2020/04/19 | 0 | 4332
إشارة تأمل 3
حرصا مني على أن أبلغ بإشارتي - المتعلقة بجملة من حوارات أخوة وأبناء من خلال برامج التواصل تمامها من جهة، وعدم الإطالة في مفردة من مفرداتها من جهة أخرى، جزأتها لأبلغ اليوم مع القارئ الكريم جزءها الثالث، مشيرا فيه لملاحظة أخرى تتعلق بالظاهرة نفسها، وهي كون جملة من الحوارات حول الدين الحنيف بين طرفين غير قليلين ضمن الظاهرة المشار إليها غير قائمة على ما يصح علميا نسبته إليه ولو على مستوى إلزام المتخصص بما ألزم به نفسه، بل إنها ربما قامت على فرضيات، وبعبارة أخرى: أنها ربما قامت على الاختلاف في فهم شعبي لشأن ديني ما، والتعامل معه كأحد المسلمات الدينية، ليأخذ طرف من طرفي الحوار دور الداحض له، المستهزئ به وبأهله (وفِي هذا الخلق حال التلبس به إشكالية يفترض مراجعتها من قبل من ينشد التطلع لواقع ثقافي أفضل، ولإصلاح في الأهله والمجتمع)،
ويأخذ الآخر دور المثبت له، المدافع عنه المنافح عن أهله، ويأخذ الجمهور دور شاهد على أمر لا أساس له، الحالة التي ربما بلغت حدا يذكر المتأمل بحكاية، مبرري في سوقها أنني لا أقصد بها شخصا بل حالة، وكون الأمثال تضرب لتقريب الفكرة ولا تقاس، وملخص الحكاية أن أحمقين اصطحبا في طريق، فقال أحدهما للآخر: تعال نتمنى فإن الطريق يقطع بالحديث، فقال أحدهما: أنا أتمنى أن يكون لدي قطعانا من الغنم أنتفع بلحمها ولبنها وصوفها....، ولما جاء دور الآخر قال: أما أنا فأتمنى قطعانا من الذئاب أرسلها على غنمك فلا تترك منها شيئا ..، فقال له الأول: ويحك! أهذا من حق الصحبة وحرمة العشرة؟ فتصايحا واشتدت الخصومة بينهما حتى أخذ كل منهما بتلابيب الآخر، إلا أنهما تراضيا على أن يحتكما إلى أول من يطلع عليهما، فطلع عليهما شيخ يقود حمارا عليه زقان من عسل، فحدثاه بحديثهما، فبلغ به الغضب من حالهما مبلغا أن ضرب الزقين بالأرض وأسال منهما العسل عليها، وقال: أراق الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين. ومن أمثلة الحوارات التي أشير إليها بما تقدم تلك التي دارت بعد إجراءات احترازية صحية حجرية وتعقيمية وغيرهما طالت الحرم المكي الشريف ومشاهد مقدسة أخرى في مواجهة “كوفيد 19”، حول إمكانية إصابة "فيروس" ضار ما تلك البقاع الطاهرة أو إضراره أحد زائريها، أخذ البعض فيها - مستغلا تلك الإجراءات - دور الطرف الداحض لفكرة كون تلك المواقع جهات حماية وشفاء ونيل مطالب ورجاء...، وأخذ البعض الآخر دور الطرف المدافع عنها كما يتصور من خلال كونها غير قابلة أصلا لاحتمال وجود "فيروس" ضار... الحوار الذي بني من قبل طرفه الأول على أساس التعامل مع فهم شعبي بسيط على أنه مقولة الدين الإسلامي الحنيف أو مقولة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في هذا الشأن، وراح الطرف الثاني يسلم له بهذا المبنى، المبنى الذي يكفي معه استحضار تساؤلات، منها: س: أين تلك الفكرة (المقولة) في النص الإسلامي المعتبر، أو قراءات المختصين له، بل أينها من الواقع التاريخي الذي نقرأ فيه تعذيب وقتل الأنبياء والأئمة والأولياء (صلوات الله عليهم)،بل وتعرضهم للجراحات والمرض والقتل، والتعدي على مراقدهم الشريفة،
وما جرى عبر التاريخ على البيت الحرام من تهديم وضرب بالمنجنيق، مقابل ما حفل به النص الإسلامي الشريف من مهمة رئيسية لتلك المشاهد ضمن مهام، في تربية النفوس والأرواح وهدايتها، والارتقاء بها؟ س: أي تناقض بين إمكانية وقوع الضرر على الأنبياء والأئمة والأولياء (عليهم السلام) ومشاهدهم والبيت الحرام وبين كرامتهم على الله تعالى كما عرفها النص الإسلامي المعتبر من جهة، وبين الإمكانية المشار إليها وبين إمكانية أن يجري الله كراماته من شفاء أو عطاء وغيرهما من خلال تلك الذوات الشريفة أو المواقع الكريمة؟. س: أين يضع المتعامل مع تلك المقولة كمسلمة لدى المسلمين، أو لدى أتباع أهل البيت (عليهم السلام) منهم،
ثم كيف يصنفها عند قليل التفات للوجود التاريخي الممتد للجان التنظيف في المشاهد الشريفة من قبل مسلمين عموما، أو من قبل أتباع أهل البيت (عليهم السلام) ؟. أنا هنا لا أخلي بعض من يمارس الخطاب الديني من غير كفاءة عن حسن نية أو خلافه من مسؤولية مثل ذلك الفهم، أو الوقوع في إشكالية ذلك البناء، ونظائرهما، ولكنني أشير إلى ما ربما كان تحصين النفس بالوعي به أجدى من البحث عمن يتحمل مسؤولية مثل ذلك، ومنه أن في الدين الحنيف والثقافة المسؤولة قيم من المهم استحضارها ورعايتها في خضم هذا المعترك، بل قبل الانجرار إليه، ومنها العمر والجهد وأنهما أثمن من يضيها في أوهام، كما أن من تلك القيم استقرار المجتمع النفسي ورعايته، وما أبلغ ما جاء في وصية الإمام الهادي (عليه السلام) مما يمكن أن يجري على بعض ما نحن بصدده، فقد وجه وصية لأصحابه ينهاهم عن الضياع في الدخول فيما عرف في حينه ب "فتنة خلق القرآن"، ومنه قوله: (بسم الله الرحمن الرحيم؛ عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة وإلا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه...).
جديد الموقع
- 2024-04-25 %150 زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الأحساء
- 2024-04-25 16 جمعية وقفية في المناطق والمحافظات
- 2024-04-25 احصل على 800 ختمة قرآنية شهرياً
- 2024-04-24 جمعية البيئة الخضراء بالأحساء تكرم البورشيد لاطلاقه (ديك الماء)
- 2024-04-24 الأمير محمد بن عبد الرحمن رئيساً فخرياً لجمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم
- 2024-04-24 جود بخاري تحقق أول برونزية سعودية في البطولة الآسيوية للبلياردو
- 2024-04-24 في أسبوعه العالمي .. خوجة : التطعيمات واجهت عبر التاريخ شراسة الفيروسات
- 2024-04-24 صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز ال سعود يفتتح مستشفى الموسى للتأهيل بالاحساء
- 2024-04-24 مبدعات في الرواية والمسرح والشعر من دول مجلس التعاون الخليجي جواهر القاسمي تكرم الفائزات بجائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية
- 2024-04-24 المرجعية الإنسانية وتجديد بنية المرجعية الدينية