2020/05/30 | 0 | 2228
أبو حبيب الحضري الكادح الصابر
انتقل يوم الأربعاء 4 شوال 1441 هـ الموافق 27 مايو 2020 م إلى رضوان الله الجار المؤمن العزيز الحاج عبد المحسن بن الحاج محمد الحضري وتم تشييعه ودفنه يوم الخميس 5 شوال في ظرف صحي حرج ولم أحضر جنازته وتشييعه ويعزُّ عليّ عدم القدرة على مواساة أبنائه وأسرته العزيزة كما يجب وأجد من واجبي أن أقف عند رحيله وتذكر بعض صفاته وصفات بيت الأسرة الكبير - (بيت الحاج محمد الحضري وأخيه الحاج سلمان الحضري رحمهما الله) - بحكم الجيرة الطويلة والعلاقة الممتدة لعشرات السنين مع هذه الأسرة الكريمة ، ربما لن يكون اسلوب كتابتي هذه المرة مشابه لمقالات سابقة بــــل سأترك للذاكرة والخاطـــرة تتحرك حيث تتوالى الأفكار وقد تكون أفكار وخواطر مرتبكة وغير منضبطة في الموضوع وسأحاول سرد بعضها في سياق زمني غير منضبط في تـــواريخه لإني لا أكتب هنا للتــوثيق التــــاريخي فليست الأحداث والتفاصيـــل مهمة عندي ، هي أفكار وخواطر تشبهني تماماً في هذا الوقت متباينة في حدين متناقضين ،
حَدّهُ الأول عاطفي يعاتبني بشدة لعدم تقديم واجب العزاء ومواساة الأسرة الكريمة كما يجب لهم من حقوق وواجبات أكيدة تواسي وجع المصاب بمصافحة حارة وتقارب جسدي لحد الاحتضان والعناق والدموع ؛ وحَدّهُ الآخر الانحياز المطلق لفكرة التباعد الاجتماعي ، "تباعد" مفردة فيها من الجفـــاء والقســوة والغلظة في العلاقات الاجتمــاعية كما يصفهــا الدكتـــور خالد الممتن ويدعو لاستبــدالها بمفردة "التفــاسح" من الفسحة لما فيها من رقة وعذوبة تخفف من وحشيتها وكآبتها ، ولا منــاص من أن تفرض قسـوتها وإن استبدلناها بكلمة أخرى فدلالات المعنى البغيض أكبر من تخفيف واقعها اللغوي والاصطلاحي لكن الغايــة منها أهم وأعلى حين تكــون لحفظ حياة النــاس و الصحــة العامــة للمجتمع.
تعود بي ذاكرتي لخمسة عقود مضت تنقص أو تزيد بضع سنوات ؛ في ذلك الوقت كان الحاج محمد الحضري وأخوه الحاج سلمان الحضري رحمهما الله يعيشان في نفس المنزل الكبير الحالي لبعض أفراد العائلة بالقرب من بيتنا الكبير السابق - بيت الوالد السيد محمد الحداد وأخيه السيد خليفة الحداد رحمهما الله - في المكان المشهور باسم (بوثمان) في العمران الشمالية ؛ لا أتذكر إلا خيال عابر لشخصية و شكل الحاج محمد الحضري فقد توفي رحمه الله وأنا طفل صغير وترك ثلاثة أبناء كرام :-
1 - الحاج أحمد الحضري رحمه الله – توفاه الله من سنوات بعيدة والد الأخ محمد والشيخ جواد الحضري والأستاذ يوسف الحضري
2 - الحاج عبدالمحسن الحضري – المتوفى حالياً رحمه الله والد الأخ حبيب وإخوانه الأعزاء
3 - الحاج محمد الحضري (مثل اسم والده) – رحل إلى المنصورة وتوفي ودفن فيها من سنوات عديدة ؛
أنا الآن لا أتذكر من حياة الحاج محمد (الكبير) شيئاً يمكن كتابته لكني أتذكر حياة أخيه الحاج سلمان الحضري رحمه الله ، ( والد الحاج حسن الحضري رحمه الله) ، بشكل جيد فقد عايشته ورأيته وتحدثت معه ورافقته أيضاً بالسيارة. لا أعلم إن كان الحاج سلمان الحضري رحمه الله هو أول من نسق مع سماحة الشيخ عبدالله الدندن للصلاة في مدينة العمران بشكل عام وفي العمران الشمالية بشكل خاص حيث كانت بداية علاقة سماحة الشيخ عبدالله بالعمران بالصلاة فيها كل ليلة أثنين لكني كنت أقود السيارة (أحياناً) في بدايات مجيئه للعمران مساء أيام الأحد لفترة زمنية برفقة الحاج سلمان الحضري لمنزل سماحته في المبرز ليأتي معنا ثم نعود به بعد الصلاة والعشاء أحياناً في ضيافة الحاج سلمان الحضري أو ضيافة الوالد السيد محمد الحداد رحمه الله.
يتصف الحاج سلمان الحضري رحمه الله بالهدوء الشديد وقلة الحديث والإيمان والتقوى والكرم وحرقة بكائه في مجالس الإمام الحسين (ع) فلا يكاد الخطيب يعتلي المنبر حتى يشرع في البكاء والنحيب الهادئ ولا يتوقف عن هذه الحالة تقريباً إلى أن ينزل الخطيب من المنبر وله علاقة وطيدة بالحسينية والمسجد ، كانت علاقة الحاج سلمان رحمه الله بالإمام الحسين وأهل البيت جميعاً تتسم بالعشق والولاء والإحياء لمناسباتهم في كل مناسبات الوفيات في الحد الأدنى وربما في المواليد لكن لا أتذكرها بشكل جيد. كان الملا محسن المنصور رحمه الله (وهو أحد الجيران لبيت الحاج سلمان الحضري) هو الملا الرسمي في المناسبات وأيام عاشوراء وليالي شهر رمضان المبارك لهذا البيت الكريم في وجود الحاج سلمان وبعد وفاته واستمر كل من الحاج أحمد والحاج عبدالمحسن أبناء أخيه الحاج محمد على نفس السيرة والمنهج وبقي البيت إلى الآن يحيى هذه المناسبات والمواسم بعد رحيل الملا محسن المنصور بل وخرج من هذا البيت والبيئة المحبة لمحمد وأهل بيته الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين خطيبان هما سماحة الشيخ جواد بن الحاج أحمد الحضري والشيخ شهيد حفيد الحاج أحمد ، بيت الحضري بيت كرم يبذل الخير ويدعو المؤمنين على موائد البركة لمناسبات أهل البيت وموائد الضيافة للمؤمنين في شهر الخير و كان الحاج سلمان رحمه الله شديد الحرص في دعوتنا مع المؤمنين في شهر رمضان وكذلك هي سيرة البيت بشكل عام بعد وفادته على المولى الكريم.
يحتفظ فقيدنا العزيز - أبو حبيب ؛ الحاج عبدالمحسن الحضري رحمه الله تعالى بواسع رحمته - وجميع أفراد بيت الحضري بشكل عام بحضور اجتماعي كبير في مدينة العمران والمنصورة قاعدته الاحترام والأخلاق الكريمة والمشاركة في المناسبات الخاصة والعامة كما يتميز الفقيد ببعض الصفات الخاصة منها علاقته وشعبيته مع الشباب الأصغر سناً لبشاشته وممازحته وإثارته لمشاعر الفرح في دواخلهم ورفع الحرج في الحديث والفضفضة المحببة لبوح الشباب بدون أن يخرج عن اللياقة الأدبية أو الاستطراد في التفاصيل المخلة بالقيم الاجتماعية والضوابط الدينية. يشارك أبو حبيب الناس ويلتصق بهم في أفراحهم وأتراحهم بما يتناسب وحجم قربه وعلاقته بهم فهو يتطوع بالجهد الجسدي في مناسبات الفرح وفي الأحزان فتراه منهمك ومتفان في العمل في بعض الأعراس وتراه يشارك في تجهيز المقابر وتراه متفاعل ومشارك باللطم الشديد والحماس في مراسم ومواكب العزاء على الإمام الحسين عليه السلام. عمل أبو حبيب في البناء وفي الزراعة وبذل جهوداَ كبيرة في سنوات عمره من أجل توفير حياة كريمة له ولعائلته فهو مكافح ومجاهد في أعمال بدنية شاقة لساعات طويلة يومياَ مما تسبب له في متاعب وآلام الركبة ربما بسبب طبيعة العمل الزراعي وما يتطلبه من الجلوس الضاغط على مفاصل الركبة لأوقات طويلة.
عانى أبو حبيب أيضاً في السنوات الأخيرة من أمراض مزمنة تسببت في دخوله المتكرر للمستشفى والبقاء لفترات ليست بالقليلة لكنه ظل صابراُ محتسباً ورغم معاناته الكبيرة بقيت علاقته الخاصة بأهل البيت عليهم السلام وبالخصوص الإمام الحسين علاقة قوية يقيم العزاء في مجلسه كلما أمكنه ذلك بل كان حريص على الحضور في الحسينية في شهر محرم الفائت رغم معاناته الشديدة وظل يبتهج بسلام المؤمنين عليه يصافحهم ويسأل عن أحوالهم ويدعو لهم.
رحمك الله يا أبا حبيب رحمة الأبرار وأسكنك فسيح الجنان مع محمد وآل محمد ، اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيراً وبراً وإحساناً وعملاً صالحاً وأنت أعلم به منّا فإن كان مُحسناً فزد اللهم في حسناته وإن كان مُسيئاً فتجاوز عن سيئاته بحق محمد وآل محمد وبركة فاتحة الكتاب والصلاة على محمد وآل محمد ، نسأل الله لأبنائه الأعزاء الإخوة الأفاضل حبيب / علي / حسين / باقر / عبدالهادي ، نسأل الله لهم الصبر الجميل وجزاء الصابرين المحتسبين وأن يحفظهم ويدفع عنهم كل مكروه.
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط