2010/10/13 | 0 | 2247
هوامش تدقيقية على دعوى التزوير في حديث الكساء (11)
1 - حكاية الاجازات التي تذكر لحديث الكساء والنظر الدقيق فيها.. 2 - التفسير المزاجي الخاص من قبل الشيخ الراضي لمعنى الوضع في الأحاديث!! 3 - رواية عن الإمام الرضاعليه السلام توحل في وحلها البعض ومنهم الشيخ الراضي (حفظه الله) . كل هذا تقرأه في الحلقة (11) من هوامش تدقيقية على دعوى التزوير في حديث الكساء..
ماذا في هذه الحلقة؟
كنا قد نوهنا للقارئ من خلال المحاكمات الفارطة أننا لسنا ممن تبين له (حتى الآن ) صحة الحديث في تقديره السندي وإن كانت مفردات معانيه متسقة ومتناسقة مع القرآن المجيد والسنة ذات الطرق والمصادر الكثيرة.. ولكننا نريد أن نضع كشفا باسماء ونصوص العلماء الذين لم يخفوا هذه الحقيقة مضافا على من ذهب إلى صحة سنده وما نتوخاه من هذا الدور أن يلتفت الشيخ الراضي إلى نقص بحثه علميا إذ كان عليه أن يعطي العلماء القائلين بعدم صحته من جهة السند حقهم كما كان عليه أن لا يهمل جانب العلماء والخبراء الذين أدعو وجود أسانيد للحديث يعتمدون عليها في تصحيحه ..
أسانيد حديث الكساء المشهور:
أشارت الأصابع الكثيرة من قبل العلماء الأعلام إلى سند هذا الحديث وكل إشارة لها تعبيرها الخاص ..
ليس له سند أو انه من متفردات الطريحي:
و لنستمع إلى فريق من العلماء الذين جهروا برأيهم ولم يستحقوا من أحد هجرا ولا لوما لأن الرأي العلمي البحت لا يحارب ولا يصارع ..
1 قال السيد اليزدي قد سره : إن أصل القضية الكسائية في الجملة من المعلومات كما يستفاد من أخبار كثيرة مما ورد في آية التطهير منها خبر منتخب الطريحي..
(الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء عليها السلام/ج19/475).
وهذا النص المنقول عن السيد اليزدي وإن لم يكن فيه تصريح بالارسال ولكن بالمراجعة إلى النسخة الأصلية الفارسية نجد أنه قد صرح بذلك فقد جاء :
"" أصل قضيه كسائيه في الجملة أز معلومات است جنانجه أز أخبار كثيره أز أنجه در خصوص آيه تطهير وارد است مستفاد ميشود كه أز جملهء آنها خبر منتخب است وآن هر جند مرسل است لكن در عداد آن أخباراست كه بسياري أز آنها ضعيف است وأرسال آن مضر نيست "".
(جواب سؤال فارسي سيد يزدي: 444).
فقد سقط في الترجمة العربية ما تحته خط وترجمته: "" وهذا وإن كان على كل حال مرسل ولكنه في عداد الأخبار الضعيفة التي لا يضر إرسالها .."".
وعلى أي ٍ من الأحوال فإن هذا التصريح من سيد مراجع عصره الكاظم اليزدي يكشف لنا عن خطأ ماظنه الشيخ الراضي في الشيخ عباس القمي حيث قال: "" ولعله أول من من أشار إلى عدم صحة هذا الحديث "".
(الحلقة الخامسة ص6)
وهي الكلمة التي لم يقلها عن بحث بل قد أقتبسها الشيخ المحترم من بحث محمدي الريشهري ، وسيعلم القارئ المتحري ان الشيخ ابا مجتبى قد سار خلف الريشهري مقلدا لا محققا وسنضع النقاط على الحروف والكلمات على السطور في الحلقة الأخيرة من هذه الهوامش تحت عنوان : " تحية المطاف " إن شاء الله تعالى .
مداخلــة استبــاقية:
وهنا ولكي أسبق المناقشة من أي أحد أبين ( للقارئ النبه ) بأن السيد عباس الكاشاني نقل كلام الطبأطبائي اليزدي معتبرا إياه ممن جنحت كلمتهم إلى صحة حديث الكساء المشهور قال: "" ومنهم آية الله الفقيه المتلاطم السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي صاحب العروة فإنه طاب ثراه قد جنح إلى صحته وصدوره في كتابه السؤال والجواب..."".
(مصابيح الجنان:826).
إلا أن هذا التقييم من السيد الكاشاني واضح لا ارتياب في معناه فهو يتحدث عن رأي السيد الطبأطبائي اليزدي في متن ومضامين الحديث والتي قال ـــ عما قليل مضى نقلنا لك نصه الفارسي ـــ عنها بأن إرسال السند لا يوجب ضررا بها ولا يحقق ضعفها .
2 وقال العلامة السيد محسن الأمين في معرض حديثه عن الديلمي وكتابه غرر الأخبار:
" غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب الأطهار وحديث الكساء المشهور المذكور في منتخب الطريحي مذكور فيه.."
(أعيان الشيعة: ج5/ 251).
3 وقال الميرزا جواد التبريزي طاب ثراه: في جواب سؤال:
هل ثبت لديكم حديث الكساء بسند صحيح ؟ وما هو ثواب قراءة هذا الحديث؟
الجواب: حديث الكساء مشهور والثواب المنقول يعطى للقارئ والمتوسل بقراءته وبمن ورد في حقهم الحديث إلى الله سبحانه وتعالى عند الحاجات والله العالم.
(الأنوار البهية في المسائل العقائدية:97).
4 كلمات الشيخ عباس القمي وقد نقلناها عن كتاب هداية الأحباب والكنى والألقاب ومنتهى الآمال كما قد ساق الشيخ الراضي نفسه بعضا منها ..
5 ويقول الشيخ زين العابدين الابراهيمي: "" ليس في شيء من تلك الأخبار هذه التفاصيل المذكورة في رواية المنتخب وأنا لا أحكم بصحتها ولا سقمها ...""
(أسرار حديث الكساء/99).
6-7 الشيخ فخر الدين الطريحي وعلي نقي الأحسائي حيث عبر كل منهما بـ (روي) وهي تفيد الإرسال .
ولا زال هناك العديد من الكلمات التي لم تبالغ في السند موجودة في كتب المشايخ الأعلام لم نستقصها عن آخرها..
فهل مع مرور هذه الأراء بسلام آمنين من النقد وسكوت الآخرين عن مدافعتها يجوز لاحد أن يتهم العلماء في امانتهم ويقول ان هناك تهويل وتضخيم ومبالغة في حديث الكساء، وماذا قدم لهم من الإنصاف من يقول فيهم بهذا ؟!
الاجازات والطرق إلى حديث الكساء:
ولكن هناك إشارات أخرى تتحدث واثقة عن وجود سند صحيح لحديث الكساء علاوة على ما جاء في كتاب العوالم وقد تقدم نقل البعض عن وجوده في غرر الأخبار مثلا وهو ما لم يتم العثور عليه وهنا سننقل طرفا مِـن أقوال مَـن يؤمن بوجود أسانيد وإيجازات تصل بين حلقات الرواة إلى السيدة الزهراء سلام الله عليها.. والداعي لي إلى نقلها هي أنها قد انتشرت وشاعت بين المؤمنين في أرجاء الشبكة العنكبوتية كما تحدث بها بعض الفضلاء في رسائلهم.
1 السيد عباس الكاشاني:
ونحن نروي هذا الحديث الشريف بشتى الطرق من أرباب الحديث ومشايخ الرواية وقد ذكرنا طرقنا العديدة في كتابنا المسلسلات وهنا ننقل الحديث الشريف بحق إجازتنا من العوالم بحذف أسانيده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري (رض).
(مصابيح الجنان 826).
2 قال السيد محمد الحسيني الميلاني :
"" وأروي حديث الكساء بسند صحيح متصل عن جابر بن عبد الله "".
(قديسة الاسلام:271).
3 السيد مهدي الشيرازي نقل عنه إسناد صحيح إلى حديث الكساء وأنه في رسالة مخطوطة لا تزال محفوظة.
(فقه الزهراء:9).
وصورتها:
"" ...السيد مهدي عن الشيخ عباس القمي عن الميرزا حسين النوري عن الشيخ مرتضى الأنصاري عن المولى أحمد النراقي عن السيد بحر العلوم عن الوحيد البهبهاني عن أبيه الشيخ محمد أكمل عن المولى محمد باقر المجلسي عن أبيه محمد تقي المجلسي عن الشيخ البهائي عن أبيه الشيخ حسين بن عبد الصمد عن الشهيد الثاني عن أحمد بن محمد بن خاتون عن الشيخ عبد العال الكركي عن علي بن هلال الجزائري عن الشيخ علي بن خازن الحائري عن أحمد بن فهد الحلي عن ضياء الدين علي بن الشهيد الأول عن أبيه محمد مكي العاملي عن فخر المحققين عن أبيه العلامة الحلي عن خاله المحقق الحلي عن ابن نما عن محمد بن أدريس الحلي عن ابن حمزة الطوسي عن محمد بن شهر آشوب عن الطبرسي صاحب الاحتجاج عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي عن أبيه شيخ الطائفة عن الشيخ المفيد عن الشيخ الصدوق عن أبيه عن علي بن أبراهيم حيلولة: وعن ابن قولويه عن الشيخ الكليني عن علي بن أبراهيم عن أبيه ابراهيم بن هاشم عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن القاسم بن يحي الحذاء الكوفي عن أبي بصير عن أبان بن تغلب عن جابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله تعالى عليهم جميعا عن سيدتنا ومولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنها قالت دخل عليّ أبي في بعض الأيام..."".
(صورة ممهورة بختم ابنه السيد صادق).
4 الشيخ فرج العمران فبعد أن نقل سند الحديث من كتاب العوالم للشيخ الجليل الثقة الثبت المحدث الحافظ الشيخ عبد الله بن نور الله البحراني ساق (تذييلا) جاء فيه:
"" يسرني جدا أن أتصل بهذا السند وأن أنتظم في سلك سلسلته الذهبية بتوسط إجازتي عن مشايخي الكرام تبركا وتيمنا فأقول:
حدثني ــ إجازة ــ آية الله السيد محسن الطباطبأي الحكيم (مد ظله العالي) عن شيخه واستاذه آية الله الحكيم الفيلسوف المتكلم الفقيه الأصولي الثبت الميرزا محمد الحسين النائني المتوفي 26/5/1355هـ عن شيخه ثقة الاسلام الميرزا حسين النوري المتوفى سنة 27/6/1320هـ عن شيخه سلطان أهل التحقيق الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفي سنة 1281هـ عن الفقيه المعتمد صاحب المستند الشيخ أحمد النراقي المتوفى 13ـ 4ـ 1245هـ عن والده المبرز في علم الأخلاق الشيخ مهدي النراقي الغفاري المتوفى سنة 1209هـ عن شيخه المحقق المنصف الشيخ يوسف صاحب الحدائق المتوفى سنة 1186هـ عن شيخه الشيخ حسين ابن الشيخ محمد ابن الشيخ جعفر الماحوزي عن شيخه الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله البحراني عن السيد هاشم البحراني... إلى آخره "" .
(الأزهار الأرجية:م3ج8ص245).
كل هذه الاجازات في الميزان:
والنظر الدقيق في هذه الاجازات يقتضينا ذكر أمور:
أ ) يؤكد بعض الأجلة من مشايخنا ومن أصحاب الفن في الاجازات (أعني به المحقق الكبير و العلامة الحجة السيد محمد رضا الجلالي) أن هذه الاجازات طرا ليست من الاجازة الخاصة التي تفيد تحميل المجيز للمجاز نسخة مصححة بل هي من الاجازة العامة التي لا تفيد قليلا أو كثيرا بل هي مجرد تبعية للسلف وتذكر للتيمن والتبرك ولا شيء أكثر، وهذا ما صرح به الشيخ فرج العمران في مطلع إجازته قال : " إجازتي عن مشايخي الكرام تيمنا وتبركا " !
ب) أن بعضها اسانيد إلى النسخ والكتب بل إلى خصوص نسخة عوالم العلوم للبحراني يشهد بذلك عبارة السيد عباس الكاشاني إذ قال: " ننقل الحديث الشريف بحق إجازتنا من العوالم ..."، فإن المستجيز يرى في سنده إلى الكتاب ما يؤمن له الانضمام إلى السند الموجود داخل الكتاب فيسره أن يتصل بالسلسلة الذهبية المذكورة في العوالم ولو بهذا النحو .
ج) وحينما نتحصل على الفهم الصحيح لموقعية هذه الاجازات التبركية يزول الاشكال عن اشتمال بعضها على الشيخ القمي والشيخ النوري أو صاحب الذريعة بينما أيا من هؤلاء لم يذكر الطريق في إجازته الكبرى أو غيرها بل ربما صرح بما ينافي ثبوت الحديث بسند صحيح كما هو الحال مع الشيخ القمي صاحب المفاتيح، وإنما يفك الاشكال لأن هؤلاء أصحاب طرق إلى كتاب العوالم مثلا فصحح ذلك وجودهم داخل التوليفة التيمنية والتبركية!
د) وإن بمعرفة نوع الدرجة العلمية لهذه الاسانيد والاجازات لا يبقى استغراب من تحدث بعض الأعلام والأقطاب كالشيخ فخر الدين الطريحي أو علي نقي الاحسائي أو الفقيه اليزدي أو العلامة الأمين وغيرهم عن إرساله وعدم تمامه في التقدير السندي طبعا.. فإن نظر أمثال هؤلاء إلى المعنى الحقيقي والاصطلاحي للإجازة بينما قد توسع في معناها من ادعى سندا غير ما في العوالم !
هـ ) نلفت الانظار إلى وجود بعض أجلة الأساتذة في قم ممن يصر على أن بعض هذه الطرق ليس من نوع الاجازة المجازية والتيمنية بل هي طرق صحيحة في رأيه وبلغنا أنه يشتغل على إعداد بحث في هذه الخصوص ( نسأل الله لنا وله المدد في العون والزيادة في التوفيق) .
زبدة المخض :
أهتم الشيخ الراضي أن تكون الدقائق الأخيرة لقرائه خاصة بطي خيوط بحثه المتناثرة فجاء بخلاصة تتألف من سبعة عشرة نقطة غالبها مما قد أخذ نصيبه في البحث والتمحيص في هذه الهوامش، لهذا لا نعيد الكرة معها من جديد لولا أن بعضا منها يفرض علينا الكلام فرضا ويلزمنا بالوقوف عليه وبنفس الطريقة التي كنا نقصد من ورائها قياس الدقة العلمية لدى الشيخ الراضي (أصلح الله أمرنا جميعا ) ؟!
قرر في النقطة ( 2 ) : ح 5 ص 7 أنه:
" على فرض أن كاتب هذه الحاشية هو الشيخ عبد الله البحراني وأن هذه الدعوى منه من الذي يضمن أن ما رآه الشيخ البحراني هو خط السيد هاشم البحراني".
هنا إخفاقة علمية جاءت وليدة الاتباع والتقليد للريشهري ــ كما يبدو لي ــ في كتابه أهل البيت في القرآن والسنة وإلا فهي إخفاقة من جهة إحاطته بعلم الحديث إذ جميع علماء الحديث على أن قول الراوي: " رأيت بخط فلان " من صيغ التحمل، وإخفاقة في علم الأصول لأن هذه الصيغة تدلل على أنه ينقل عن حس لا عن حدس وقد تقرر لديهم أن ما دل على حجية خبر الواحد الثقة إنما يفيد حجيته إذا كان ناشئا عن الحس لا عن حدس فهذا التشكيك من ضعف الخبرة، وجوابنا عن هذه النقطة نفسه ينسف ما قرره في النقطة الثالثة أيضا لهذا نترك إيرادها !
أدعى في النقظة ( 4 ) ن/م :
لماذا لم يطلع على هذا الخط أحد من تلامذة السيد هاشم البحراني الملازمين له...؟
هذا الكلام جزم منه ( سامحه الله ) بعدم اطلاع أحد من تلامذته عليه ولا أدري من أين جاء هذا الجزم ؟!
كم هو البون الشاسع بين أن نقول لم نسمعه و لم نقرأه عن أحد تلامذته الملازمين له، وبين أن نقول لم يطلع عليه أحد من تلامذته؟
فما قاله الشيخ الكريم يتوقف على تصريح تلامذة السيد البحراني بالنفي ولم يحصل !
وأعز ما نشير إليه أن تلامذة السيد البحراني قد خفيت أسمائهم وهذه حجة أخرى على الشيخ الراضي فهو لم يستطع عند ترجمته من أن يذكر له أكثر من تلميذ واحد بينما من المقطوع به أنه صاحب مدرسة تتهافت عليها العقول والهمم، فرجل تخفى تلامذته وحضار درسه المستفيدين منه ما علمك بأوراقه ومستنداته العلمية التي لم تنتشر في حياته هل يمتنع أن تكون خافية على الناس ؟؟
قال في النقطة (13) ن/م:
"" إنما عبرنا عن هذا الحديث بالوضع لأنه لم يثبت أنه روي في كتاب معتبر معتمد ولم يثبت أنه روي حتى بسند ضعيف فهو لا أصل له "" .
ما أكثر الروايات الفقهية التي حشدت في كتب الفقه كالمبسوط للشيخ الطوسي و التذكرة والمختلف للعلامة الحلي وغيرها من كتب الفقه الاستدلالي، وليس لها مكان في كتب الحديث المعتبر منها وغير المعتبر فكيف ستكون النتيجة بناء على الطريقة الجديدة للشيخ الراضي هل سنحكم على جميعها بالوضع ؟!
ومن ناحية علمية فإن الوضع له مغازي يعرفها طلاب علم الدراية وعلم الحديث منها التهمة الشخصية للرواي التي تقوم على أسس عامة وقد ذكرناها في بادئ البحث ومن أهمها شهادة علماء الفن على كون الراوي وضاعا وجرحه بالكذب مثلا..
ومنها عدم الانسجام مع القرآن وكلام أهل البيت عليهم السلام
وليس بين العلل العلمية للوضع شيء أسمه لم يرد في كتاب ؟!
فمن أين جاء الشيخ الراضي بهذا ؟
المرجو منه أن يدلنا على مصدر واحد للعلماء سواء شيعة أو سنة يقول بأن عدم ورود الحديث في كتاب ولا بسند ضعيف يساوي في النتيجة كونه موضوعا ؟!!!!!
ولا غرو فهو شخصيا يعرف بأن ذلك من مُحدَثــات الاصطلاح ولم يقل به غيره ولذا قال " عَبَرَنـَا "، ولم يقل: " يُـعَـبَـرُ "، وجوابنا:
أنت أولى بتعبيرك الذي لم تتضح لنا ذهنيته بعد.. بل إننا لا نستطيع أن نثق بكل تقييماته لحركة العلماء مع الحديث لأنه قد بدى واضحا أن الشيخ الراضي يتكلم بالمصطلحات العلمية لكن عن ذهنية خاصة لا تشبه الذهنية العامة فالتساهل عنده له معنى مختلف، والوضع له معنى مغاير، ولا يبعد أيضا إذا وصلنا وإياه إلى بحث الدلالة والمضمون لحديث الكساء أننا سنرى للغلو معنىً فردياً يختص به ولا يفهمه غيره !!!!
والنتيجة المستنتجة:
أن الشيخ الراضي (عفى الله عنا وعنه) يحاكم التراث محاكمة مزاجية وبأراء لا تنطلق من القواعد و الأصول المدرسية التي لا تختص بأحد دون أحد بل هي واحدة يعرفها المتدرجون قبل المتخرجين في المعاهد العلمية الحوزية !!
وألقى إلينا في النقطة (17) والأخيرة ن/م:
"" إن الإمام الرضا عليه السلام وضع لنا جملة من القواعد في التعرف والتمييز في فضائل أهل البيت عليهم السلام في صحيحة ابن أبي محمود التي نقلها عنه..."".
لقد الفتناكم في الحلقة الرابعة من هذه الهوامش إلى عجيب قراءته للنصوص فهو كثيرا ما يتكئ على نص ٍ لا يحمي مطالبه ولا ينصر آرائه إنما هي نصوص أدل ما تكون على خلافه !! وإن الرواية المشار إليها هنا أيضا هي بعيدة عما استنتجه بفهمه وسننقل الرواية ونبرز مواضع الإشارة فيها والحكم متروك للناقد البصير ..
روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام بسند صحيح عن إبراهيم بن أبي محمود قال:
"" قلت للرضا عليه السلام يا بن رسول الله إن عندنا أخبارا ففي فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها فقال يا بن أبي محمود لقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله عز وجل فقد عبد الله وإن كان الناطق عن أبليس فقد عبد أبليس ثم قال الرضا عليه السلام: يا بن أبي محمود إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام أحدها الغلو، وثانيها التقصير في أمرنا وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير أعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا وقد قال الله عز وجل ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم يا ابن أبي محمود إذا أخذ الناس يمينا وشمالا فلزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه إن أدنى ما يخرج الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة هذه نواة ثم يدين بذلك ويبرأ ممن خالفه يا ابن أبي محمود أحفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة "".
(عيون أخبار الرضا ج1/ باب 28 رقم 63).
ماهي الأشياء التي غفل عنها الشيخ الراضي في هذه الرواية؟
فعلى أن الرواية لا تتصل بمقصود الشيخ الراضي إلا أن ثمة أسئلة جادة تلاحقها ولا بد على الشيخ الراضي من تخليص الرواية منها وإلا ستفقد الرواية صلاحيتها للعمل حتى لو كانت نقية السند، خصوصا على نفس الشيخ الراضي ( عاجلنا الله وإياه بعفوه ) وما رأينا من استعداده الدائم لرمي الرواية بالمشبوهية والوضع لأدنى خلل ولأدنى شبهة، فإنا نقول له هاهنا شبهات كثيرة حول هذه الرواية فكيف استنام قلبك إليها وكيف قبلت بها حجة دون أن تلتفت إلى ما تخفيه في جيوبها ؟!!
هيا معا إلى الأسئلة . .
1 - كان من قوله: "" إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا ""، وهذا يقتضي أن يكون في الخارج شخصيات بارزة ومحترفة في وضع الفضائل في اهل البيت عليهم السلام كما عرف الوضع والاختلاق عند ابي الخطاب أو ابن المغيرة أو ابن المقفع فالكل محترف في الوضع والدس في جوانب معينة وفي أعصار محددة وقد تولى أهل البيت عليهم السلام فضحهم بالمباشرة . .
فهل تسعفنا ذاكرة الشيخ الراضي باسم واحد من هؤلاء المحترفين الذين هولت أمرهم الرواية المزبورة ؟
وأين مَن ذكرهم أو عين وضعهم في كتب القوم (لأن الرواية تقول أنهم من المخالفين) سيما وأن علماء الطرف الآخر يهتمون بأمر الوضاعين بل من الأمور الاعتيادية عندهم تبادل التهم بالوضع فما أكثر رجالهم الذين الصقوا بهم تهمة الوضع والدس والتدليس فصار يرد بعضهم على بعض في هذا المعنى ...
وأيضا فنحن نعرف أن ضعف اتباع الآخرين لأهل البيت عليهم السلام وشراب قلوبهم من حب الآخرين من أعداء أهل البيت عليهم السلام حتى لو كانوا مجرد سلاطين أو رعاة جفاة من النواصب مثلا فهو حافز قوي يدعوهم للنيل ممن وضع أحاديثا تغلو في أهل البيت أو تنال بالسب والشتم ممن يحبون حتى لو كان من مذهبهم فلما لا نجد لهم أي ذكر ٍ وهذا يدل على أن المخاوف التي تتكلم عنها الرواية تجاه المخالفين ليست بواقعية ؟
2 - وفيها أيضا: "" وجعلوها على ثلاثة أقسام أحدها الغلو ""، ولا شك أن معنى الغلو هنا هو ما يقتضي الربوبية لا مطلق الارتفاع بأهل البيت عليهم السلام ولذا قال بعد ذلك " ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ".
والسؤال المحوري: أين هي الروايات التي تتحدث عن ربوبية أهل البيت عليهم السلام من طرق أهل الخلاف وهل يمكن أن يعثر الشيخ الراضي على رواية واحدة بهذا الشرط ؟
3 - وأخيرا قال: "" وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا ""، وهذه من أكثر فقرات الرواية إجمالا ..
