2012/02/13 | 0 | 2388
الابتعاث إلى الخارج هموم وقضايا (الجزء الأول)
-
المحطة الأولى:
المحور(1): لقد كان عهد مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام عهد الانفتاح على الكثير من الثقافات والتيارات الفكرية فما موقفه سلام الله عليه منها وكيف تعامل معها؟
الشيخ البن سعد: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين اللهم أجعل أشرف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما انغلق والمعلن الحق بالحق وعلى آله السادة الأمناء والقادة الخلفاء.
الانفتاح ليس أيدلوجيا أو عقيدة اجتماعية .. بل الانفتاح معرفة بأمور تطلب للضرورة وهي:
1 الانفراج: كحق ممارسة الشعائر الخاصة وعدم التعرض للكنائس ولا كسر الصليب في يد صاحبه من أبناء تلك الملة
2 الإبقاء على حياة الآخر أو حق الحياة للآخر: فإن الإسلام يبيح لهم ما يبيحه دينهم من الطعام والشراب، ويملكون ما لا يملكه المسلم فلا يسلب ولا يخرب بحجة أن الإسلام يمنع منه، و يقبل منهم نظام ديانتهم في الزواج والطلاق والإنفاق ولا يلزمون بقانون الدولة الإسلامية . .
وكلا هذين يرجع بالمصلحة للآخر فقط، كما يسمى بالإنفتاح الداخلي، وأما الإنفتاح الخارجي فسنحدده في القريب الآتي إن شاء الله تعالى .
3 حماية النفس والمجتمع من التشنج أو ما يورثه، وهذا يرجع بالمصلحة للمسلم فيكون هو ممن يجني ثمرة الانفتاح المحدود وليس غيره (الذي تم الانفتاح عليه)، يعني: لو فرضنا العكس وأن الدين أمر المسلمَ ألا يلتفت للآخر المباين معه عقائديا في شيء أبدا فإن هذه طريقة تربوية سلبية تعبء روح المسلم بالتشنج الذي قد يتطور تلقائيا ويأخذ مناحي عملية خطيرة ؟!
فكان لابد أن يسمح له بشيء من الانفتاح والتعايش والتزام الحقوق لحفظ روح التسامح وصون نفسه عن سيئة التشنج هذا مضافا على الثمرتين الخاصتين بالآخر وقد تعرفنا عليهما.
وعلى أي من الأحوال فإن الانفتاح سواء كان داخليا أو خارجيا فإنه لا بد أن يكون مناسبا لوضعية الطرفين نفسيا واجتماعيا وأمنيا، و أمثلة الانفتاح الخارجي:
1 مجال العلاقات حيث كان النبي وغيره يقبل بعض الهدايا.
2 التعاون التجاري فلم يرد النهي للعرب عن التجارة مع بعض البلدان المجاورة ممن لم يلتحق بركب الإسلام بل وغير التجاري كالتعاون الأمني الذي تم في حركة الهجرة مرتين إلى الحبشة .
وفي المقابل لا يوجهنا الدين إلى الانفتاح ـــ داخليا كان أو خارجيا ـــ إذا كان يتهدد المؤمن أو المجتمع بخسارة معنوية بينة لأن في الانفتاح حالات تفني الهمة .. وتزيل معنوية التحرج والتأثم من المعاصي (الحاجز النفسي) ؟!مما يعني موت النفس الدافعة التي تدفعه نحو الايجابيات الشرعية، والنفس القابضة التي تقبضه عن المآثم وتمنعه من المعاصي ..
ولو رجعنا إلى التعبير الأول عن الانفتاح فهو من الانفتاح الصحيح والإيجابي في أدنى صوره حيث يحترز الدين لحياة الآخر، ويحترز لنفسية المسلم أيضا . .
ولكن لهذا الانفتاح صورة أخرى أجمل تتجاوز انفتاح السائح والمتعايش الذي لا ثمرة له إلا في السياحة والتعايش إلى رجل المهمة، ورائد الحركة الذي ينفتح ليحقق وينجز وبهذا المعنى لا سواه كان انفتاح الإمام الصادق عليه السلام !
فقد فتح علمه على الملحدين ورمزهم شاكر الديصاني
وفتح فكره أيضا على المغاليين فهاجم أبا الخاطب وغيره
وهذا ما يوحيه لنا حال الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام أيضا
والخلاصة:
أن الانفتاح في الجانب الشرعي يتبع مقاصدا وينتظر من بعده ثمار وفوائد معنوية سواء ما يستفيده أبناء المجتمع الآخر من الانفراج وحفظ حق الحياة والعيش، أو ما يستفيده المسلم من تقبل المعايشة نفسيا وعدم الاحتقان الطائفي، أو ما يستفيده رجل المهمة ــــ كالإمام، أوعالم الدين، أو المفكر ــــ من المواجهة وتنفيذ مبدأ الدعوة ونشر الهداية..
وأما ما خلا ذلك فهو انفتاح عفوي ولا مجال في الجانب الشرعي للانفتاح العفوي بل ربما يعرضنا للأخطار وسنتعرف على نماذج من ذلك مما قد يتفق مع بعض ٍ من بعض ٍ من المبتعثين!
المحور(2): يعتقد بعض مفكري الغرب أن رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم تأثر بالثقافات والديانات السابقة حتى وصل إلى نضج معرفي عميق اسس على أثره الدين الإسلامي وكتب القرآن الكريم فما ردنا عليهم ؟
الشيخ البن سعد: حينما نبحث عن المنشأ التاريخي لهذه الدعوة لا نظفر بشيء !!
لأن التاريخ العام الذي لا شك أن هذا المتحدث يدعي أنه يستقي منه ويستند عليه، يشهد على الرسول صلى الله عليه واله بأمور كلهامما يستبعد معه أن يكون قد لفق دينه من الديانات الأخرى نشير إلى بعضها:
1 أنه لم يكن يقرأ ولا يكتب نعم هكذا في التاريخ العام ــــ دعك عما في بعض روايات أهل البيت عليهم السلام ــــ وإن مهمة الجمع لما في الديانات الأخرى لا يتم من طريق آخر غير طريق القراءة والكتابة !!
2 أنه قد عاش ـــ بناء على الطرح التاريخي ـــ شخصية منعزلة نسبيا، فليس لديه من العلاقات مع أهل الكتاب ما يكفيه لأن يحفظ عنهم .
3 لقد عاش وظل يعيش في منطقة معزولة أيضا لا يوجد فيها أتباع كثيرون للديانات الأخرى .
فاين هي المؤشرات على أنه قام بدور تلفيقي ؟
ويناسب هذه الدعوى كلام النصراني صاحب كتاب (( الباكورة)) فهو يزعم:
"" أن أكثر وأجلى القضايا الشرعية في القرآن مقتبسة من كتاب التوراة ...""؟
وقد اجاب عليه المحقق الشيخ محمد آل عيثان "طيب الله تربته "، وسنجعله رقمَ (4) مضافا على على الأرقام(1-3) المتقدمة:
4 قال:"" أليس أعلم الناس من جمع علم غيره إلى علمه وزاد على ذلك الغير ؟ بل إن هذه أشرفية وأفضلية له فلا يقول بهذا إلا من لا يفرق بين العالم والأعلم والشريف والأشرف"....".
(الرد على النصارى الشيخ محمد آل عيثان:249)
ولعلنا لا نستطيع أن ندعي عموم هذه الحالة لكل المبتعثين بل لعل غالبيتهم لا يتعرض لهذا النوع من الشبهات، ولكن يتحتم على من يخشى على فكره ويغلب على توقعه أنه سيصادف الطعون والغمز واللمز في سيد المرسلين أو فيما يتعلق بالرسالة الإسلامية عموما فهذا عليه أن يوفر الدواء العلمي ومن مهمته الاستعداد المسبق ومن باب المبادرة نقترح قائمة من الكتب العلمية المفيدة، لاسعاف الاصابات التي قد تحدث نتيجة الاصطدام الفكري مع عناصر التبشير والتنصير مثلا أو غيرهم.
1 ثمرة الألباب في إبطال شبه أهل الكتاب للشيخ علي عبد الجبار القطيفي.
2 الرد على النصارى للشيخ محمد آل عيثان.
