2025/11/03 | 0 | 589
القراءة في كتاب الزواج في مدرسة الإيمان
قراءة في كتاب الزواج في مدرسة الإيمان - أهم أسرار نجاح وتكامله -، للمؤلف/ عباس نور الدين.
الزوج رزق من الله:
لا يختلف الناس حول وجود فوائد عديدة ومنافع جمة في الزواج وإن اختلفوا في القدرة على تعدادها واستيعابها بيد أن القليل من عباد الله من يقدر هذه النعم ويشعر بأهميتها. قال الله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13].
لوجود زوج في حياتنا إعانة كبرى على متاعب الحياة ومتطلباتها، لكن ليس كل زوج معين بنفس المستوى فبعض الأزواج أكثر إعانة من غيرهم، وقد يتحول زوج إلى عبء كبير يبدل حياة زوجه ومن يشاركه الحياة إلى ما يشبه النقمة المستمرة والمصيبة النازلة.
المؤمنون بالله يعلمون أن كل ما يصيبهم من حسنة أو سيئة هو من عند الله ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النساء: 78]. ولهذا فإن وجود نعمة الزوج بالنسبة لهم هو أمر إلهي. وبعبارة أخرى، الزوج رزق من الله.
تحمل هذه المفردة الكثير من المعاني في ذهن المؤمن وقلبه، فبعزل عن ظاهر هذه النعمة واسمها الاعتباري (أمجد، حسون، لمياء، نسرين..) فهي أمر ساقه الله إليك. ولو كنت مؤمنا لشعرت بحضور الله تعالى فيه.
تختفي جهة النعمة والرزق في الزواج ولا تظهر حقيقة المنة الإلهية فيه عندما تركز على شطارتنا في الحصول عليه أو تحقيقه، تصور لو أنك عينت «بتول أفندي» كخيار نهائي في الزواج؛ ثم تواصلت معها بصورة مباشرة وأقنعتها بالزواج منك، ثم تواصلت مع أهلها وأقنعتهم بذلك، وقبل ذلك استطعت أن تقنع والديك، وربما أعمامك الذين يتدخلون في شؤونك بحكم العادات السائدة في مجتمعك وبذلت لأجل ذلك الكثير من الجهد والوقت فهل يمكنك والحال هذه أن تستشعر حضور الله ودخالته في هذا الأمر؟!.
فكيف إذا كنت قد واجهت العديد من الاعتراضات ووقف عمك أو والد خطيبتك بكل حزم ضد هذا الزواج، ومع ذلك استطعت أن تجري مجموعة اتصالات مستخدمًا نفوذك وشخصيتك لإقناع بعض الوجهاء بالتدخل لصالحك. وفي النهاية تم لك ما تريد من الذي سيقول إن هذا الزواج قسمة من الله ونصيب منه؟! وأين يمكن أن يظهر التفضل الإلهي أو يد الغيب بالتيسير؟
أما المؤمن الذي خرقت بصيرته كل حجب الظاهر ونظر إلى باطن الدنيا حينما.
﴿لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ۞أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾. [الشورى:49- 50].
نظر الناس إلى ظاهرها، فإنه يعلم بأن كل هذه النجاحات والتوفيقات والجهود والإمكانات ما كانت لتكون لولا فضل الله تعالى. فما بنا من نعمة فمن الله، سواء وصلتنا بيسر وسهولة أو بعد ألف عناء. كل ذلك لا يغير من هذه الحقيقة شيء.
ولا شك بإن كل عسر أو تعسير في الحياة الدنيا إنما مرده إلى التعقيدات التي أوجدها الناس في حياتهم بسبب سوء ظنهم بالله وابتعادهم عن القيم الإسلامية.. لكن يبقى الحصول على أية نعمة أو زوج يعيننا على هذه الحياة بمثابة رزق من الله، ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ﴾ [سورة النور: 33].
