2016/04/16 | 0 | 3215
أدبيات العلم في عصر الحداثة وما بعد الحداثة
عزز هذه الفكرة ظهور فلسفة ديكارت الرافضة للموروث والتشكيك في كل حقيقة ، فازداد الإيمان بالفرد في قدرته على التحليق بالمنهج العلمي ليحقق الرضى التام للإنسانية .
بدأت رحلة الحداثة مع النهضة وحققت ازدهاراً مع ظهور بوادر لعصر التنوير ,وأكاد اجزم أن العلوم الطبيعية كانت على إرتباط وثيق بالفلسفة قبل تلك الفترة , إلى أن فجر إسحاق نيوتن ثورته العلمية بإكتشافه لقوانين الحركة ووضعه لعلم حساب التفاضل والتكامل ليؤسس بذلك مدرسته التجريبية و يقفز بعلم الميكانيكا والبصريات إلى مناطق متطورة جداً , ويوجد خطاً موازياً للفلسفة أخذ في التسارع وبخطى واثقة سبقت الفلسفة بمراحل.
كان التناغم موجود بين الفلسفة و منهج العلم الحديث وبين الحين والاخر , وكثيرا ما كانت الفلسفة تجد هذا العلم هو المجال التطبيقي لتصوراتها الفلسفية. في تلك الفترة جأت فلسفة كانط في رده على تشكيكات هيوم حول قدرة الذات على فهم الواقع ليأسس مدرسة جديدة للمعرفة مبنية على العقل ، هذا التصور الجديد للكون والفرد كان رافداً معنوياً مطمأناً للخط الحداثي للإسمرار في خط الدفاع عن الحقيقة المطلقة ووفق التصور المطلق سجل العلم العديد من الانجازات العلمية ووضع العديد من النماذج حتى بات الإنسان قريباً جداً من معرفة سر هذا الكون .
في مطلع العام 1900 م كان العالم على موعد مع نقطة تحول جديدة وضعت الحداثة على المحك , فالتصور الحداثي المطلق أصبح مهدداً وبشدة مع وضع فريديك نيتشة أحد رواد ما بعد الحداثة إشكالاته حول نظرية كانط والحقيقة المطلقة وإدعائه أن الفرد يبني عالمه وفقا لتصوراته, ودعَّم هذا التوجه وضع البرت اينشتاين لنظريته النسبية التي حدت من تصور نيوتن الذي ظل صامدا لأكثر من ثلاثمائة سنة , ويوجد تصوراً جديداً وفهما أعم لهذا الكون .
من هذا العرض الموجز عن تلك الحقبة الزمنية , يبدو لي أن الحداثة استعادت للعقل مكانته وشجعه على حل المشكلات ليحقق التطور والإزدهار , ولكنها ذهبت بعيداً , بعيداً جداً , فلا مكان للروح في ظل وجود المادة . الحداثة سعت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى تفكيك إنسانيتنا فحولتنا إلى ما يشبه الآلات الميكانيكية التي تتحرك في هذا الكون , و الحرب العالمية الثانية خير مثال ووصول الانسان بالعلم لإمتلاكه التقنية النووية ليحولها إلى اداة تفتك بالبشرية وتهدم الانسانية , وأيضا التطور الكبير في مجال البحث الجيني وتوجهه لمصالح فرديه بعيده عن المصلحة الإنسانية والتطور الصناعي وما صحبة من تلوث للبيئة وتدميرها.
دخول عصر ما بعد الحداثة هو محاوله لإصلاح ذلك الخلل وتوجيه هذه القدرات العلمية الضخمة لما يخدم الانسان ويحقق له السعادة
ان المنهج العلمي الجديد الذي بدأ مع عصر النهضة لازال في حالة تطور منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة ويبدو ان ما حملته الحداثة وما بعدها وما سيأتي بعدها لا يعدو أدبيات أو قيم إحتاجها من يملك تلك القوة العلمية الهائلة ليحولها من منطقة الشر إلى منطقة الخير والعمار .
جديد الموقع
- 2024-05-06 مدينة مصغرة لواحة الأحساء الزراعية
- 2024-05-05 مثقفون وأعيان يرصدون العطاء الأدبي للبابطين
- 2024-05-05 قصيدة (مطية الغياب)
- 2024-05-05 افراح الغزال و الدخيل في رويال الملكية بالاحساء
- 2024-05-05 شَبَه الكتابة بالرسم
- 2024-05-05 ما بعد الوظيفة (1).
- 2024-05-05 ابن الأحساء الحبيبة الفلاح الفصيح
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء