أقلام وكتابات
2019/08/16 | 0 | 160
الحلقة رقم ٥: تعريف المجتمع من مناظير فردية مختلفة
( م. أمير الصالح )
بعض افراد المجتمع يقولون أين المجتمع؟ و بعض ابناء المجتمع حاقنون على المجتمع ؛ و البعض من افراد المجتمع يقولون خذلنا المجتمع. تُرى مَن هو المجتمع الذي يقصده هؤلاء الناس .
كلمة المجتمع يرددها الجميع و لكن الصورة الذهنية للمفردة اللغوية " المجتمع " متعددة الانطباعات بتعدد الاشخاص . على سبيل المثال ، عندما يُسأل مغترب / مهاجر عربي بُعيد وصوله لدار الغربة عن تعريفه للمجتمع المحيط به ، فسيجيب : بانه هو المجتمع الذي يضم ابناء من عناصر قومية واحدة تشترك في اللغة و العرق ك القول بان مجتمعه هم ابناء الجالية العربية . بعد انقضاء فترة من الزمن لو اعيد ذات السؤال على ذات الشخص المغترب بعد تمدد خارطة علاقاته هنالك ، فقد يجيب على نفس السؤال المذكور انفا بالقول : ان المجتمع هو مجموع الناس الذين يشتركون في الدين و اللسان و بعض العادات و التقاليد و اصناف الاطباق الغذائية. و بعد انطواء الزمن و العودة لنفس المغترب / المهاجر و طرح ذات السؤال للمرة الثالثة عليه فان جوابه سيكون منكمشا او متمددا حسب مكاسب تجارب المغترب و نضوج تقييمه الموضوعي فقد يقول بان : المجتمع هم افراد يشتركون في الدين و المذهب و الجذور الانتمائي ل منطقة ما قوميا و العادات و الاعراف او قد يقول بان المجتمع هو مجموعة افراد يتكاملون من خلال تبادل المصالح و يشغلون مكان جغرافي واحد و لديهم وسائل اتصال مشتركة دون الالتفات لمفاهيم الدين او المذهب او القومية او العادات او التقاليد . هذه التعريفات المتغيرة و المتبدلة من ذات الشخص ، تتماشى و تتبدل سعة او انكماش بناءا على قناعات ذات الشخص و بناء على تجاربه الشخصية المتراكمة مع ماضي و تقادم الايام حيثما يوجد مكانا و زمانا و انماط ردود افعال و تشكيل لانماط شخصية . و هنا قد يتعرض ذات الشخص لتعريف جديد عن المجتمع عند تولد شعور الحنين لماضي اجتماعي homesick و قد يتطور الى حالات تدعى النوستالجيا / nostalgia و هناك قد تتبلور تعاريف جديدة لمفهوم المجتمع عند ذات الشخص . و لعل من ينكر اهمية المجتمع و بناءه و المساهمة في صيانته و اعادة ترميمه في حياة الفرد لاي سبب كان يكون بطرنته المالية او تحقيق الملائة المالية او انقلابه او عدم قناعته بالمحيطين به او وقوعه ضحية لمغالطات او تقلص فرص الكرامة الوجودية في حقه . و هنا قد يتسأل الانسان العادي ليطرح تسأل بسيط في حق من ينكر اهمية وجود مجتمع في حياته ان يقدم تفسيره لاعراض امراض الاكتئاب و الانتحار في حياة الافراد .
دعنا نودع المغترب/ المهاجر و نذهب الى المواطن الحضرية الاصلية لهم و هنا على سبيل المقاربة منطقة الشرق الاوسط .
المصاهرة و الاستئناس و التعاطف التفاعلي الايجابي و التكامل في الخدمات التبادلية المنفعية هي الركائز الاساسية لتكوين المجتمع التقليدي و جذوره . و قد يقول اخر بان الشخصية الاجتماعية تتكون من تشابك الدوافع و العادات و الميول و الانماط الفكرية ( العقل الجمعي ) و التوجهات للمشتركات العاطفية و المعتقدات المشتركة و التكافل العام الناتج عن مجموع المشاعر المشكلة اجتماعيا هي الركائز الاساسية لتكوين المجتمع التقليدي و الغير تقليدي . و قد ياتي اخرون بتعاريف مختلفة لنفس المصطلح الا انه من المؤكد ان الصورة الذهنية لكل شخص عن اي مجتمع ينتسب اليه هو وجود ذاكرة اجتماعية منبعها المشتركات الفكرية و الجغرافية و التكامل الاقتصادي بتبادل الخدمات و سد الاحتياجات و المساحات المشتركة في بعض العادات و بعض التقاليد و بعض الافكار و بعض العقائد و بعض المواقف التاريخية.
