2020/08/28 | 0 | 1324
الازمات تكشف الهزال
لطالما عاهدت نفسي بالابتعاد عن مواطن الصدام الاجتماعي لما تحمله من تبعات ترتكز على ضبابية التفهم والتداول الفكري وعادة ما ترتبط بفجوة بين المتحدث والمستمع فلا يدرك المستمع اي غاية ومقصد للمتحدث سوى موقع التماس في الخدش المباشر ولكن رغبة في الاستجابة لطلب بعض الاخوة جزاهم الله خير بضرورة التعرض لهذه الحالة السلبية وضرورة التأكيد على كشف الخلل بها ولالتقاء غايات يعتصر لها القلب كانت هذه النفثات حصيلتها وجوهرها.
مع الظرف الاستثنائي الذي داهمنا في احياء موسم العشرة المباركة لاستشهاد سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين عليه السلام وأصحابه وما تعود عليه المؤمنون بملازمة المجالس الحسينية حتى اصبحت من ضروريات الحياة لما تمثله من زخم تعبوي ايماني يربط المؤمنين بآل البيت عليهم السلام ويشدهم لهذه المدرسة الشريفة والغنية بتراث مميز يحمل كل وسائل الاستقامة والنجاة من براثن الاعوجاج والانحراف.
من الطبيعي ان ننظر للقائمين على احياء هذه المجالس سواء أكان من صلب الدور المناط لهم كوكلاء وخدم او متطوعين لخدمة المؤمنين خاصة في هذه المواسم المميزة بكثافة الحضور وثقل المسؤولية.
هذه السنة وبسبب ظرف الجائحة فرضت على المؤمنين قوانين وقائية تتقاطع والعادة السنوية المعهودة ولا اشكال انها تصب في مصلحة وقاية المجتمع من تفشي هذه الجائحة فهنا نسجل اتفاقنا المطلق مع اي توصية طبية او علمية تدور في هذا الفلك فصيانة النفس من الهلاك ابقى من كل اعتبار وان كان على حساب احياء مناسبات دينية لها قدسيتها ولكن تبقى دون حفظ النفس.
لذا كان من اللازم الحتمي ان نرتقي بنظريات التكيف القسري مع مثل هذه الظروف بتشكيل لجان استشارية بمستوى المسؤولية الحقيقية لا الاستعراضية كما هو المعتاد.
نعم اهمال اللجان الاستشارية فاقم آلية التكيف السليم مما ادى لفشل ذريع في ادارة دفة السيطرة والاقناع الاجتماعي حتى بان التذمر والسخط من الكل تجاه من ادعى المعالجة بالوسائل المتاحة وهذا مغاير للحقيقة بل تبرير فاشل حمل الهزيمة وقلة الحيلة وكشف لنا الحقيقة المدفونة وهي عدم كفاءة المتصدي بل عدم مصداقيته.
نعلم انه تحدد من الجهات الرسمية عدد ٥٠ شخص لكل مجلس حسيني وكما اوضحنا لا مجال للتصادم مع التوصيات الطبية خاصة في ادارة الجموع ولكن ماهي المبادرات التي قدمها ارباب المجالس للتكيف مع هذا القانون واين ابداع الاداري في صياغة حلول بديلة لا تتنافى والتوجيهات الرسمية وكذلك التوصيات الطبية!
ما غاب عن المجتمع ان لكل مجلس حسيني حد وعدد من المآتم تقدر من ٦ الى ٧ مآتم يومية وهذه كفيلة بتقريب التعادل او تخفيف وطأته على المؤمنين فبدلا من نصب مجلس ليلي واحد لماذا لم تنصب اربعه مجالس لكل مأتم.
قد يبرر القائمون بزيادة التكلفة المادية حسنا لماذا لا يفتح مجال للمبادرين بتحمل نفقات المأتم فتوجد مجالس عوائل وتوجد تجمعات خيرية ودوواين تستبشر فرحا بفتح مثل هذا المجال كل ذلك يكشف بما لا يدع مجال للشك حجم ضياع الثقة بين المتولي وعداه والخوف والتربص بمصادرة جنبة التولي للمجالس بما يعكس بل يفضح جانب الاخلاص من عدمه في التصدي لمسؤوليات العمل الرسالي الذي يدعي به هؤلاء.
