2017/03/12 | 0 | 1395
سماحة العلامة السلمان يناشد المؤمنين بتغيير منهجية مصارف النذورات والأوقاف والوصايا
تطرق سماحته إلى مشروعية النذر وأهمية الاستفادة من صرف المنذور ، انطلاقاً من قوله تعالى: [وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ] {البقرة:270} فالآية المباركة تعتبر من الآيات التي يستدل بها على مشروعية النذر ، وهو عمل صالح يلجأ إليه الإنسان لجلب المنافع ودفع الأضرار ، وإن كان ظاهره إلزام المكلف نفسه بعمل معين لله سبحانه وتعالى ، إلا أن حقيقته اللجوء والدعاء والتوسل إلى الله سبحانه وتعالى في قضاء الحوائج ، ولهذا أجمع المسلمون بجميع مذاهبهم على صحة ومشروعية وأثر النذر ، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الوفاء بالنذر كما في قوله تعالى: [يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا] {الإنسان:7-9} وهذه الآيات المباركة نزلت في شأن أهل البيت فاطمة وبعلها وابنيها عليهم أفضل الصلاة والسلام عندما مرض الحسنان ونذروا لله تعالى ، وعند شفائهما أدوا النذر ، وقد وقع النذر لجلب المنفعة وهو الشفاء من المرض.
واعتبر سماحته النذر من الوسائل المعنوية المهمة لقضاء الحوائج ونيل المطالب كما في عمل المعروف وبذل الخير والصدقات هي من أسباب الحصول على النعم ودفع النقم ، كذلك النذر أيضاً ، وقد جرب النذر كثيراً قديماً وحديثاً في كل الحاجات والمطالب فتكون الإجابة سريعة وآثاره ظاهرة.
وأكد سماحته بأن النذر المشروع يكون لله تعالى ، ومن المجربات النذر لله بالقيام بالأعمال الصالحة لإحدى الأرواح الطاهرة ، أو إهداء ثواب الأعمال للذوات المقدسة المؤمنة ، كمن ينذر لله بالقيام بعمل ، مثل إقامة مسجد أو إطعام فقراء أو كفالة أيتام أو غيرها ويجعل ثوابه للنبي الأكرم أو أحد المعصومين عليهم السلام ، وهذه من النذورات المجربة ، ومن تلك الذوات الطاهرة الصالحة المؤمنة هي السيدة الفاضلة أم الشهداء الأبرار أم البنين سلام الله عليها ، التي نالت مكانة ومقاماً عالياً عند الله سبحانه وتعالى وأصبحت من أهل الكرامة والشفاعة التي يستجيب الله سبحانه وتعالى بجاهها المطالب والحوائج ، فمن المسلم به قديماً وحديثاً عند عموم المؤمنين بل العديد من المراجع العظام يتوسلون بقضاء حوائجهم بالنذر لأم البنين سلام الله عليها ، ولا يسع الوقت للحديث عن مقام هذه السيدة العظيمة التي تستحق أن نقدمها أنموذجاً في مناسبة يوم المرأة العالمي المقام في هذه الأيام ، لتقتدي بها كل النساء.
وأوضح سماحته بأن النذر لغير الله باطل وغير صحيح بإجماع المسلمين ، أما النذر لله والصرف لغير الله فهذا مشروع باتفاق جميع المسلمين ، وعلى هذا الأساس النذر مشروع للأحياء والأموات ، فلا فرق في بذل الصدقة ابتداء للفقير أو بقول لله عليّ إذا قُضيت حاجتي أتصدق على هذا الفقير ، ولا فرق بجعل ثواب الصدقة أو النذر للميت فكله دعاء والتزام ، ومن يتوهم بأننا نقول بمشروعية النذر لغير الله بما يقال نذر للرسول أو للحسين هذا التعبير من باب التسامح ، وإلا فإن نذره لله سبحانه وتعالى ويجعل ثوابه للرسول أو الحسين وهذا لا إشكال فيه.
وأشار سماحته بأن النذر له أحكام وشروط مذكورة في الرسائل العملية ، وما يرتبط بصحة النذر أمور منها:
أولاً: أن يكون النذر لله ، فمن يقول للرسول أو للإمام علي أو للزهراء فهذا باطل ، يجب أن يقول لله.
ثانياً: إجراء صيغة النذر وهي موقوفة وليس إنشاء من الإنسان ، بل صيغة شرعية خاصة (لله عليَّ) إذا سقطت إحدى الكلمتين يكون باطل ، ولابد من التلفظ بالصيغة فلا يكفي الاضمار في النفس أو النية.
ثالثاً: أن يكون العمل المراد القيام به طاعة لله ، واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه ، ولا يجوز بعمل شيء فيه معصية لله عز وجل.