كما اوردنا سابقا ، البعض من الناس يتفلت من مجتمعه الاساس بسبب تأثره بافكار محددة او قوة الصدمة الحضارية التي خاضها او تطلعه لشي ما يتعارض و محيطه او اعادته لصياغة و منظومة قناعاته و افكاره او تغيِّر حالته المالية او ارتفاع المنصب الوظيفي له ، فيلتحق على ضوء ذلك بمجتمع آخر او يستحدث و يهيكل احاطة نفسه بافراد معينيين و يعتبرهم افراد مجتمعه الجديد. هذا التصرف او السلوك يزداد بوتيرات متفاوته بين معظم اهالي المدن الكبرى و ابناء بعض اهل القرى شديدي الطموح في معظم الدول العالم. لعل المتابع من القراء اطرق سمعه كتاب " لا ارغب ان اكون عربية / Pas envie d’etre arabe" للسيدة ريما خوري و الصادر باللغة الفرنسية عام ٢٠١٤ . وقد علقت الكاتبة في لقاء اذاعي بعد اصدارها للكتاب بالقول نصا : " وعندما أقول إنني لا أرغب أن أكون عربيّة، فالسبب لا يعود بالتأكيد لأنني اخجل من أصولي، بل لأنّني لا أريد أن أكون في صفّ المشبوهين بعد الحادي عشر من أيلول سبتمبر، ولأنّني أرفض فكرة الانتماء الواحد أكان بالنسبة لي أو بالنسبة لآلاف الأشخاص المهاجرين " ، انتهى النص .
مواطن التنبيه عدة في هكذا مشاهد :
- امكانية توظيف اطراف متعددة خارج المجتمع لا سيما لحالات الناقمين / الناقمات او الذين يخشون التصنيفات الاعلامية على مجتمعاتهم في امور غير متلائمة مع قناعات المجتمع
- امكانية زيادة مستوى الخذلان و الروح السلبية لمن لا يؤمن بمجتمعه
- زيادة منسوب عدم القناعة باي طرح اصلاحي او ترميمي داخل ذات المجتمع بناء على انتشار الروح السوداوية من اطراف ناقمة / محبطة / بائسة / يائسة / انانية / انتهازية .
اود ان يفرد القارئ الكريم بعض الوقت مع نفسه لتعرف على رؤيته الذاتية للمجتمع الذي يؤمن به باجوبه صريحة مع نفسه:
السؤال ١: ماهو تعريفك للمجتمع ؟
السؤال ٢ : لو سمح لك و بكامل القدرة و الحرية و التصرف ان تشكل مجتمعك ، فما هي صورة مجتمعك و ماهي المنظومات الفكرية التي تبنيها عليه ؟ و هل ستصيغه صياغة شبه مغلقة semi- closed. او مفتوح open من دون اي خطوط حمراء : خضراء / صفراء ؟
السؤال ٣: هل ترى انه يجيب تدمير كامل البناء الاجتماعي الحالي و اعادة بناءه من جديد باسس مختلفة ؟ ام انه يجيب اعادة تنقيح بعض الافكار السائدة فيه و الاستفادة من الطاقات الايجابية المتوفرة فيه و الاستلهام من تجارب الاخرين ؟
السؤال ٤: هل مجتمعك طبقي البناء ام تعاوني التنشأة ؟ و هل تجد ان لك اي وزن في صياغة مفاهيمه ام ان هناك مجاميع له كامل الوصاية على مجتمعك ؟
السؤال ٥: هل ترى مجتمعك في نمو مستمر و متغيير ام انه جامد و متناحر و قد يتفتت يوما ما ؟
السؤال ٦ : هل اقدمت يوما ما على خطوات عملية او طرح افكار تزيد من النمو الاجتماعي لمجتمعك ؟ و هل مازلت في اصرار ام انك اعتزلت ؟
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا