2020/09/19 | 0 | 2144
أحداث الثمانينيات والنظرة الموضوعية
كثرت في الفترة الأخيرة الكتابات التي تتحدث عن حقبة الثمانينيات وأحداثها، التي واكبت سقوط شاهنشاه إيران وقيام الجمهورية الإسلامية، وعلى الطرف الآخر من غربها أحداث أفغانستان التي تمثّلت في مواجهة الاحتلال السوفيتي عبر الدعوة للجهاد لكل أبناء الأمة الإسلامية، للمشاركة في تحرير أفغانستان من المحتّل والسعي لطرده، حيث كانت هذه الحرب من الحروب الباردة التي حدثت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي.
إن تداعيات هذه الأحداث آنذاك وإفرازاتها كانت محل تداول هؤلاء الكتاب تحليلا وتشخيصا، وأصبح البعض منهم يجد الفرصة في تفريغ ما هو مأزوم به من انتقام بيّته في نفسه، ليجد الوقت المناسب للانقضاض على فريسته، وكأنما يتحيّن الفرصة من أجل ترجمة هذا الانتقام عبر ما فسح له من مجال من أجل الكتابة عن تلك الحقبة، وهذا هو الخطر عندما نتّعرض لقراءتنا للأحداث الماضية أو التجارب السابقة بغير موضوعية وبإسقاط اتهامات ملّفقة من إيحاءات غير عقلانية وصحيحة، وتحميل كل انتكاسات وتخلف المجتمع على كاهل هذه التجارب.
بينما العكس نجده عند الأطراف الأخرى، وأخص بالتحديد دول أوروبا التي خرجت من المعارك العسكرية والحروب الطويلة المدمرة فيما بينها، واتخذت قرارا صائبا في تقييم هذه الأحداث بموضوعية وشفافية، وكانت مثالا صادقا في تطبيق قاعدة «الإسلام يجب ما قبله» وانطلقت في تقييم ما دمرته تلك الحروب وتصويب، البوصلة إلى التنمية وبناء الأوطان وتعالّت على كل الأحزان والمآسي التي ذهب بسببها ملايين الضحايا، والخسائر المادية والبشرية، إلا أنها وقّعت فيما بينها مواثيق دولية بعدم الرجوع إلى الحروب والدمار، والعيش بسلام فيما بينها، وهو ما جعلها تتبوأ مركزا عالميا في مختلف المجالات، وتصبح رقما عالميا في كل الميادين.
هذا هو المطلوب منا عندما نقوم بدراسة تجارب الآخرين بمصداقية وبتجرّد بعيد عن العاطفة، وإلا لم نستفد من تجاربنا نهائيا، فعندما يقوم أي شخص منا بتقييم تجاربه الحياتية وبروح سلبية فلن ينمو أو يتطور بل سيبقى حبيس نفسه ومكانك سر.
لا أعني بأننا لا ننتقد أو نقيّم التجربة، بل المطلوب دراسة التجربة وتشخيص نقاط القوة والضعف، ففي «التجارب علم مستحدث» ولعل تجارب الآخرين تعتبر درسا لنا، فالكثير من كتب المذكرات وتجارب الحركات السياسية بمختلف أطيافها وتوجهاتها كتبت من أجل قراءتها وتقييمها والاستفادة من رواد هذه التجارب، الذين سطّروا ودونوا تجاربهم بماء تعبهم وكفاحهم على صعيد شخصي، أو اجتماعي او حركات سياسية ذات توجهات مختلفة، فكل تجربة في أي مجتمع تعتبر ثمينة ولها قيمتها مهما كانت سلبية أو إيجابية، وحتى تتعلم الأجيال وتأخذ الموعظة علينا كشف الحقائق و إيضاح الأمور أمام الملأ وبدون تورية.
أحداث الثمانينيات تركت أثرا كبيرا استمر لمدة أربعين عاما، حدثت خلالها أحداث كثيرة تنمّر فيها المارد الإسلامي لقيادة المجتمعات خصوصا في بلادنا الإسلامية، ولعبت الحركات الإسلامية دورا كبيرا خاضت فيه الحروب والسجالات السياسية، انعكس إيجابا وسلبا على تنمية وتطوير المجتمع في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأصبح الإقصاء مع المختلف هو المبدأ في التعامل، وهذا كان من الطرفين السني والشيعي، فكلاهما مارس نفس الأسلوب في مجتمعه، وبدرجة تختلف عن الآخر.
لذلك –من وجهة نظري- علينا أن نقيّم تجارب الستينيات والسبعينيات والثمانينيات بموضوعية ودراسة متأنية، تستفيد منها أجيال المستقبل من أجل عدم الوقوع في أخطاء الماضي.
جديد الموقع
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل
- 2024-04-18 الأمير سعود بن طلال يرعى توقيع عقد إنشاء بوابة الأحساء
- 2024-04-17 أحدث إصدارات الشيخ اليوسف: «الإمام العسكري: الشخصية الجذابة»