والهدف من هذا الكلام هو أن نستحضر المبادئ الإيمانية في التعامل مع عنوان الرزق: أي أن تستحضر وجود الله ويده سبحانه في كل تفاصيل حياتنا ومنها الزواج، لأن المؤمن في إيمانه بالرزق الإلهي يفهم أموراً عديدة، أهمها:
1. أن عليه أن يتعامل معه على أنه تفضل من الله ومنة. فهو بذاته غير مستحق وإن بلغ ما بلغ، فجميع نعم الله مواهب كما تقول في الدعاء: «إذ جَمِيعُ إِحْسانِكَ تَفْضُلُ، وَإِذْ كُلِّ نعمك ابتداء». ولا يمكن للمؤمن أن يعتبر أنه قد حصل على الزوجة الفلانية بشطارته وذكائه وتدبيره، وإن كانت (بتول أفندي) تلك التي بذل من أجل الوصول إليها ما بذل.
وعندما تنقضي السنوات الطوال على الزواج ويكون للزوج الكثير من الفضل على زوجته أو العكس، فهذا لا يغير من الحقيقة شيئا. فلو اشتريت لزوجتك بيتا جميلا وسيارة فارهة وكسوتها بالحلل والجواهر، ستبقى نعمة من الله وتفضلاً. وكذلك سيبقى الزوج، رغم كل الخدمات الجليلة التي تكونين قد قدمتها له عبر سنوات والتضحية والعطاء والخدمة.
عن الإمام الصادق (ع)أنه قال: (ما مِنْ مُؤْمِنِينَ يَجْتَمَعَانِ بِنكَاحِ خَلَالٍ حَتَّى ينادي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ روح فُلَانَهُ مِنْ فُلَانٍ، وَمَا يَفْتَرِقُ زَوْجَانِ مؤْمِنَانِ عَنْ نَكَاحَ حَتَّى يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَلَّا إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ بِفَرَاقٍ فُلَانَهُ مِنْ فلان). وما يفترق زوجان مؤمنات عن نكاح حتى ينادي مناد من السماء (ألا إن الله أذن بفراق فلانه من فلان).
2. إن الرزق في الحياة الدنيا مقسوم على أساس المصلحة الكبرى التي تتحقق في الحياة الآخرة. فكل ما يرزقنا الله في الدنيا هو لأجل خيرنا الأخروي. وإنما يتبع الرزق في الدنيا صلاح المؤمن وهدايته في هذه الحياة زوجتي التي تقدم لي العديد من المنافع وقد تحرمني من العديد منها أيضا هي في الواقع لمصلحتي أنا، فلا ينبغي أن ألوم أحدا على ما يصيبني منها من مضار إلا نفسي، ولا ينبغي أن أشكر أحدا على ما أناله منها من منافع سوى الله، وإن الكل من عند الله المصلحة العبد. ﴿ ۞ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: 27].﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ۞﴿ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ﴾[ سورة العلق:6- 7].
يندر أن يكون للمرء أو المرأة زوج ليس فيه أدنى فائدة، لكن البعض أكثر فائدة من الآخر. ولو فرضنا أننا نستطيع تقدير الفوائد بالأرقام، وقلنا أن فائدة هذه الزوجة، مثلاً هي 50 وأن فائدة ذلك الزوج هي 45 وهكذا، فإن حصولي على، (30 فائدة) من هذه الزوجة إنما يكون المصلحتي الأخروية والتربيتي وتهذيبي وايقاظي وتكميلي وتأديبي ولو زادت الفائدة إلى 40 في مثل حالي لما نلت تلك المصلحة وكذلك لو كانت 20 مثلاً.
وكل من آمن بحكمة الله وعنايته في عطائه ورزقه ستجد القناعة الحقيقية طريقها إلى قلبه، وسيؤمن بمعنى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾[ طه: 131].
وفي حديث روي عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): (التمسوا الرزق بالنكاح).
﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾[ النساء: 32]
لا يعني هذا الكلام ألا نطلب المزيد بل إن القناعة هي سبيلنا لنيل المزيد على قاعدة ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ ﴾[ إبراهيم: 7].
فالشكر كما يأتي هو عبارة عن تقدير ما عندنا. والتقدير يقوم على الاقتناع بأهمية ما وصلنا، وطلب المزيد في الزواج يعني أن نطلب في الزوج حسن الخلق والهيئة ليحسن التعامل معنا ويلطف بنا، ويكثر النتاج الطيب والثمار الجميلة للزواج وتسهل الحياة ويكون الزوج أكثر عونا في البيت وما لا يحصى من الفوائد.
إن أهم أسرار السعادة الزوجية يكمن في عدم الغفلة عن معنى الرزق في الزواج. فعندما أنظر إلى زوجتي وأرى أنها نعمة من الله أكون قد استحضرت الله في أحد أهم مفاصل حياتي. وهذا الذكر هو الذي يجعل هذه الحياة طريقا للوصول إلى الله وزيادة الإيمان. ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17].
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾[ سورة النحل: 72].
﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾[ طه: 132].
﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾[ النحل: 71].
﴿ ۞ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا﴾[ سورة الأحزاب: 31].
روي عن الإمام عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ (ع) :(مَنْ تَزَوَّجَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاصِلَة الرَّحِمِ تَوَّجَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَاجَ الْمُلْكِ وَالْكَرَامَةِ).
مقومات الشراكة الحقيقية أو الحياة الزوجية:
الانتباه: كلا الشريكين ملتفت عاطفياً للآخر وداعم له يستمعان إلى بعضهما البعض، وكلاهما يشعران بأنهما داخلان في هذه العلاقة، مسؤولان عن رعاية العلاقة نفسها والحفاظ عليها.
التأثير: يستجيب كل من الشريكين لحاجات الآخر، ولرغبته في الحصول على الاهتمام، والمحادثة والتأثير عاطفياً في الآخر.
التأقلم: بالرغم من أن ظروف الحياة قد تفرض في فترات زمنية محددة أن تقدم حاجات أحد الشريكين على الآخر، فإن ذلك يحصل من خلال اتفاق متبادل ولكن على المدى الطويل، فإن كلا الشريكين يؤثران في العلاقة ويتخذان القرار معاً.
الاحترام: كل من الشريكين لديه نظرة إيجابية الإنسانية الآخر، ويرى الآخر محل تقدير، ويستأهل الإحسان في علاقة يسودها التعاون والرعاية.
الذاتية: كل من الشريكين يحافظ على ذات قابلة للتطور بمفردها، وقادرة على التحرك من دون وجود العلاقة لو اقتضى الأمر، وقادر على أن يحافظ على شخصية مستقلة من دون أن يتعدى الحدود التي تعكس القيم الأساسية.
الوضع: كل من الشريكين يتمتع بالحرية ليحدد مباشرة أو يؤكد على ماهو مهم ويضع بنود العلاقة كلاهما يشعر بأنه يحق له أن يعبر عن حاجاته وأهدافه وأن يحقق ذاته إلى أقصى حد داخل العلاقة.
الحساسية: كل من الشريكين مستعد للاعتراف بنقاط ضعفه، شكه، أو أخطائه.
العدالة: على مستوى الإدراك الذي يتحدد بالمرونة والتجاوب والسلوك، كل من الشريكين يشعر بأن الأعمال المنزلية والمسؤوليات مقسمة بطريقة تراعي الصلاح الفردي والمشترك.
الإصلاح: النزاعات يمكن أن تقع، ويمكن للسلبيات أن تتصاعد بسرعة، ولكن يتعمد الشريكان بذل الجهد حتى يخفضا من حدة مثل هذه النقاشات، وأن يهدنا بعضهما البعض من خلال أخذ هدنة، والاعتذار من بعضهما البعض على الصلافة التي بدرت منهما. يتابعان الموضوع من خلال استبدال العدائية باستماع كل منهما إلى وجهة نظر الآخر.
الصلاح: كل من الشريكين يدعم خير وصلاح الآخر من الناحية الجسدية، والعاطفية والمالية.
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا