أقلام وكتابات
2019/08/22 | 0 | 2088
التنفيس عبر الميديا
( محمد العيسى )
"لا بد للمصدورٍ أن ينفُث"، ومعناها أن كل مَن عنده همٌّ يعتلج في صدره ويؤزّمه لا بد وأنه سيُخرج شيئاً من هذا الهم عن طريق قذفه إلى الخارج عن طريق الفضفضة أو بث الشكوى للآخرين.
الإنسان هذا الكائن المليء بالمشاعر والأحاسيس يتعرّض دائماً لمواقف تؤزمّه وتشحن صدرَه، ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منبراً عالياً متاحاً للجميع يستطيع الإنسان أن يرتقيه في أي لحظة ويبث من خلاله شكواه وسيصل صوته للكثيرين ومنهم من سيتلاقف كلامه وينشره.
هذه النافذة المتاحة صارت أقربَ شيء يلجأ له مَن يشعر بالظلم والكبت وينفث من خلالها ما يعتلج في صدره من همومٍ وشكوى.
وهنا يجب أن نقف وقفةَ تأمّل لتقييم هذا النوع من الاستخدام لوسائل الميديا من ناحيتيه القانونية والشرعية لكي يتضّح لنا كيف ينبغي أن نتعامل مع مثل هذه الحالات.
الشرع أتاح للمظلوم أن يتكلّم جهراً عن مظلوميته ﴿لَّا یُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلۡجَهۡرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِیعًا عَلِیمًا﴾ [النساء ١٤٨].
الإنسان المظلوم هو صاحب القضيّة ويُفترَض أن يكون مطلّعاً على حيثيات وتفاصيل قضيته لأنه عاشها واقعاً، ومتيقّناً من أنه مظلومٌ فعلاً قبل أن يجوز له أن يجاهر بمظلوميته متهماً بها طرفاً آخر، وهو حينما يجاهر بمظلوميته فهو أدرى بصدقه من كذبه ﴿بَلِ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِیرَةࣱ﴾ [القيامة ١٤] ولذلك فعندما يتعرّض هذا المظلوم الذي جاهر بمظلوميته واتهم طرفاً آخر بالسوء للمساءلة الإلهية أو للمساءلة القانونية فينبغي أن يكون عنده ما يدافع به عن نفسه ويثبت به مصداقيته.
نحن لا نلوم المظلوم. أما الآخرون الذين لم يكونوا طرفاً في القضية ولم يشهدوا وقائعها وأحداثها وتفاصيلها فبأي حق شرعاً أو قانوناً يقومون بنشر هذا السوء على الملأ ويساعدون على انتشاره، فالشرع أمَر بالتبين فقد يكون هذا المتظلّم مشتبهاً بأنه مظلوم وهو غير كذلك، أو أنه يعاني من مرض نفسي أو اختلال عقلي أو أنه فاسقٌ يريد أن يكيد للآخرين ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن جَاۤءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإࣲ فَتَبَیَّنُوۤا۟ أَن تُصِیبُوا۟ قَوۡمَۢا بِجَهَـٰلَةࣲ فَتُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [الحجرات ٦]،
وعلى الإنسان قبل أن ينشر سوءاً من القول بحق أي إنسان آخر أن يسأل نفسه عن مدى علمه وتحققه من صدق هذا السوء قبل أن يكون شريكاً في نشره على الملأ ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولࣰا﴾ [الإسراء ٣٦]
وسيجد كل من يساهم في نشر هذا السوء نفسَه مسؤولاً شرعاً وقانوناً عن مشاركته في هذا التشهير، ولذلك فعليه - قبل أن يقوم بذلك - أن يكون مستعداً للدفاع عن نفسه وقادراً على تبرئتها أمام الله وأمام القانون.
جديد الموقع
- 2024-05-17 أفراح الجزيري تهانينا
- 2024-05-17 الكتاب الذي ينسيك أنك تقرأ
- 2024-05-17 انقطاع العلاقات بعد التقاعد.
- 2024-05-16 خطط مرحلية لإنجاز مشاريع ( سفلتة مخططات المنح ) بالأحساء
- 2024-05-16 سمو محافظ الأحساء يستقبل وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان للتخصيص والاستدامة المالية
- 2024-05-16 " لوحات تفاعلية " في المواقع الحرجة مرورياً بالاحساء
- 2024-05-16 مكافحة متلازمة المحتال والهدف هو مساعدة الطلاب الذين لا يثقون بأنفسهم محاضر في علم النفس يركز على مكافحة العقلية السلبية
- 2024-05-16 24 مشروعا رياديا في ختام برنامج منشآت بالأحساء
- 2024-05-16 الخطوط الفنية والعملية مع كتاب عقلية فقيه (مع الشيخ حبيب بن قرين الأحسائي ) للمؤلف / الشيخ عبد الجليل البن سعد)
- 2024-05-16 هل انتفت ثنائية المركز والهامش ؟