2013/07/15 | 0 | 4512
الدكتور حسن الشيخ وأبعاد ... الزمان والمكان الأحسائي .
(ولادة فارس قبيلة المطاريد (
وطوال تلك السنين وحتى اللحظة لا أعرفه شخصيا ، ولم التقيه رغم القرب والمودة والتقدير بيننا . من خلال حبنا للكتاب والكتابة.
فالكتاب جمعنا ولن يفرقنا ، وكيف يفرقنا من يستولي على الذهن والقلب والعقل.
بل لازلت اتذكر تلك الحروف وأهيم بها ، و أتمثلها ليس كوني بدويا لا يفقه قدره بالتراب وأتى من يؤصل وجوده كما جاء في صلب قصة فارس قبيلة المطاريد الساحرة ، بل كوني أحسائيا يطاول عنقه كل لحظة شموخ النخلة ، في كبريائها وغبطتها ، كونها رمز للحضارة والرقي والإنساني ، والتي تغيب للأسف عن الكثير من اهل الصحاري العربية.
ولا زلت طوال ثلاثة عشر سنة ، أستمع إلي حروفه تتحدث في تلك القصة. قصة ولادة فارس قبيلة المطاريد و التي يقول فيها:
..
)) كنت أتصور أن أمي الشمس ، ووالدي القمر .. إلا إن الحقيقة كما تبدو لي أن أمي هي الأرض .. الأرض المباركة .. أدركت ذلك في اليوم التالي لولادتي . وكنت بسيطا .. أما الشعور بالفخر والعظمة اللذين تحدثت عنهما .
فأنا صادق .. لا أعرف حقيقتهما .. لعل عذري الوحيد هو أنني مازلت في الشهر الأول. والأطفال قد يحسون بأحاسيس الكبار أحيانا ..
إلا أنهم لا يستطيعون تفسير أسبابها ، وإدراك كنهها. وطفل صغير مثلي لم يتجاوز عمره الشهر الأول ، ويفتح عينيه لأول مرة ، فلا يسمع سوى زمجرة الريح والغبار في صدر الصحراء المتهالكة ، ولا تحيط به سوى أذرع الشجيرات الصغيرة .. يلعق ندى أوراقها .. ويرضع من طيور الواحات .. ويجعل محط أنظار نسائها الوالهات إلى ولادة فارس ، لم تنجبه الواحات من قبل ..
يغزو الصحراء .. يروضها .. ويأخذها أسيرة تحت عباءته البدوية))..
إنها حروف تتحدث
بجنون الأسطورة ، وبخيلاء التمرد والزهو والسمو. حروف رغم السنين تأبى إلا الحضور
في كل يوم ، وكل لحظة ، حين أرمق التراب والوجوه وما يدور من فهم حاضر غائب في
الناس وحولهم.
هل الأمر توقف على
تلك المشاعر التي تخلقت من نص واحد ضمن مجموعة مر على صدروها سنين ؟؟
بالتأكيد لا .
لأن الدكتور .. حسن
الشيخ ..وظف الأسطورة والتاريخ والعرف والعادات والزمن كله أيما توظيف. ليكون جسرا
بين الماضي والحاضر والمستقبل في كل إبداعاته.
وكأنه تحمل أمانة التعبير
عن ذلك الأمس لليوم ، عن الأحساء الماضي والحاضر والمستقبل.
وظف كل طاقة ممكنة
حتى فيما يدور من ترابط بين الاسم والمعنى ، بين الشيء والشيء الآخر.
لهذا يقال عند الناس
أن كل شيء يذكر بمثله. هذا كله موجود ومحسوس بعمق في كل كتاباته ومنها ..
) اختفاء قدوسة ، غيمة البدري ، المقبرة
، الفوارس ، حافلة الأحساء ، ووو)
ولهذا الترابط
العضوي ....أقول:
كان والدي حينها
صغيرا يتيما ، يعيش في كنف عمه ، والأخير كان صاحب حملة حج ، وفي كل عام يذهب مع
عمه من الأحساء إلى الحجاز رغم صغر سنه. ووقتها كانت الحجاج تذهب على ظهور الجمال .
فكان بعض الأحسائيين
يضطرون لتغير أسمائهم حذر السطو من أهل البادية ، الذين لا يقدرون دم ألآخر وحقه ،
حتى لو كان في رحلة حج مقدسة فالسلب والنهب هو تاريخهم وجينتهم التي لا يمكنهم
الخلاص منها.
ولهذا كان نصيب أبي
أسم غريب .. عنطريدة . .
فبدلا من السيد على
. كانوا ينادونه .. عنطريدة ..
ثم تحول إلى ..
الطريدة .. تخفيفا في النطق ، فاشتهر ذلك الاسم كرمز جودة لدى الناس في الأحساء ،
لما ملكه من قدرة فائقة في اصلاح أي آلة تقع في يده ، فكان الناس يقصدونه لإصلاح
اجهزتهم بدأ من ساعات اليد و مكائن الخياطة والدراجات ألهوائية والنارية والسيارات
، وفتح اقفال الخزائن الفولاذية التي ضاعت مفاتيحها ، إلى مكائن ضخ المياه في
المزارع.
فكانت الكنية
البدوية أو التي اخترعها الأحسائيين درء للمخاطر هى السائدة .
لهذا كانت (
المطاريد ) لها وقع حنين يزخر بتاريخ جميل رنان في أذني ، فلفت الاسم . المطاريد.
بحضوره السحري الغامض رأسي مما جعلني انكب عليها لقراءتها أكثر من مرة .
وبعد هذا السنين
التي زادت عن ثلاثة عشر سنة لازلت ارجع إليها
.
مجموعة قصصية تحمل
ما تحمله من ترميز ومعنى يحتاج لوعي مفرط لإدراك ما يصبو الي مبدعنا الجميل
المتميز .. الدكتور حسين ابن محمد الشيخ .. وهذه ميزة تتجلى في كل كتاباته.
الأهم الآن هو صمتي
الذي احتجته وتأملي وتفكيري العميق ، والذي لم استطع عبره لجم دهشتي وحاجتي الماسة
لفهم قلم هذا الأحسائي المفرط في التميز.
للتو انهيت روايته
الأخيرة . ( الكوت(
ولعلي من المحضوضين
جدا. لقد سألني يوما عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة عن . التسمية .
هل الأفضل . مجنون
الكوت ، أو الكوت فقط.
فأشرت الى العنوان
الأخير . وأنا لا أدري ماهو صلب الرواية ومحتواها.
وكان اختياري مبني
على اعتقادي أن رواية الفوارس بعدها طازجة في ذهن المتلقي ، ولا أعتقد أنها ستغيب
ابدا عن بال من قرأها . وهي الرواية التي رصدت ادق تفاصيل المكان والزمان والشخوص
الإنسانية في الأحساء ، ممثلة في حي من أحياء مدينة الهفوف . كبرى مدن واحة
الأحساء.
وبالتالي تسمية
الرواية الجديدة بـ . الكوت . سيكون سلسلة لرصد تاريخ المكان والزمان في متوالية
أدبية.
وبعد فترة وصلتني
الرواية الجديدة معنونة بـ ( الكوت )
اليوم انهيت قراءتها
الثانية.
ولازلت احتاج
لقراءتها عدة مرات .
الأمر الذي يحتاج من
القارئ أن لا يجازف ويقرءا للدكتور حسن الشيخ إلا إن كان مستعدا للتخلي عن كل شيء
والبقاء عاري عن كل خلفيات سابقة للحكم على العمل الأدبي بكامله.
وعليه أن يكون
مستعدا لفهم حقائق و مغازي التسميات والوجوه والتواريخ والأماكن كما . عنونت . به
في البداية.
حتى تكون سيرة
الحروف والمعاني والرموز والأمكنة والأزمنة والبشر والأفكار و آثارها جميعا قابلة
للتدفق في سياق واحد في آن ، ومتعدد في آن آخر يتسع إلى افق لا يمكن حصره .
أعني بدقة متناهية.
رواية ( الكوت ) هي
سِفر تكوين الإنسان الأحسائي .
هكذا اصفها ليس حبا
فيها وليس تدليلا لقراءتها بل انبه أنها ليست الرواية التي انصح بها للذين يغطون
في نوم عميق. لأنها ليست ( ابدا ( رواية لتزجيه الوقت ، أو لتوسيع الصدر من الضجر
وقت الفراغ .
بل هي مصدر قلق
وتساؤل ونافذة للتأمل والتفكير فيما تطرحه خلال حروفها ووجوه وقلوب وأسماء ابطالها
، في تلك الأماكن وتلك الأزمنة .
لتحقق في يوما من
الأيام ( حقيقة الأحساء ) كونها عالم مستقل عن محيطه الصحراوي في كل شيء ، بداء
بالتراب وانتهاء بالإنسان وفلسفته في الحياة. إنسان الاحساء المختلف عن محيطة.
ماذا عسانا سنكون ؟؟
كان هذا هو السؤال
الذي ينبت كنخلة تمر الواحة ..
سؤال أنبتته الرواية
في الكثير من الوجوه والأمكنة والأزمنة.
فيتساءل القارئ ..
هل ما ورد في
الرواية حدث بالفعل ؟
ومن سيجيب الآن عن
هذا التساؤل ؟
هل الدكتور حسن ذاته
؟؟
بالتأكيد لا.
لأنه اطلق كل مباهج
الإبداع بين أيدينا ، وعليه انتهت كل مسؤوليات المبدع عن إبداعه. وبقيت أنت وأنا
والجميع .
وبالتأكيد .. نحن
جميعا .. لا أنا ولا أنتهم تريدون اجابته أيضا ، بل لا حاجة لإجابته فلقد قال ما
أراد قوله بين دفتي الرواية.
ولكن هل انتهت
الأسئلة ؟؟؟؟..
بل هي بدأت بالفعل
... فعودوا للرواية لنعرف من هو:
سالم الليث وزينب
العيوني والعمدة والقاضي والجني الأزور ، وقصر ابراهيم والقيصيرية ، والناس وجبل
القارة ، والوصايا العشر المقدسة ، وأنا وأنت جميعا
.
كلنا جميعا ، وقعنا
في الرواية كعلامة سؤال قلق ومخاتل ومحمل بعلامات القلق تلوى القلق ، قلق حول
المصير الإنساني .
في عمل روائي رغم ما
اصابه من خدش في الطباعة بأخطائها الإملائية إلا أن نهاية الرواية هي بدايتها
بجنون.
فسلام على مبدعنا .
لقد جعل الجنون نبوءات لا تحصى كعدد الأسئلة الخفية في الرواية .
جديد الموقع
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
- 2024-03-28 احتفاء جمعية كيان باليوم العربي لليتيم في عيونهم 2/2
- 2024-03-28 دراسة تربط بين السجائر الإلكترونية والسرطان .. واستشاري يعّلق
- 2024-03-28 مداد السلسبيل