2017/10/02 | 0 | 1498
الطفولة البريئة والحرية
سماحة العلامة السيد منير الخباز يشكل مدرسة جديدة وناهضة للمنبر الحسيني الأضوع. الملاحظ على سماحته هو الإتيان بالموضوع من جوانب عديدة ومختلفة من خلال بحوث شتى. في الليلة الثامنة، تطرق سماحة السيد منير للطفولة البريئة والحرية، وقد نقل فيها آراء مختلفة وركز في البداية على ما طرحه ريتشارد دوكنز في حرية الطفل في ألا يعلمه أبواه أي دين أو عقيدة حيث ذكر دوكنز أسبابه والتي يكون بعضها منطقيا في الواقع وأجاب سماحة السيد منير من منطلق ديني واستعان سماحته برأي العديد من علماء النفس والاجتماع وأبحاث جامعات مرموقة يقوم عليها علماء نافذون. وأظن أن أفضل إجابة من خلال طرح سماحته هي "هل يطلب منا دوكنز ألا نجيب على أسئلة الأطفال ونرجئ مثل هذه الإجابات عندما يكبرون؟" وهذه واقعا إجابة مقنعة جدا ولا تحتاج أي شرح لأنها قائمة بذاتها. من لم يسمع المحاضرة فلا تفته ورابطها موجود في المصدر الأول.
أنا دائما استمتع بالاستماع لمحاضرة العلامة السيد منير الخباز ولا أبخل على نفسي أن أسمعها لأكثر من مرة ولذلك لعموم الفائدة وتعبئة الفراغات، ولكن في هذا المقال سأقوم بدور المشاكس (devil advocate) ليس للرد على ما تطرق له سماحته، ولكن لإظهار بعض المسائل التي ليس فقط تشغل بال الصغير ولكن حتى الكبير وهذه المسائل بحاجة إلى مراجعة وإجابات وافية، وسأبدأ في العموم ثم أقف عند الخصوص.
استنادا على الآيات الافتتاحية التي تنص على فطرية الدين، ولكن أيضا تنص على التشظي والتفرع والانحراف باسم الدين، على وجه الأرض أكثر من 3000 دين. كل دين يدّعي الحقيقة. أصحاب كل دين يعتقدون أن من حقهم أن يعلموا أطفالهم دينهم، ولا ننكر هذا الحق لهم، ولكن أكثر هذه الأديان لا تعطي نفس الحق لغيرهم، فأي دين يتبع الإنسان طالما كل دين احتكر الحقيقة لنفسه؟ لو خرجنا من الدين ودخلنا في المذاهب لرأينا أن كل مذهب يحمل نفس الأفكار لدرجة أن الداعشي التكفيري يقتل الطفل الشيعي قتل رحمة على حسب تعبيره "خله يموت صغير ويروح الجنة ولا يكبر ويموت كافر ويروح النار". هذا الداعشي يظن أن من حقه تعليم أطفاله عقيدته الدموية ليفرخ داعشيا آخر يكمل نفس المشوار، فهل فعلا من حق هذا الداعشي تعليم ابنه هذه الوحشية؟ سيقول البعض هذا داعشي وهذا طبعهم وديدنهم، وطبعا الاتهامات جاهزة لكل من اختلف، ولكن ماذا عن ذلك الأب الذي فلق هامة ابنه في بريطانيا ليفرض عليه التطبير وتتحول المسألة إلى قضية كبيرة حيث أقامت المدرسة دعوى على الأب في المحكمة البريطانية، فهل من حق هذا الأب أنْ يعلّم ابنه مثل هذه التصرفات ويرسخ مثل هذه المعتقدات؟ أتحرّج من ذكر الأسماء، ولكن هناك شيخ مجتهد ينتظر خروج الحجة (عج) ليس ليملأ الأرض قسطا وعدلا ولكن ليستعبد الناس ويسلب نساءهم كجواري يستفيد منها المنتظرون الصابرون المحتسبون لتفريغ غرائزهم الحيوانية فيها وقت الحاجة؟! راجع الرابط الثاني في المصادر. فهل علينا أن نعلّم أطفالنا مثل هذه الخزعبلات لنجعل منهم جهلة متطرفين لا يختلف فكرهم عن النهج الداعشي إلا الإطار فقط؟ وهل هذا ما كان يقصده ريتشارد دوكنز؟
في الواقع، ما ذُكر في الفقرة السابقة، هذا ما يراه دوكنز والآخرون كدليل قطعي لإدانة الدين والمعتقد لأنه لو لم يكن من أصول الدين والعقائد لتصدى لمثل هذه التصرفات الفقهاء ورجال الدين المحسوبون على كل نِحلة. ريتشارد دوكنز ومن تبعه لن يكلّف نفسه أن يتعلم العربية ليستمع لمحاضرات العلامة السيد منير أو الشيخ الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (قده). الناس عليها بالظاهر وما تراه العين والذي يتنشر على قنوات الإخبار العالمية وأدوات التواصل الاجتماعية، ويكفي لدوكنز أن ينتقد الإسلام عندما يرى وحشية داعش وهمجية وغوغائية المطبرين في الشوارع؛ يعني نحن ليس بحاجة لإقناعه بأن ما عندنا يختلف وحضاري ومتطور وناهض لأن الآخر يحكم على رأي العين والعمل وليس على التنظير وبطون الكتب وأبحاث العاقلين من داخل هذه الديانات، لذلك ركّز القرآن على العمل كثيرا: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.
نحن نعيش أمام مفترق طرق؛ إما أنْ نتعامى عن الأفعال الهمجية وغير المسؤولة التي يروج لها البعض باسم الدين وباسم محمد (ص) وآله (ع) وخصوصا باسم الحسين (ع) أو نكون على قدرٍ من المسؤولية لنواجه مثل هذ التصرفات بحزم وشجاعة، وفي الواقع لا يهم أن ينفصل هؤلاء المبتدعون والخرافيون عن الدين الذي ندين به لأن أصل وجودهم بلاء وحمل ثقيل على كاهل الأمة هذا بالإضافة لإدانتها بالجرم المشهود، والسكوت على تصرفاتهم ليؤكد هذه الإدانات. واقعا، أنا لا أعلم إن كان همنا إرضاء الله وصيانة الدين أو إرضاء أهل الجهل وتكثير العدد؟! ولو كان هَـمُّ الإمام علي (ع) كثرةَ الأتباع لتنازل عن الحق الذي لم يجعل له من صديق، فهل نحن فعلا نمشي على خطى هذا الرجل الذي لم يحد عن الحق قدر شعرة؟!
جديد الموقع
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي
- 2025-12-27 العالم الرقمي و خصوصيتنا