رابعاً: أن يكون العمل راجحاً من الجهة الشرعية كفعل القربات والطاعات ، والمنذور ينقسم إلى قسمين: مالي وفعلي ، فإن كان مالاً لابد من صرفه في أمر راجح ، وإن كان فعلاً صلاة أو صوم أو حج أن يكون صحيحاً.
وأضاف سماحته لابد من التنبيه إلى عدة أمور مهمة منها:
أولاً: اقتران النذر بالسعي والعمل ، عند النذر لطلب النجاح أو الزواج أو الشفاء لابد من مباشرة الأسباب الطبيعية ، لا مانع من النذر والتوسل والدعاء ولكن مع السعي والعمل ، كما أرشدنا الله سبحانه وتعالى في قصة مريم عليها السلام : [وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا] {مريم:25} فهذا درس عملي من الله سبحانه وتعالى بأن الاستجابة تكون بالحركة والعمل ، فأراد الله سبحانه وتعالى من مريم أن تحرك النخلة فتهتز ويتساقط الرطب بقدرة الله تعالى.
ثانياً: أن لا يقيد النذر بشيء معين خصوصاً الأموال ، بل تكون مطلقة وثوابها للمقصود ، بعض المؤمنين يقيدون نذورهم بالإطعام أو الذبيحة فهذا التقييد يفقد دور المنذور في المنفعة العامة ، كمن ينذر في حسينية معينة في زمان معين يوم سابع أو عاشر من المحرم فيحصل تكدس من الذبائح والأطعمة في حسينية معينة تزيد عن حاجتها ، ولكن إذا لم يقيد النذر من حيث الزمان والمكان يمكن الاستفادة منها بشكل أكبر ، والبعض يتصور أن النذر لا يكون إلا بالذبائح وهذا غير صحيح ، نعم ورد الثواب في الاطعام وهذا من باب المصداق ، لأن الاطعام كان في ذلك الوقت من أهم الحاجات ، لكن اليوم الناس بحاجة إلى أشياء كثيرة من دعم للزواج علاج مرضى مساعدة فقراء تأثيث منازل سداد فواتير دفع ايجار ، كذلك بعض أولياء الحسينيات يشكون من عدم المساهمة في دفع فواتير الكهرباء أو شراء بعض المستلزمات الصوتية ، وفي نفس الوقت عندهم وفرة من الذبائح والأطعمة.
وناشد سماحته المؤمنين بتغيير طريقة النذور وكذلك الأوقاف والوصايا ، فهذه من الموارد المالية التي يمكن استثمارها لإنجاز مشاريع كبيرة وتلبية الاحتياجات ، مع الأسف نعاني من ضياع الكثير من النذور والأوقاف والوصايا في قضايا معينة ، فلابد من العمل على تغيير منهجية التعيين بالتوجيه لتكون مطلقة ، فيمكن إيقاف مزرعة لأهل البيت ويكون مصروفها لعموم الخير ، وهذا يحقق أهداف أهل البيت عليهم السلام الذين يسعون في قضاء حوائج الناس ، فالناس اليوم لا يحتاجون إلى الطعام بقدر ما يحتاجون إلى القضايا الأخرى.
وفي الختام شدد سماحته على التفاعل في تغيير طريقة النذر والإيصاء والأوقاف لتكون مطلقة غير مقيدة ، فإذا لم يعين النذر بالإطعام يكون مطلقاً ، فيمكن بهذا المال إقامة شعائر أهل البيت عليهم السلام وإنشاء المساجد والحسينيات ومساعدة الفقراء وثوابه لأهل البيت وأم البنين عليهم السلام.
تنبيه: لا يجوز تغيير النذورات والأوقاف السابقة ، نعم الوصايا يجوز تغييرها إذا كان الموصي حياً.
جديد الموقع
- 2025-12-30 (قصيدةُ نثرِكَ بلا لاءاتِ فنائِها)
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-29 ارتفاع ملفت في وفيات النوبات القلبية خلال موسم الأعياد ورأس السنة
- 2025-12-28 تكريم العبدرب الرضاء نظير جهوده 3 سنوات مشرفاً لخدمات المرضى للقطاع الشرقي التابع لتجمع الأحساء الصحي
- 2025-12-28 165 متبرعاً يختتمون حملة "عطاء الفضول" للتبرع بالدم
- 2025-12-28 بين الكتب والخبز
- 2025-12-28 (الرحلات الآمنة) بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 الجلطات الدماغية بمستشفى الملك عبدالعزيز بالأحساء
- 2025-12-28 إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة
- 2025-12-27 جمعة وفاء وتقدير في ضيافة جمعية البر مركز المطيرفي