن يعرفه من الأصدقاء أو للإنسان. يقول بن عساكر:
إذا لم يعد في الأرض حبّ فلم يعد
على الأرض ما يغري ليصطاده القلبُ
هو الحبُّ أو أهوي إلى حفرة
على الدرب يرميني بأحشائها الدربُ
فهو لا يستغني عن الحب فإذا ما غاب الحب عن الأرض فلا يجد ما يغري للعيش وليس بديل غياب الحب سوى أن يهوي في حفرة سحيقة
فهو لا يختار الحب ولا ينويه وليس بإرادته، فهو ضعيف أمامه بل أن الحب لا يبقي على شيء منه في داخله يأتي عليه حتى ينتهي به إلى الموت والحتف والقتل ليس في سبيل المحبوب لكنه في سبيل الحب: الحب للأرض وللناس والإنسان والفلاح والمزارع، فهو لا يتأثر أو يحزن على إنسان قُتل في مكان ما بل أنه يبكي إذا سمع بإنسان قتل في آخر الأرض، فهو يرى نفسه مسؤولاً عن جميع بني البشر وفي الوقت نفسه هو غير مسؤول عن نفسه، تتضح في الأبيات التالية تفاني ومحبة جاسم عساكر لبني البشر وتوزيع جسمه على جسوم كثيرة
أبكي إذا سمعتْ أذني بحادثةٍ
في آخر الأرض قد أودتْ بمجهولِ
في كل روح إذا فاضتْ لبارئها
لي صورةٌ كُرّرتْ من قتل "هابيل"
كأنني عن جميع الخلق يسألني
قلبي وأنّي عنّي غير مسؤول
ديوان "أغنية لهذا المأتم" هي المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر جاسم عساكر. سبق له أن أصدر ثلاث مجموعات: شرفة ورد، الأشرعة، أطواق الشوك.
في ختام ديوانه يقدم جاسم عساكر شكره الخاص للشاعر السيد هاشم الشخص أبو هاشم على تبنيه طباعة الديوان وقدم شكره للشاعر ناجي حرابة على متابعته المستمرة لإخراج الديوان.
جديد الموقع
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل
- 2024-04-18 الأمير سعود بن طلال يرعى توقيع عقد إنشاء بوابة الأحساء