2021/01/31 | 0 | 1926
الشاعر محمد الحرز: وراء اللغة وديان شاسعة.. هي خبرة الحياة
الفبس - مهاب نصر
تجربة الشاعر محمد الحرز هي ملاحقة الشعر كسؤال دائم، لا يتصل بمفاهيم جمالية أو شكلية فحسب، بل بموقع الشعر من عصب الحياة واشتباكه بواقعها. علاقته بالشعر لم تتوقف عند إنجاز النص واختزال مراحله الأساسية (العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر)، منفتحاً على التجديد والتفاعل مع النصوص الأخرى، بل انخرط أيضا في النقد وتأصيل السؤال الشعري.
صاحب «القصيدة وتحولات مفهوم الكتابة» و«الهوية والذاكرة: تعدد الأشكال ومسارات النقد»،أصدر مؤخراً مختارات شعرية بعنوان «قميص بذكريات معطوبة» عن دار «خطوط وظلال».
● من العمودي إلى قصيدة النثر ومن الحس السوريالي إلى الاختزال والتكثيف وما هو أبعد كانت تجربتك الشعرية، فأي أرض يجترحها ديوانك الجديد «قميص بذكريات معطوبة»؟
ـ جديدي هو مختارات شعرية من مجموع دواويني، التي تمثل تجربتي الشعرية مع بعض الإضافات لنصوص لم تنشر سابقا.
نعم، كانت القصيدة العمودية هي الأرض المهاد التي احتضنت مخيلتي في بواكير تشكلها بإزاء تجربة خجولة في كتابة القصيدة التفعيلية. لكن أظن صلابة التجربة والمعيار الذي كنت أختبر عليه فاعلية مخيلتي وحساسيتي الشعرية كانت قصيدة النثر. كان مفهوم التجريب ارتبط عندي منذ البداية بتصوراتي الأولية عن قصيدة النثر، وهي تصورات انبنت في جانب كبير منها على قاعدة التجريب اللغوي في الصورة من جهة، وعلى الانفتاح في استلهام الأشكال الفنية الأخرى كالسرد والحوار وتعدد الأصوات واستحضار الموروث من جهة أخرى. الأمر الذي أفضى بالنهاية إلى ركوب موجة التيار السوريالي بتأثير شعراء عرب كجورج حنين وجويس منصور، ثم لا حقا الشعراء اللبنانيين وهم كثر ومن أجيال متعددةـ عدا أيضا عن تراجم المتون للشعراء السورياليين الفرنسيين.
الدافع إلى البحث عن فضاءات أخرى للكتابة الشعرية، المرتبط أساسا بالإحساس أن ما يملكه الشاعر من وعاء شعري قد نضب ما فيه، وأن ما وراء اللغة هناك وديان شاسعة تسمى الخبرة الروحية في الحياة، هي التي تفرض بوصلتها في لحظة انعطافة، يتحدد من خلالها مضمون وشكل القصيدة التي سوف ترتادها تجربتي الشعريةـ تلك هي قصيدتي التي أقرأها تأويليا الآن.
هوية مراوغة
- هل توافق على الرأي القائل إن قصيدة النثر فقدت هويتها بعد أن صارت هي التيار الغالب، معممة الحالة السردية والاستطرادية؟
ـ دلالة كلمة «الهوية» مربك بالنسبة لي، ولا أجد لها موقعا مناسبا فيما يخص القصيدة على وجه العموم؛ لأن دلالة الهوية عندي لا يتصل بمعيار الشكل (التخلي عن الوزن والقافية في حالة قصيدة «النثر») وإنما بمجموع ما يتصل بتصوراتنا عن الشعر لحظة استقبال موجة الكتابة بكل استعداداتنا الروحية والنفسية والثقافية واللغوية، وهي تصورات مراوغة، لا يمكن الإمساك بها إلا في حالة الترصد والمراقبة وتتبع مسارات القصائد وطرقها الوعرة التي لا تبين للرائي من أول وهلة.
لذلك لا أحبذ الكلام عن رأي تعميمي قبل أن يكون عندنا استقراء شامل عن خصائص قصيدة النثر في تجاربها المتنوعة، التي لا يمكن القبض على ملامح معينة لها في ظل كل كلام يلقى على عواهنه حتى وإن كان يرتكز على ملاحظات واضحة للعيان.
هناك ملاحظة لا تخلو من وجاهة، وهي النمطية في كتابة قصيدة النثر لأسباب ليس لها علاقة بالحالة السردية والاستطرادية، بل بفهم مسطح للشعر، لا يتجاوز ما تعارف عليه كغرض شعري في القصيدة التقليدية. وما زاد الطين بلة هو انشغال أغلب النقاد عنها بأزمة التسمية من جهة والبحث عن أساس تاريخي لها من جهة أخرى.
حرية وسلطة
- كمنشغل بالنقد هل جعلت وسائل النشر الحديثة بما فيها مواقع التواصل الحالة الأدبية أكثر ديموقراطية؟ وهل تعارضت هذه الديموقراطية مع نخبوية القيم الجمالية؟
حالة الأدبية تعني الكثير من الظواهر، وفيها تفاصيل متفرعة، لا سيما حين يجري الحديث عن علاقتنا بالأدب كمبدعين وكتاب ومتلقين تحت سلطة شبكات التواصل الاجتماعي. أما إذا ما كانت هذه العلاقة جعلت من الأدب أكثر ديموقراطية فلا أظن، اللهم إلا إذا ما اختزلنا مسألة الديموقراطية في الحرية فقط، عندها يمكن أن نقول بحذر أن مظاهر الحرية أتاحت للمبدع والنص والمتلقي حرية الالتقاء والتعالق بعيدا عن شروط الإعلام التقليدي وسلطته. لكن هذه الحرية ولدت معها سلطتها أيضا، فأصبحت الكتابة الإبداعية عند المبدع وعند المتلقي على حد سواء، تخضع بطريقة أو بأخرى لمفاهيم من قبيل السهولة والسرعة وغياب الحدود والمعايير، وفي واقع الأمر جميعها مفاهيم طارئة على الكتابة الأدبية، لم توجد إلا بوجود شبكات التواصل الاجتماعي، وهي في لا وعي الممارسة الكتابية تمثل سلطة تحدد زاوية النظر والحوافز والدوافع في حال الذهاب إلى الكتابة.
القصيدة وذهنية الجماهير - كيف ترى حضور تجربة القصيدة الجديدة في المملكة عربيا؟
للأسف يصعب تقييم مسألة الحضور بشكل كلي. في السابق قبل ثلاثة عقود كنا نقول رأينا في مثل هذه المسائل في كلمتين أو ثلاث سواء بالنفي أو بالإيجاب: لأن المشهد الثقافي والأدبي برمته لم يتشظ بعد، ولم يتضخم أو يتورم مثل فقاعة صالون مثلما هو حاصل الآن. كان كتلة واحدة تستطيع أن تدلي برأيك وأنت في راحة تامة. الآن يصعب ذلك. لكن على مستوى الملاحظة والمقارنة المبدئية بإمكاني القول:
هناك محاولة في الساحة الأدبية بالمملكة من طرف أصوات متعددة، يواكبها دعم واضح وصريح من مؤسسات نافذة تحت مظلة الجوائز تارة وتارة أخرى باسم الأصالة، ربط دلالة ما هو الجديد بالشكل العمودي للقصيدة، فأصبح ما يسمى بالقصيدة العمودية «الجديدة» هي المتسيدة الساحة وكتابها كثر من الجنسين. بينما القصيدة الجديدة في منظورها الشكلي متوافرة كما وكيفا أيضا. لكن شروط إنتاجها عند مبدعها تختلف تماما، فأهم شروطها انتفاء أغراضها الشعرية المفروضة على غيرها، تلك المحكومة بذهنية الجماهير. أما القصيدة الجديدة من منظور المعنى والمضمون لا أثر إلا ما ندر، وهذا المنظور الأخير هو المقياس الحقيقي في معرفة حضور هذه القصيدة من عدمها، إزاء ما يخص سياق التجارب الشعرية العربية الحديثة.
جديد الموقع
- 2024-03-28 القاضي والخليل يلتحقان ببعثة القادسية في معسكر اسبانيا
- 2024-03-28 كنوز مبدعة الولاء ومحبة الوطن
- 2024-03-28 شراكة مجتمعية بين مؤسسة رضا الوقفية و جمعية ذوي الإعاقة بالأحساء،
- 2024-03-27 ضرر الخلافات الزوجية على الأطفال يقل لو تعامل معها الأب بطريقة بناءة
- 2024-03-27 عدد المفردات المنطوقة والمفهومة في مرحلة الطفولة المبكرة مرتبطة جينيًا باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والقدرة على القراءة والكتابة والذكاء العام
- 2024-03-27 ق . ق .ج
- 2024-03-27 للنمل مركز اتصالات متخصص لا يوجد في الحشرات الاجتماعية الأخرى
- 2024-03-26 المطيرفي كعادتها تحتفي بالقرقيعان
- 2024-03-26 بستان قصر تاروت ( التراث ، الفن ، الجمال ، الأصالة )
- 2024-03-26 نون وقبل التيه يتألقان في المكتبة المركزية بالرميلة