2022/01/08 | 0 | 1994
حجرٌ وليالٍ عشر.. سيرة روائية بنفس "حساوي"
الرياض - خالد المخضب
استخدم الكاتب عبدالعزيز جاسم الجاسم، في روايته حجرُ وليالٍ عشر، ذريعة حجره المنزلي لإصابته بمرض كورونا لمدة عشر ليال، لتكون مدخلًا لحكايته التاريخية التي هي أقرب إلى سيرة روائية للكاتب نفسه، يقول أورهان باموق: "الأدب فن إتقان التحدث عن قصصنا كأنها قصص الآخرين، وعن قصص الآخرين كأنها قصصنا".
تتنقل الرواية بالقارئ بين أزقة ودروب قرية المطيرفي شمال الأحساء وصولاً لقرية الشقيق ومنها لأحياء مدينة المبرز العريقة، لتشتمّ رائحة مزارع النخيل والقهوة العربية والشاي الثقيل المنكه بالهيل، وتبغ العجائز، وطعم الرز والخبز الأحمر الحساوي، ومذاق الرمان والليمون، وصوت الأذان في أذن المولود، وروائح البهارات والبخور في سوق القيصرية التراثي.
يقدم الكاتب في إهدائه كلمات العرفان لجميع الأمهات اللواتي استنفدنَ حياتهن لصنع مجتمع واعٍ، كما لم ينسَ أن يهدي العمل للمصابين بمرض تكسر الدم المنجلي والذين خصص لهم نصيباً وافراً من خلال سرد رحلة كفاح إحدى الشخصيات الرئيسة والمصابة بذات المرض، وهو الأخ الأكبر إبراهيم، في لفتة إنسانية بديعة، والتي تقوم عليها بعض أحداث الرواية، جرأة ودقة في طرح الزمان والمكان والأحداث السياسية التي عاشها أهل ذلك الزمان من خلال شخوص واقعية، يمكن إسقاطها على واقع كثيرٍ من العوائل القروية الأحسائية التي عايشت تلك الفترة، وارتباط بعضهم بالعمل لدى شركة الزيت الكبرى (أرامكو).
جاء السرد على لسان أحد الأبناء الصغار محمد، بأسلوب الفلاش باك، لعائلة مركبة أبتدأ من الجدين والأب والأعمام وزوجاتهم، والاخوة، والأحفاد (أبناء وبنات الاخوة الكبار)، وبرغم تعدد الشخوص وتنوع أدوارها، إلا أن الكاتب ضبطها بسرده ولم تفلت منه أحداث الحكاية، التي اصطبغت بمشاعر المظلومية التي وقعت على والدته فضيلة، وعلى أبنائها، كما تم استحضار الإرث الديني كقصة سيدنا يوسف، وحادثة الحسين، وإن كانت لا تخلو من إثارتها لمشاعر الاعتزاز بالنفس وصون الكرامة، والكفاح العائلي التعاوني لتحمل تلك التكاليف التي فرضت عليهم لفترة زمنية طويلة امتدت منذ السبعينات وحتى منتصف التسعينات الميلادية في ريف الأحساء وحاضرتها المبرز، وإيثار المظلوم ولو بعد حين من الزمن، الذي حصلت فيها الكثير من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد عامة ولمكان الإقامة، لقد تجاسر الكاتب الجاسم بكل جرأة على عكس واقع ذلك المجتمع الأحسائي بتجردٍ وبعيد عن المواربة أو التحامل، لتكون الصورة العامة منطقية ومقنعة ومشوقة للقارئ خارج ذلك الإقليم، وإن كان هناك بعض المبالغة في تبرير حدة العداء بين بعض أطراف الصراع العائلي، ورده ذلك لحديث الوسادة، ومكائد النساء، وكأن الرجال مجرد دمى، ويحسب للكاتب تركيزه على التناقض في المبادئ الذي يحمله بعض ذلك الجيل، مثل تدينهم من جهة وأكلهم لحقوق الآخرين من جهةٍ أخرى، وبرّهم للوالدين من جهة وإهمالهم لأبنائهم من جهة أخرى.
ولو تخلص الكاتب من بعض التكرار في السرد، والذي تسبب في زيادة حجمها، ولو ببعض الاختزالات، والبعد عن المباشرة، لأصبحت الرواية أكثر رشاقة، وسلاسة، وإمتاعا، فالإبداع يبرز عندما تكون الكلمات أقل.
"لقد أسرتني أوراقك لعشر ليالٍ توصلتُ بعدها إلى أنّ حياة الإنسان لا تتجاوز زمن انتهاء صرخة الولادة وصرخة الوفاة، زمنٌ بين صرختين تكون الأولى له حينما يأتي إلى الدنيا فيضحك مَن حوله، والأخرى تتلوها بصرخة مَن حوله بكاءً لرحيله، وبين هذه الصرخة وتلك قصةٌ يمكن لقارئها أن يستلهم منها درساً ربما يفيده قبل حدوث الصرخة التالية التي قد تأتي في ذات العالم أو ربما في عالمٍ آخر!!، لم أعرفك ولا أظن أني أستطيع الوصول إليك لأعلّق عبارة أنني حضرتُ و لم أجدك؛ على بابك، لكني واثقٌ بأنك تستطيع الوصول إليّ إن أردت، سأترقب ذلك فلا أزال أنتظر المزيد..".
جديد الموقع
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل