2017/06/06 | 0 | 1495
سماحة العلامة السيد هاشم السلمان الخطوات العملية لتحقيق حالة الورع
تطرق سماحته إلى دور أبي طالب والسيدة خديجة عليهما السلام في الصمود والصبر والتضحية والفداء ومناصرتهما لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، ينبغي اقتباس الصفات الجليلة منهما والسجايا العظيمة ، جاء ذلك في الذكرى السنوية لوفاتهما سلام الله عليهما.
وأشار سماحته إلى ما تضمنته خطبة النبي صلّى الله عليه وآله من الأعمال الصالحة والفاضلة في شهر رمضان مما دفع الإمام علي عليه السلام أن يستنطق النبي صلّى الله عليه وآله بتلك الأجواء والقلوب المتوجه للنبي صلّى الله عليه وآله ليبين لهم حقيقة العمل وأس الإيمان والثمرة الحقيقية لهذ الشهر المبارك فسأله عليه السلام: (أي الأعمال أفضل في هذا الشهر؟) فأجابه صلّى الله عليه وآله: (أفضل الأعمال الورع عن محارم الله) فهذه الفقرة تستوقف كل مؤمن يهتم بآخرته كثيراً ليتأمل معناها ، فهي عمدة هذه الأعمال وركيزة الطاعات والغاية الأساسية من التشريعات بما فيها الصوم ، الأعمال تحتاج إلى حصن وحرز وصيانة وحفظ ، والوعاء لهذه الأعمال وحرزها والحافظ لها هو الورع ، كما أشارت إليه العديد من النصوص الكريمة ، فقد روي عن النبي صلّى الله عليه وآله: (ملاك الدين الورع) فالغاية والهدف من التشريعات خلق حالة الورع ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: (لا معقل أحرز من الورع) ، (عليك بالورع فإنه خير صيانة) إذاً صلاة الجماعة وتلاوة القرآن وإفطار الصائم والصيام لا فائدة منها إلا بالورع ، وأن الصيام شرّع من أجل الورع [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {البقرة:183} والتقوى معنى آخر للورع.
ونوه سماحته بأن للورع مراتب ، منها مرتبة واجبة لازمة على كل مكلف وهي اجتناب المحرمات ، وأخرى مندوبة وهي اجتناب الشبهات ، ومرتبة فاضلة هي اجتناب المباحات ، والمرتبة الكاملة اجتناب كل فعل لغير الله سبحانه وتعالى كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: (ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه أو قبله أو معه) وهي أعلى وأكمل درجات الورع.
وأكد سماحته على تحقيق المرتبة الأولى من الورع وهي المرتبة الواجبة ، فالورع يحتاج إلى خطوات عملية وبرنامج سلوكي ، منها العلم لمعرفة حقيقة الورع ، والفقه لمعرفة حدود الورع ، والتطبيق العملي لموارد الورع:
أولاً: العلم ، معرفة القصد من الورع ، وهو حالة نفسانية بسيطة تدعو الإنسان إلى ترك المعاصي واجتناب المحرمات ولا يمكن فيه التبعيض ، فإن الورع الحقيقي ترك جميع المحرمات ، كالعدالة لا تكون إلا بالاستقامة وترك المحرمات وإتيان جميع الواجبات ، وارتكاب أي ذنب يسلب العدالة ، كذلك الورع لا يتحقق إلا بامتثال واجتناب كل المحارم ، لذلك لا يكفي الورع في الصلاة دون الورع في أداء الحقوق ، ولا يكفي الورع بالكلام دون الورع بالاستماع ، ولا يكفي الورع نهاراً دون الورع ليلاً ، فالورع لا يمكن أن يتبعض فهو حقيقة بسيطة نفسانية يجب التحلي بها.
ثانياً: فقه وحدود الورع ، فإن الورع يشمل كل ما يصدر من الإنسان من الحركات والأفعال والأقوال والمواقف ، بل حتى الأمور القلبية والاعتقادية والفكرية يدخل فيها عنوان الورع ، كما يتورع الإنسان عن فعل المحرمات بالجوارح يجب أن يتورع عن حمل المعتقدات الباطلة والضالة وحمل الأفكار والمعلومات المنحرفة والمشبوهة ، وأن الورع يشمل العبادات يجب أن تؤدى بإخلاص بعيداً عن الرياء ، وكذلك المعاملات المالية والعلاقات مع الناس وأن يكون ورعاً في كل السلوكيات ، الورع عام يشمل جميع الجوارح والقضايا القلبية.
ثالثاً: التطبيق العملي ، الكثير يسمع عن الورع وتعريفاته وحدوده ، ولكن يبقى تطبيق الورع في واقع حياة الإنسان وشؤونه ، قد يكون من السهل حضور صلاة الجماعة والذهاب للحج في كل عام وملازمة تلاوة القرآن وأن يكون عالماً أو خطيباً ، ولكن ليس من السهل أن يلازم كل ذلك الورع ، تطبيق الورع يحتاج إلى رقابة ومحاسبة النفس والتحوط الشديد في واقع الحياة ، لهذا ما نراه من الفساد والشرور وسلب لحقوق الناس وعقوق وتفشي الفسوق كل ذلك بسبب غياب حالة الورع وضعف الوازع الديني.
وحث سماحته على مجاهدة النفس وتحقيق الورع في الواقع العملي ، ربما الإنسان يكف نفسه عن الفواحش مثل فعل الزنا وغيره ولكن لا يكف لسانه عن الغيبة والبذاء والفحش والسب والشم ، وقد يكف عن النظر إلى النساء الأجنبيات ، ولكن لا يكف نفسه عن النظر إلى الأفلام والصور المحرمة ، وقد يكف يده عن الضرب والإساءة للآخرين ، ولكن لا يكف يده عن الرسائل المسمومة المليئة بالإثارات والفتن والأكاذيب والسخرية والتشويه في وسائل التواصل الاجتماعي ، قد يرسل وهو في المسجد والمصحف أمامه بحجة كما وصلني ، فهذا غير مبرر شرعي ، المرسل مسؤول شرعاً عن إرسال ونشر الأمور المحرمة المتضمنة للأكاذيب والإساءات والفتن والشقاق.
وأكد سماحته على تحقيق الورع بحفظ الجوارح كلها وتأدية الفروض بشروطها وحدودها وأداء عقود البيع والشراء والإجارة ، ويجب الالتزام بأداء الإجار في وقته وكذلك الالتزام بإبقاء المؤجر في مكانه دون مضايقات ، والوفاء بالشروط المبرمة مع المقاولين وغيرهم ، وأداء الأمانات الخاصة من إعطاء الحقوق للأقارب والورثة والأيتام ، والأمانات العامة من الولايات على الأوقاف والحسينيات وغيرها ، وحقوق الجيران والأقارب ، ومعاملة الأسرة المعاملة الشرعية بلا إساءة للزوجة أو الأبناء أو الوالدين ، لتحقيق واقع التطبيق العملي كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: (لا ورع أنفع من تجنب محارم الله عز وجل والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم) وعن أمير المؤمنين عليه السلام: (ثمرة الورع صلاح النفس والدين).
وتابع سماحته بأن للإيمان مراتب وللتقوى منازل والناس يتفاوتون تفاوتاً كثيراً في ذلك ، وعلى قدر ترقي الإنسان في هذه المنازل تكون منزلته عند الله سبحانه وتعالى ، ولابد من استثمار هذا الشهر المبارك للارتقاء وزيادة القرب من الله سبحانه وتعالى بالحفاظ على أداء الفروض والاكثار من الطاعات والمستحبات والمداومة على الاستغفار والأذكار ، وتطبيق توصيات الأئمة عليهم السلام ومنها ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: (من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق).
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا