2020/07/12 | 0 | 1946
مشاريع الترف
قال سأنهي لك هذا العمل في أقل من ثلاثة شهور، إلاّ أنّه يضاعفها خمسة أضعاف زمناً وتعباً وجهداً وملاحقة، ترقّع فيها أخطاءه وتتقبل تسويفه وتقصيره فهو من أبناء جلدتك، وٱخر تعطيه أضعاف ما يُعطى لغيره؛ فيُصورُ لك أنّه المحترف الذي لا يعلى عليه، والحرفيٌ الذي لا يجاريه أحد؛ ثم يتبين لك بعد مدة أنّه لا يتقن أبجديات الصنعة؛ بعد أن سبب لك الخسائر وضيّق عليك الٱفاق والدوائر..
وما أكثر من يتعب أشد التعب في البناء والإنشاء؛ وبعد الانتهاء، يتأمل في الأخطاء الجسام في بيت الاحلام الذي دفع فيه مدخراتِه وشقاءَ عمره؛ فيرى أنَّ كلّ زاوية تذكره بنقص أو ينغص عليه من خطأ؛ لا لأنه لم يبذل وقتاً ومالاً وفكراً وتجارب؛ ولكن لأن من منحهم ثقته خذلوه، ومن بذل لهم قصّروا في اتقان العمل.
أو ليس هذا هو حال الكثير من مشاريع الإنشاء والصيانة في وطني الغالي؟!
القليل ممن يحترف مهنته ويتقن صنعته، ويخلص في عمله، ويصدق في وعده.
ثم ارمق بنظرك نحو السوق؛ فستندهش -قطعاً- من كثرة المقاهي الفارهة والمطاعم المرفّهة..
إبداع واضح هنا، وتقصير فاضح هناك..
ولعل قائلاً يقول بأن شبابَ هذا الجيل يتجه في الأعمال الحرة إلى مشاريع الترف والبذخ والتي قد تدر أموالا سريعة سهلة، تصمد وتستمر أحيانا أو سرعان ما يكتب لها الفشل. بيد أني أقول ما زال الأمل في شبابنا كبيرا في نهضة اقتصادية وقفزة تنموية.
لعلها سمة من سمات هذا العصر؛ الانكباب على الرفاهيات والغفلة عن الضروريات.. بل غالبا، اهتمام بالمظهر وإهمال للجوهر بلا تفكير في بركة المال وإسعاد الناس بالإتقان والجودة.
نخشى -والمستعان بالله- أن يتغير الحال فتضيق الدنيا، فإن المنذرات قد حانت والعلامات قد لاحت في الأفق..
فيا شباب هذا الجيل ومن يفكر في الأسماء الأجنبية وتكثير المقاهي والمطاعم الشعبية وغير الشعبية، إن كنتم تفكرون فقط في البطون؛ فإن أصحابها إن كانوا من الأثرياء، فإن بسطوا أيديهم لزموكم فألزموكم وإن قبضوها أو غلوها إلى أعناقهم فلن تغنموا منهم بشيء، وإن كان أصحاب البطون من متوسطي الدخل فإنهم سيتعودن فترة وينسونكم فترات، أما البسطاء -دخلا ومالا- فلن تتشرفوا بشرف خدمتهم أو ادخال السرور بطيب طعامكم؛ إلا إذا أحبوا التفاخر حتى على حساب جيوبهم المتهرئة وٱن أن لا يفعلوا..
ثم ألا ترون -أعزائي- أن اللقمة الطيبة والسلعة الحميدة يزيدها سعرها المقبول المعقول طيباً وسعادةً وبركة؛ خصوصاً في زمن الغلاء وضيق المعيشة..
هنيئاً لكم، بارك الله في رزقكم ومعاشكم وادام لكم الخير والبركة فأنتم ممن عليهم قوام الحياة وسعادة البطون!
ولكني أخاطبكم أيها الجيل المبدع.. والشباب الطامح، أن لا تفكروا فحسب في المأكل والمشرب او مشاريع الترف والبذخ..
أينكم من اتقان المشاريع التنموية والتعليمية التي تخدم البلاد والعباد..
أين ابداعكم في مشاريع الانشاء والصيانة..
أين اتقانكم في فنون الصناعة والزراعة والإدارة..
وأينها في استصلاح الأراضي والانتاج الزراعي.. أينكم.. وأينكم..
على ثقة أنكم ستتندرون من كلامي، وتنتقدون عتبي وملامي!
وتقولون بضرس قاطع: من أين لنا رأس المال الذي يطير بطماحنا ويحقق ٱمالنا؛ والحال كما ترى وتسمع أيها البعيد أملا والقليل عملا..
حقيقة أنا لا ألوم انفعالكم ولا أعجب من امتعاضكم؛ إلاّ أني لست بناسٍ دور أصحاب الأعمال ومن بيدهم رؤوس الأموال من الأثرياء الأغنياء في خلق الوظائف وتمكين الشباب تخفيفاً للبطالة وإنماءً لاقتصاد البلاد وتشجيعاً للأعمال الحرّة.
معاشر الشباب..
أملي فيكم عظيم فخاطبتكم، وغضكم طري فأمّلت فيكم، وأحسب أنّ جلّهم سيتأخر عن سماعي فقدمتكم وإن كنت أرجو ان ينتبهوا من سكرة الأسهم والعقار إلى ما ينفعهم في تلك الدار..
في زمن الإعسار يختبر الأخيار؛ فيحمدُ المبادرون ويُلامُ المقصرون وخير الناس أنفعهم للناس، وكلّنا أبناء هذا الوطن المعطاء والأرض الطيبة المباركة.
أسأل الله لنا جميعا السعة في الرزق، والصحة في البدن، والسلامة والرخاء
في زمن البلاء..
جديد الموقع
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
- 2024-03-28 احتفاء جمعية كيان باليوم العربي لليتيم في عيونهم 2/2
- 2024-03-28 دراسة تربط بين السجائر الإلكترونية والسرطان .. واستشاري يعّلق
- 2024-03-28 مداد السلسبيل