أقلام وكتابات
2015/02/16 | 0 | 3162
نظف تفكيرك
ينما نتحدث إلى الغير في مجتمعنا العربي بلغة قد لا تكون واضحة فسيأتي الجواب دائما بعبارة " خاطب الناس على قدر عقولهم " ، و هذه العبارة منتشرة بكثرة و موجهة بشدة لدى من يسميهم المجتمع بطبقة مدعي الثقافة أو الكتاب الذين يخلطون الأوراق بين السطور و المفردات، لكننا و للأسف قد نطبق هذه العبارة على كل شخص ربما نتحدث معه حتى بلهجتنا السائدة و في كل مقام نتواجد فيه حيث أنها أصبحت ضرورة في حياتنا العامة و مع كل فصائل مجتمعنا المتبجح بالوعي و الثقافة و العلم، كنا لا نحتاج لتطبيق هذه العبارة سابقا سوى مع القلة من الناس الذين لم يحالفهم الحظ ربما للحصول على كمّ من التعلم و الاطلاع لكننا اليوم بتنا نطبقها على أكثر أصحاب التخصصات اللغوية حساسية و أكثرهم حصيلة علمية و ثقافية، إذن فنحن أمام مفترق مخيف للطرق قد يجرنا لويلات كبيرة دون أن ندري بسبب كلمة تقال أو عبارة تطلق ، فما الحل ؟
حهل نستمر في ذكر عبارة مخاطبة الناس على قدر عقولهم أم نتوجه لإصدار مفهوم جديد يكون متطلبا أساسيا لدى المتلقي لا من الملقي للكلمة ؟ " نظف تفكيرك " ، عبارة أصبحت أفكر فيها حينما أتعرض لمفترق طرق مع أي شخص قد يفهم ما اقول بطريقة مغايرة يجد فيها استهزاء أحيانا أو تهجما على شخصه الكريم أحيانا أخرى ،
" نظف تفكيرك " قد تكون حلا مؤقتا لمشكلة هي في الأصل كبيرة اليوم بسبب تفاوت درجات التفكير لدى الكثير من أبناء المجتمع الذي لم نعد نستطيع تحديد القدر المناسب لعقولهم لعدم ارتباط هذه العقول بأي معيار نستطيع من خلاله اختيار الطريقة المثلى لمخاطبتهم، ربما نحتاج للفيروز آبادي أو لسان العرب كي تكون مفرداتنا مفهومة حيث أن البعض لا يكاد يتعرف على ما نقول سوى بطرق سلبية لا يستطيع لسان العرب أن يشرحها في مجلداته و مواده الثمانين ألفا ، ربما لكون هذا المعجم قديم لدرجة أن ابن منظور لم يضع بالحسبان أن العرب سيعيشون في زمنٍ لن يكون للدرجة العلمية أو الكم الثقافي علاقة بدرجة الفهم العام لأي مفردة يتم كتابتها أو عبارة يتم إطلاقها و أن المجتمع العربي جميعا سيعلن حالة الطوارئ ضد كل ما يقال بل على من يقول و سيعيشون حالة أشبه ما تكون بالرهاب من أي كلمة ربما يقولها أي شخص ظنا منهم أن لها علاقة بقصة ما أو حادثة ربما حصلت و لم يتم التعرف على جميع جوانبها، و الأخطر من ذلك أن الأحكام تطلق بسرعة البرق على الشخوص بمجرد النطق بأقل الكلمات أحرفا و ربما على النية القلبية أو حتى الاسم و العرق و تقاسيم الوجه، كل هذا لماذا ؟
لاختلاف درجات التفكير التي لم تعد تتبع أي مقياس و ليس لها وحدة و لو افتراضية تتبع قانونا أو نظاما ما، لذلك نحن بحاجة لمكنسة كبيرة لتفكيرنا كي يعود نقيا يستطيع تقبل العبارات و يعالجها بطرقٍ علمية تنتهج منطقا سليما نستطيع من خلاله أن نحكم على ما يقال قبل أن نحكم على من يقول بالقبول أو الرفض ، و لنعالج حالة الرهاب التي نعيشها ضد كل ما نراه نحن مخالفا لدرجة تفكيرنا التي لم نستطع حتى قياسها أو توجيهها ضمن أي منظومة منطقية ناهيكم عن انتهاجها أي منحى فلسفي كان أو غير ذلك، أن يكون تفكيرنا نظيفا قد ينتج عنه بصيص أمل في أن نعيش آدميتنا الفطرية التي ترسبت بها الأدران بسبب طول سنين من التراكمات الاجتماعية و طول سنين من الاختلافات البشرية بتصنيفاتها المتشعبة التي نتج عنها ابتعادنا عن كوننا بشراً نصيب و نخطئ و لسنا إلهاً بيده الجزاء و العقاب و الحكم المطلق على ما تحويه العقول و القلوب ، ربما نستطيع تنظيف عقولنا من الشوائب إن كانت لدينا العزيمة الحقيقية لذلك و التي تتطلب أن نعود لنقرأ مرة أخرى ما حكمنا عليه و نتصور و لو لبرهة أننا نحن من قلنا أو كتبنا ذلك لنتعرف أكثر على تفاصيل الحروف التي نقرؤها لا التصور المسبق عمن كتبه و الذي سيكون تأثيره سلبيا دائما في حال قبولنا لهذا الشخص أو رفضه و الذي سيتطابق تلقائيا و دون أن نشعر على كل ما يقدمه أو يقوله أو حتى ينوي أو ربما ننوي نحن بدلا عنه و نخمن ما سيأتي من الغيبيات التي في الصدور، "
نظف تفكيرك " تأملها أخي الكريم و لا تكن كمن يقال عنه " كاد المريب أن يقول خذوني " فليس كل ما يقال يخصك بالضرورة و ليست كل مفردة هي في الأصل اتهاما لجنابك الكريم أو استخفافا بدرجة عقلك الذي لن تستطيع أنت أن تحدد درجته لعجزك الكبير أمام هذه الملكة التي ليست من اختصاص البشر و لا تتبع لمقاييس آدمية كي يحددها الإنسان و يسميها أمية أو متوسطة أو أكاديمية أو غير ذلك، وفقنا الله و إياكم للفهم و أحسن عواقب أمورنا جميعا.
جديد الموقع
- 2024-05-18 إيماءات الأطفال، وماذا تعني
- 2024-05-18 أفراح سادة آل سلمان "الكاظم "و العلي " تهانينا
- 2024-05-18 الشاعران بيلا والحرز في منتجع ماربيا
- 2024-05-18 قاسم العبدالسلام عريسا في الدانة البيضاء بالاحساء
- 2024-05-18 التمار والحسان تحتفل بزواج ابنيها " علي وحيدر "
- 2024-05-18 قطوف دانية من كلام الإمام الرضا (عليه السلام)
- 2024-05-18 مشهد الطروبة "في ذكرى مولد المولى أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام"
- 2024-05-17 (نادي ابن عساكر) يستضيف الباحث (المطلق) في فعالية (الآراء التاريخية الشاذة)
- 2024-05-17 أفراح الجزيري تهانينا
- 2024-05-17 الكتاب الذي ينسيك أنك تقرأ