2019/07/25 | 0 | 1106
التطوع في الثقافة الإسلامية
لا اقصد بحديثي لغويا صرفا والبحث بمعاني مفردة تطوع أو متطوع التي نستخدمها في الأعمال الخيرية الاجتماعية. أصبح التطوع مفهوما عاما عند الأفراد والمؤسسات الخيرية والأجتماعية بالأعمال التطوعية والقائم بها متطوعا.
ولأني غير متخصص بالشأن اللغوي والديني ممكن أن يكون ما اكتبه في هذه السطور ناقصا من حيث المعنى والقصد.
التطوع بذل العمل عن رغبة بدون أجبار وبدون مقابل مادي علي مستوى الأفراد والجماعات والمؤسسات، أمّا في الاصطلاح "فالتَّطوع هو السَّعي إلى بذل المجهود الفكريّ أو العضليّ أو الماليّ أو العينيّ أو النَّفسيّ لفئةٍ من النَّاس محتاجةٍ للعون والمساعدة والمؤازرة على كافّة الصُّعد بصورةٍ فرديّةٍ أو جماعيّةٍ كما في الجمعيات الخيريّة، أو الشَّبابيّة، أو المنظَّمات المحليّة والدَّوليّة غير الرِّبحيّة".
التطوع منتشر في الاعمال الاجتماعية والنشاطات والبرامج في الجمعيات والمنظمات والمؤسسات الخيرية والتنموية وكل ما يخدم المجتمع، المتطوع من يقوم بالعمل والنشاط سواء كان عملا أو نشاطا، يبذل من وقته وبجهده أو يتبرع بمبلغ أو بمساعدة عينية، لكن هل ما ورد في القرآن الكريم من تطوع يتطابق مع ما تعارف عليه اليوم بالثقافة المجتمعية، يعني هل كلمة تطوع تدل على عمل إيجابي في ذاته، أو لا بد من اقتران تطوع بصفة تبين إيجابيتها، هذا ما نفهمه بذكر "تطوع" بالقرآن وذكرها بالشأن العبادي فقط بالعبادات، مثل ما وردت في بعض آيات القرآن الكريم:
قال تعالى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) ١٥٨ البقرة، نلاحظ جاءت كلمة تطوع وبعدها خيرا
يعني يمكن أن يكون التطوع غير خير، وفي آية أخرى قال الله تعالى (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) ١٨٤ البقرة
في هذه الآية الثانية من نفس السورة البقرة اقترن التطوع بالخير ايضا يعني كأنه شرط تمييز معنى التطوع بالخير.
أما في السنة النبوية والأحاديث وروايات اهل البيت عليهم السلام فحسب الاطلاع المتواضع تأتي كلمة تطوع في العبادات مثل الصلوات المستحبة والصيام والحج المندوب قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله "من صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة، وفي الصلاة عن أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام)، قال: "إياكم والكسل، إن ربكم رحيم يشكر القليل، إن الرجل ليصلي الركعتين تطوعاً يريد بهما وجه اللّه عزَّ وجل، فيدخله به الجنة"،
عن أبي جعفر بن محمد عليه السلام "أن رجلاً سأله: فقال: يا بن رسول اللّه، أنا رجل موسر وقد حججت حجة الإسلام، وقد سمعت ما في التطوع بالحج من الرغائب، فهل لي إن تصدقت بمثل نفقة الحج أو أكثر منها ثواب الحج ؟ فنظر أبو عبد اللّه عليه السلام إلى أبي قبيس وقال له: لو تصدقت بوزن هذا ذهباً وفضة، ما أدركت ثواب الحج".
أما مفردة تطوع في الروايات فقد وردت في رواية عن الأمام الصادق بالتطوع بالتبرع بالمال قال عليه السلام "إياكم والكسل، إنَّ ربكم رحيم يشكُر القليل،... وإنَّه -أي الرجل- ليتصدق بالدرهم تطوعاً يريد به وجه اللّه عزَّ وجلَّ فيُدخله اللّه به الجنة".
أما خدمة المسلمين المجتمع وقضاء حاجات الناس وبالتكافل والتضامن والتعاون أو ما يسمى بالتطوع المعروف على مستوى الأفراد والجماعات والجمعيات والمؤسسات الخيرية فجاءت آيات وأحاديث وروايات لا تتضمن كلمتي تطوع أو متطوع لكنها تضمنت عناوين مختلفة تؤدي في روحها وفحواها الى معنى التطوع وهذه أمثلة على ذلك :
قال الله تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى)
و قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم، "من مشى في حاجةِ أخيه ساعةً من ليلٍ أو نهارٍ، قضاها أو لم يقضها كان خيراً له من إعتكاف شهرين"، "إنَّ اللهَ في عون المؤمن ما دام المؤمنُ في عون أخيه المؤمن ومن نفَّس عن أخيه المؤمن كُربةً من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه سبعين كُربةً من كُرب الآخرة"، و قال أبو عبد الله عليه السلام" من مشى لامرئٍ مُسلمٍ في حاجتهِ فنصحهُ فيها كتبَ اللهُ له بكُلِّ خطوةٍ حسنة، ومحى عنهُ سيّئة؛ قُضيَّت الحاجة أو لم تُقضَ فإن لم ينصحهُ، فقد خانَ الله ورسوله، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - خصمهُ"، و قال الإمام جعفر بن مُحمَّد الصادق عليه السلام "إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مؤمنٍ سروراً فرّحَ الله قلبه يوم القيامة"، و قال عليه السلام "من نفّس عن مؤمنِ كُربة نفّس الله عنهُ كُرَب"، و قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام "إنَّ خواتيم أعمالكم قضاءُ حوائجِ إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلا لم يُقبل منكم عمل حنُّوا على إخوانكم وارحموهم تلحقوا بنا"، و قال الإمام الصادق عليه السلام "إحرصوا على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السرور عليهم ودفع المكروه عنهم فإنَّه ليس من الأعمال أحبُّ عند الله -عزّ وجلّ- بعد الإيمان أفضل من إدخال السرور على المؤمنين"، حتى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعتبر فريضة من فرائض الأسلام ومفاهيمه الثابتة ويعتبر واجبا كفائيا يصل للواجب العيني في بعض
لكن يكون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من الاعمال التطوعية الحالات في الامور المستحبة والمكروهة فقد جاء بالآية القرآنية ( قوله تعالى ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ١٠٤ آل عمران، وبالأحاديث النبوية قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله «مَن أمرَ بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه، وخليفة رسول الله، وخليفة كتابه».
جديد الموقع
- 2024-05-06 مدينة مصغرة لواحة الأحساء الزراعية
- 2024-05-05 مثقفون وأعيان يرصدون العطاء الأدبي للبابطين
- 2024-05-05 قصيدة (مطية الغياب)
- 2024-05-05 افراح الغزال و الدخيل في رويال الملكية بالاحساء
- 2024-05-05 شَبَه الكتابة بالرسم
- 2024-05-05 ما بعد الوظيفة (1).
- 2024-05-05 ابن الأحساء الحبيبة الفلاح الفصيح
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء