2011/10/08 | 0 | 2333
الثنائية والثلاثية الأخلاقية في الانترنت
عالم مضغوط كما وصنفا.. عالم وفرة في كل شيء طيبا كان أو خبيثا، خيرا كان أو شرا.. كما أنه عالم لا يفتقر إلى شيء ولا ينتظر بشيء!
وقد أشبعنا وأروينا هذا الجانب عندما كان النظر حول الثنائية في الانترنت «ثنائية التوجهات والسلوك».
ونخالة الكلام:
أن هذه التقنية الحديثة هي بوابة كما سموها..
ولكنها بوابة بلا باب يدخل منها المرغوب فيه والمرغوب عنه؟!
الوان متقاربة من بعض تكاد تختلط ببعضها البعض كألوان الطيف!
هناك إلى جانب من يبحث في الإنترنت عن الخير للعموم من صيرها آلة لصيد البر والبحر من النساء والأطفال والأموال بغير وجه حق؟!
فكما أنها حيلة المستضعفين والباحثين والمنتجين والمستهلكين في وقت سواء..
فإنها حيلة المختطفين والمنفلتين والهاربين أيضا؟!!
الثلاثية الأخلاقية:
ماذا يفهم من هذا المصطلح؟
الجواب:
الصور المحررة للشخصية في الانترنت ثلاث:
1 صورة تبرزالإنسان في شخصية الخَـــيّر الممحض بالخير يعمل ويسعى في طريقه فتراه مفيدا ومستفيدا.. كالذي يدأب على نشر البلاغات والإعلانات، والتحذيرات، وكل مهم في حياة الناس كالبرامج التثقيفية، ناهيك عن الكتاب من طبقة المثقفين والمفكرين والعلماء، وهذه الشخصية مباركة.
2 صورة تبرزه في شخصية الشرير الممحض بالشر كالذي يبذل من وقته ويهدف بجهده إلى الشر فهو تارة فاسد وتارة مفسد؟!
كمن يتابع وينشر المقاطع المخلة بين الناس!! وإن المفسد يحمل طبيعة الراد على الله ورسوله لأنه عرف بدعوة القرآن إلى الإصلاح وترك الإفساد وها هو يعارضها صراحة قال تعالى: ﴿ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ﴾..
3 صورة تبرزه في شخصيتين فهو لم يمحض الخير ولم يمحض الشر وسوف نتعرف على أمثلتها قريبا، إلا أن هذه الشخصية هي أشدها جميعا لقدرتها على التلون والخفاء..
ليس يهمنا الآن كيف يتحقق هذا التمازج السلبي وهل هو يتم بشكل عفوي اندفاعي، أم بشكل منوي وباطني.. إنما نظرنا إلى منزلته في القيم والتعريف به في الأخلاق وللكشف عن ذلك لا بد من المرور بنماذج هذه الشخصية التي تزدوج فيها المعايير:
النموذج الأول:
شخصية حوارية تشتغل بالنقد للآخرين فيحكم على من يشاء بالحبس في سجن رأيه وينزل عليه سياط الإساءة والتجريح والتشهير لا سائلا ولا مسؤلا؟!
فهذه ظاهرة لم تسلم منها الشخصيات الاجتماعية ولا الدينية الكبيرة؟!
وإن هذه النفاية «التي تسمى بالحوار» تجمع كل أوساخ الغيبة والنميمة والحسد والبهتان؟!! [1]
النموذج الثاني:
ينشب اختلاف بين بعض الأصدقاء ويبقى الاختلاف حالة طبيعية حتى يصل بأحدهم إلى الدرجة العدوانية ويرى في ساحة الانترنت مساحة لتنفيذ عدوانيته الفاتكة..
هنا أتصل بي أحد الشباب يقول: إني قد اطلعت على أحد الرفقاء وقد صمم صورا يظهر فيها صديق آخر بمظهر الخالع الذي تجرد من ثيابه وهو الآن يريد بث تلك الصور في النت وقد حصل ذلك على خلفية نزاع بينهما فهل يجوز ذلك يا شيخ؟
أما أنا فقد أجبته: لايجـــوز.
لكن.. ماذا عسى أن تصنع كلمة يجوز أو لا يجوز هذا اليوم؟!!
كنت أتمنى أن أجيبه بما يقطع يد ذلك الإنسان.. هذا لو كان لي عليه سلطان!!!!
النموذج الثالث:
هناك رجال مؤمنون يعملون لله عز وجل ولأهل البيت (ع) تعلق صورهم وأرقام جولاتهم وتفاصيل حياتهم أتدري من يفعل ذلك ولماذا؟
بعض من يحسب على المؤمنين الذي يشترك معهم في منتديات أو مواقع أو مجلات أو أي نشاط ديني مذهبي يخدم الحقيقة الشريفة لأهل البيت (ع) فإذا أختلف معهم فحذفوا له مقالة أو حرروا له كتابة بموجب قوانين العمل التي تم الاتفاق عليها نَـكّـــلَ بهم وعرضهم وأهلهم للاستهزاء والسخرية؟!
النموذج الرابع:
اجواء من النشاط الثقافي سرعان ما تنقلب إلى علاقة وإعجاب بين الناشطين والناشطات قد يصل إلى درجة غير محمودة عرفا أو شرعا..
فإن البعض من المواقع ربما تتحول من ورشة عمل إلى ورشة حب ورمانسية فضيعة؟!
النموذج الخامس:
الآن لم يبقى من الشباب والشابات إلا القليل ممن لم يضع أصبعه على لوحة المفاتيح للكتابة والتعبيير في المواقع والحيطان المختلفة في الانترنت وبما أن ذلك يقتضي توقيعا معينا فالتوقيعات صارت عبارة عن صور غير لائقة لفتيات غير محتمشمات لو استنكرت على البعض لكان قوله أنها صورة معبرة عن حزن أو سعادة أو أمل... أو...؟!
النموذج السادس:
اليوتيوب وما خبرك ما اليوتيوب؟!
إنه نافذة المفاجآت..
والعديد من أبنائنا وبناتنا لا يتسلل إلى اليوتيوب إلا للبحث عن أشياء مفيدة فالنية والقصد حين الخطوات الأولى نزيه تماما، ولكنه اليوتيوب الساحر؟!
الذي وإن دخل بك من الباب الذي تريده.. لكنه قد يخرج بك من الباب الذي لا تريده؟!
لأن البعض يفتح نافذة اليوتيوب بحثا عن مقطع مفيد ولكن ما أن يستنفد هذا المقطع دقائقه وينتهي من الدقيقة الأخيرة حتى يقوم بعرض تلقائي لشريط متحرك على نفس الشاشة وقد يحمل هذا الشريط من الصور والمقاطع ما يهيج فضول النفس ويُقـَطـّـعُ حبالَ الشيطان الرابض في الأعماق؟!!!
فالإنسان في هذه النماذج الستة مُـتـَـقلِـبٌ بنفسه أو مُــقـَـلـَـبٌ بيد تلك الأضواء التي تنفذ إليه من خلال الشاشة التي أمامه؟! فليس الشرُ مقصدَه، ولا الفسادُ مطلبـَـه ولكنه يواجه من المردة التي تخرج له من الشاشة الإلكترونية فتضرب أيدي الشياطين في صدره وتدفعه إلى الوراء وهذا ما يسميه القرآن الإنقلاب على الأعقاب ﴿ و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ﴾؟!؟!
منزلة هذه الشخصية المتموجة قرآنيا:
إن هذا المركب غيرالمتوافق والتمازج غير المتطابق، والتلون غير المتناسق في الحياة السلوكية عرض له القرآن الكريم: ﴿ خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ﴾، ويمكنك أن تلتقط صور ذلك مع إنسان الانترنت، أوإنسانة الإنترنت اليوم..
فكم من فتاة تحولت مع الإنترنت من حوراء إنسية إلى حرباء إنسية تتخذ لون المكان والشخص الذي تقابله وليس لها لون ثابت؟!!
طبعا يجب أن نفهم أن هذه الغارة ليست على الجميع!!
بل يجب أن نعيد الانتباه إلى الحديث عن جانب الخير في الإنترنت الشيء الذي آثرنا أن نفتتح به الكلام في الجزء السابق [خط الشباب وسائل الترفيه: الانترنت «1»].
مسكين من يرجو السراب..
السراب هو مشكلة العطش والظمأ أيا كان العطش مائيا أو عاطفيا.. فالعطيش للعاطفة أيضا قد يمشي وراء السراب إلى أن يقع فلا يستطيع أن يمشي للعودة كما مشى للطلب؟!
وهكذا في كثير من حكاية التعارف على الإنترنت
آمال عريضة لكنها كاذبة.
وعود متتابعة لكنها زائفة.
ومن يتصفح التجارب العاطفية التي وقف عليها الاستشاريون والإخصائيون يجد العظة الكافية ويتلبسه الخوف من هذا الطريق إذ أن النسبة الأوفى من تلك التجارب تبوء بالفشل او الفضيحة او الخذلان؟!
حياة الأنفاق:
تمثل الانترنت بالنسبة للبعض ممرات الأنفاق ولهذه الحالة مبرراتها وأسبابها..
كنا نقرأ في الحكايات والأساطير السابقة أن المساجين قديما ربما حفروا الأنفاق ليخرجوا من السجن..
وفي العصر الراهن أحدثوا الأنفاق لأن من يسيطر على الأفاق أجاعهم وعزلهم! من هنا أصبح بإمكاننا أن نصوغ تحذيرا:
«إذا ضاقت الآفاق بحثت الأنفاق»!!
وهكذا فإن الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للشباب فقد تضيق بهم الآفاق فينزلون إلى الأنفاق نزولا اضطراريا!!
والموقف الذي ينطبق عليه هذا المحذور هو: ممارسة بعض الأباء لاحتكار البنت عن الزوج حتى لو كانت هي تهواه ولا ترفض العشرة معه، أو لمنعه الخطيب من النظرة الشرعية عندما تطلب البنت للزواج تزمتا وتعنتا فماذا يحصل بعد ذلك؟ سيدخل الشباب إليها من نفق الإنترنت وثقب الكهرباء المفتوح على غرفتها الخاصة؟!
بل إن العديد من الشباب اليوم لا يقدم على خطوبة البنت قبل أن يقضي معها فترة تجريبية بالمحادثات على الإنترنت؟!!
فلئن كانت الأنترنت قد أحدثت التغييرات النوعية والجذرية في حياتنا الإجتماعية فإن من أقواها نقل مطالب الزواج بين الفتى والفتاة من النظرة الشرعية إلى الفترة التجريبية؟!!
ومسؤولية الجميع هنا ليس في التشديد على الأبناء والبنات ولا في إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية داخل البيت، بل سيكون أجدى لو أن الأب تسامح وأخذ بالعفو والتسيهلات في موضوع الزواج؛ إذ أن من أعمق أسباب هذه التجاوزات التي تحمل طابع المراهقة، هي التعقيدات التي يتعامل بها الأباء والأمهات في محاولة لفرض السلطان على أفراد العائلة وإثبات الوجود.
لهذا فإننا نرى أن خطأ الصغار مبني على خطأ الكبار هذا في حق الكثير من الحالات والمصادفات وليس حكما مطلقا..
جديد الموقع
- 2024-05-09 ما بعد الوظيفة (2)
- 2024-05-09 ناصر الجاسم.. في مجموعته القصصية «العبور».. القاص المسكون بهاجس من ذاكرته الشعبية.
- 2024-05-09 كيف يصرح الأديب بحبه
- 2024-05-09 (التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي)
- 2024-05-09 الدفاع المدني بمنطقة القصيم تكرم الإعلامي زهير الغزال
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