فالربط بين قيام روايات في سب أعداء أهل البيت وسب أهل البيت غير واضح ؟
لأنه إذا كان المقصود وضع هذه الروايات على لسان أهل البيت فإننا نعود بالسؤال إلى من يحتج بهذه الرواية ونقول أين هي الأحاديث المروية في طرق القوم وفيها نسبة كلام السباب والشتام إلى أهل البيت عليهم السلام ؟
إنما المعروف هو خلاف ذلك كوضع " ولدني أبو بكر مرتين " على لسان الإمام الصادق عليه السلام، ووضع بعض الترضيات والاشادة ببعض رموزهم وهنا ينشأ سؤال رابع بالمناسبة وهو:
4 - لما تدعي الرواية أن الإمام نبه على بعض مساعي المخالفين التي لولا هذه الرواية لم نعرفها و لم ينبه على هذه الممارسة التي كانت واضحة من قبل المخالفين فلما لم يجعلها قسما رابعا ويبين هدفهم من عملية وضع روايات المدح لرموز المخالفين وهو أن يميل شيعتهم إلى خصومهم ونحن نعرف أن هذا دور خطير جدا لا يصح إهماله من حكيم صاحب خبرة واردة فضلا عن الإمام عليه السلام ؟!
وأما إذا كان المقصود أنهم يضعون روايات تنال من رموزهم بالسب والشتم لا على لسان الأئمة عليهم السلام بل من غيرهم مثلا فاي ربط بين وجود هذه الروايات وبين أن ينتقم الناس منها بسب أهل البيت عليهم السلام فلما لا يسبون من تنسب إليه مباشرة ؟
5 - والسؤال الأخير أن ما رأيناه من الذهبي وغيره ينص على أن المقبلين على التصديق بفضائل أهل البيت عليهم السلام من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين كثير، نعم قال أنهم لم يؤمنوا بإمامتهم الإلهية كما تقول الرافضة ..
ولعمري فهذا شيء لا يشك فيه حيث أن كتبهم وطواميرهم المخصصة لفضائل أهل البيت عليهم السلام بعيدا عن الغلو والنيل من أعدائهم تملئ الفجاج الأعظم إذن ليس الغاية من حديث المخالفين في فضائل اهل البيت عليهم السلام أن يسمع الناس الغلو فينسبوا الشيعة إلى الربوبية، أو يسمعوا بمثالب غيرهم فيثلبوهم بل هو قضية المحبة العامة والاعتقاد بفضل وسمو أهل هذا البيت عليهم السلام الذي أظهره الله عز وجل على لسانهم {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره }..
6 - إن الدور الذي تتحدث عنه هذه الرواية دور خطير جدا وهذا يجعلنا نتسائل كيف سكت الأئمة عليهم السلام عن هذا التلاعب ولم يحملوا عليه بل كل ما جاء فيه هو موقف واحد للإمام الرضا من بعد سبعة أئمة ولم يتكرر على لسان من بعده من الأئمة عليهم السلام بل حتى الإمام الرضا لم يهاجم أو يبادر من نفسه (حسب زعم هذه الرواية) إنما كان ابن أبي محمود قد تعرضه بالسؤال فأجابه ؟!؟!؟!!
وكنتيجة لهذه الأسئلة التحقيقية الستة يتضح أن الرواية وبالرغم من قول البعض بصحة سندها ( والذي فيه كلام أيضا )، إلا أنها من حيث المعاني يبدو أنها تتكلم عن أجواء لا تثبت تاريخيا مع إهمالها لأمور أخرى في صميم الموضوع الذي تدور حوله مما هو ثابت تاريخيا !
فنحن وإن كنا لا نطعن في الرواية لأدنى ملابسة ولكننا نتوقف فيها ونرد علمها إلى أهلها !
ومن مارس علمي الفقه والعقيدة يعرف بأن التوقف في بعض الأحاديث حتى لو كانت صحيحة وأعلائية ليس بالأمر العزيز سيما إذا كان فيها أضطراب أو مخالفة لضروري من ضروريات الدين أو المذهب أو الفقه وغير ذلك من الأمور التي تمثل القدرة على رعاية الحديث ودرايته حيث جاء في النص : "" الحديث دراية وليس برواية "" !!
ملاحظة أساسية:
إن هذا التحليل والأسئلة المثارة كلها بناء على تفسير قوله " مخالفينا " بعموم أهل السنة والجماعة (*).. وأما إذا فسرت بالخوارج والمرجئة كما هو المعروف بين العلماء و المستأنس من كلمة مخالفين آنذاك فإن هذا التفسير يكشف عن سطحية ما قاله الشيخ الراضي:
"" إن الإمام الرضا عليه السلام وضع لنا جملة من القواعد في التعرف والتمييز في فضائل أهل البيت عليهم السلام في صحيحة بن أبي محمود التي نقلها عنه... "".
(ح5 ص8)
ولكن كيف ؟
لأن الخوارج والمرجئة لم يكونوا متنفذين في الطبقة العلمية من الشيعة بل كان الشيعة يحذرونهم تمام الحذر لأن الأئمة عليهم السلام قد حاربوهم وحاججوهم سيما الإمام جعفر بن محمد صلوات الله عليهما الذي كان يعلم أصحابه احتجاجاتا يحتجون بها على المرجئة .
( راجع إلى الملل والنحل للشيخ السبحاني ج3/104)..
فقــــه الحــــديث:
وحينما نغمض عن تلك التساؤلات التي تثير الشكوك في جهة الصدور أو فيما هو مرادها الجدي أو في احتمال سقوط ما يوجب اختلال المعنى فيها..
فلو أغمضنا عن كل ذلك فإن الرواية في واد ومطلوب الشيخ المتحدث في واد آخر !
1 هي تدعو إلى قبول ما كان الحديث عن الله عز وجل وهذا لا يتوقف على توثيق الطريق كما توهم الشيخ الراضي بقوله : "" لا بد من المصادر المعتمدة في نقل العقيدة والأحاديث والفضائل التي تنسب إلى أهل بيت العصمة والطهارة... "" لأن الفضائل إن أريد التحدث بها على وجه الاحتمال فلا تتوقف على ذلك كما هو صريح كلام علماء الدراية والحديث..
وأما إذا كان الهدف الايمان بها فهذا لا ينفع معه وثاقة الطريق وكون المصدر معمتدا فالمحققون قالوا بأن الخبر الواحد الصحيح حجة في الأحكام الشرعية فقط لما دل عليه الدليل، وأما في غير الأحكام فهو من الظنون التي لم تخرج من أصل عدم الحجية بالدليل وهذا موضح حتى في أبسط الدراسات الأصولية ؟!
وإن الراوي على ما يبدوا كان يعي هذه الجهة ولذا طرح سؤاله بشكل دقيق قال: " أفندين بها " فهو يتحدث عن الادانة والقطع بها لا عن مجرد روايتها وتناقلها وهذه خصوصية لم يعطها الشيخ الراضي حقها من التأمل ولو كان لكتشف مبكرا أن الرواية على خلاف مقصوده أدل !
إنما طريق الاطمئنان لكون الحديث عن الله أم عن أبليس يتوقف على معرفة قرآئن الصدق التي قد تحتفي بالخبر فترتقي به إلى درجة القطع أو الاطمئنان بصدقه وصدوره، كما يتوقف على معرفة موافقته لكتاب الله عز وجل أو مخالفته ..
ولعمري فقد أتعب العلماء الشراح والمتعرضون لحديث الكساء أنفسهم في مقابلة فقراته مع كتاب الله عز وجل وكشفوا عن موافقته الأكيدة للقرآن الكريم وهذا كلام نتركه إلى حين البحث في مضمون ودلالة حديث الكساء إن شاء الله تعالى .
2 وتدعو إلى ملازمة أهل البيت عليهم السلام يقول فيها: "" إذا أخذ الناس يمينا وشمالا فالزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه... "" .
وإن التحقق من ملازمتهم تفرض علينا أن لا نقتصر على الدرس السندي للخروج بحكم خطير وهو الوضع والاختلاق بل تكليفنا أن نقوم بعملية تمشيط واسعة لتراثهم عليهم السلام وقياس ما جاء في حديث الكساء على تراثهم فإن كان مطابقا له فالالتزام بحديث الكساء ــ وإن كان سنده كلا سند ــ التزام بهم ومفارقته مفارقة لهم، وهذا الشيء يوضح لنا أن التعلق بالأسانيد فقط لترجيح صحة شيء على ضعفه أو العكس هي طريقة من يعجز عن الخوض في غمار بحارهم عليهم السلام !! .
ترقبوا الحلقة الأخيرة إن شاء الله
جديد الموقع
- 2024-05-09 ما بعد الوظيفة (2)
- 2024-05-09 ناصر الجاسم.. في مجموعته القصصية «العبور».. القاص المسكون بهاجس من ذاكرته الشعبية.
- 2024-05-09 كيف يصرح الأديب بحبه
- 2024-05-09 (التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي)
- 2024-05-09 الدفاع المدني بمنطقة القصيم تكرم الإعلامي زهير الغزال
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