جانب آخر
وهو خدمة الامام الحسين ع وهم الخطباء والمبلغين فلماذا لم نر حتى اللحظة مبادراتهم بتخفيف الاجور وتكثيف المجالس وهو عامل مساعد للقيمين في فتح مجالس أخرى.
نعم المسؤولية مشتركة من كل من يدعي أنه يحمل رسائل الامام الحسين عليه السلام من كادر الحسينية الى القيم حتى الخطيب المستأجر لإحياء المناسبة ، هنا عندما نضبط هذه المحاور نحو مبدأ واضح نستطيع أن نقيم بنيان له ثمار واضحة بالمجتمع .
إذن لابد وأن نقف تحت مبادرات التكيف الإيجابي مع الازمات بما يحفظ استمرار الغايات وهذه تعتمد على سعة أفق مشتركة تبدأ بالمتولي للمجالس أو القيم أو الوكيل ولا أستطيع الزعم بأن كل المتولين لا يتمتعون بهذه الثقة الادراكية ولكن من اليقين أن البعض قد أخفق لذا توجب أن يسند المشورة الى لجنة كفاءات تستطيع وضع خطة سليمة وتخرج الوضع من عنق الزجاجة .
إن من المؤكد حال اسناد المشورة لأهل المبادرات سنتخلص من عوائق جمة تلاحق إدارة هذه الموارد الثقافية الكبيرة ونؤسس لمصنع طاقات ورجال كفيل بضبط المنهج على مبتغاه الذي سعى إليه الائمة صلوات الله عليهم في تأسيس هذه المحافل والتي شعرنا نحن جيل اعمار الاربعينات وما بعدها بثمرتها حين حصادها حيث طابع البساطة والتلقائية أهم علاماتها فكنا نتسابق في الخدمة لهذه المجالس بما يتسع لنا من مجال وطاقة حينذاك أما واليوم ونحن نعايش عصر العولمة فأجد أن صياغة آلية مدروسة للتوجيه المعنوي للشباب سوف تؤتي أكلها حال تصدي الكفاءة ولو بالاستشارة ومساعدة المتولين .
فعلى سبيل المثال لا الحصر، لجأت بعض المآتم لتعطيل الصلاة بالمساجد خوف من تزاحم رواد الحسينيات نتيجة محدودية العدد ، فعلى من يريد شرف الحضور للحسينية أن يتنازل عن حضور الصلاة بالمسجد جماعة وأن يعوضها بالصلاة بالحسينية !!!
مما لا شك فيه أنها محاولة انقاذ حسب صاحب هذه الفكرة ولكنه وقع في خطأ كبير جدا إذ أنه حارب شعيرة ضحى الامام الحسن من أجلها وسفك دمه لتثبيتها قبالة مقدمة لهذه الشعيرة وأعني ان حضور المجالس الحسينية ماهي الا مقدمة لتثبيت الصلاة بالمساجد ، بالتالي ضيعنا أهم الأهداف الحقيقة لنهضة الامام .
مثل آخر حين سعى بعض متولي الحسينيات للتكيف بعفوية ففتح أبواب الحسينيات قبل ساعات من المجلس فمن حجز له موقع يحق له حضور المجلس ، وهذا خطأ متناقض مع التوصيات الطبية التي توصي بعدم التجمع أكثر من ساعة في الأماكن المغلقة كما فيه اهدار لوقت 50 مؤمن دون أي برنامج او غاية تصل لساعتين او ثلاث من الانتظار .
هذين مثالين يكشفان هزال واضح في إدارة الدفة وعدم القدرة على الخروج بأفضل الحلول نتيجة قلة الحكمة بل معاداتها والهروب منها وقد خلق الكثير من الصدام بين المؤمنين والكوادر فلا نستطيع القاء اللائمة على الكوادر كما لا نستطيع لوم المؤمنين فحالة التوفيق بين الممكن والمتوفر مغلقة بأقفال الدهر والزمن .
أخيراً
ذكرنا في معرض الحديث سبيل واحد وهو إحلال اللجان الحالية والتي أثبتت التجربة مقدار العجز وعلى المؤمنين البحث عن الكفاءة الملائمة وهو أنجع السبل في مواجهة الازمات حيث أن هذه الجائحة ليست بنهاية أزمة وانما فاتحة لتجارب تراكمية وأزمات مستقبلية قد تكون مشابهه أو أكثر سوء.
جديد الموقع
- 2024-04-20 إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالشعر
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"