الرؤية توحي بالخطط طويلة الأمد لمؤسسة ما، بتوجه مستقبلي «رؤيا المستقبل» وثانيا نفهم منها رؤيا مستوى التفوق ومثلا أعلى، وثالثا لها صفة التفرد، لذلك تعرف «الرؤيا» بأنها صورة مثالية وفريدة للمستقبل.

ولعل كلمة الرؤية لم تكن جزءا من قاموس الإدارة ولم تجد قبولا كمصطلح يتم التعاطي معه، والعمل به في المجالات العملية في الماضي، هذا ما تم الحديث عنه في المقالة السابقة بدون تفصيل أو شرح في عناصر الرؤية، التي ارتأيت أن أشرحها بشكل مختصر هذا الأسبوع.

عناصر الرؤيا هي: التوجه للمستقبل، الصورة الذهنية، المثل الأعلى والتفرد والصفة الجماعية للرؤيا.

التوجه للمستقبل: النظر إلى الأمام، فالرؤى هي تبيان غايات الأعمال، فجميع الرؤى موجهّة للمستقبل، وقد يحتاج الأمر إلى ثلاثة أو عشرة أعوام لتحقيقها، فقد يحتاج الأمر إلى فترة تتراوح بين أربعة وستة أعوام قبل أن تصنع سيارة جديدة جاهزة للإنتاج، وربما يستلزم الأمر فترة عشرة أعوام لبناء شركة.

فالرؤيا هي نقطة انطلاقة يمكن الوصول إليها في تاريخ مستقبلي، والسعي من قبل القائمين على المؤسسة والشركة لتحقيقها، وأن المهام المختلفة تتطلب فترات زمنية مختلفة لإتمامها، فمسؤول فريق البحث والتنمية له رؤيا لتصميم أسرع حاسوب متفوق في العالم، قد يعتمد رؤيا لعشر سنوات قادمة، والفترات الزمنية تختلف حسب المشروع.

الصورة الذهنية «الرؤية للمستقبل»: مرات عديدة نسمع المديرين يتحدثون عن بُعد النظر ووضوح الهدف، والتكهنات للمستقبل، وهذه جميعها إشارات للتنبؤ بالمستقبل، في كتابه «هاي.. انتظر لحظة» يكتب جون مادن عن محادثة أجراها مع مدرب كرة القدم فنس لومباردي، عن الاختلاف بين مدرّب جيد، ومدرّب رديء، أجاب «لومباردي» قائلا «إن أفضل المدربين يعرفون كيف تبدو النتيجة النهائية للمباراة، وهل هي مباراة هجومية أو دفاعية، أو تغطية دفاعية، وإذا لم تعرف ماذا من المفروض أن تكون النتيجة، فإنك لن تصل إليها، فكلنا لدينا مخططات تمهيدية، وتمارين، لكن المدربين الرديئين لا يعرفون ما الذي يريدون، أما المدربون الجيدون يعرفون ذلك»

وبهذا فإن الرؤى هي عمليات تصوّر، إنها صور ذهنية، إنها انطباعات وأفكار، تصبح حقيقة عندما يقوم المديرون بالتعبير عنها بعبارات أكثر واقعية.

التفرد والصفة الجماعية: لأن الرؤى فريدة، فإنها تخبرنا بأننا مختلفون عن الآخرين، وأن الرؤى تميّزنا عن بقية الشركات والمؤسسات، فلا ميزة للعمل لمؤسسة أو للشراء منها أو الاستثمار بها إذا كانت تقدم نفس الشيء الذي تقدمه المؤسسات الأخرى، إذ التفرد يعزّز الفخر، ومن أفضل الطرق التي تكتشف بها تفرّد رؤيا مؤسستك أو شركتك هو البدء بسؤال عملائك سواء كانوا داخلين أو خارجين: لماذا يريدون شراء خدماتك أو منتجاتك الخاصة؟

من خلال هذه الأسئلة ستتضح الصورة الحقيقية، هل نحن نسير في الطريق الصحيح لتحقيق الرؤيا أم لا؟ فكلما كانت الرؤيا واضحة يكون لها تأثير هام على الأتباع الذين بدورهم ينعكس أداؤهم على رضا العملاء، ومن الجلي أن الرؤى الواضحة تعكس الإيجابية في أي مشروع.

يذكر أحد الموظفين في إحدى الشركات الكبيرة، عندما سأل عن الزعامة قال «إن أحد مهام الزعيم هي أن تكون الرؤية لديه واضحة، ولكن الإدارة العليا ترى أحيانا تفاحة، وعندما يصل الأمر إلى القيادة الوسطى تصبح الرؤية لديها برتقالة، وفي الوقت الذي تصل فيه الإرشادات إلى الموظفين تصبح الرؤية ليمونة»

لذا فمن الضروري عند اعتماد رؤيا شاملة لأي مشروع يتوجب الحفاظ على استمرارية هذه الرؤية لدى كل الكوادر المسؤولة عن تحقيقها على أرض الواقع.