2022/05/20 | 0 | 1384
التفكير وحدود الإطار
تتفاوت مدارك البشرية في معالجة الظواهر ضمن حدود متفاوتة يحكمها ضمناً سعة المدارك في المقام الأول ثم تأتي الجرأة على البحث وتطوير النتائج. هذه العلاقة المتلازمة ما برحت تتحكم في مخرجات العقل البشري وتقوده ساعة للتطور المرحلي أو الجمود.
المدارك تخضع لقانون التخزين والمعالجة ومن ثم التصدير وهذه العلاقة متباينة عادة ولكنها قد تفقد سمة الاعتدال في كثير من الأحيان نظراً لفعل المؤثر الخارجي والذي يتحكم بمفاصل التسلسل الادراكي ويجثم على آلية المخرجات العقلية.
إن المتتبع لمسيرة العلوم وسياسات التعلم يدرك أن المدارس العلمية لم تكن منصفة للعلم ذاته وانما كان هم هذه المدارس هو التباهي بمسيرتها فقط وعلى حساب الأمانة العلمية المتوافقة وقناعاتها فقط، مما فرض حالة من الاصطفاف لنفخ روح البقاء لهذه المدارس وتبقى الاصالة رهينة التوافقات فقط بلا قيمة حقيقية في فضاء الواقعية العلمية.
من هنا نشأ مفهوم الإطار العلمي وأخذ في التغلغل لإكساب المدارس قوة عبر تشريع المقارنات العلمية ومن دوافع الانتصار فقط وليس التلاقح والحوار والتنازل والتعديل اذ أن لكل مدرسة حدود واضحة تحكمها موروثات وقواعد علمية يصعب على الباحث تخطيها في أجواء أشبه بالاحتقان العلمي.
ورغم أن التاريخ بداية من المشرع الأساس وهو النبي (ص) والائمة (ع) كفل للمتتبع حق البحث والتطوير ولم يلزمه بإطار سوى خطوط التوحيد، إلا أن فترة ما بعد الغيبة فرضت سياج دون التخطي للمورث عنهم وصادرت حرية البحث دون تعدي إطار مفهوم العرابين للمدارس التابعة لعلوم آل البيت (ع) مما أثر بنحو واضح في مسيرة المعرفة وفرض حالة من التفكير داخل الإطار فقط دون الاقتراب من حدوده فضلاً عن تعديه وإن كانت النوايا سليمة.
من هنا نشأت انقلابات في أطر التفكير بين مراحل زمنية متفاوتة حيث عكست جرأة كل مرحلة على تخطي سابقتها بعنوان التكيف أو الحاجة للتطور من أجل فهم مدلولات علمية ضرورية وما الى ذلك ، ولا زلنا ولتاريخنا المعاصر ننازع في ولادة نمط واطار تفكيري لائق لعصر الانفجار الثقافي والتقنية العلمية الحديثة والتي تفرض واقعاً علمياً تستند في اغلب مبرراتها لنظرية عالمية الرسالة والعقيدة والتي بذر نشأتها النبي محمد (ص) ومن بعده آل البيت (ع).
إن التفكير في حدود الاطار وحتى اللحظة يعتبر أمان المتعلم وحصانة العالم ولكن واقعها هدم لقيمة العلم وثبات بل وجمود لتقدمه مما ينذر بالتخلف عن الركب والبدئ في مصطلح الفوارق الزمنية بين حضارات الشعوب ، فحيث كنا على تقدم ملموس في العصور الإسلامية الوسطى حتى بلغ اسهام المسلمين في ذروته الحقيقة مبلغ أعجز كل الحضارات فاتخذته قدوة واستلهمت منه أسس زهوها وحضارتها الحالية إلى أن جمدت عجلة العلم والمعرفة الإسلامية عن الركب وسباق التقدم بفعل الخطوط الحمراء التي شرعها العاجزون عن تحدي الأمم وها نحن نجر أذيال الخيبة في التخلف والرجعية .
الخيار بين التفكير في حدود الاطار أو في داخل الاطار أصبح ماضي ولن ينفعنا بالمطلق حيث أن الحاجة حالياً لنمط جديد ألا وهو التفكير خارج الاطار إذ أنه الملاذ الأوحد لتقدم البشرية بسنن الأنبياء والاولياء ، وأقصد بالتفكير خارج الاطار هو الانقلاب على الإرث الكلاسيكي لتداول المعرفة والبحث عن آفاق جديدة لترجمة أهداف الرسالة الإسلامية على ضوء القواعد التي زرعها النبي و الآل (ص) ، ولكي لا أترك مجال للتطرف ليعثوا بالفكرة فنحن نحتاج لاستيعاب مدارس تفكيرية جديدة قادرة على اجتياز ساحات الاستدراك والخروج بنظريات تتكيف الإنسانية مع التشريع وتكون عوناً لنهضة الامام الغائب (عج).
مما لا شك فيه أن تاريخ المعرفة الإسلامية وبتعاقب القرون قاد الامة لسد ثغرات ومنحها الكثير من المناعة ضد الانهيار وهذا الحد قابل للاستمرار ولكن لن يجدي لنشر المبادئ والقيم إذ لن نبرح في موقف المدافع فقط ولن نأمن الثغور في كل يوم أو في كل عصف جديد وعلينا ابتكار آليات جديدة للمبادرة والنشر والتأقلم وهذا لن يتحقق الا بنمط جديد امكانياته تنحسر في استيعاب الآخر والهجوم تارة أخرى وهذا ما نربو اليه ونعزز توجهه .
خروج نماذج تفكيرية ذات نمط خارج المألوف لم تكن بدعة حديثة وانما ملازمة لتاريخ المعرفة ولعل فشلها كان مبررا لبساطة المشهد الفكري حينذاك أما ونحن على أعتاب الانفجار الثقافي وتدفق المعرفة فالتحديات تزداد وتستلزم معدات فكرية وبطابع خاص يكون أكثر ملائمة وأعمق أصالة . من هنا نشيد بكل مدرسة فكرية سواء أكانت داخل المذهب أو خارجه تهفو لتعظيم التراث والفكر الإسلامي بلغة عصرية بعيدة عن قيود الماضي وتشرع مفهوم التزاوج بين التطور والتراث لتخرج لنا فلسفة جديدة لإستخلاف الانسان في الأرض علها تكون مصوباً لحالة انحراف لازم الامة طيلة قرون وتصير بذرة تقدم إسلامي جديد يمهد الأرضية لعصر العدالة الإلهية الغائبة .
جديد الموقع
- 2024-04-24 أمسية حوارية للقاص والروائي طاهر الزارعي وتوقيع مجموعته القصصية الرابعة
- 2024-04-23 كل ما تملكه ليس لك
- 2024-04-23 الملتقى الثاني للتعريف بالماعز القزم بالمطيرفي
- 2024-04-22 بعد أن تتعرض للإهانة، اكتب مشاعرك على قصاصة ورق ثم تخلص منها وهذا من شأنه أن يحد من مستوى شعورك بالغضب
- 2024-04-22 مراعاة الزمن مع الأسئلة في اختبارات أعمال السنة
- 2024-04-22 نظرية أثر الفراشة في 80 لوحة تشكيلية
- 2024-04-22 احتفالية توقيع كتاب تنتهي بتوصية استثمار جبال الأحساء
- 2024-04-22 المريحل تحتفي بعقد قران نجليها ( حسين وحسن )
- 2024-04-22 رشفة من الإبداع ونور الحياة في النورس الثقافي بالاحساء
- 2024-04-22 أمير المنطقة الشرقية يزف 7784 خريج وخريجة من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل من الدفعة الخامسة والأربعون