2018/03/28 | 0 | 2735
أثر الدعاء على الأمراض
وضعنا تساؤلا لقول كارل ساﮔان أن لا أثر للدعاء على حياة الفرد ويستدل بذلك على أنه في أوج عز بريطانيا، كان نصف العالم يدعون للملك (أو الملكة) بالسلامة وطول العمر ولكن لم يتحقق أي شيء من ذلك قياسا بعدد الداعين. كيف نرد عليه وهل نمتلك أعدادا موثقة ومدونة نستطيع الرجوع إليها لكي نرد عليه علميا؟!. راجع المصدر الأول بالأسفل.
أتت إجابات مختلفة؛ قلة يؤيدون قوله، وكثرة يفندون. المؤيدون وضعوا روابط لمقالات وأبحاث علمية بهذا الخصوص. الذين عارضوا لم يأتوا بأي دليل علمي أو حسي واعتمدوا على الموروث والعاطفة. طبعا، نحن لا نستطيع أن نفرض قناعاتنا على الناس، خصوصا إن كانت تقديرية أكثر من كونها موضوعية.
ولكن لو بحث المعترضون قليلا لوجدوا أن ساﮔان نفسه كان يقول إن تأثير الدعاء على الأمراض النفسية والأوهام إيجابي ومدعم بالأرقام؛ وعلى حسب رأيه، "ما كان وهما يمكن علاجه بالوهم".
سورة الناس عبارة عن دعاء لوسوسة النفس، وهذا يتعلق بالأمراض النفسية والتي يمكن علاجها بالدعاء كما تثبت ذلك الأرقام والتي لا يستطيع أن ينكرها ساﮔان أو غيره.
أما الأمراض الفسيولوجية والعضوية فلا يمكن علاجها بالدعاء، بل أثر الدعاء قد يكون سلبيا كما موجود في الرابط الثاني للمصادر. ولا يوجد أي دليل إطلاقا على شفاء مريض بالتهاب الزائدة الدودية من خلال الدعاء أو مريض بالسكري من النوع الأول أو أي مرض آخر بحاجة إلى جراحة أو أدوية متواصلة.
القرآن قد أشار أيضا إلى ذلك في مقدرة الله على شفاء هذه الأمراض من خلال عيسى (ع) إذ عالج الأكمه والأبرص، وهذه أمراض تتسبب فيها علل جينية ولا يمكن مكافحتها إلا من خلال إصلاح الجينات المعطوبة. ولذلك الله استخدم عيسى (ع) كواسطة لعلاج هذه الأمراض التي كانت مستعصية حينها وربما لا تزال، ولم يأمر الله المصابين أو عيسى بالدعاء للشفاء من هذه الأمراض لأنها بحاجة إلى تدخل وعلاج خارجي إذ لا ينفع معها الدعاء: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ «110» - المائدة.
ولقد استشهدنا في حوارنا بقصة مرض الحسنين (ع) والنذر الذي تعهد به أهل البيت (ع) بعيدا عن الدعاء بالرغم من أن دعاءهم مستجاب (ربما في كل شيء): يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا «7» وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا «8» - الإنسان. وهذه إشارة أولا أن مرضهم هذا لا علاقة له بالوسواس أو النفس لأن أهل البيت (ع) محصنون ضد هذه الأمراض ولم يأتِ أو يصل لنا أن أحدهم كان مصابا بعاهات نفسية، وإن ثبت أنهم أصيبوا بأمراض جسدية وطال مع بعضهم الأمد في ذلك. طبعا، البعض قال إن النذر هو نفسه الدعاء، وقد يكون ذلك تجيير للقرآن الدقيق جدا في استخدام المفردات المناسبة وفي المكان المناسب، وهذه ربما محاولات فقط للرد على كارل ساﮔان أو ما يُطرح من تساؤلات منطقية وموضوعية ومشروعة بدون دليل علمي. مَن مِن أهل البيت (ع) دعا لنفسه؟
كما أن الدعاء نفسه ليس صفة محمودة في كل الأوقات، والقرآن يشير إلى ذلك: وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ «51» - فصلت. الدعاء يجب أن يكون لتهذيب النفس وإصلاحها لا لطلب الحاجة أو المصلحة من عند الله، والمؤمن الذي يعبد الله عبادة الأحرار يستحي أن يطلب من الله أي شيء ولكن لا بأس أن يدعوه لترويض نفسه: "اللهم إني ما عبدتك خوفًا من نارك ولا طمعًا في جنتك ولكني عبدتك لأنك أهلٌ لذلك وابتغاء مغفرتك ورحمتك ورضوانك". والله أعرف بحاجة عباده ويعطي دون الحاجة لسؤاله لأنه جواد كريم.
أما بخصوص الدعاء والاستجابة، فتخيل أنك تريد أن تدعو سلطانا، فهل ستدعوه إلى مكان متسخ ومنزل مترهل ومائدة فقيرة؟! عندما تدعو الله عليك أن تتسلح بما يتطلب لقبول الدعاء، والتسلح يكون بالأخلاق والعلم؛ فأنت عندما تطلب العلم فإنك تدعو الله بصورة ضمنية والله يهديك للاكتشافات والتوافيق، وذلك لأن الدعاء عمل قبل أن يكون لقلقة لسان. وأتى في تفسير الميزان: "وفي التوحيد، بإسناده إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قال قوم للصادق (عليه السلام): ندعوه فلا يستجاب لنا. قال: لأنكم تدعون من لا تعرفونه". ومعرفة الله لا يمكن الوصول إليها بدون علم، وهذا أمر مفروغ منه (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء). الطبيب الذي درس الطب يجعل الله الشفاء على يديه إذ يستجيب له في طلبه لهذا العلم الذي يستجاب معه الدعاء وإن كان عملا لا قولا.
جعلنا الله وإياكم من الداعين لما يحب ويرضى بعيدا عن المطالب التي تحقق المصالح الذاتية فقط. ندعو الله سبحانه أن يوفقنا لدعائه بالطريقة التي يريدها هو لا بالطريقة التي نريدها أو نتصورها.
جديد الموقع
- 2024-05-17 أفراح الجزيري تهانينا
- 2024-05-17 الكتاب الذي ينسيك أنك تقرأ
- 2024-05-17 انقطاع العلاقات بعد التقاعد.
- 2024-05-16 خطط مرحلية لإنجاز مشاريع ( سفلتة مخططات المنح ) بالأحساء
- 2024-05-16 سمو محافظ الأحساء يستقبل وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان للتخصيص والاستدامة المالية
- 2024-05-16 " لوحات تفاعلية " في المواقع الحرجة مرورياً بالاحساء
- 2024-05-16 مكافحة متلازمة المحتال والهدف هو مساعدة الطلاب الذين لا يثقون بأنفسهم محاضر في علم النفس يركز على مكافحة العقلية السلبية
- 2024-05-16 24 مشروعا رياديا في ختام برنامج منشآت بالأحساء
- 2024-05-16 الخطوط الفنية والعملية مع كتاب عقلية فقيه (مع الشيخ حبيب بن قرين الأحسائي ) للمؤلف / الشيخ عبد الجليل البن سعد)
- 2024-05-16 هل انتفت ثنائية المركز والهامش ؟