3 مائة مقالة سلطانية للشيخ سلطان الواعظين، وهذا كتاب عجيب كله وأعجب ما فيه أنه أتى على كل الشبهات التي يرمى بها القرآن الكريم !!
4 المدرسة السيارة للشيخ جواد البلاغي .
والعديد العديد من الكتب التي نسجت لتكون دروعا واقية يتدرع بها الشباب المؤمن في المواجهة مع الإيديولوجيات الأخرى.
والحقيقة أن الإسعاف العلمي عن طريق الكتاب يشبه الصيدلية المنزلية، ولكن هناك وسائل إسعاف سبل إنقاذ أخرى ربما نمر مع الكلام ببعضها لاحقا إن شاء الله تعالى.
-
المحطة الثانية هموم وقضايا المبتعثين:
المحور(1): يقبل ابنائنا المبتعثين والمبتعثات على مجتمع جديد فيكون لكل منهم علاقاته الشخصية مع من حوله بتنوع ثقافاتهم ومشاربهم الفكرية والعقدية فيلتقي بالمسيحي أو اليهودي أو حتى الملحد فما توجيهاتكم حيال ذلك ؟
الشيخ البن سعد: كل مبتعث يخرج وله غاية علمية أو مهنية محددة ولا أحد يجبره على العلاقات والصداقات لو لم يردها هو أو يعطي موافقته .
وأنت قلت أنه يواجه ثقافات متنوعة ..
إذن هو في ميدان تتواجه يشهد صراع العواصف الثقافية ومدافعة الرياح الفكرية بعضها لبعض !!
هنا يجب أن يكون المسلم صاحب رقم بثقافته ودينه وأن يواجه بسلاح الشخصية الرسالية يعني على المبتعث(ذكر/أنثى)أن يكون هو الملفت وليس هو المتلفت !!
فإن اللفوت ليست حالة ممدوحة ولا يظن بها انفتاحا أواستيعابا ثقافيا بل إن التلفت يمينا ويسارا باستمرار من علامات الضعف والحرمان والحاجة وأن من يكون صاحب عين دوارة لا تستقر على نظر وصاحب نفس ذواقة لا تستقر على ذوق مثاله مثال المرأة المحرومة والتي لا تسمح لها ظروفها المادية أن تخرج إلى السوق ومباشرة المعارض إلا بين فترات متباعدة جدا فإنها إذا خرجت وجدت نفسها حائرة في ذوقها تهرول بين المحلات والمعارض لا تتمكن من الاستقرار لأن من لا ذوق له يتذوق كل شيء ؟!!
وهكذا المحروم ثقافيا وغير المطلع إذا نقلته الحياة إلى بلد تتعدد فيه الثقافات يبدأ بتذوق كل شيء فهو يشكك في دينه كلما قابل عرضا دينيا اليهودية أو المسيحية أو حتى الإلحادية فهذه مجرد عروض بالنسبة له وأن دينه الإسلامي ليس إلا لباس خلعه عليه أبواه أو بيئته هكذا ينطق اعتباره وإن لم ينطق لسانه !!
ولكن ما أكدناه أولا نؤكده ثانيا فإن نسبة هؤلاء قد تكون فوق الصفر بعدد أو عددين فقط فلا كيان لهم والحمد لله بل إن شبابنا على العكس من ذلك وقد سطروا أبهج النماذج التي تبعث على السعادة، والفخر، وتـُصَـعِّـدُ من نفس التفاؤل بأبنائنا المبتعثين ..
حكاية تخص مبتعث موهوب:
فعلى مستوى المعاشرة واللقاء يفاجئنا أحد الشباب اليافعين وقد أبتعث إلى أمريكا وكانت الجامعة قد ضمت إليه في الغرفة زميلا غير مسلم وهذا الشاب أعتاد أن يطلب الاسترخاء على صوت الغناء والطرب فتقدم إليه الفتى المسلم وتحدث إليه بهدوء وجاذبية طالبا منه أن يستمع عبر سماعة الأذن (الصغيرة) سيما إذا كان يصلي..
هنا يصف هذا الأبن الحبيب ردة فعل زميله، ويقول أنه أظهر تقديره له ولاذ بسماعات الأذن، وصار من حينها يضع السماعات بأذنه ويسترخي ليغرق في شخصية الشاب المسلم بدلا من أن يغرق مع كلمات الأغنية التي يستمع إليها..
صار يتأمل في هذه الحالة الجديدة التي يُـرفض ويُـعرض فيها عن الطرب من قبل شاب فتي لا يزال مليئا بالطاقة !!
ولكن الشاب المسلم لم يمهله حتى عاجله بضربة أخرى مصحية ومنبهة أكثر يقول:
حينما وقفت أصلي صار يتابعني بناظريه فانشد إلي أكثر فجلس على فراشه يتابعني ويسترق السمع لما أقول وها أنا قد حققت له اللغز الذي أتعبه تفزيرا فلا زال يفزر(1) ويفسر وكأنه يقول من غير أن تعبر من فمه كلمة :
أن لهذا الولد طريقة جميلة يطلب فيها الاسترخاء فلا هو لهو ولا هو تنويم مغناطيسي إنه شيء طبيعي وقوف وهوي إلى الأرض واستراحة بين الوقوف والوقوف الآخر تتمثل في هذه الأفعال كل تعابير الصبابة والعشق والحنية ..
إنه لا يلتفت ولا ينظر إلي، ولا يجيبني إذا ناديته!!
إنه لا يقطع وقوفه لتلبية أي نداء حتى الجوال !!
أهذا ما يدعوه المسلمون باسم الصلاة ويباهون به!!!
وحينما نزل إلى ساحة الجامعة وقف على الطلاب والطالبات وهم يقومون برياضة تشبه تلك المسابقات غير المحتشمة التي تجرى في مختلف نقاط العالم والتي تقوم على حمل الذكور للإناث فوق ظهورهم نعوذ بالله فما أن رأته فتاة حتى جاءت نحوه تريد أن تمتطيه..
هنا التفت إلى أنه إن نجح في تثمين إقبالها عليه فسوف يستطيع أن يخاطبها بكل ما يريد، فعالج نفـَسَه قبل أن ينطق، وسكب كلماته على قلبها بنبرة محببة فشرح لها موقف الإسلام الذي يكرم المرأة ويعظمها ويشرفها بالصون الذي يضع الرجل بعيدا عن المرأة ويطالبه بالمشي إليها فلا يصل إليها إلا وقد قدر جهده في طلبها وميز مكانتها وثمنها في قلبه، وأما المرأة التي تدفع الغريزة إلى لمسها وصحبتها والهمس إليها في كل وقت فمن الصعب أن يتمحور حولها العشق لأن سهولة الطريق تفسد العشق ولأن الطريق إذا كان قريبا إلى هذه الأنثى فهو قريب من كل أنثى فما أسهل أن يكون الرجل كل يوم مع صديقة ؟!
فلما سمعته لم تملك إعجابها به ففضحت مشاعرها أمامه ونقلت ما رأت فتغير سلوك من معه فكلما رأوه يمشي في هذه الساحة أو في تلك القاعة تخلو عن كثير مما يظنون أنه سلبي بالنسبة إليه !! (2)
ومع موهوب آخر:
يخبرني أحد الشباب الكرام وقد ابتعث إلى ... في حكاية له مع أستاذته في الجامعة التي تقربت منه ومن عدد من زملائه وهم على مذهب إسلامي آخر فدعتهم إلى بيتها ذات ليلة واتفق هطول الأمطار بشكل غزير فاعتذر زملائه عن مرافقته واصر هو للذهاب إليها ولما وقف على بابها طرق الباب وخرجت لترى على ثيابه أثارا تدلل على أنه قد قاوم المطر في سبيل الحفاظ على الموعد !!
فقالت له وبعد أن استقر بهما الوقت لم أعجب لتأخر أصحابك ولكني عجبت لإصرارك وحفاظك على الموعد ؟
تحدث ولم يطل في حديثه ولكنه أصابها بهزة في الأعماق فماذا قال؟
إني شيعي ولي إمام أسمه الحسين هو سبط رسول الله صلى الله عليه واله وقد حملنا هذا السيد العظيم على احترام المواعيد فله مجالس تحدد مواعيدها ونحن نحضرها في تلك المواعيد الخاصة .. بل إنه أوصل لنا درسا في احترام الميعاد والوقت، لقد دعاه الله إلى ميعاد الشهادة فعجل في الخطى وسار يطوي المسافات وبعث السفراء إلى الناس وكتب الرسائل إلى مختلف المناطق، ولم ينتظر في مكانه حتى يقدموا إليه خشية أن يفوته الميعاد مع ربه وقد وصل على الموعد ونال الشهادة والسعادة !!(3)
هذا الكلام جميعه ينفع في الانفتاح على طريقة المعاشرة ..
وأما الانفتاح على طريقة المناظرة والبحث العلمي في العقيدة والثقافة مع الأساتذة أو الزملاء في الجامعات أو الأصدقاء فيلزم الطالب المبتعث ـــ في هذه المرحلة ـــ أن يتعرف على مرجعيته الثقافية والعقدية ويطمئن من طرق التواصل معها ليجدها حاضرة عند الطلب وإلا فقد يخسر بعض نقاطه في الجولة مع المباينين له في الديانة مثلا، كما يجب أن يتحلى بالصبر فليس دائما تكون الإجابة حاضرة أو ليس دائما يكون التواصل مع الجهة التي نأمل فيها متاحا ..
يكتب أحد المبتعثن بعض مصادفاته التي أشعلت في داخله نار الحسرة:
من أحد المواقف المحرجة كنت في الطائرة بعد أن أنهيت عطلتي في السعودية عائدا إلى (التشك) كان جالسا بجنبي رجل في الثلاثين من العمر من الجنسية البريطانية من الأصول الهندية من الديانة الهندوسية.
فبدأ بسؤالي عن أسمي ودولتي وديانتي..
فبعدما أجبته أنهال علي بكم هائل من الأسئلة عن الإسلام وعن المرأة وعن السعودية .
وكلما أجبته كان قد اعد ردا قويا حتى أننا قضينا ثلاث ساعات في مناقشة لم تهدأ ولكن مع ذلك شعرت بأنني قد هزمت فإجابتي لم تكن بالقوية فما كان مني بعد أن وصلت إلى البيت إلا أن أبدأ بالبحث عن أجوبة أكثر إقناعا؛ لأنني على يقين بأن هناك المزيد ممن سيسألني الأسئلة نفسها..
وإحدى المبتعثات تقول كانت تواجهها وزميلاتها أستاذةُ الجامعة بأفكار تعود إلى نظرية الارتقاء الدارونية وتكثر من تكرر الفكرة.. وآخر يقول أنه واجهه بعض الإلحاديين بمسألة الشرور ونفى وجود الله عز وجل من خلال وجود الشر في العالم على الرغم من أن هذه المسألة عالجها الكثير من علماء الكلام الإسلامي ولكنه لم يكن يعرف بمواضعها في المكتبة الإسلامية فدللته على بحث الشيخ المطهري وبحث الشيخ جواد مغنية وكان لي بحث مخطوط حول المسألة أيضا وضعته بين يديه ليقرأه !!
مقترح عاجل:
إنني أمشي إلى أحبتي من المبتعثين بمقترح مفيد إن شاء الله تعالى وهو: أن ينشأ قناة أوشبكة عالمية (في أضعف الأمنيات) تكون خاصة بحياة المبتعثين تورد أخبارهم، وتتحدث عن الهموم والطموح، وتقدم المعادلات التي تحل مشكلة التعارض بين الثوابت والألوان الثقافية الأخرى ..
وتقدم التوجيهات والتوصيات والتعليمات بشكل رسمي ومتتابع..
أن تتواصل مع العلماء والمختصين ليلقوا بعصيهم ويفتحوا لهم مجال الإسهام في التعاون مع الطالب و مساعدته علميا وفكريا وعقائديا ..
وإلى الجزء الثاني إن شاء الله تعالى..
المحور(2): إن للتواصل الديني الأثر البالغ في تصفية النفس وقهر ألم الاغتراب فإقامة المجالس الحسينية وإحياء المناسبات الدينية لها الأثر الواضح والجلي في نفوس المغتربين كيف تقرؤون ذلك ؟
الشيخ البن سعد: الإندفاع نحو المجالس الطيبة يأتي ثمرة لـ:
1 معرفة قيمة الحرية وضرورة استثمارها حيث أن يتمكن الشباب من ممارسة هذه الشعيرة بحرية تامة .
2 عدم التساهل مع الفرص .
3 التربية الصالحة التي تجعل الشاب المؤمن في حركة هروب دائمة من التقصير في حق الرسول والآل صلوات الله عليهم أجمعين.
4 تحدي المغريات والبحث عن عمل يحلل التواجد في ديار غير إسلامية !
5 الخوف على النفس من نسيان الانتماء نتيجة الانقطاع والتحلل الذي يصيب المشاعر شيئا فشيئا ووقتا فوقتا نستجير بالله .
6 الإيمان والإحساس بأن أهل البيت عليهم السلام هم مصدر أمان واطمئنان القلب في مقاومة تلك الظروف المختلفة !!
قديما كنت قرأت كتاب المجالس الفاخرة للسيد شرف الدين (عطر الله مرقده) وقد نقل عن كاتب أجنبي أسمه"جوزيف "حكاية الرجل البحريني الذي شاهده الكاتب في إحدى الفنادق أيام عاشوراء ولم يكن معه مسلم شيعي ولكنه رآه قد صنع طعاما بسيطا وأخذ يقرأ في كتاب المقتل لوحده ويبكي على أبي عبد الله عليه السلام ولما فرغ أكل لوحده ايضا من ذلك الطعام بعنوان البركة !!
عندما قرأتها كنت أظن أنها حكاية فريدة غير قابلة للتكرر ولم أكن أدري أن هذه المشاعر المختلفة التي نشرناها إذا اجتمعت في أي شخص آخر فإنها سوف تحدو به إلى موقف مشابه لهذا حتى وصلتني قصة شاب مبتعث كتبها عن نفسه يقول:
"" في الدفعة التي أتيت معها هناك 9 أشخاص من بينهم أنا من المذهب الشيعي في أول سنة لنا خمسة منا من كانوا يجتمعون لإحياء بعض المناسبات الدينية وهذه السنة الثانية لنا وللأسف لا نجتمع لإحياء هذه المناسبات حاولت بأن أجمعهم في محرم وصفر ولكن للأسف لم أجد التعاون المأمول منهم حتى بلغني اليأس وعزمت على إحياء المناسبات لوحدي""!!(4).
7 اللطف الإلهي: وهذا مبرر آخر وراء شعور الشباب المؤمن من المتبعثين بفقد ظل المجالس العبادية والولائية، فإن المؤمن قد يعيش حالة طردية عكسية بمعنى أنه وما دام في بلاده وأجوائه العائلية المحافظة ربما تحدثت إليه نفسه عن طعم الحرية والانفتاح واللذة ..
ولكن حينما تتضمنه بلد من تلك البلدان المهيأة قانونيا واجتماعيا للمارسة الرذيلة فإنه يشعر بالصدود النفسي والحاجز الروحي ويزداد عشقه للصلاة والنوافل والأدعية ومجالس الولاء والبركة، وهذه حالة تبدو مجهولة عند الكثير بل حتى عند هذا وذاك ممن ابتعدت بهم الظروف عن الوطن الإسلامي فلم يكتشفوا ما بداخلهم إلا حينما جربوا !
جديد الموقع
- 2024-05-10 افراح سادة المكي بالمبرز تهانينا
- 2024-05-10 افراح البخيت والناجم بالمطيرفي تهانينا
- 2024-05-10 الأمير بدر.. الشاعر الذي منح موهبته الحياة كلها
- 2024-05-09 ما بعد الوظيفة (2)
- 2024-05-09 ناصر الجاسم.. في مجموعته القصصية «العبور».. القاص المسكون بهاجس من ذاكرته الشعبية.
- 2024-05-09 كيف يصرح الأديب بحبه
- 2024-05-09 (التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي)
- 2024-05-09 الدفاع المدني بمنطقة القصيم تكرم الإعلامي زهير الغزال
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"